العلاقات المصرية - التركية تعود... هل حُسمت قضايا الخلاف نهائياً؟

العلاقات المصرية - التركية تعود... هل حُسمت قضايا الخلاف نهائياً؟

العلاقات المصرية - التركية تعود... هل حُسمت قضايا الخلاف نهائياً؟


31/05/2023

ياسر خليل

أجرى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اتصالاً هاتفياً بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتهنئته بالفوز بولاية ثالثة، واتفق الرئيسان على تبادل السفراء بين القاهرة وأنقرة. وتأتي هذه الخطوة بعد نحو 10 سنوات من سحب البلدين لسفيريهما تتويجاً لتوترات سياسية عميقة.

وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية المستشار أحمد فهمي إن "الرئيسين أكدا على عمق الروابط التاريخية التي تربط البلدين والشعبين المصري والتركي، واتفقا على تدعيم أواصر العلاقات والتعاون بين الجانبين، وفي ذلك الإطار قرر الرئيسان البدء الفوري في ترفيع العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين وتبادل السفراء".

تلك الخطوة التي سبقتها جولات استكشافية، وتواصل استمر لسنوات عبر القنوات الدبلوماسية والأمنية، تضع العديد من الملفات المهمة على الطاولة، ومن أبرزها ملف جماعة "الإخوان المسلمين"، والتدخلات العسكرية التركية في عدد من البلدان العربية، أبرزها ليبيا وسوريا والعراق، وكذلك ملف غاز شرق المتوسط، بما يمثله من فرص وتعقيدات.

العرب أولاً

يرى السفير جمال بيومي مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق أن "الملف العربي يأتي في مقدمة أولويات السياسة الخارجية المصرية، وخصوصاً ما يتعلق بدول الجوار، وبشكل أكثر تحديداً السودان وفلسطين وليبيا".

ويضيف الدبلوماسي المصري في حديثه لـ"النهار العربي": "ليبيا تحديداً لها أهمية كبيرة، لأن بها قرابة مليوني مصري، إضافة إلى أنها دولة جوار، وهي محل تهديد للحدود المصرية (التي تمتد لنحو 1200 كيلومتر)، أيضا هي دولة شقيقة، وثمة اختلاط بين الشعبين، وإذا مررت بالطريق الصحراوي ستجد مئات السيارات تتحرك بين البلدين دون توقف".

ويشير بيومي إلى أن "ما يحدث في ليبيا، وبلدان عربية أخرى، هو سيطرة "القبلية"، كل "قبيلة" تبحث عن مصالحها، والأخطر من ذلك هو أن لكل "قبيلة" طرفاً خارجياً يدعمها، ومن ثم فإن قرارها ليس بيدها، ولكن في يد الطرف الخارجي الذي يساعدها".

وعن تحسن العلاقات مع تركيا، يقول مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق: "نأمل في أن يسهم هذا التطور في حلحلة الملفات التي شهدت توترات في الفترة الماضية، واعتقد أن المصالح الاقتصادية بين الدولتين ستلعب دوراً حيوياً في تشجيع هذا التحسن، فتلك المصالح - إلى جانب العلاقات الأخوية بين الشعبين - سوف تدفع كل طرف للحفاظ على مصالحه قبل الإقدام على أي عمل غير ودي نحو الطرف الآخر".

جفاء وحوار

وبشأن تأثير تطبيع العلاقات بين مصر وتركيا على الملفات التي شهدت تشابكات وتعقيدات شديدة خلال السنوات العشر الماضية، يقول الخبير في الشأن التركي في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بشير عبد الفتاح: "دائماً، حين تكون العلاقات في حالة جفاء، فإن كل الملفات تكون معقدة، لأنه لا يوجد حوار، بل إنه في كثير من الأحيان يكون التصعيد هو سيد الموقف".

ويضيف الخبير السياسي لـ"النهار العربي": "حين يحضر الحوار وتتلاقى الدول، فإن كل ملف يطرح للنقاش، ويمكن التوصل لحلول وسط، والتفاهم بشأن تلك الملفات، لذا أتوقع أن يؤدي التقارب المصري - التركي إلى حلحلة كافة الملفات، لأنه سوف يعرضها للحوار، وتهدئة مخاوف كل طرف، وتقديم تنازلات لاسترضاء الطرف الآخر".

وعلى عكس المتوقع، يعتقد عبد الفتاح أن ملف "الإخوان" من "أسهل الملفات التي يمكن أن يحلها أردوغان، ويأتي بعده الملف الليبي، لكن تبقى أصعب الملفات هي: ملف شرق المتوسط، لأنه لا يتعلق بمصر وتركيا فحسب، ولكن يوجد طرفان آخران في المعادلة، وهما قبرص واليونان، ومصر ستكون حريصة على علاقاتها معهم، لذا يعد إحراز تطور في هذا الملف تحدياً صعباً".

ويرى الخبير في الشأن التركي أن من بين أصعب الملفات التي سوف توضع على طاولة الحوار بين القاهرة وأنقرة "سوريا والعراق، لأن أردوغان يرى أن الوجود العسكري التركي فيهما مهم، ويقول إن هذا يحمي بلاده من الإرهاب".

ويضع عبد الفتاح التقارب المصري - التركي بعد كل هذه السنوات من التوتر في إطار إعادة هيكلة منطقة الشرق الأوسط، وإدراك دول المنطقة أن الصراع لا يفيد، وأن تهدئة الأجواء والتعاون المشترك سيكون لهما ثمار أكثر وأنفع لشعوبها ومصالحها.

ملف "الإخوان"

على مدار عقود كانت العلاقات المصرية - التركية راسخة وقوية، وكانت نقطة الخلاف التي فجرت التوترات السياسية بينهما، هي دعم حكومة أردوغان لجماعة "الإخوان المسلمين" إبان إطاحة حكمهم في مصر في 30 حزيران (يونيو) 2013، إثر تظاهرات شعبية حاشدة، طالبت بإزاحة الجماعة من السلطة.

وعن هذا الملف، يرى الخبير في حركات الإسلام السياسي عمرو عبد المنعم أنه "ملف لا زال حرجاً، ولم يشهد تقدماً حقيقياً، على رغم أن العلاقات بين البلدين تسير في اتجاه إيجابي بشكل ملحوظ".

ويقول عبد المنعم لـ"النهار العربي" إن ملفات "الإخوان" والجماعات المدرجة على لوائح الإرهاب "لا تزال شائكة، ولم تصل إلى نقطة تحول حاسمة، حتى الآن".

ويضيف الخبير في جماعات الإسلام السياسي "على رغم هذا، أعتقد أن الدولة التركية نجحت في تحجيم أنشطة المنصات التي كانت تقوم بخطاب إعلامي تحريضي ضد الدولة المصرية، وكذلك الحد من التهديد المباشر الذي كانت تشكله الحركات (المسلحة) المنشقة عن الجماعة ضد مصر".

لكن، برأي عبد المنعم، فإنه لا تزال ثمة إشكالية: "نحن أمام ما بين 3000-4000 فرد، مدرجين ضمن الكيانات الإرهابية، وصدرت ضدهم أحكام قضائية نهائية في مصر، تلك الجماعات تروج في الخارج أنها مضطهدة، وأنها معارضة، وهؤلاء لم تنجح تركيا حتى اللحظة في تحجيم حركتهم".

ويفسر الخبير في الإسلام السياسي تأخر أردوغان في حسم هذا الملف الشائك الذي تسبب في تفجير أزمة سياسية مع القاهرة قبل نحو 10 سنوات، بأن جماعات "الإخوان" لها "شبكة علاقات دولية واسعة، فهي منتشرة في قرابة 70 دولة، كما أن لها منظمات وشبكات علاقات مؤثرة في العديد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة، وهي شبكات تخدم مصالح اقتصادية وسياسية تستفيد منها تركيا".

عن "النهار" العربي




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية