الانحياز.. يخيّم مجدداً على خطاب "الجزيرة" بشأن اليمن

قناة الجزيرة

الانحياز.. يخيّم مجدداً على خطاب "الجزيرة" بشأن اليمن


05/12/2017

"من يُتابع قناة "الجزيرة" في الأيام القليلة الماضية، لا يَلحظْ حُدوث أيَّ تغييرٍ أو هُدنةٍ؛ بل المَزيد من التّصعيد ضِد السعوديّة والإمارات، مِثلما يَلمس انحيازًا واضِحًا للمُعسكر الحوثي في مُواجهة حِزب المُؤتمر الذي يَتزعّمه الرئيس صالح".
هذا ما أوردته افتتاحية صحيفة "الرأي اليوم "بتاريخ 3 كانون الأول (ديسمبر) 2017 لافتة الانتباه إلى الخطاب الإعلامي الذي تتبناه مؤسساتٌ إعلامية عربية في الآونة الأخيرة، كقناة الجزيرة القطرية، التي تتصرف، بمبدأ التصعيد تجاه الدول العربية الشقيقة، وبشأن الملف اليمني المشتعل تحديداً هذه الأيام، خصوصاً بعد مقتل الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح على يد ميليشيات الحوثي الإرهابية.

الانحياز واضح في العناوين اللافتة للتغطيات الإخبارية على شاشة "الجزيرة" وموقعها الإلكتروني ومواقع التواصل حول الوضع في اليمن

وليست هذه وجهة نظر يمكن الحديث عنها اعتباطاً، فالانحياز واضح في العناوين اللافتة للتغطيات الإخبارية على شاشة "الجزيرة" وموقعها الإلكتروني ومواقع التواصل حول الوضع في اليمن، ومنها مثلاً: "الدبابات تدخل معركة صنعاء وترجح كفة الحوثي"، وهو عنوانٌ يحسم بوضوح من خلال نصه كفة المنتصر عسكرياً دون اللجوء إلى مراجعة للأحداث المتسارعة في اليمن أو قراءة موضوعية يتم الاستعاضة عنها داخل الخبر بإيراد دلائل من خلال "شهود عيان" ومراقبين لا يذكر عنهم أي شيء.
كما أنّ الخبر يظهر أسلوب الخطاب الذي يضفي على كل طرفٍ صفة معينة تحسم النتيجة المطلوب أن يتلقاها القارئ دون اهتمام بالوقائع، إذ يُوصف طرفٌ بـ "المخلوع" (في إشارة إلى أنّه غير شرعي)، والآخر هو المنتصر أو الحاسم "الحوثي".

رأي الإعلامي سليمان نمر
صحيفة "حفريات"، سألت الصحافي والخبير الإعلامي "سليمان نمر"، عن هذا الأمر، بعد أن كان عبّر عنه من خلال صفحته الشخصية على موقع فيسبوك بقوله إنّه "يلحظ ما يبدو تأييداً من القناة القطرية للحوثي، من خلال تغطيتها الإخبارية للأحداث في اليمن".
يقول نمر "يبدو واضحاً من خلال التغطية الإعلامية لقناة الجزيرة أنّها تؤيد الجانب الحوثي في المعارك الدائرة مع حزب المؤتمر ومؤيدي الرئيس المخلوع ذلك إنها تُكثر من لقاءاتها مع قادة حوثيين لا سيما الناطق الرسمي باسم جماعة الحوثي".
وأضاف نمر أنّ "الجزيرة تعطي الجانب الآخر مساحة أقل من الحديث، كما تقوم بإظهارِ انتصارات الحوثيين واستعادتهم لمواقع ما، وتعمل كما يبدو ليكون موقفها معاكساً لمؤسساتٍ إعلامية أخرى كالعربية أو سكاي نيوز".
ويرى نمر أنّ هذا الأسلوب، يعبر عن مواقف سياسية تقبع خلف رأي المؤسسات الإعلامية، وربما أنّها تقود سياسة التعبير عن الوقائع والأحداث.

سليمان نمر: "الجزيرة" تعطي الجانب الآخر مساحة أقل من الحديث، كما تحتفي بانتصارات الحوثيين واستعادتهم لمواقع ما

وبمقتل صالح أمس الإثنين، ركّزت "الجزيرة" من خلال تقريرها المعنون بـ "مقتل صالح .. صدمة لأنصاره ودعواتٌ للثأر"، على مقدمة الخبر المؤسسة له، بوصف "حالة من الرعب وتوقع أيامٍ سود قادمة سوف تمر على أنصار صالح"، وهو ما قال الخبر إنّه جاء على لسان أنصار صالح أنفسهم، والذين لم يرد لهم ذكر في متن الخبر، بينما تم ذكر آراء أعضاء آخرين في حزب المؤتمر تحدثوا بقوة عن "ضرورة دحر الحوثيين وخطرهم"، في حين تضمنت مقدمة التقرير التركيز على إظهار "انتشاء الحوثيين وبسط سيطرتهم الأمنية على صنعاء مقابل رعب الطرف الآخر".

عناوين "الجزيرة"
وبالعودةِ إلى عناوين "الجزيرة" في الأيام الأخيرة، يمكن ملاحظة عدم التطرق إلى حيثيات الوقائع في اليمن، مقابل انتقائية تُظهر مثلاً عدم الإشارة إلى "الدور الإيراني"، أو استقصائه على الأقل من خلال آراء مسؤولين وخبراء أو من خلال مؤسسات إعلامية أخرى، وهو ما يتضح مثلاً، في الخبر المنشور بتاريخ 30 تشرين الثاني (نوفمبر) 2017 والمعنون بـ "الحوثيون يطلقون صاروخاً بالستياً ويحذرون السعودية"، حيث لم ترد أي إشارات في الخبر المطول عن الضلوع الإيراني.

بدأت الحملة الإرهابية الإعلامية الحوثية باقتحام مقر قناة "اليمن اليوم" التابعة للرئيس اليمني السابق على عبد الله صالح

من ناحيتها، تحدثت مؤسسات إعلامية "منها سكاي نيوز عربية" كون "الميليشيا الإيرانية في اليمن باشرت حملة اقتحامات واعتقالات بحق الصحفيين والمؤسسات الإعلامية، وبدأت الحملة الإرهابية الإعلامية الحوثية باقتحام مقر قناة "اليمن اليوم" التابعة للرئيس اليمني السابق على عبد الله صالح"، إضافة إلى "اقتحام ميليشيات الحوثي الإرهابية لمقر موقع "المؤتمر.نت" التابع لحزب المؤتمر الشعبي العام، تم اختطاف إدارة التحرير وإجبارهم على تسليم كلمات الدخول السرية للموقع".
هذه الوقائع الإخبارية، يضاف إليها التركيز على أطراف الصراع في اليمن، وتوصيفهم شكلياً "المخلوع"، "المنتصر"، المسيطر"، دون الإلمام بالوقائع ومحاولة استقصاء سائر الآراء الممكنة، وانتقاء توجهات معينة وجهاتٍ معينة لتقوم بالتعبير عن الخبر، وإشارة خبراء إعلاميين كسليمان نمر وصحيفة "الرأي اليوم" وغيرهم، إلى هذا النوع من الخطاب، تترك السؤال مفتوحاً إذا ما كانت القناة القطرية تهدف إلى تقديم الوقائع والأحداث في اليمن بمهنية، أم توظف خطابها الإعلامي لخدمة مصالح سياسية فقط؟ دون الاهتمام حتى بمتابعة ما خلفته التدخلات الخارجية الإيرانية وغيرها في الدول عربية كلبنان وسوريا والعراق واليمن والبحرين، من آثار سلبية ومدمرة.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية