30 ثانية تكشف علاقة خيرت الشاطر بحرق مقرات أمن الدولة المصرية

30 ثانية تكشف علاقة خيرت الشاطر بحرق مقرات أمن الدولة المصرية


05/04/2022

يستمر مسلسل "الاختيار" المصري في إثارة الجدل للموسم الثالث؛ على اعتبار أنّه يتبنى رواية الدولة الرسمية بخصوص أحداث شديدة الضبابية، مرّت بها القاهرة بعد أحداث كانون الثاني (يناير) 2011،  ولما يحمله من حقائق صادمة، تعرض للمرة الأولى، عن فترة حكم الإخوان المسلمين للدولة المصرية.

 وفي الحلقة الأولى للمسلسل، أذيع فيديو تسجيلي مدته لا تتعدّى الـ 30 ثانية، يتحدث فيه خيرت الشاطر بشخصيته الحقيقية عن استعداد جماعة الإخوان لحرق مقرات جهاز أمن الدولة في مصر مع تنفيذ محاكمات شعبية لضباط الجهاز.

اقرأ أيضأً: هكذا ظهر السيسي والإخوان في الحلقة الأولى من "الاختيار 3

تعود أهمية الفيديو التسجيلي إلى أنّ مقرات أمن الدولة المصرية هاجمتها بالفعل مجموعات من المتظاهرين، في 5 آذار (مارس) 2011، في جميع محافظات مصر، ولم ينسَب الهجوم إلى جماعة أو حزب بعينه في ذلك الوقت.

الفيديو التسجيلي، الذي يعرض للمرة الأولى، طرح أكثر من سؤال، حول حقيقة ما حدث في تلك الفترة، وهل يجوز اعتماد وثيقة تاريخية بذلك الشكل داخل عمل درامي قائم على التخيل في الأساس؟!

تفكيك الأجهزة الأمنية

الباحث في شؤون جماعات الإسلام السياسي، عمرو فاروق، قال إنّ "جماعة الإخوان حاولت التواصل مع الإدارة الأمريكية، بالتزامن مع أحداث كانون الثاني (يناير) 2011"، مضيفاً: "قدمت الجماعة مجموعة من المطالب، كان من ضمنها تفكيك الأجهزة الأمنية، سواء الأمن الوطني، أو القوات المسلحة المصرية، وجهاز المخابرات العامة".

 

يضيف فاروق لـ "حفريات": "وفق بعض الوثائق الأجنبية المنشورة والمترجمة قالت الإدارة الأمريكية للإخوان "افعلوا ما شئتم لكن بعيداً عن جهاز المخابرات العامة؛ لأنكم لا تستطيعون مواجهته"".

المادة الوثائقية المقدمة في المواسم الثلاثة من مسلسل "الاختيار" أثارت جدلاً آخر، متعلقاً بالجانب الفني، عن مدى إمكانية مزج التسجيلي والوثائقي بالعمل الدرامي القائم على الخيال والإبداع

يرى فاروق أنّ مسعى جماعة الإخوان إلى تفكيك الأجهزة الأمنية، وفي المقدمة منها جهاز الأمن الوطني، أو أمن الدولة، في ذلك التوقيت يعود إلى هدفين: "أولاً: حالة انتقام وثأر شخصي نتيجة أنّ جهاز الأمن الوطني كان هو الجهاز المنوط به التعامل مع جماعة الإخوان بشكل مباشر وما يخصّ عمليات التحقيقات وإلقاء القبض على أفراد الجماعة ومراقبتهم، بمعنى أدق؛ كان جهاز أمن الدولة هو السيف المسلط على رقبة جماعة الإخوان لسنوات طويلة جداً، بالتالي، ترغب الجماعة طول الوقت في التخلص من هذا الجهاز وتحاول السيطرة عليه بأيّة طريقة".

اقرأ أيضاً: مخيون يكشف كواليس دور "مرشد الإخوان" في "الاختيار 3"

يستكمل فاروق: "ثانياً: لأنّ جماعة الإخوان تعرف أنّ من أدوات سقوط الأنظمة السياسية ضرورة القضاء على أهم جهاز أمني يتعامل من طبيعته التعامل مع الحركات الأصولية، ولأنّه إذا تركت مقرات أمن الدولة، عام 2011، ولم يتطاول عليها، ربما شعر أنّ النظام السياسي لم يسقط، فقد أرادت الجماعة إسقاط هيبة هذا الجهاز وتفكيكه".

مساعي السيطرة على الدولة

يشير فاروق إلى أنّ خطة الاقتحام كان من ضمن أسبابها أيضاً الحصول على أكبر قدر من الوثائق الخاصة التي تدين جماعة الإخوان، خصوصاً ما حدث في السنوات العشر الأخيرة من حكم الرئيس المصري الراحل، محمد حسني مبارك، "خوفاً من أن يتم توظيف هذه الأوراق ضدّ جماعة الإخوان، في ظلّ وجودها في السلطة؛ لذلك لم تكن ترغب بوجود أدوات ضغط تمارس عليها، أياً كانت هذه الأمور".

عمرو فاروق: الجماعة حاولت التواصل مع الإدارة الأمريكية بالتزامن مع أحداث (يناير) 2011

ورابع الأسباب: "أنّ جماعة الإخوان كانت تدرك أنّها لن تستطيع حكم مصر إلا إذا سيطرت على الأجهزة الأمنية، ولن تتمكن من السيطرة عليها إلا إذا كانت من صنيعتها بالكامل، وفي تلك الفترة بالفعل كان هناك مشروع يتم تداوله بين جميع التيارات السياسية لفك وإعادة تركيب الأجهزة الأمنية، حتى إنّ المشروع لم يقدم بشكل مباشر من الجماعة، لكن قدّمته الرموز الثورية التي تواجدت في ميدان التحرير، في حين أنّ جماعة الإخوان كانت تخطط لتأسيس أجهزة بديلة شبيهة بالحرس الثوري الإيراني، المسألة التي اتّضحت مع دفع الجماعة بالعديد من شباب الإخوان للالتحاق بكلية الشرطة، والكلية الحربية؛ للقيام بعملية الإحلال والتجديد" لكن ما لم تدركه جماعة الإخوان في ذلك الوقت أنّ الأجهزة الأمنية، يردف فاروق "عقيدتها وطنية، والعقيدة الوطنية لا تنظر إلى من يدير، هي تنظر إلى مصلحة الدولة المصرية والشارع المصري وكيف يحافظون على أمن هذه الدولة وسلامتها؛ لذلك فشلت الجماعة بالانتقال من فقه التنظيم إلى فقه الدولة؛ لأنّها لم تستوعب أنّ الدولة المصرية ليست شعبة من شعب الإخوان".

بين الدراما والتاريخ

المادة الوثائقية المقدمة في المواسم الثلاثة من مسلسل "الاختيار" أثارت جدلاً آخر، متعلقاً بالجانب الفني، عن مدى إمكانية مزج التسجيلي والوثائقي بالعمل الدرامي القائم على الخيال والإبداع، سواء من جانب وجهة نظر المؤرخ أو وجهة نظر الناقد الفني.

رئيس قسم التاريخ بكلية الآداب جامعة القاهرة، الدكتور محمد عفيفي، يشير إلى أنّ هناك تطوراً حدث، سواء في الأدب أو الدراما، وأصبحت توجد ما تُعرف، حتى في الأدب، بالرواية الوثائقية، أو التوثيق في الرواية.

الباحث عمرو فاروق لـ"حفريات": جماعة الإخوان كانت تخطط لتأسيس أجهزة بديلة شبيهة بالحرس الثوري الإيراني، بدفع العديد من شبابها للالتحاق بكلية الشرطة، والكلية الحربية؛ للقيام بعملية الإحلال والتجديد

يوضح عفيفي لـ "حفريات": هناك بعض الروايات تنشر وثيقة أو جزءاً من صحيفة في الزمن الذي تدور حوله الرواية، وهو ما قدّمه، بالفعل، الروائي صنع الله إبراهيم في أعماله، أو إبراهيم عيسى في روايته الأحداث "كل الشهور يوليو"، كنوع من توثيق الحدث، أو إعطاء مصداقية للرواية. والشيء نفسه في الدراما؛ إذ يمكن وضع مشاهد توثيقية في العمل الدرامي، وأظنّ أنّ ذلك حدث في فيلم (أيام السادات)".

يضيف عفيفي: "أحياناً تكون تلك المواد الوثائقية نادرة لم تعرض قبل ذلك، للتدليل على أنّ العمل، وإن كان درامياً، لكنّه يوثّق الحقيقة، وهي مسألة لا تضرّ الدراما، الشيء نفسه في التوثيق في الرواية، المسألة التي لا تضرّ عملية الخيال والأدب إذا وظفت بشكل صحيح".

دوكيودراما

الناقد الفني مصطفى الكيلاني يرى أنّ استخدام لقطات تسجيلية وتضفيرها داخل العمل الدرامي من نوعية مسلسل "الاختيار" مسألة طبيعية جداً.

محمد عفيفي: أحياناً تكون المواد الوثائقية نادرة ولم تعرض من قبل؛ للتدليل على أنّ العمل يوثّق الحقيقة

يوضح الكيلاني: "الجزء التوثيقي في مسلسل "الاختيار" أكبر من الجزء الدرامي، واستُخدم في الجزأَين السابقين عدة مواد أرشيفية ورُبطت بالدراما التي تمّ تصويرها". مضيفاً: "شاهدنا ذلك في مسلسلات وأفلام كثيرة تعتمد على المزج بين الوثائقي والتمثيلي، وأصبح هناك نوع فني اسمه "دوكيودراما"، مثل المسلسل المشهور "McMafia"، الذي قدّمته "بي بي سي" البريطانية عن المافيا الروسية حول العالم وكيف تتصرف مثل "ماكدونالدز"".

يستكمل الكيلاني: "نحن أصبحنا نعلم، منذ الجزء الأول لمسلسل "الاختيار"، مدى قوة المزج بين الوثائقي والتمثيلي، ومدى تأثيره، فالفعل الدرامي آتى أُكله عند المشاهدين العرب، خاصة عندما يصبح "الاختيار" "ترند 30 يوم رمضان في العراق"، وكذلك في تونس، ويصبح وجبة يومية ليس للمصريين فقط، بل للوطن العربي كلّه".

ويضيف الكيلاني: "بالنسبة إلى مشهد خيرت الشاطر، فالجميع يعلم أنّه مهندس العمليات الإرهابية في مصر، وكان يتلقى تعليمات مباشرة من راشد الغنوشي، الذي يعدّه التنظيم الدولي للإخوان القائد العسكري الأعلى بحكم تدريبه في أفغانستان وقيادته لتحركات التنظيمات الإرهابية منذ الثمانينيات".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية