الأحمدية: طائفة دينيّة بأصول فارسيّة تستلهم أفكاراً هندوسية

الأحمدية

الأحمدية: طائفة دينيّة بأصول فارسيّة تستلهم أفكاراً هندوسية


01/08/2019

يتردّد الحديث عن الجماعة الأحمديّة في مصر، على استحياء، وفي مرات قليلة ونادرة، حين يجري الكشف عن بعض المنتمين لهم، داخل مؤسسات تعليمية، مثلاً، أو يحدث ويتمّ الترويج لأفكارهم وعقائدهم من خلال منصّات متباينة، دون أن يتجاوز الأمر برمّته حدود تعقّبهم في تلك المواقف وتوقيفهم؛ إذ لم يقم أتباعهم، حتى الآن، بأيّ نشاط حقوقيّ وقانونيّ، للحصول على بعض المكتسبات، مثل بعض الفئات الدينية المهمّشة، سيما البهائيّين والبهرة، خاصّة فيما يتّصل بحرّية ممارسة شعائرهم وطقوسهم، أو توفيق أوضاعهم مع التشريع المصريّ، الذي لا يعترف بهم، كما يقرّ الأزهر والإفتاء المصريّ بمخالفتها للدين.

ظهور غامض برعاية الاستعمار

قبل عامَيْن؛ كشفت وسائل إعلاميّة مصريّة قراراً للنيابة الإداريّة، صدر ضدّ أحد المعلّمين في محافظة الفيوم، جنوب غرب القاهرة، حيث تمّ تحويله إلى محاكمة تأديبيّة، إثر اتّهامه بالترويج لأفكار ما يعرف بـ "الجماعة الإسلاميّة الأحمديّة العالميّة" بين طلّاب مدرسته.

الباحث المصري مصطفى أمين: الأحمدية دشّنت العديد من المساجد لنشر دعوتها كما تستخدم وسائلها الإعلامية الدعائيّة للإشهار

لم يكن ذلك الحادث هو الأوّل، في طبيعة الحال، لكنّه الأقلّ وطأةً والأخفّ تأثيراً؛ حيث كان عام 2010 بمثابة التاريخ الذي شهد عدّة حوادث، تعكس حركة ونشاطاً ملحوظين للطائفة الأحمديّة في مصر، ورغبة محمومة في الكشف عن نفسها، واختبار وجودها في المحيط الاجتماعيّ، رغم ما أحاطت به نفسها من غموض وسرّية شديدين؛ إذ تمّ القبض على مجموعة من أتباعها، ووجّهت إليهم تهم، من بينها؛ إنكار الأحاديث النبويّة، وعدم جواز الصّلاة خلف المسلمين، واعتناق أفكار تتناقض والشريعة الإسلاميّة، فضلاً عن ظهور المنتمين لهم، في حيّ المقطم، جنوب العاصمة، لأداء شعائر الحجّ، وفق عقيدتهم.

ميرزا غلام أحمد

بدأت الأحمديّة في الظهور مع نهايات القرن التاسع عشر، في الهند، وتحديداً، إقليم البنجاب، فيما يعدّ ميرزا غلام أحمد القادياني، المؤسّس الذي وضع الأفكار الأولى لجماعته، منذ عام 1889؛ حيث أطلق على نفسه عدة أوصاف دينية، من بينها أنّه "المهدي المنتظر"، الذي ورد ذكره في الأديان السماويّة، وكذلك "المسيح الموعود"؛ حيث رأى أنّ السيد المسيح نجا من حادثة الصلب، وأنّه سيعود في آخر الزّمان، إضافة إلى توصيف نفسه بـ "موحّد الأديان".
وبعد وفاته، انقسمت الجماعة إلى فرعَيْن: "الحركة الأحمديّة في لاهور"، و"جماعة المسلمين الأحمديّة".
الهندوسيّة وأفكار أخرى مختلطة
تعود أصول المؤسّس إلى الفارسية إلى اللحظة التاريخيّة التي انطلقت منها دعوته، وتكوّنت على إثرها أفكاره، التي تأثرت بالسياق السياسي والظرف التاريخيّ، ونشأته "الفارسية" بكلّ ما تحمله من قيم وأفكار دينيّة ومجتمعيّة وثقافيّة؛ ففي تلك الفترة، كان ثمة نشاط سياسيّ يقوم به المسلمون ضدّ الاحتلال البريطانيّ في الهند، ترتّبت عليه محاولة تشتيت تلك الجهود، بدعم فرق وطوائف دينيّة يجري استثمارها لتثبيط دور المقاومة ضدّ الاحتلال القائم، وعزل أفكاره عن الانتشار والتأثير، في شبه القارة الهندية.

برّر أمير الجماعة الأحمديّة استقبال عضو في الكنيست الإسرائيلي بأنّه اقتداء بالرّسول عندما استقبل وفد نجران في المدينة

ويذكر ميرزا عن تلك الفترة التي تعرّض فيها لحرب وصراع مع جماعة "السيخ" في الهند؛ حيث طُردوا من أماكن إقامتهم، ونُهبت ثرواتهم وممتلكاتهم؛ "في تلك الأيام، صبّت على أبي المصائب، ونُهبت أموالهم من أيدي الكفرة، ثم ردّ الله إلى أبي بعض القرى في عهد الدولة البريطانية".
كما استلهم الميرزا بعض الأفكار الهندوسيّة، كتماثل بعض الشخصيات الدينيّة الكبرى، واستمرارها في شخصيّة أخرى، والتوحّد معها؛ فاعتبر ذاته "مثيلة" للسيد المسيح، وبحسب تعريفه الوارد عبر موقعهم الإلكتروني الرسمي: فإنّ "المسيح الموعود هو مثيل كريشنا"، والأخير هو أحد آلهة الحضارة الهندية.
وتحت تأثير تلك الأفكار الشائعة، في البيئة الثقافية الحاضنة، تسلك أفكار "تناسخ الأرواح" على العقيدة الناشئة، ورأى ميرزا أنّ النبيّ إبراهيم، قد ولد بعد ألفين وخمسين عاماً، في بيت عبد الله بن عبد المطلب، في صورة النبي محمّد، صلّى الله عليه وسلّم، ومن ثم، بعث النبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، أخيراً، في العقيدة الأحمديّة، كما دشّنها عبر هذه المتوالية الدينيّة.

اقرأ أيضاً: "انبذ ما يحبه العالم من حولك".. شعار أغرب طائفة دينية
 استلهم الميرزا بعض الأفكار الهندوسيّة

الموقف من إسرائيل وحماس
وعبر تصفّح موقعهم الرسميّ؛ يُلاحظ وجود تزايد في عدد الزائرين، في عدد من الدول العربيّة، ومن بينها مصر ولبنان وفلسطين، كما عقد الأحمديّون مؤتمراً في بيروت، منتصف عام 2011، حضره ممثلو الطائفة في مصر وباكستان وإيران، وأعلنوا فيه خططهم وسبل توسيع نفوذهم في مناطق انتشارهم، في مرحلة ما بعد الربيع العربيّ.

اقرأ أيضاً: 10 معلومات عن الطائفة الكاكائية.. هل سمعت بها؟
وفي العام الماضي، عقدوا اجتماعاً في فلسطين، ضمّ وفوداً من مصر والمغرب، وبريطانيا، وهولاندا، وفرنسا، واستغرق يومين، حدّد اليوم الأوّل للناطقين بالعبريّة، بيد أنّ ثمّة أموراً تكشف عن دور ملتبس، طالما حاولوا نفيه عنهم، وهو عدم تعرّضهم للسياسة وانخراطهم في تفاصيلها، لكنّ وجودهم في قرية الكبابير، بالقرب من مدينة حيفا، يمثّل شكلاً دعائياً لإسرائيل، باعتبارها ترعى الحريّات الدينيّة، رغم المضايقات التي تفرضها على المسلمين والمسيحيّين، إضافة إلى حضور عضو الكنيست المتطرف، إيهودا غليك، المعروف بعدائه للقضايا العربيّة وحقوق الفلسطينيّين.

اقرأ أيضاً: ما لا تعرفه عن طائفة الأميش
وإلى ذلك، برّر أمير الجماعة الأحمديّة، محمد شريف عودة، حضور عضو الكنيست، بأنّه اقتداء بما فعله الرّسول، صلّى الله عليه وسلّم، عندما استقبل وفد نجران في المدينة، إضافة إلى حديثهم السياسيّ عن دور حماس في غزة، والصّراع مع إسرائيل، والهجوم عليها، وهو الأمر الذي يتناقض مع موقفهم بأنّهم مجرّد جماعة دينيّة، ليست لها أهداف سياسية؛ بل تتعمّد إبعاد الدّين عن السّياسة، كما أنّهم يشدّدون على أنّهم لن يكونوا طرفاً في أيّة عمليّة سياسيّة تهدف إلى الإطاحة بنظام الحكم في أيّ بلد يتواجدون فيها، ويرون أنّ دورهم ينطلق، فقط، من بعث روح التجديد في الدين الإسلاميّ، ونشر الإسلام الصحيح، وذلك عبر ترجمة القرآن الكريم إلى أكثر من لغة، تجاوزت الخمسين لغةً حتى الآن.
تحصل الأحمدية على مصادر تمويلها من خلال التبرعات والاشتراكات الشهريّة،

أدوات العمل الدعائي
تحصل الأحمدية على مصادر تمويلها، كما يعلن قادتها عبر منصّتهم الإلكترونيّة الرسميّة؛ من خلال التبرعات والاشتراكات الشهريّة، ودفع ما يصفونه بـ "الزّكاة"، ويعتمدون في دعايتهم على المنصّات الإلكترونية، وأئمة الدعاة المنتشرين في إفريقيا وأوروبا، إضافة إلى قناة فضائية، تبثّ من العاصمة البريطانية لندن.

اقرأ أيضاً: 10 معلومات لا يعرفها الكثيرون عن طائفة البهرة في مصر
يوضح مصطفى أمين، الباحث المصريّ في الإسلام السياسيّ؛ أنّه لا توجد أرقام رسميّة، أو حتى صادرة من جهات حقوقيّة، تحصر أعداد الأحمديّين في مصر، لكنّ هناك زواراً للموقع من المصريين، لا يقل عددهم عن بضعة آلاف من المتابعين، غالبيتهم متعاطفون ومؤيّدون، كما يظهر عبر تفاعلاتهم وتعليقاتهم، بيد أنّ قلّة حضورهم في المجال العام، لم تمنعهم من محاولة السعي لاكتساب بعض الحقوق، في أعقاب الربيع العربيّ، مثل غيرهم، إذ طالبوا مجمع البحوث الإسلاميّة بأن يسمح لهم بأداء شعائرهم، وممارسة طقوسهم العقيديّة، الأمر الذي قوبل بالرفض التامّ، والتصدّي النهائيّ لهم، فانكمشوا مرة أخرى، في دوائرهم الخاصّة، وابتعدوا عن مساحة الضّوء، واختفوا في حلقاتهم السرّية، ونشاطهم المحدود.

اقرأ أيضاً: طائفة المورمون.. الوحي المتأخر
ويوضح لـ "حفريات"؛ أنّ فترات صعود وخفوت تلك الجماعة، لا تكشف بصورة كاملة ودقيقة إستراتيجيتهم في العمل الدعويّ والانتشار؛ حيث تعمد الطائفة إلى الظهور ثم الانزواء في لحظات متفاوتة، لكنّها تفرض حالة من السرّية والتكتّم الشديدَين على عملها، خصوصاً في تلك البيئات التي تنبذ أفكارها؛ حيث سبق أن أصدرت دار الإفتاء المصريّة حكمها على هذه الطائفة بـ "الردّة"، ومثلها قامت رابطة العالم الإسلامي، في مؤتمرها السنويّ، المنعقد في مكّة المكرمة، والذي حضره 140 وفداً، مثّلوا مختلف الدول الإسلامية، ومنظمات من جميع أنحاء العالم، بإصدار بيان ضدّ هذه الطائفة، وصفها بـ "التخريبيّة التي تتخفّى بستار الإسلام، وتسعى لتدمير أسسه، وبأنّها خارجة عن دائرة الدّين".

اقرأ أيضاً: العلويون في تركيا: قصة طائفة اضطهدها العثمانيون والجمهوريون والإسلاميون
لكن يمكن رصد بعض الأدوات التي تصنع من خلالها تلك الجماعة دعايتها، وتروّج لأفكارها، كما يشير أمين؛ حيث دشّنت الأحمديّة العديد من المساجد لنشر دعوتها، كما تعلن عبر وسائلها الإعلامية الدعائيّة؛ إذ يعدّ "مسجد الفضل" أول مسجد للطائفة في لندن، عام 1924. وفي إسبانيا؛ تأسّس مسجد آخر باسم "البشارة"، في مدينة قرطبة، وهو أول مسجد جديد عرفته إسبانيا منذ 500 عام، بعد خروج المسلمين منها، وانتهاء فترة حكمهم بالأندلس.
كما تنتشر آلاف المساجد في مختلف القارات، خاصة إفريقيا وآسيا، علاوة على مراكز الدعوة، التي تأسّست في أكثر من 170 بلداً.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية