رشا عدلي: المرأة المقهورة التي تعالج ذاتها بالكتابة انتهت

رشا عدلي: المرأة المقهورة التي تعالج ذاتها بالكتابة انتهت


08/02/2018

استطاعت الروائية المصرية الكاتبة والباحثة في تاريخ الفنّ أن تضفر السرد بالتشكيل والفنون البصرية، وهو ما يتجلى بمهارة في روايتها الأخيرة "شغف"؛ الصادرة عام 2017، عن الدار العربية للعلوم، التي استطاعت من خلالها الوصول إلى القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية "بوكر".
"حفريات" التقت الكاتبة المصرية، وأجرت معها الحوار التالي حول الفن والأدب، والكتابة والسرد التاريخي.

عدلي: أشعر بالسعادة لأنّ عملي لم يكن مجرّد رواية قرأها شخص ثمّ وضعها على أحد الرف

كيف تقدّمين نفسك للقارئ؟
رشا عدلي؛ روائية مصرية، صدرت لي 6 أعمال روائية، وكتاب "المدينة القاهرة الذكريات"، وهو عن فنّ الاستشراق، باحثة في تاريخ الفن، محاضرة حرّة في تاريخ الفنّ.
هل استطعتِ الخروج عن نمط الكتابة النسوية المعهودة، وفتح آفاق جديدة تستطيع المرأة الكتابة فيها بعيداً عن سيطرة القلم الرجالي؟
الكتابة؛ تعبيرٌ عن أفكارنا الخاصة، وهناك أقلام نسائية كثيرة خرجت عن هذا النمط من الكتابة، الذي انتشر، في اعتقادي، في فترة معينة، ولا وجود له اليوم. المرأة اليوم حرة، ومتحررة فكرياً، تستطيع أن تصيغ موضوعات في شتى جوانب الحياة، وفكرة المرأة المقهورة، التي وجدت من القلم ضالتها، لتعبّر به وتشهره سلاحاً في وجه الرجل، لم تعد موجودة.
أتظنّين أنّ التناول التاريخي للسرد وشخوصه، يمكن أن يكون وقعه أفضل على القارئ في يومنا هذا؟
الحاضر والماضي، وجهان لعملة واحدة، اكتب الــ "استوغرافيا"، وأتناول موضوع حدث معيّن لمجتمع ما، في حقبة زمنية معينة، وأطرحه في عملي، وهذا الحدث أو الموضوع، على الأغلب، يكون مخفياً في دهاليز التاريخ، فمن هنا يصبح العمل مفيداً للقارئ من ناحية، ومشوّقاً من ناحية أخرى.

رشا عدلي: المرأة اليوم حرة وفكرة المرأة المقهورة لم تعد موجودة.
تحليل اللوحات والنقوش والرموز
كونكِ باحثة في التاريخ؛ كيف ساهمت دراسة الفنّ التشكيلي، وتاريخ الفنّ، في دعم موهبتك الأدبية وإثرائها، وتحويل الرسم إلى كلمات؟

قادني تحليل اللوحات وقراءتها إلى الكتابة؛ فنحن نقرأ العمل الفني، من خلال النقوش والرموز والألوان، وتوزيع الإضاءة، كلّ هذا يقدّم أفكاراً متعددة ومختلفة، ويفتح مساراتٍ متعددة للسرد. في رأيي؛ لا يختلف الأمر كثيراً عن الوقوف أمام لوحة لمشاهدتها، وقراءة قصة؛ فالأضلاع الأربعة للوحة تحمل داخلها مشهداً سرديّاً، يمكننا أن نقرأه ونكتبه.
إلى أي المدارس الأدبية تنتمين؟ وما الذي تحاولين إضافته إلى تلك المدرسة من خلال الرواية الأخيرة، التي كانت متماسكة الحبكة إلى حدّ كبير؟
لا أنتمي إلى مدرسة بعينها، ولا أحبّ المحدودية، ولا هذه التصنيفات، في الأدب، كما في التشكيل، تعجبني المدراس الفنية المختلفة جميعها، هناك أعمال تلفت انتباهي في المدراس البعيدة عن ذوقي، كالمدرسة الوحشية والسريالية. وفي الأدب؛ أعجبتني روايات فيما بعد الحداثة، رغم ميلي لنقيضتها، المدرسة الكلاسيكية، هكذا تجري الأمور معي.
 رواية عدلي الأخيرة "شغف" الصادرة عام 2017 عن الدار العربية للعلوم

رواية البحث والاستقصاء
هل كتبتِ الرواية لمجرّد الرواية، أم هناك فلسفة أبعد من مجرّد طرحٍ أدبي؟

جميع أعمالي تطرح تساؤلات متعددة، عندما يخبرني أحد القرّاء، بأنّ روايتي دفعته للبحث والاستقصاء، أشعر بالسعادة؛ لأنّ عملي لم يكن مجرّد رواية قرأها، ثمّ وضعها على أحد رفوف المكتبة، بل دفعته، وخلقت رغبة فيه اتجاه شيء ما.
في الآونة الأخيرة، ظهر اتجاه تكثيف الأحداث في الرواية، الوقائع الزمنية، بينما ظهر من يمزج بين زمنين متوازيين، ما المغزى وراء هذا النهج الأدبي؟ وهل يعدّ ذلك وجهاً لطرح تاريخي في سياق أدبي؟
الرواية من أكثر الأجناس الأدبية التصاقاً بالزمن، والفنّ الروائي يشتمل على زمنين؛ زمن القصة، وهو زمن متعدّد الأبعاد، وزمن الخطاب. أميل إلى الاحتفاء بالماضي واستدعائه، لتوظيفه بنائياً، هذه المزواجة بين الأزمان تعبّر عن العمل بشكل أفضل.

توجد رؤى وأفكار خاصة حول ماهية الشخوص التاريخية أقدّمها من خلال وجهات نظر وأفكار الشخصيات المعاصرة

في روايتي "شواطئ الرحيل"؛ طرحت قصّة حياة خالد، التي يحكي فيها عن ذكرياته بعد سقوط الأندلس، وطرده من البلاد. ومن ناحية أخرى؛ كان هناك طرح للعدوان الأمريكي على العراق، ربّما، للوهلة الأولى، مَن يقرأ هذا الملخّص، سيقول: وما دخل ذلك بهذا؟! لكن، عند قراءة الرواية سيجد صلة وثيقة بينهما.
تعدّد الشخوص
سيكولوجية شخوص النص الأدبي، تعد عاملاً مهمّاً في حبكة العمل، كيف استطعتِ السرد في إطار متماسك حول سيكولوجيات أشخاص تاريخية، ومزجها بين الشخوص في الفترة المعاصرة للرواية؟

الشخصية الروائية، عنصر أساسي في العمل الأدبي، وتتعدّد شخوص العمل بقدر تعدّد الأفعال والأفكار وتشابكها، والشخصيات تعيش من خلال شخصيات أخرى تتفاعل معها، ومن المؤكَّد أنّه لا وجود لعلاقة فعلية بين الشخصيات التاريخية في أعمالي، والشخصيات المعاصرة، لكن توجد رؤى خاصة، وأفكار حول ماهية الشخوص التاريخية، أقدّمها من خلال وجهات نظر وأفكار الشخصيات المعاصرة.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية