تنظيم داعش الابن الشرعي لجماعة الإخوان المسلمين

تنظيم داعش الابن الشرعي لجماعة الإخوان المسلمين

تنظيم داعش الابن الشرعي لجماعة الإخوان المسلمين


28/04/2024

تناولت دراسات عديدة العلاقات الفكرية المتجذرة بين جماعة الإخوان المسلمين وتنظيمات الإرهاب حول العالم، لا سيّما (داعش والقاعدة)، وهما اللذان يرتبطان بالإخوان إلى حد بعيد كونهما يستمدان المرجعية الفكرية ذاتها التي أسس عليها سيد قطب وحسن البنا جماعة الإخوان منذ ما يقرب من (100) عام. 

وفي مقالة أعاد نشرها حديثاً (المركز العربي لدراسات التطرف)، يرى الكاتب جيمي واكيلي أنّ ثمة تشابهاً في منهج الإخوان وداعش يصل إلى حدّ التطابق، ويقول إنّ التنظيمين ربما نشآ على الأفكار ذاتها، مع اختلافات فيما يتعلق بآلية التنفيذ وصياغة الأفكار لدمجها في المجتمعات وخلق مؤيدين لها. 

سيد قطب وصناعة الإرهاب العالمي 

بحسب واكيلي، المؤرخ والباحث في الفكر الإسلامي، كان من الصعب أن يكون تنظيم (داعش) مبتكراً في رؤيته للماضي لبناء حاضر إسلامي أكثر نقاءً ومثالية، ويرى أنّ إصرار التنظيم على أنّ الإيمان الحقيقي موجود فقط في جيل النبي محمّد وخلفائه المباشرين مأخوذ في جزء كبير منه من كتابات المثقفين الإسلاميين المعاصرين، مثل المصري سيد قطب. 

وكان قطب في الأصل، وفق واكيلي، قومياً أدى تطويره للأفكار الإسلامية المتطرفة إلى إعدامه عام 1966، وقد جادل بأنّ جميع المجتمعات التي تفشل في الالتزام بالشريعة كاملة، حتى لو كانت مسلمة ظاهرياً، هي في حالة الجاهلية نفسها (الجهل) التي جاء الإسلام لتصحيحها. 

ويقول واكيلي: إنّ "السماح لهذا الوضع بالاستمرار هو أمر غير معقول؛ فهو يعطل النظام الطبيعي لشريعة الله، ويستعبد الإنسان لسلطات تتجاوز السلطة الحقيقية الوحيدة: الله.

بالنسبة إلى قطب، يرى الكاتب أنّه لم يكن الوعظ بالتصحيح كافياً، وكما يقول قطب في كتابه (معالم في الطريق): "لمّا كان هدف رسالة الإسلام هو الإعلان الحاسم عن حرية الإنسان في ظروف الحياة الفعلية، فإنّه يجب أن يُستخدم الجهاد لتحقيق ذلك".

وقد تعمق قطب في سجلات التاريخ الإسلامي لتبرير هذا الحكم، واستخرج حلقات معبرة واقتباسات مختارة من أفواه الرجال الذين قاتلوا في جيوش الفتوحات العربية في القرن السابع. 

ويشير الكاتب إلى أحد المشاهد التي يبدو أنّ قطب قد أخذها من مؤرخ ومفسر القرن العاشر محمد بن جرير الطبري، على سبيل المثال، يظهر فيه محارب عربي يعلن لعدوه الفارسي أنّ الله يأمره بقتالهم حتى يتحولوا إلى الإسلام أو يستشهد. 

ببساطة لا يمكن أن يكون هناك طريقة أخرى، وقد أصبحت فلسفة قطب مؤثرة بشكل مرعب في مصر وفي جميع أنحاء الشرق الأوسط، ومن المريدين الذين سعوا إلى تفعيل عقيدة قطب أيمن الظواهري، أحد مؤسسي تنظيم القاعدة، وفق واكيلي. 

دعم داعش

لا تقتصر العلاقة بين جماعة الإخوان وتنظيم داعش على اعتماد الأفكار ذاتها كمنهج، فقد كشفت دلائل عديدة تورط الإخوان المسلمين في نقل العناصر والأموال إلى تنظيم داعش في سوريا وليبيا، وهو ما دفع أجهزة الاستخبارات الأوروبية إلى التحذير من خطر "الإخوان" في خلق بيئة العنف التي تحركت على قاعدتها كل التنظيمات الجهادية المتطرفة، بحسب (المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات). 

 

لا تقتصر العلاقة بين جماعة (الإخوان) وتنظيم (داعش) على اعتماد الأفكار ذاتها كمنهج، فقد كشفت دلائل عديدة تورط الإخوان المسلمين في نقل العناصر والأموال إلى تنظيم (داعش) في سوريا وليبيا.

 

وتشير دراسة صادرة عن المركز إلى أنّ الدعوة لقيام "الخلافة الإسلامية" تمثل مرتكزاً أساسياً من المرتكزات الفكرية "للحركات الجهادية، وللإخوان"، وقد نادى بها مرشد الجماعة المؤسس حسن البنا في رسالة المؤتمر الخامس حين قال: "الإخوان المسلمون يجعلون فكرة الخلافة والعمل لإعادتها في رأس منهاجهم"، كما أنّه وضعها في المرحلة الخامسة من مراحل التمكين الـ (6) التي تسعى لها الجماعة، والتي تبدأ بالفرد وتنتهي بأستاذية العالم.

كذلك يمتد ارتباط الحركات الجهادية، و(داعش) على وجه الخصوص، بإيديولوجية الإخوان المسلمين ليشمل المنطلقات الفكرية الأخرى ووسائل العمل ومناهج التغيير، يقوم مشروع جماعة (الإخوان) على إحداث التغيير في المجتمع عبر وسائل عديدة، يقف في مقدمتها الوصول إلى السلطة، ويقول قادتها: إنّ الجماعة قامت أساساً من أجل تمكين الدين، وإنّ الاستيلاء على السلطة يُعدّ وسيلة لتحقيق تلك الغاية. 

والاستيلاء على السلطة بهذا المعنى يقود إلى الطعن في مشروعية الحكومات القائمة باعتبار أنّها لا تعمل على تمكين الدين، وهو الأمر الذي يعطي المبرر لتكفيرها والخروج عليها بكافة الوسائل، ومنها الوسائل العنيفة، ومن هنا فإنّه يمكننا فهم مغزى شعار الجماعة الذي يزينه سيفان، ومكتوب عليه: "وأعدّوا"، وكذلك فإنّ البيعة للجماعة تتم على المصحف والمسدس.

العلاقة الوطيدة بين الإخوان وداعش

بحسب الدراسة الصادرة عن (المركز الأوروبي)، شكلت العلاقة الوطيدة بين جماعة الإخوان وتنظيم القاعدة النواة الأساسية لتكوين قيادات أفغانستان والارتباط الوثيق بالعنف المطلق، أبرزهم زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن الذي كان عضواً بجماعة الإخوان، وذلك بحسب رواية خليفته أيمن الظواهري، كما أنّ سفر عناصر القاعدة إلى أفغانستان، ومن ضمنهم أيمن الظواهري، كان عبر هيئة الإغاثة الإنسانية لنقابة الأطباء بإشراف القيادي الإخواني كامل السنانيري. 

وقد استوحى الظواهري الفكر المتشدد من أفكار سيد قطب، وهو ما يعني أنّ العلاقة القوية التي تجمع التنظيمات الـ (3): (القاعدة، وداعش، والإخوان) ترى أنّ وجود أيّ تنظيم منها يمثل حماية للآخر وأقرب إليه.

وكانت دار الإفتاء المصرية قد أعلنت عام 2022 عن توزيع تقرير مهم وموثق باللغة الإنجليزية على جميع أعضاء مجلسَي العموم واللوردات البريطاني حول جماعة (الإخوان المسلمين). 

وخلص التقرير إلى أنّ منهج الجماعة المتطرف، وارتباطها بتنظيمات وعلى رأسها (داعش)، واتباع الجماعة أسلوب المقاربة واستغلال الإسلام والنصوص الدينية كأداة ضد المجتمع، كلّ ذلك من أجل تحقيق مكاسب سياسية، وأشار التقرير إلى أنّ جماعة (الإخوان) كانت تعمل بوجهين؛ الأوّل هو الوجه الظاهر لعامة الناس والجماهير حيث قدّموا أنفسهم كمصلحين اجتماعيين وكقوة معارضة، أمّا الوجه الثاني، فقد تمثل في إنشاء "الجهاز السرّي" للجماعة.

 

أصبحت فلسفة سيد قطب مؤثرة بشكل مرعب في مصر وفي جميع أنحاء الشرق الأوسط، ومن المريدين الذين سعوا إلى تفعيل عقيدة قطب أيمن الظواهري، أحد مؤسسي تنظيم (القاعدة) ثم (داعش). 

 

كذلك كشفت مصادر تركية في الأول من كانون الأول (ديسمبر) 2022 أنّ جهاز الاستخبارات التركي يحقق في ملفات عناصر من (الإخوان) حول تورطهم في نقل مقاتلين إلى سورية وليبيا، وكيف سهلوا نقل عناصر من (الإخوان) للانضمام إلى جماعات مسلحة في سورية، مشيرة إلى أنّ عناصر (الإخوان) ارتبطوا بتنظيم (داعش) في سورية من خلال التواصل معهم وتوفير الدعم المالي لهم خلال فترات سابقة. 

وكشفت تحقيقات الاستخبارات التركية تبرعات وصناديق وجمعيات تابعة لجماعة (الإخوان) ساعدت عدداً من الأسر التابعة لتنظيم (داعش)، وساعدت عناصر التنظيم ماديّاً من خلال وسطاء سوريين.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية