"آن أوان اليقظة" يشعل الصراع مجدداً بين الدعوة السلفية والإخوان (1-2)

الإسلام السياسي

"آن أوان اليقظة" يشعل الصراع مجدداً بين الدعوة السلفية والإخوان (1-2)


26/04/2018

نالت جماعة الدعوة السلفية في مصر، وذراعها السياسية "حزب النور"، نصيباً كبيراً من الهجمات التي شنّها الإعلام الموالي لجماعة الإخوان المسلمين، على خصومها، بعد أن انحازت إلى الثورة الشعبية التي أطاحت بنظام الرئيس المعزول محمد مرسي، وأدت إلى إنهاء حكم جماعة الإخوان مصر، العام 2013.

رغم ذلك، تحاشت جماعة الدعوة السلفية، الدخول في صدام مباشر مع الإخوان، حتى شنّ ياسر برهامي أحد أبرز رموزها، بتاريخ 14 الشهر الحالي، هجوماً حادّاً عليهم، في مقال له حمل عنوان "آن أوان اليقظة"، وتبعه سلسلة من مقالات لكوادر في جماعته تؤيده فيما فعل.

هجوم سلفي مفتوح

"نحن لم نبع ديننا بدنيا غيرنا كما يزعم الكاذبون!".. هكذا دافع برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية عن جماعته، معترفاً بأنّ ما أسماه "الشبهات التي يطلقها المخالفون" أدّت إلى خصم رصيد "الدعوة السلفية" في مواقف سابقة، إلاّ أنّها نجحت، في موقفها الأخير، الذي دعمت فيه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في الانتخابات الرئاسية الماضية، في أن تتخطّى تلك العقبات والهجمات التي كانت تكال لأبناء حزب النور، و"شكّلت عائقاً لدى قطاعات كبيرة عن المشاركة في المواقف والقرارات"، وفق تعبيره.

يتحدث برهامي عن كيف أسقط إعلام الإخوان الآيات القرآنية التي نزلت في الكفار على جماعته المسلمة، مثل قوله تعالى: "فَإِن يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَّهُمْ ۖ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ"، وأنّهم استعملوها في حقّهم، حينما رفضوا الصدام مع الدولة وتخريب الوطن.

تحاشت الدعوة السلفية الدخول في صدام مباشر مع الإخوان حتى شنّ ياسر برهامي هجوماً حادّاً عليهم

يتهم برهامي قادة الإخوان وشيوخ السلفية الموالين لهم، بأنّهم خدعوا شبابهم في الاعتصامات باستخدام الآية: "وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلا مُتَحَرِّفًا لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَىٰ فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ"، مشدّداً على أنّ مخالفيهم "ليسوا كفاراً، ولا كان هناك زحف"، فضلاً عن أنّ هؤلاء القادة الذين أطلقوا هذه الاتهامات "هم من فرّوا"، في إشارة صريحة إلى زعماء الإسلاميين الذين تركوا ميدان رابعة، قبل فضّه بيوم، تاركين أتباعهم يواجهون مصيرهم.

يدشّن برهامي، في سياق هجومه السابق، لشرعية موقف الدعوة السلفية من السلطة الحالية؛ مستعيداً الصراعات السياسية على المُلك التي وقعت عدة مرات عبر التاريخ الإسلامي، واعتبر أنّ من لم يشارك في سفك دم حرام، أو أعان على ظلم أو عدوان، "لم يكن قد ركن إلى الظالمين، ولو أقرّ حكمهم وسلطانهم، ومنع تحويل البلاد إلى فوضى وخراب، فعل ذلك الصحابة، رضي الله عنهم، مع بني أمية، وفعله الأئمة الأربعة واحداً بعد واحد مع بني العباس".

ويتمثل برهامي تجربة أحمد بن حنبل، حين تصدّي لما أسماه بدعة مكفرة "مسألة خلق القرآن"، رافضاً في الوقت ذاته الدخول مع الخليفة في صدام مسلح ينتج عنه فتن تفضي للقتال وإراقة دماء المسلمين، رغم مناصريه الكثر في ذلك الوقت.

يتهم برهامي قادة الإخوان وشيوخ السلفية الموالين لهم، بأنّهم خدعوا شبابهم في الاعتصامات

تحولات كبرى تجاه الإخوان

إنّها المرة الأولى التي تتهم فيها جماعة الدعوة السلفية جماعة الإخوان، ومن وافقهم، بأنّهم "أهل بدعة وأنهم مخالِفون في أصل كلّي في مسائل الإيمان، بقضية "المجتمع الجاهلي" الذي يعنون أنّه "دار كفر" يستبيحون هدمه وتخريبه، وإن لم يكفِّروا جميع أفراده، ومنهم من يفعل.."، بحسب ما جاء في المقال المشار إليه.

لم يكن هذا هو موقف الدعوة السلفية من الإخوان حتى تاريخ نشر هذا المقال، فطالما نظرت إليهم بأنّهم جماعة لا فرقة، وهو ما يعني أنّها "ليست داخلة في فرق أهل النار الاثنتين والسبعين؛ باعتبارها تجمع على أصول أهل السنة والجماعة، وإن اختلفت في الفروع، كما أنّ فيه الخير وفيها الدخن، وفيها البدعي والسنّي" وفق فتوى مسجلة لبرهامي نفسه بتاريخ 6/6/2008.

يدشّن برهامي في سياق هجومه على الإخوان لشرعية موقف الدعوة السلفية من السلطة الحالية

يتحدث الشيخ الآن عن "تغير موقف جماعة الإخوان الفكري تغيّراً كبيراً، بعد العام 2005، وسيطرة الفريق القطبي الغالي المبتدع عليها، وبأنّ عامة أفرادها "شرب هذا الابتداع، ومن انتسب إليها، ومن تأثر بمن ينتسبون إلى السلفية كالسروريين؛ بل صار شبابهم أشدّ غلواً من قادتهم، وأكثر من ينتسبون للسلفية ممن وافقهم يؤصّل للغلو أخطر منهم، فلا يصحّ أن نظلّ مستصحبين موقفنا السابق، الذي كان هو الواجب علينا وقتها، حتى ينطلق البعض مدافعاً عنهم، بما سبق لهم من الفضل، ويرى أنّ بيان زيفهم سبّ أو شتم! مع أنّ البعض قد يتجاوز فعلاً، فلا بدّ من أن نلتزم بالوسطية".

يلفت الزعيم السلفي إلى أمر آخر، وصفه بأنّه "شديد الخطورة"، وهو "أنّهم -في سبيل إرضاء الغرب- يقبلون القضايا المُخالفة لأصل الإيمان، مثل: استباحة المحرمات: كحرية المعاشرة الجنسية، وكذلك حرية الشذوذ والمِثليّة! وأنه ينبغي أن توجد التشريعات التي تحمي حقوقهم، وكذلك مساواة الذكر والأنثى في الميراث، وكذلك زواج المسلمة من الكافر، وكذلك القول بمساواة المِلَل" (في إشارة إلى حديث نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين إبراهيم منير أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس العموم البريطاني بتاريخ 7 حزيران (يونيو) 2016).

الإخواني عصام تليمة،على فضائية الجزيرة القطرية: ما قاله برهامي عن الإخوان كلام فارغ وافتراء وكذب

هجوم إخواني مضادّ

يصل برهامي إلى المغزى من عنوان مقاله بقوله: "آن الأوان للتخلص مِن أثر الإعلام الإخواني والقطبي والسروري، الذي كان خِداعاً، لاختراقنا بالتسمّي بالسلفية!"، موجّهاً نداءه إلى أتباعه: "حافظوا على دعوتكم وكيانكم وبلادكم، ولا تقبلوا دعوات الهدم لأيّ شيءٍ من ذلك؛ واتّعظوا بما جرى لغيركم بسبب حماقة القرارات التي بنيت على البدعة والانحراف".

بدورها، لم تصمت جماعة الإخوان إزاء هجوم قيادي جماعة الدعوة السلفية فخرج  عصام تليمة، الداعية الإخواني الهارب خارج مصر منذ "ثورة 30 يونيو"، في مداخلة له على فضائية الجزيرة القطرية في 17 الشهر الحالي، ليردّ: "إنّ ما قاله ياسر برهامي عن الإخوان كلام فارغ وافتراء وكذب، وهو الذي أفتى سابقاً بالشذوذ، عندما أفتى بأن يترك الرجل زوجته للاغتصاب، وقد سخر منه الإعلام عقب هذه الفتوى".

تليمة: برهامي لم يحافظ على الإسلام وما يقوله هراء وهو وأمثاله خنجر في ظهر التيار الإسلامي

وأضاف: "برهامي يصدر فتاوى تحتوي على عدم النخوة، وهجومه على الإخوان محاولة لتعويض النزيف الذي تعرضت له الدعوة السلفية ولاستعادة الشعبية"، مضيفاً: "برهامي تغيّر عمّا كان عليه، وأصبح متناقضاً ومنبطحاً".

ورداً على سؤال: هل حافظت الدعوة السلفية على الإسلام ومصر؟ قال تليمة: "برهامي لم يحافظ على الإسلام، وما يقوله هراء، وهو وأمثاله خنجر في ظهر التيار الإسلامي"، مضيفاً: "قديماً برهامي كان يريد إقامة تنظيم مثل الإخوان، لكن ما بناه تحوّل إلى ركام فوق رأسه، لذلك أصبح لديه هوس في التصرف، وجنون وتوتر، وهو إنسان تافه، ولن يفعل شيئاً، ولن يعيد شعبيته مرة أخرى، ودعوته زائفة"، في إشارة إلى أنّ هذه الحرب الكلامية بين الطرفين مرشحة للتصاعد في الأيام المقبلة، ولن تتوقف الاتهامات المتبادلة عند هذا الحد.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية