مصر.. جرس كنيسة يشعل أحداث عنف طائفي!

مصر

مصر.. جرس كنيسة يشعل أحداث عنف طائفي!


23/12/2017

في العام 2013م، وفي واحدة من قرى مصر الهادئة، قرية أبو مسلم بمحافظة الجيزة جنوب القاهرة، كانت الدعاية السلفية كفيلة بحشد المئات من أبناء القرية، وجمهرتهم حول بيت من بيوتها، اجتمع فيه الشيخ الشيعي حسن شحاتة ونفر من أتباعه، وحدها دقائق من الهتاف الحماسي كانت كافية، لخلق عقل جمعي مستلب، فتحول الفلاحون الودعاء إلى مجموعة من القتلة، ليتم سحل الشيخ المسن ورفاقه في طرقات القرية والتمثيل بجثثهم.

أمس ومع اقتراب أعياد الميلاد، وعقب صلاة الجمعة كادت المأساة تكرر بـ"كفر الواصلين" في مركز "أطفيح" بالجيزة، والهدف هذه المرة كنيسة قبطية، وهو ما أعاد للأذهان الأحداث المأساوية التي جرت بقرية "صول" بمركز "أطفيح" نفسه العام 2011، والذي نجم عنه حرق كنيسة الشهيدين ومقتل اثنين من الأقباط.

سبقت الأحداث إشاعة روّجها متشددون تفيد بأنّ القائمين على كنيسة العذراء والأمير تادرس سوف يقومون بتعليق جرس

سبقت أحداث الجمعة دعاية دشّنها عدد من أبناء القرية المتشددين، على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، مفادها أنّ القائمين على كنيسة العذراء والأمير تادرس سوف يقومون بتعليق جرس، علماً بأنّ الكنيسة التي بنيت قبل عشرة أعوام عبارة عن مبنى بدون صلبان أو قبة أو جرس أو منارة، وفقاً لشروط مسبقة فرضها الأهالي، وجرى الاتفاق على التجمهر عقب صلاة الجمعة ومنع تعليق الجرس المزعوم، في ظل تزايد حدة الشائعات برغبة أحد أقباط القرية في تحويل مبنى يملكه إلى كنيسة.

آثار التخريب الذي طال الكنيسة

مع تصاعد التحريض، قام القمص مرقص كاهن الكنيسة بالإبلاغ عن التهديدات المتواصلة، وبالفعل حضرت قوة أمنية متواضعة من 3 أفراد، سرعان ما اختفت قبل انتهاء صلاة الجمعة؛ حيث خرج المصلون من مسجد القرية في مسيرة حاشدة باتجاه الكنيسة، وسط هتافات متوعدة بتخريبها، وفي لحظات جرى اقتحام الدور الأرضي، وعبث المقتحمون بمحتوياته، وتم كسر الأيقونات والصلبان، والاعتداء على الهيكل وكرسي الكاهن، ثم صعدوا إلى القاعة العلوية، ودمروها تماماً، كما جرى الاعتداء على عدد من الأقباط، نقل أحدهم إلى المستشفى في حالة خطيرة.

الكنيسة التي بنيت قبل عشرة أعوام عبارة عن مبنى بدون صلبان أو قبة أو جرس أو منارة

وانتقدت مصادر قبطية بمطرانية "أطفح" تخاذل الأمن في منع تفاقم الموقف، في حين أكّد مدير أمن الجيزة الذي توجه إلى القرية على رأس قوة كبيرة عقب اشتعال الأزمة أنه تم احتواء الموقف وجارٍ ملاحقة المتورطين، وهو ما نفاه اتحاد شباب ماسبيرو؛ حيث أكد في بيان أن قوات الأمن تتفاوض بهدوء مع الأهالى المحاصرين للكنيسة دون اتخاذ أي تدابير لفرض سلطة القانون.

مصلون بعد صلاة الجمعة يتوجهون إلى الكنيسة

يذكر أنّ هناك حالة استنفار أمني قصوى مع اقتراب أعياد الميلاد، وتصاعد تهديدات تنظيم داعش، في ظل ما تعرضت له عدد من الكنائس المصرية، وهي اعتداءات تزامنت والأعياد المسيحية، وتبدو المفارقة شديدة الغرابة، فلم يستطع أحد أن يلتقط أنفاسه بعد، في ظل الضربات الإرهابية التي طالت دور العبادة، وآخرها مسجد الروضة بالعريش، ليخرج المواطن الوسطي، وكأنه في حالة تعاقد ضمني مع قوى التشدد والإرهاب، وهو ما يوضح مدى الاختراق الذي حاق ببنية المجتمع داخل القرية المصرية في الشمال، لتصبح شائعة تعليق جرس، أو بناء كنيسة أمراً كفيلاً بإشعال حرب طائفية، وهو ما يعني ضرورة تحليل آليات خطاب التحريض، خصوصاً ما يتعلق بالمتلقي، وكيفية استدعاء عوامل العنف في نفسه، وفق آليات محددة تحوله إلى إرهابي لحظي يرتكب أبشع جرائم العنف، فمواجهة الارهاب أمر لا يتوقف عند ملاحقة عناصره الإجرامية المسلحة فحسب، وإنما يتطلب تفكيك حواضنه الاجتماعية، وعلى رأسها خطاب العنف داخل بيئات غير معتادة عليه، كبيئة القرية المصرية في الشمال، وهو خطاب ثبت نجاحه في الحشد والتجييش، وإشعال حرائق الحرب الطائفية بكل أشكالها.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية