"أوهام الخلافة"... كتاب يفكك آليات الفكر السلفي الداعي إلى العودة للماضي

"أوهام الخلافة"... كتاب يفكك آليات الفكر السلفي الداعي إلى العودة للماضي

"أوهام الخلافة"... كتاب يفكك آليات الفكر السلفي الداعي إلى العودة للماضي


26/12/2023

لئن عُرف السياسي المصري الراحل رفعت السعيد بمعارضته الشديدة للإخوان، وقد تجلى دوره السياسي والفكري في مواجهة الإخوان بعد صعودهم وتولي مرسي رئاسة البلاد، وانضمام السعيد لجبهة الإنقاذ التي دعت إلى إطاحة حكم الإخوان، غير أنّ دوره امتد إلى أعوام طويلة سابقة.

فقد أصدر الكاتب المصري مجموعة من المؤلفات حول الجماعة وتوجهاتها، من بينها كتاب "أوهام الخلافة" الصادر عن دار الهلال، ناقش فيه تاريخ تطور نظرة علماء المسلمين وساستهم إلى مفهوم الخلافة، وبحث في علاقتها بالدولة من حيث كونها تنظيماً اجتماعياً.

يُعدّ الكتاب دراسة منهجية لفكرة الخلافة وتطورها، والمآسي التي ترتبت على منح الحاكم مفاتيح الحكم مصطحبة معها مفاتيح السماء.

ويُعدّ الكتاب دراسة منهجية لفكرة الخلافة وتطورها والمآسي التي ترتبت على منح الحاكم مفاتيح الحكم مصطحبة معها مفاتيح السماء، حيث فكّك رفعت السعيد آليات الفكر السلفي الداعي إلى العودة للماضي، مستشرفاً احتمالات مستقبل مجهول الملامح.

يشير السعيد في كتابه إلى أنّ الفوز الذي كان متوقعاً لعبد الله غول بالرئاسة التركية لم يثر مخاوف العلمانيين الأتراك والجيش التركي فقط، بل فاقت تأثيراته الشأن المحلّي والحسابات الحزبية، لتصبّ تلك التأثيرات في بحيرات فكرية كانت قد جفّت أو كادت، فاستيقظت لدى بعضهم أحلام "الخلافة" من جديد. 

فكّك السعيد آليات الفكر السلفي الداعي إلى العودة للماضي مستشرفاً احتمالات مستقبل مجهول الملامح.

وورد في الكتاب أنّ الدولة التركية التي ظلت مقر الخلافة الإسلامية إبّان الحكم العثماني، يسيطر على صندوق انتخاباتها الإسلاميون، وهو ما جعلها تمثّل مرجعية لدى بعض التيارات السياسية في العالم العربي والإسلامي. تيارات ما تزال تؤمن بالمفهوم الواسع "للأمّة" الإسلامية بمعناها السياسي المباشر، وليس فقط بالمفهوم العقائدي والثقافي. وهي تيارات أعلن أحد أهم قادتها (مهدي عاكف) مرشد الإخوان المسلمين في مصر أنّه لا يمانع أن يحكم مصر رجل من ماليزيا تحت عباءة الخلافة ومفهومها.

يعود السعيد، وهو رئيس "حزب التجمع اليساري" المصري، إلى تاريخ تطور نظرة علماء المسلمين وساستهم إلى مفهوم الخلافة/ الإمامة، ويبحث في علاقة الخلافة بالدولة من حيث كونها تنظيماً اجتماعياً. ويميل إلى رأي (أبو الفتح الشهرستاني) في كتابه "نهاية الإقدام" بأنّ "الإمامة ليست من أصول الاعتقاد"، وإلى رأي عبد القاهر الجرجاني في "شرح المواقف" بأنّ "الخلافة ليست من أصول الديانات والعقائد، بل هي من الفروع المتعلقة بأفعال المكلفين".

ورد في الكتاب أنّ الدولة التركية التي ظلت مقر الخلافة الإسلامية إبّان الحكم العثماني يسيطر على صندوق انتخاباتها الإسلاميون.

ويعود المؤلف أيضاً إلى بداية علاقة مصر بالعثمانيين وغزوها على يد السلطان سليم الأول. وكان سلطان مصر آنذاك هو قنصوه الغوري الذي كان يلقب نفسه بـ "خادم الحرمين الشريفين"، وكان يتكفّل بغسل الكعبة وكسوتها كل عام، ويرعى الأماكن المقدسة في فلسطين. ثم يصدر مفتي الأستانة فتوى تحلّل لسليم الأول غزو مصر بعدما مات حاكمها، وتولّى مكانه طومان باي. ويبعث سليم إلى طومان رسالة جاء فيها: "إنّ الله قد أوحى إليّ بأن أملك الأرض والبلاد من الشرق إلى الغرب، كما ملكها الإسكندر ذو القرنين، وأنا خليفة الله في أرضه، وأنا أولى منك بخدمة الحرمين الشريفين".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية