"داعش" كما "حزب الله" .. خطرٌ على الحياة

"داعش" كما "حزب الله" .. خطرٌ على الحياة


28/11/2017

 

دشنت إيران بعد نكسة ثورتها ضد الشاه – ولأول مرة في ما بعد التاريخ العثماني – قيام دولة دينية ذات مذهب شيعي.
وظهر إلى العلن الخليفة باسم مرشد الدولة الإسلامية. ولقد أسست هذه الدولة الدينية – شيئاً فشيئاً – لوعي طائفي نما وينمو دون الانتباه الحذر لخطورته.
وبرزت خطورة هذه الدولة الدينية الشيعية في استعادة خطاب الفتنة وما يولده من استعادة الأحقاد القديمة وإعادة الحياة بكل الرموز الدينية وبخاصة رمز "لمهدي المنتظر". كما برزت في انتقال هذه الدولة إلى خارج حدودها السياسية: الشام والعراق، فشحنت الوعي الطائفي الشيعي حيث وجد وعبر خطاب إسلامي عام شحنت الوعي السني السياسي – الطائفي وإن كانت قد وجدت في القضية الفلسطينية جسراً للعبور إلى الحركة السياسية – الإسلامية الفلسطينية حماس والجهاد على وجه الخصوص.

 

من اليمن إلى الشام هناك تناقضات زائفة؛ فالحوثيون يحطمون التعايش الزيدي – الشافعي، وهناك صراع طائفي في العراق

وبعد أن آلت العراق إلى حكم طائفي – شيعي عبر أحزاب طائفية مرتبطة بإيران، وزادت الحقد الطائفي، وبعد أن أخذت إيران بدعم النظام في دمشق من منطلق طائفي، استيقظ الوعي السني الطائفي في المنطقة ككل، وبخاصة في بلاد الشام والعراق.
أمر كهذا عقّد من كفاح الاتجاه العلماني – الديمقراطي من جهة، وأضعف عصبيته من جهة ثانية. ويبدو أنّ لعبة الغرب على وتر التعدد الطائفي وتعزيزه مستمرة منذ القرن التاسع عشر، وبالتالي إنّ من يأمل بدعم أمريكي غربي للاتجاه الديمقراطي – العلماني يغيب عنه تاريخ مبدأ "فرّق تسد". والاحتلال الأمريكي للعراق الذي قدّم بلاد الرافدين على طبق من ذهب لأحزاب طائفية شيعية شاهد على ذلك.
تشهد المنطقة الممتدة من اليمن إلى الشام تناقضات زائفة؛ فالحوثيون في اليمن يحطمون التعايش الزيدي – الشافعي. وهناك صراع طائفي في العراق بسبب إحساس السنة بالمظالم، والحديث يجري في سورية عن تقسيم طائفي ولبنان هو بالأساس بلد طائفي، والبحرين لم يخرج بعد من حالة الاصطفاف الطائفي.
والإشارة إلى هذا الوضع الطائفي مرده إلى الإحساس بالخطر من جهة، وتأسيس جبهة غير طائفية بوصفها بديلاً وطنياً.
والحق أنّ تجاهل ما يجري على الأرض لن يقود إلا إلى زيادة في التعقيد.

لا نريد صراعاً بين داعش وحزب الدعوة على مستقبل العراق. لا نريد هذا ولا ذاك. وحدة العراق مستحيلة بحكم أحد الطرفين للعراق. وقس على ذلك سورية واليمن ولبنان.
إنّ عصبية طائفية متعصبة لا تستطيع أن تقضي على عصبية طائفية أخرى ومتعصبة.

إن عصبية طائفية متعصبة حكمت وتحكم طائفياً لا تستطيع أن تقنع أي شخص للوقوف معها من الطائفة الأخرى التي ينتمي إليها المتعصبون.
لماذا على السنّي غير المتعصب أن يقف إلى جانب المتعصب الشيعي ضد متعصب سنّي؟.
أي وهم سخيف هذا، إذا كانت النتيجة انتصار أحد المتعصبين. الحالة الطبيعية أن يقف السني الطبيعي كما الشيعي الطبيعي ضد المتعصبين من كلا الطرفين.

داعش، وما شابه ذلك، خطرٌ على الحياة، كما هو خطر حزب الله وكتائب عزام، كما النظامان السوري والعراقي

غير أننا إذا ما أردنا أن نتحدث واقعياً، فإنّ استنهاض المجتمعين السوري والعراقي كما استنهاض المجتمع اللبناني عبر طرح المشروع السياسي الوطني اللاطائفي، والذي يجمع سياسياً جماعات سياسية من كل الطوائف، وحده الكفيل بمواجهة خطر تنمية الصراع طائفياً.
بل إنّ نجاح النظامين في سورية والعراق والطائفيين في لبنان، ونجاح الحركات الأصولية الشيعية والسنية في خلق الاصطفاف الطائفي يعني تدميراً كاملاً للمنطقة، وقيام حروب طائفية خطيرة، لاسيما إذا ما أسندت هذه الحروب من دول خارجية.
لا يقول أحد إنّ ما حصل قد حصل. لا يمكن لشعب العراق أن يُختصر بحكم طائفي ورد داعشي. شعب سورية لا يختصر بحكم طائفي وداعش والنصرة. وشعب لبنان ليس هو حزب الله وكتائب عزام.
النظامان العراقي والسوري والدعم الإيراني لهما خطر على الحياة، وليس فقط خطراً على التعايش.
وداعش، وما شابه ذلك، خطر على الحياة، كما هو خطر حزب الله وكتائب عزام.
أنا لا أعرف كيف يمكن أن تُخلق القوى الديمقراطية الإنسانية المدافعة عن الحياة وحق الحياة كما يجب أن تكون؟.
لكنّي أطرح فكرة، لا بد وأن تجد طريقها إلى الحياة. كيف لا أعرف؟.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية