إخوان تونس وحلم العودة المستحيل بفعل الفساد المالي وقضايا الإرهاب

إخوان تونس وحلم العودة المستحيل بفعل الفساد المالي وقضايا الإرهاب

إخوان تونس وحلم العودة المستحيل بفعل الفساد المالي وقضايا الإرهاب


28/04/2024

ما تزال حركة النهضة التونسية تعمل على تشويه التحركات السياسية التي يقوم بها الرئيس قيس سعيّد، في ظل تفاقم الصراع واحتدام الأزمة بينهما، منذ إجراءات سعيّد الاستثنائية في 25 تموز (يوليو) عام 2021، والتي أنهت العشرية السوداء لحكم إخوان تونس. وقد عقّب الرئيس التونسي على مساعي الإخوان المشبوهة، التي تحاول خلق استقطابات مجتمعية وشحن وتعبئة المواطنين، بقوله: "لا أحد فوق القانون، فالحرّية لا تُمارس إلا في إطاره، كما أنّ الذين يدّعون اليوم زوراً وبهتاناً بأنّهم ضحايا لغياب الحرية، هم من أشدّ أعدائها".

الإخوان أعداء الديمقراطية

ألمح سعيّد في حديثه عن الإخوان قائلاً: "إنّهم لا يقبلون بنظام ديمقراطي حقيقي يقوم على الإرادة الشعبية، ويتناسون ما ارتكبوه من تجاوزات، وما تلقوه من مبالغ مالية طائلة من مصادر مشبوهة من الداخل ومن الخارج على السواء".

ما تزال حركة النهضة التونسية تعمل على تشويه التحركات السياسية التي يقوم بها الرئيس قيس سعيّد

وبالتزامن مع استقباله وزيرة العدل ليلى جفال في قصر قرطاج نهاية الأسبوع الماضي، عرّج في حديثه على ادعاءات ومزاعم الجماعة التي تضع نفسها في إطار الدفاع عن الطبقات المهمشة والكادحين والفئات المظلومة، وأشار إلى أنّ "ندواتهم ولقاءاتهم لا تُنظّم إلا في الفنادق الفاخرة، ومع ذلك يتظاهرون، وهم مفضوحون، بأنّهم مدافعون عن القرار الوطني، وعن الوقوف إلى جانب البؤساء والفقراء"، مؤكداً في حديث آخر أنّ "الحريات لن تهدد أبداً، لأنّ الحرية لها شعب يحميها، والثورة لها شعب يحميها، والدولة لها مؤسسات تحميها. "من يشكك في الحريات في الداخل والخارج، فهو إمّا عميل، وإمّا شخص مصاب بغيبوبة فكرية عميقة لن يفيق منها".

حكم النهضة وإفلاس تونس

في واقع الحال، فحكم حركة (النهضة) شهد معضلات اقتصادية ضخمة، تسببت بالتبعية بتأثيرات سلبية على الطبقة الوسطى والشباب، لا سيّما في ظل التضخم وارتفاع نسب البطالة وتراجع القدرات الشرائية للمواطنين، وقد وصلت الديون الخارجية إلى ما يتجاوز (35.5) مليار دولار في عام 2021، وكانت بحاجة لقرابة (6) مليارات دولار لسدّ العجز في موازنتها المالية خلال العام ذاته، وذلك بحسب البيانات الرسمية، وهي البيانات التي تشير إلى أنّ العام الأول الذي تمكن فيه إخوان تونس سياسياً من حكم البلاد، تضاعفت البطالة إلى نحو 18.3% عام 2011، و17.3% عام 2012، ووصلت إلى 16% في العام الذي يليه. 

المفكر التونسي عفيف البوني قال في حديثه لـ (حفريات): إنّ حركة (النهضة) "فرع من إخوان مصر"، وكبيرهم/ مرشدهم راشد الغنوشي. والغنوشي توقف عن إخوان سوريا ومصر، ومرجعيته حسن البنا وسيد قطب، وينهل الأفكار الأصولية التكفيرية نفسها من هذا التيار بامتداداته التي لا تتوقف عند يوسف القرضاوي، ولا تنتهي عند المودودي".

ويردف: "المحرضون  أو المستثمرون  في الإسلام السياسي قوى غربية وإقليمية لها مصالح في الدور الوظيفي الذي كان يتولى إدارته حكم الغنوشي وإخوانه وحلفاء له انتهازيون، واستمر في مدة عشرية سوداء من 2011 إلى 2019. فكك الدولة خلالها، ثم خلق تناقضات وصراعات عديدة في مؤسسات الدولة، وكان رؤساء الجمهورية المتعاقبون على الحكم بلا صلاحيات تقريباً، وكان الغنوشي وحده هو من يحكم، وهو عرّاب الفساد". 

المفكر التونسي عفيف البوني

وبحسب البوني "في عهد الإخوان تفاقم التهريب وتسفير الجهاديين، ومن هنا ظهرت المخدرات، وتواجد الإرهاب بشراسة لأوّل مرة، وقتل من التونسيين حوالي (600) ضحية، ويقدّر عدد الإرهابيين التونسيين الذين موّلهم وسفّرهم إلى سوريا وليبيا وغيرهما بـ (6) آلاف إرهابي. وقد عوّض الغنوشي حوالي (30) ألف تونسي بأموال طائلة من ميزانية الدولة بحجة أنّهم وقع عليهم الاضطهاد في عهد زين العابدين بن علي. وقام بابتزاز رجال الأعمال مالياً، وأخذ منهم رشاوى حتى لا يقاضيهم. وقد عيّن الغنوشي حوالي (100) ألف موظف من أتباعه، وأغلبهم بشهادات مزيفة". 

التواطؤ الإقليمي وسياسة الأخونة

يضاف إلى ذلك "عزل كلّ أئمة الجوامع، بدعوى أنّهم كانوا مع العهد السابق، وعيّن أتباعه. وتواطأ على نحو مشبوه مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ومع إخوان ليبيا وإخوان مصر ضد مصالح وأمن تونس. وأدار الإخوان حكم تونس بسوء أداء منقطع النظير، وتسببوا بإفلاس الدولة في النهاية".

ولا يختلف مع ما يقوله المفكر التونسي عفيف البوني عمّا أكدته دائرة المحاسبات التي فضحت الخروقات المالية، وحجم الفساد الذي ارتبط بحركة (النهضة) من خلال حصولها على التمويلات الخارجية، وجاء في تقريرها السنوي عام 2021 أنّ التمويلات التي حصلت عليها الجمعيات وصلت إلى (25.85) مليون دولار في عام 2018، وقد أخفت (566) جمعية حكومية حصولها على الدعم المالي. 

وقال الرئيس التونسي الخميس الماضي: إنّه يتعين وضع حدٍّ لهذه المسألة، ومضاعفة الجهود لمنع أيّ تحايل مالي يكون ثغرة لتمرير التمويلات الأجنبية غير الشرعية. وفي لقاء مع محافظ البنك المركزي فتحي زهير النوري، قال: إنّ "هناك انعطافة للتصدي للتدفقات المالية المشبوهة التي تستفيد منها جهات اختارت الارتماء في أحضان من يسعى في الخارج إلى زعزعة الاستقرار في تونس".

ومن بين تلك الخروقات المالية التي سبق لسعيّد الكشف عنها، وألمح فيها للقوى التي تدور في فلك (النهضة) من دون تسميتها مباشرة "على سبيل المثال هناك جمعية تونسية في الخارج تتلقى ملايين الدنانير كل عام، وتحوّل هذه الأموال لتمويل الأحزاب السياسية في تونس"، وقال: "هناك جمعية تلقت عام 2022 أكثر من مليوني دينار، ومن ثم يتحدثون عن المجتمع المدني...، ولكن آن الأوان لبعض الخبراء والمفكرين أن يعيدوا النظر في هذه المفاهيم. الجمعيات التي تتلقى أموالاً من الخارج في أكثر الأحيان تعقد ندوات وملتقيات في فنادق (5) نجوم في عطلة نهاية الأسبوع للراحة والاستجمام، ويأتي الخبراء من الخارج للتدريب".

وفي حديثه لـ (حفريات) يقول الباحث المختص في الشؤون الإقليمية مصطفى صلاح: إنّ إخوان تونس لديهم تخوفات جمّة من مسار العدالة القضائية والمساءلة السياسية التي تتم بحق قياداتهم، فضلاً عن الاصطفاف السياسي والحزبي الذي يجري بشأن عزل حركة (النهضة) ونبذها من المجال العام، والتصدي لعودتها مجدداً، وقد أصدر القضاء بتونس حكماً بحق راشد الخياري، وهو ضمن قيادات الإخوان بتونس بالحبس لعام واحد. 

والاتهام الذي طال القيادي الإخواني هو: "محاولة إعانة شخص على التخلص من تفتيش سلطة عمومية، واستغلال شخص ما له روابط حقيقية أو وهمية ويقبل منافع كيفما كانت طبيعتها بدعوى الحرص على امتيازات لصالح الغير والمشاركة في ذلك، في علاقة بالفترة التي قضاها راشد الخياري، وهو محل تفتيش لصالح وحدات أمنية وجهات قضائية مختلفة".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية