العراق: في أول تعديل وزاري لها.. قاطرة السوداني تصطدم بحجر الكتل السياسية

في أول تعديل وزاري لها.. قاطرة السوداني تصطدم بحجر الكتل السياسية

العراق: في أول تعديل وزاري لها.. قاطرة السوداني تصطدم بحجر الكتل السياسية


30/04/2023

يترقب العراقيون إحداث تعديل وزاري لأول حكومة من عمر النظام الحالي الذي جاء على أعقاب نظام صدام حسين الذي أسقطتهُ أمريكا وحلفاؤها في أبريل 2003. التعديل الحكومي المرتقب، يتوقع أنهُ لن يمر بسهولة، لاسيما أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يمارس "عناداً سياسياً" مع الكتل الشيعية والسنية والكردية، المنضوية في "ائتلاف إدارة الدولة"، والتي رشحته لمنصب رئاسة الحكومة الحالية. 

مكاسب السوادني من هذا التغيير القادم، هو محاولة منهُ لكسب ثقة الشارع المحلي الذي يعيش مع النظام السياسي أزمةً توِّجت بالمقاطعة الشعبية الواسعة للانتخابات النيابية الأخيرة، التي جرت في أكتوبر 2021.  وإزاء ثقة الشارع، يحاول السوداني المنحدر سياسياً من تكتل "الإطار التنسيقي" الحليف لإيران، كسب ثقة الإدارة الأميركية، عبر استبعاد وزراء منتمين لجماعات مسلحة لذات التكتل، الأمر الذي قد يؤدي إلى اخلال عملية التوازن السياسي داخل المساحتين، الشيعية بشكلٍ خاص، والعراقية بشكلٍ عام.

ويأتي التغيير المرتقب ضمن نهج جديد رسمه السوداني لحكومته، يعتمد على مبدأ تقييم أداء الكابينة الوزارية في مدى تطبيق برنامجه الحكومي خلال مدة زمنية تصل إلى 6 أشهر من عمر الحكومة، وعلى هذا الأساس يكون قرار إبعاد الوزير أو بقائه في منصبه.

كسب ود واشنطن

لا يخفى على أحد حاجة العراق إلى الولايات المتحدة الأميركية، فيما يخص العملة الصعبة والتسهيلات الائتمانية لوقف تدهور انخفاض سعر الدينار العراقي قبال الدولار الأميركي، خصوصاً أن واشنطن أخذت تشدد الحصار على السوق العراقية نتيجة تهريب حلفاء إيران في الداخل العراقي، للعملة الأميركية إلى طهران وسائر الدول الحليفة في المنطقة. لذا تعي الحكومة العراقية أن وقوف الإدارة الأميركية إلى جانبها لحل إشكالية ارتفاع الدولار وإنعاش العملة المحلية، يتطلب منها تقديم عدة تنازلات، أبرزها اقصاء شخصيات مقرّبة من إيران، من الجهاز التنفيذي أو القيام بحركة إصلاحية داخل الحكومة لكسب ود الولايات المتحدة وإثبات حسن نية العراق إزاء التعاون الثنائي الجاد بين البلدين. وعلى هذا المنوال، يحاول السوداني بوصفهِ رئيساً للوزراء إبعاد شبهة سقوط العراق في محور إقليمي معين، وأن بلادهُ تقف على مسافة واحدة من مختلف النزاعات الدولية بالمنطقة، وأنها تتحرّك وفقاً للمصالح العليا للبلاد.

يأتي التغيير المرتقب ضمن نهج جديد رسمه السوداني لحكومته

ويترشح من التعديل الوزاري القادم، أن يشمل خمسة وزراء، ثلاثة منهم من "الإطار التنسيقي"، وأثنان من حلفائه داخل "ائتلاف إدارة الدولة". وتفيد الكواليس السياسية أن المرشحين في التعديل المرتقب، هم : وزير التعليم العالي نعيم العبودي (قيادي في ميليشيا عصائب أهل الحق)، ووزير العمل والشؤون الاجتماعية أحمد الأسدي (قائد ميليشيا جند الإمام)، ووزير النفط حيان عبدالغني (مرشح نوري المالكي). في حين من المرجح أن يشمل التعديل وزيراً سنياً، تؤكد المؤشرات أن وزير التجارة أثير الغريري (مرشح تحالف رئيس البرلمان محمد الحلبوسي)، هو الأقرب لاستبداله، فضلاً عن وزير كردي أو مسيحي.  

إصرار  السوداني

ومع صمت القوى السياسية إزاء التعديل الوزاري المرتقب، إلا أن رئيس الحكومة محمد شياع السوادني، أخذ يصرّح علناً بجدوى التعديل على تطبيق المنهاج الحكومي، وإخراج الأعضاء غير الكفوئين من كابينتهِ الوزارية، بل راحت تصريحاته تشمل مسؤولين آخرين بدرجة محافظين أو أقل منهم داخل السلطة التنفيذية.

الترجيحات تذهب إلى إمكانية التصادم بين أطراف الائتلاف النيابي الراعي للحكومة الحالية

ويتبنى السوداني آلية "تقييم الأداء" الدوري كل 6 أشهر للوزراء والمحافظين، وكل 3 أشهر  للوكلاء والمديرين العامين، ويعلل ذلك إلى الاتفاق السياسي الذي تم بينهُ والكتل التي رشحتهُ لمنصب رئاسة الحكومة في وقتها. ويدرك رئيس الوزراء العراقي حاجة العراقيين إلى مؤسسة تتحمل المسؤولية بعد تراكم الفشل السياسي والاقتصادي والخدمي وانعكاسهِ بصورة واضحة على البلاد، إذ اعتاد الجمهور الحلي على سماع تبريرات الحكومات السابقة وبراءة الكتل المشكلة لها من نتائجها لاحقاً. وبهذا يضع السوداني الكتل الداعمة لحكومتهِ في موقع الحرج الجماهيري في حال رفضت استبدال وزرائها في الكابينة الحالية، خصوصاً بعدما أخذ يصرّح بحقهِ القانوني في إعفاء أي وزير.

وفي آخر مقابلة له، أوضح السوداني، أنه يتحدث "مع الوزراء بشكل واضح وصريح بشأن تقييم عملهم مهنياً، وأن الدستور يمنح رئيس الوزراء صلاحية إعفاء الوزير المقصر"، مؤكداً "تصميمه على إجراء تعديل وزاري في الوقت المناسب"، وقال: "لن أتنازل عن صلاحياتي الدستورية في إجراء التغيير الوزاري".  
 إمكانية التصادم

ومع إصرار رئيس الوزراء على التعديل الحكومي، إلا أن الترجيحات تذهب إلى إمكانية التصادم بين أطراف الائتلاف النيابي الراعي للحكومة الحالية. وبدأت أولى تباشير الرفض السياسي للتعديل المرتقب، من قبل التكتل الذي رشح السوداني لمنصب رئاسة الحكومة، وهو تكتل "الإطار التنسيقي"، وتحديداً جناحي نوري المالكي وقيس الخزعلي المقربين من إيران. حيث يرفض المالكي استفراد السوداني بقرارتهِ الحكومية دون الرجوع إليه ولتكتل "الإطار"، فضلاً عن رفضهِ تغيير  وزير النفط المحسوب على فريقهِ السياسي. ويرى المالكي، أن "السوداني لا يملك حق استبدال الوزراء". لكن رد الأخير يكشف عمق الهوة بينهُ وبين المالكي، حين قال في آخر مقابلة له :"التعديل الوزاري حق دستوري لرئيس الحكومة وليس بمزاج القيادي أو الزعيم السياسي هذا أو ذاك".

في المقابل، يلجأ زعيم "عصائب أهل الحق"، قيس الخزعلي إلى الصمت، لحين بيان نتائج الصراع بين السوداني وقيادات أخرى في "الإطار التنسيقي". ويسعى الخزعلي إلى الحفاظ على مكاسبهِ في حكومة السوداني، والتي تتعدى المناصب الوزارية إلى الهيئات المستقلة، ومكتب رئيس الوزراء. لذا يتأنى في حراكه السياسي المعترض على خطوات المرجوة من التعديل الوزاري المقبل. 

وفي حال عبور المناكفات الشيعية، يكون الطريق إلى التعديل أسهل لدى السوداني، الذي من المؤمل أن يواجه معارضة واسعة وشديدة من قبل حلفائهِ الكرد والسُنة الرافضين لاستبدال وزرائهم بمرشحين آخرين منهم، لأن ذلك سوف يعود بالضرر على الاستقرار السياسي داخل المكونين المتصارعين داخلياً.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية