زوجات الشعراء والكتاب

زوجات الشعراء والكتاب


06/11/2018

حسونة المصباحي

خلال الصيف الماضي، قرأت رواية للكاتبة الهولندية كوني بالمن بعنوان "أنت قلت"، التي نقلتها إلى العربية الشاعرة التونسية لمياء المقدم. وتروي هذه الرواية العلاقة المضطربة بين الشاعر البريطاني تيد هيوز (1930-1998) والشاعرة الأمريكية سيلفيا بلاث. وفي النهاية أفضت تلك العلاقة التي بدأت بقصة حب عاصفة إلى انتحار سيلفيا بلاث في الحادي عشر من شهر شباط (فبراير) 1963. وكانت آنذاك في الحادية والثلاثين من عمرها. وقد حولها انتحارها الفاجع بالغاز إلى "أيقونة" في تاريخ الشعر الأنجلو-ساكسوني المعاصر. أما بالنسبة للمنظمات النسوية فقد أصبحت "قديسة"، ورمزا للمرأة المضطهدة من قبل رجل أناني، لا يفكر إلاّ في شهواته الجنسية وملذاته الشخصية.

ويحفل تاريخ آداب العالم بعلاقات مضطربة ومأساوية بين الكتاب والشعراء والفلاسفة وبين زوجاتهم. وكان سقراط يخشى زوجته الجميلة كزانيت التي كانت تعذبه يومياً بشتائمها المقذعة، وسُبابها اللاذع، متهمة إياه بالكسل وفساد الأخلاق. وغالباً ما تفعل ذلك أمام مريديه وتلاميذه قصد إهانته وإذلاله.

وفي العقود الأخيرة من حياته، عاش تولستوي معارك تكاد تكون يومية بينه وبين زوجته صوفيا التي رفضت فكرته التي تقضي بتوزيع أراضيه الشاسعة على الفلاحين الفقراء.

وقبل وفاته بأيام قليلة، ضبطها في مكتبه تفتش في أوراقه فاستشاط غضباً، وركب القطار مرتدياً ثوب الفلاحين المشردين، عازماً على ترك البيت العائلي نهائياً. ولما عثر عليه في مكتب مدير محطة للقطارات في يوم شديد البرودة، رفض مقابلة زوجته، ومات من دون أن يودعها، أو يودع أبناءه الأحد عشر.

ولم يكن عباس محمود العقاد يخفي كرهه للنساء، وتبرمه منهن. لذلك فضل حياة العزوبية حتى النهاية. وهو أمر كان شديد الغرابة في مجتمع مصري محافظ "يقدسّ الحياة الزوجية، ويعتبرها أحد أعمدته الأساسية. ولم يكن توفيق الحكيم مختلفاً عن العقاد بخصوص نظرته للمرأة. وكان يضيق بأفكار هدى شعراوي التي اشتهرت بدفاعها المستميت عن حرية المرأة المصرية والعربية بصفة عامة. مع ذلك تزوج صاحب "عودة الروح" بعد أن تجاوز سن الأربعين. ومن بين الشروط الكثيرة التي اشترطها على زوجته التي كانت مطلقة وأمّاً لبنتين، أن يظل زواجها سريّاً، وألّا يستقبلا في بيتهما سوى الرجال.

وأخفى زواجه عن أقرب أصدقائه وظل متستراً عن حياته الزوجية، فلم تنشكف البعض من جوانبها إلاّ بعد أن أحرز على جائزة نوبل للآداب في خريف عام 1988.

وقد كتب الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي الكثير من قصائد الحب الجميلة. ويقال إن واحدة منها، وهي "صلوات في هيكل الحب" كتبها من وحي حب رومانسي لفتاة إيطالية. لكنه لم يلمح ولو بكلمة واحدة إلى المرأة التي تزوجها ومنها أنجب طفلين وهو في ريعان الشباب. ولم يتعرف التونسيون على هذه الزوجة إلاّ بعد مرور عقود طويلة على وفاته.

وحده طه حسين أقر بحبه ووفائه لزوجته الفرنسية سوزان، التي تزوجته متحدية عائلتها الكاثوليكية المحافظة. وعنها كتب صفحات بديعة. ولم تخفي هي أيضاً حبها ووفاءها له. وعنه كتبت أجمل كتاب، أعني بذلك "معك".

عن صحيفة "العرب" اللندنية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية