بعد القمة العربية.. كيف تنظر إسرائيل لإيران؟

بعد القمة العربية.. كيف تنظر إسرائيل لإيران؟

بعد القمة العربية.. كيف تنظر إسرائيل لإيران؟


كاتب ومترجم فلسطيني‎
20/05/2023

تبدي إسرائيل قلقها من التطورات السّياسية المتلاحقة في المنطقة والمترتبة على التسلل المفاجئ لإيران، بعد ترميم علاقاتها الدبلوماسية مع دول الخليج وأبرزها السعودية، وذلك بفضل الصين التي تحظى بقبول واحترام من دول عدة في المنطقة، الأمر الذي يتيح لإيران الخروج من حالة العزلة الإقليمية التي عانت منها لسنوات، وإفشال الخطط الإسرائيلية المعدة للتصعيد ضد إيران لوقف برنامجها النوويّ.
وزاد القلق بعد التئام القمة العربية في جدة أمس الجمعة بحضور الرئيس السوري بشار الأسد بعد قطيعة طويلة، حيث أكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في افتتاح القمة: "نأمل أن تشكل عودة سوريا إلى الجامعة العربية إنهاءً لأزمتها".
وفي10 آذار (مارس) الماضي، وقعت إيران والسعودية إتفاقاً ينهي حالة الخلاف التي سادت بين البلدين، وذلك بجهود من الصين التي نجحت في تحقيق اختراق سياسي، حيث شكل هذا التقدم الإيجابي بين الطرفين امتعاض الأوساط السّياسية والأمنيًة في إسرائيل، على خلفية النفوذ الصيني القوي ودوره كوسيط  للسلام في المنطقة على حساب الولايات المتحدة، وهو ما يفرز تبعات سّياسية وعسكرية وأمنيّة على وضعيّة إسرائيل في المنطقة مع احتمالية تراجع الدور الأمريكي.
إقصاء هيمنة أمريكا
ويرى إسرائيليون أنّ حكومة اليمين القائمة قد أفشلت أحلام الزعماء الإسرائيليين في تحقيق اتفاق سلام قريب مع السعودية، بل والتعويل الكبير من قبل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على إحراز تقدم في ذلك على مدار سنوات، بعد أن توجهت السعودية إلى إجراء تغيير اضطراري بمسارها السّياسي من خلال التقارب مع إيران، وإنتاج مرحلة جديدة من نسيج القوى في المنطقة، خاصة أنّ الصين وطهران ومن خلال التطور الكبير في العلاقات بينهما، يعملان على إقصاء هيمنة الولايات المتحدة في المنطقة.   

 رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو
واعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنّ ما وصفه بالضعف الأمريكي والإسرائيلي هو ما أسهم في تسلل إيران إلى المنطقة، في حين أنّ الاتفاق وإن كان يعني محاولة خليجية إيرانية لتهدئة التوترات الإقليمية، إلا أنّه من جهة أخرى لا يعني تهدئة حرب الظل بين إيران وإسرائيل، في ظل الإصرار المتزايد من قبل الحكومة الإسرائيلية الجديدة للتفكير في الحرب من أجل وقف برنامج إيران النوويّ.
السعودية تبحث عن مكانة لها
الكاتب الإسرائيلي تسيفي برائيل، يقول إنّ دمج القوات الإسرائيلية مع القوات في دول عربية خاصة القوات في دول الخليج، هو أمر حيّوي بالنسبة للولايات المتحدة ، ولكن توجد صعوبات رئيسية هنا، فرغم التقارب بيّن إسرائيل والسعودية إلا أنّه لا يوجد بينهما اتفاق سلام، والأهم من ذلك هو أنّ السعودية تحسّن التعاون مع الصين، الأمر الذي أثمر الاتفاق بين السعودية وإيران. 

السعودية تتطلع اليوم إلى دور ريادي على الصعيد الإقليمي والدولي من موقع القوة والنفوذ الاقتصادي والمالي، فهي ترفض جملة الاملاءات الأخيرة التي تفرضها الولايات المتحدة عليها


وأشار إلى أنّ مكانة السعودية في الوقت الحالي تختلف عن مكانتها قبل سنة ونصف السنة، فهي تتحول من دولة معزولة من قبل الولايات المتحدة إلى دولة يغازلها الجميع، محمد بن سلمان في الحقيقة ضرب قبضته بقبضة بايدن، تطمح السعودية حتى الآن إلى تحسين العلاقات مع دول قويّة في المنطقة إلى جانب الولايات المتحدة، ومن موقع جديد في هذه المرة تطمح لأن تكون دولة يمكنها أيضاً إملاء الشروط وليس الخضوع لها. 
صحيفة "معاريف" العبرية، قالت إنّ الوضع الجديد المتشكل مع الدخول المتسارع لطهران وتنامي دورها في المنطقة، سيقلص قدرة إسرائيل على مواصلة الانخراط في المجال الشرق أوسطي، وينبغي على الإسرائيليين في هذا الوضع الجلوس للتفكير وفحص التغييرات المتشكلة في المنطقة، وتحديد سياسة تحافظ على مصالح إسرائيل في المنطقة وتقويضاً لجهود إسرائيل في مواجهة إيران.
الاتفاق صدمة لإسرائيل
في إطار التعقيب على ذلك يقول الكاتب المختص في الشأن الإسرائيليّ الدكتور جهاد ملكة إنّ "خطوة التقارب السريعة التي بذلتها الصين وباطلاع روسي من أجل إعادة العلاقات الدبلوماسية لإيران مع السعودية ودول خليجية أخرى، قد شكل صدمة مدوية لإسرائيل، لما في هذا التقارب من تغييّرات كبرى في الإقليم والعالم على حساب النفوذ الإسرائيلي".
وأشار في حديثه لـ"حفريات": إلى أنّ "إسرائيل هي الخاسر الأكبر من النفوذ الإيرانيّ المرحب به في الخليج، فهو يقلص النفوذ الإقليمي والعربي لإسرائيل، كما ينهي فكرة الحلف العربي الإسرائيلي بغطاء أمريكي ضد طهران، وذلك بالبحث والتحالف مع دول عربية مؤثرة وعلى رأسها السعودية، من أجل تحمل تبعات وتكاليف الحرب وتجنى ثمارها إسرائيل".

المحلل السياسي فتحي بوزية  لـ"حفريات": هيمنة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط بدأت تتلاشى تدريجياً، والدول العربية تتجه إلى التعايش مع الدول القويّة في الشرق الأوسط


وأضاف "السعودية الخاضعة منذ سنوات طويلة للولايات المتحدة، تتطلع اليوم إلى دور ريادي على الصعيد الإقليمي والدولي من موقع القوة والنفوذ الاقتصادي والمالي، فهي ترفض جملة الاملاءات الأخيرة التي تفرضها الولايات المتحدة عليها، من خلال المشاركة في العقوبات المفروضة على روسيا، لذلك تتجه إلى تغيير مسار العلاقات بما يمنحها مكانة قوية في المنطقة، بفتح علاقات مع قوى عظمى كروسيا والصين والحفاظ على إقامة علاقات قوية مع قوى عظمى بدلاً من إسرائيل في المنطقة، لذلك لم تتردد في ترميم العلاقات مع طهران التي أثبتت بأنها قوة فاعلة في المنطقة". 
ولفت إلى أنّ "العلاقات الإيرانية الصينية تظهر قدرة إيران على الاعتماد على الصين في مواجهة العقوبات الغربية، لا سيما مع تلاشي الاحتجاجات ضد النظام واستمرار التقدم في البرنامج النووي، ووصول طهران إلى ذروتها بتخصيب اليورانيوم، ويمكن للصين أيضاً أن تدعم النظام الإيرانيّ اقتصادياً وعسكرياً لإرهاق التواجد الأمريكي في الشرق الأوسط".
إيران الرابح الأكبر
أما الكاتب المختص في الشأن الإسرائيلي فتحي بوزية فيقول إنّ "المخاوف الإسرائيلية من النفوذ الإيرانيّ المتسارع في المنطقة، مترتبة على منح إيران التي تعافت من حالة العزلة فرصة لتعزيز نفوذها الاقتصادي، والاستمرار في الوصول إلى دولة نووية عظمى كما تطمح، وبالتالي ستستفيد السعودية ودول خليجية أخرى من تعافي العلاقات، بالوصول إلى إمكانية إنشاء مفاعلات نووية بمساعدة من طهران".

المختص في الشأن الإسرائيليّ الدكتور جهاد ملكة
وبيّن في حديثه لـ"حفريات" أنّ "هيمنة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط بدأت تتلاشى تدريجياً، والدول العربية تتجه إلى التعايش مع الدول القويّة في الشرق الأوسط، والمخاوف في إسرائيل تزداد من تشكيل محور صيني إيراني سعودي جديد يمكن أن يشمل العراق أيضاً، يعزل هذا التحالف بذلك إسرائيل إقليمياً، خاصة مع تراجع الدور الأمريكي الداعم الوحيد للجهود الإسرائيلية في المنطقة".
وأضاف أنّ حماس ستستفيد من الانتصار السّياسي لإيران في المنطقة، والتي تعاني منذ سنوات من قطيعة من قبل السعودية ودول خليجية أخرى، فإيران ستدفع وتضغط على السعودية من أجل ترميم علاقاتها المتردية مع حماس، وهذا بالتأكيد يقلق إسرائيل لما في ذلك تأثير كبير على البعد الأمني والسّياسي بالنسبة لها".
وتابع "الحرب الروسية الأوكرانيّة كانت بمثابة هدية لإيران، فرغم العقوبات الطويلة المفروضة عليها إلا أنّها استطاعت تجاوزها بفعل الانشغال الدولي بالحرب، كما أنّ انخفاض العلاقات التجارية بين روسيا وأوروبا، دفع روسيا للاتجاه نحو الشرق وفي هذا السياق إلى إيران بزيادة التعاون الاقتصادي معها، كما أنّ النفط الإيراني الخاضع للعقوبات الأمريكيّة، بات يصل إلى دول أوروبية بمعرفة واشنطن ولكنها تتغاضى عن ذلك لانشغالها بالحرب الأوكرانية".
زيلينسكي في "القمة"
يذكر أنّ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، زار أمس السعودية التي تستضيف القمة العربية والتي يحضرها الرئيس السوري بشار الأسد، حليف روسيا الوثيق للمرة الأولى منذ 12 عاماً.
الزيارة التي لم يُعلن عنها سابقاً هي أول زيارة يقوم بها زيلينسكي إلى الشرق الأوسط منذ الحرب في أوكرانيا في فبراير/ شباط 2022، 
ومن المتوقع أن يسافر زيلينسكي بعدها إلى اليابان لحضور اجتماع لمجموعة السبع.
وقال زيلينسكي على تويتر: "وصلت إلى السعودية. سأتحدث في قمة جامعة الدول العربية"، مضيفاً أنه يخطط للقاء ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وقادة آخرين.
وأضاف أنّ أولويات زيارته ستكون "تقديم صيغة السلام الخاصة بنا، والتي يجب أن يشمل تنفيذها أكبر عدد ممكن من الدول".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية