لهذه الأسباب كان زلزال تركيا وسوريا مدمراً إلى هذا الحد

لهذه الأسباب كان زلزال تركيا وسوريا مدمراً إلى هذا الحد

لهذه الأسباب كان زلزال تركيا وسوريا مدمراً إلى هذا الحد


09/02/2023

تداعيات كارثية خلّفها زلزال شرق المتوسط الذي ضرب تركيا وسوريا قبل أيام، مسجلاً أعلى خسائر ناتجة عن زلازل شهدتها المنطقة خلال عقود، فيما تزال ارتداداته مستمرة حتى اللحظة الراهنة ويتوقع أن تمتد لعدة أيام قليلة مقبلة، وتتواصل عمليات إنقاذ الضحايا من تحت الأنقاض، كما تتواصل عمليات الدعم الإنساني للدولتين من مختلف الدول والمنظمات المعنية.

الزلزال الذي سجل 7.8 درجة على مقياس ريختر، خلّف تأثيرات مدمرة وآلاف الضحايا، وأرجع العلماء والباحثون سبب قوته إلى عدة أسباب قاموا بشرحها وتحليلها من خلال مجموعة من العوامل المتداخلة والمتشابكة تتعلق بتوقيت الزلزال وموقعه، وخط صدع هادئ نسبيا منذ قرنين، فضلاً عن مبان مشيدة بصورة سيئة.

وتعد تركيا من بين أكثر الدول المعرضة للزلازل في العالم، فقد سجلت هيئة إدارة الكوارث والطوارئ وقوع نحو (33) ألف زلزال في عام 2020، بما في ذلك (322) زلزالاً بقوة تزيد عن (4) درجات على مقياس ريختر، حسب ما أوردته صحيفة "ديلي صباح" التركية.

قوة استثنائية

بلغ متوسط الزلازل التي تتجاوز قوتها 7 درجات أقل من (20) زلزالاً على مر التاريخ، بحسب ما أورده موقع "دويتشه فيله"، الأمر الذي يجعل زلزال تركيا وسوريا الأخير حدثاً خطيراً ويفسر مدى الدمار الذي خلّفه.

تعد تركيا من بين أكثر الدول المعرضة للزلازل في العالم

وبالمقارنة مع الزلزال الذي ضرب وسط إيطاليا في عام 2016 بقوة (6.2) درجة وأودى بحياة نحو (300) شخص، فإنّ الطاقة المنبعثة عن الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا مؤخراً تزيد بمقدار (250) مرة عن زلزال إيطاليا، وفقاً لجوانا فور والكر رئيسة كلية لندن الجامعية للحد من المخاطر والكوارث.

ولم يسجل نفس قوة زلزال الإثنين الماضي سوى زلزالين فقط من أكثر الزلازل فتكاً في الفترة من 2013 إلى 2022.

توقيت سيئ فاقم عدد الضحايا

لأنّ الكارثة وقعت في الرابعة و17 دقيقة فجراً، كان من الصعب على السكان الانتباه لموجة الزلزال والتحرك سريعاً لإنقاذ أنفسهم وذويهم، لذلك يرى الخبراء أنّ التوقيت قد لعب دوراً محورياً في ارتفاع عدد الضحايا الذي تجاوز الآلاف.

سجلت هيئة إدارة الكوارث والطوارئ وقوع نحو (33) ألف زلزال في تركيا في 2020، بما في ذلك (322) زلزالاً بقوة تزيد عن (4) درجات على مقياس ريختر، حسب ما أوردته صحيفة "ديلي صباح" التركية

 

وبحسب الباحث في هيئة المسح الجيولوجي البريطانية روجيه موسون، "بشكل مفاجئ وجد الضحايا أنفسهم عالقين عندما انهارت منازلهم في الساعات الأولى"،  مشيراً إلى أنهم لم يستطيعوا اتخاذ أي إجراءات لحماية أنفسهم وقت حدوث الكارثة، لذلك تضاعف عدد الضحايا بشكل كبير، فضلاً عن أنّ قوة الزلزال أدت لانهيار المباني بشكل سريع الأمر الذي لم يسمح لأعداد كبيرة بالنجاة.

جغرافيا خطرة

يقول موسون، بحسب ما نقله عنه موقع "فرانس 24"، إنّ تركيا تقع على خط صدع زلزالي رئيسي في العالم، وبالتالي، فإن بنية المساكن "لا تتوافق بالفعل مع منطقة معرضة لخطر الزلازل العنيفة"، ويمكن تفسير ذلك بأنّ الصدع الزلزالي، حيث تقع هذه المساكن، كان هادئاً نسبياً في الماضي.

ويذكر الخبير الجيولوجي على سبيل المثال أنه في 1999، تسبب زلزال في إزميد على بعد حوالى (100) كم جنوب شرق إسطنبول بمقتل (17) ألف شخص، لكن الزلزال الأخير الذي وقع الإثنين الماضي كان على الطرف الآخر من البلاد، قرب الحدود السورية، على امتداد خط الصدع الشرقي للأناضول.

لأنّ الكارثة وقعت في الرابعة و17 دقيقة فجراً، كان من الصعب على السكان الانتباه لموجة الزلزال والتحرك سريعاً لإنقاذ أنفسهم وذويهم

وينوه موسون إلى أنّ هذا الخط لم يشهد أي زلزال تفوق قوته (7) درجات منذ أكثر من قرنين، مما حدا بالسكان إلى "الاستخفاف بخطورته"، وتشير هذه المدة أيضاً إلى "أنّ كمية كبيرة نسبياً من الطاقة تراكمت" على طول الصدع، وما يؤكد ذلك، حسب الباحث، حدوث هزة ارتدادية عنيفة بعد الزلزال الرئيسي.

موسون يقول إنّ "زلزال الإثنين هو تقريباً تكرار للزلزال الذي ضرب المنطقة في 13 آب (أغسطس) من العام 1822 والذي قُدرت قوته بنحو (7.4) درجات، وتسبب حينها في دمار هائل وتهدمت مدن بأكملها وقضى جراءه عشرات الآلاف".

بنية تحتية هشة

اتصالاً بالسبب السابق، يعزو بعض العلماء زيادة حجم الدمار الذي خلفه الزلزال الأخير بتركيا وسوريا، إلى ضعف وهشاشة البنى التحتية غير المؤهلة تماماً للتعامل مع هذا النوع من الكوارث الطبيعية المعرضة له تلك المناطق باستمرار.

إضافة إلى ذلك، أثر ضعف البنية التحتية في المناطق المنكوبة على تعطيل فرق الإنقاذ في تنفيذ مهامها بشكل أسرع، وبالتالي لم تتمكن من إنقاذ عدد كبير في وقت سريع، ما أثر بدوره على ارتفاع عدد الضحايا أيضاً.

روجيه موسون: تركيا تقع على خط صدع زلزالي رئيسي في العالم، وبالتالي، فإن بنية المساكن لا تتوافق بالفعل مع منطقة معرضة لخطر الزلازل العنيفة

 

وتقول الدكتورة كارمن سولانا، الأستاذة في علم البراكين والتواصل بشأن المخاطر في جامعة بورتسموث بحسب ما نقله عنها موقع "بي بي سي" إنّ: "البنية التحتية المقاومة للأسف غير مكتملة في جنوب تركيا، وفي سوريا، لذا فإنّ إنقاذ الأرواح يعتمد الآن في الغالب على سلوك فرق الإنقاذ عقب وقوع الزلزال".

العواصف الزلزالية

من مثيرات الدمار الكبيرة في الزلزال ما يسمى بـ"العواصف الزلزالية"، ويُعرفها أستاذ الزلازل بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، عمر الشرقاوي بأنه "في بعض المناطق النشطة يكون هناك زلزال أكثر قوة، هو الزلزال الرئيسي، تسبقه أحياناً هزات أقل شدة وتسمى بالزلازل الأولية، وبعدها تأتي الهزات الارتدادية، ثم يسود هدوء تدريجي، إلى أن تخرج الطاقة المختزنة في باطن الأرض".

الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا يعد أحد أكثر الزلازل تسببا في وقوع ضحايا خلال السنوات العشر الماضية

ويفسر الشرقاوي ما حدث في زلزال تركيا أنّ المنطقة تعرضت لمئات التوابع، أقواها سجل (7.6) ريختر وهي قوية جداً؛ مما تسبب في دمار كبير جداً، وفق ما أوردته شبكة "سكاي نيوز".

وحصلت الزلازل المتوالية في منتصف تركيا، وامتدت على طول فالق شرق تركيا، ثم ناحية الجنوب الغربي على طول الفالق، الذي يصل إلى (200) كم، وكذلك توابع أخرى على الحدود التركية السورية، هذه التوابع أثرت أيضاً على سوريا وبالتالي تهشيم للمنطقة، مما زاد عدد الضحايا بهذا الشكل.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية