محاربة التطرف في السويد ـ هل نجح الإخوان في نشر التطرف؟

محاربة التطرف في السويد ـ هل نجح الإخوان في نشر التطرف؟

محاربة التطرف في السويد ـ هل نجح الإخوان في نشر التطرف؟


17/04/2023

آندي فليمستروم

لا يزال عمل الإخوان يعتمد على السرية ويخفي نشاطه وراء واجهات المساجد والمراكز الإسلامية والجمعيات الخيرية وخطاب يتسم بالازدواجية. نجحت جماعة الإخوان على مدى عقود في إنشاء مجتمعات موازية ساهمت في خلق مشاكل أثرت على قدرة المجتمع السويدي بإدارة سياسة الاندماج وهذا مثل تحدياً للتماسك الاجتماعي.

إن الاعتقاد بأن الإخوان المسلمين ممثل شرعي للإسلام والمسلمين في السويد يعني نقص المعرفة بالإسلام والإخوان المسلمين أيضًا. تستلزم نتيجة هذا النمط من العمل والتفكير إعطاء الحركة الإسلامية ككل الفرصة لتعزيز نفوذها السياسي والديني. وهذا من شأنه أن يساهم أيضًا في خلق مزيد من الفصل والاستقطاب. يجادل آجي كارلبوم، عالم الأنثروبولوجيا الاجتماعية منظرين آخرين بما يلي:

“مشكلة المنظمات المرتبطة بجماعة الإخوان هي أنها تساهم في خلق استقطاب سياسي واجتماعي من خلال تعزيز خطاب ” نحن “(المسلمون) “ضدهم ” أي ضد (غير المسلمين). وهذا بدوره سيؤدي سلبا على عملية الاندماج في المجتمع والتضامن المجتمعي في السويد. التطرف العنيف في السويد -التشابهات والاختلافات. بقلم أندي فليمستروم Andie Flemström

تأثير الإخوان على عملية الاندماج

إن استراتيجية سياسة الهوية المستخدمة من قبل الإخوان والمنظمات التابعة لها  تضع المجموعات في مواجهة بعضها البعض وبالتالي يكون لها تأثير سلبي على القواعد الديمقراطية فيما يتعلق بمناقشة القضايا الواقعية. اضافة الى ذلك : ” فإن خطر تخصيص الموارد بشكل غير نقدي أو متابعة  للمنظمات المرتبطة بالإخوان المسلمين  تؤثر سلبًا على عملية الاندماج، من حيث أنها تريد حماية المسلمين من تأثير مجتمع الأغلبية، من خلال بناء قطاع إسلامي موازٍ من الهيئات العامة وهو ما يسمى “المجتمع المدني المسلم”.

يشكل الإخوان المسلمون تهديدا قائماً للسويد من منظور أمني، ويرى العديد من المراقبين والخبراء أن الإسلاميين استغلوا الظروف الاجتماعية والثقافية والاقتصادية لسكان بعض الضواحي، وخاصة الجاليات المسلمة، ولعبوا على التناقضات لنشر الفكر المتطرف والتكفيري بين أبنائهم وشبابهم. حرق القرآن في السويد ـ تخادم اليمين المتطرف والإسلام السياسي . بقلم Andie Flemström

وعقدوا ورش عمل لتعليم وتلقين أفكار العنصرية والتطرف الديني وتجنيد أعضاء في المنظمات المتطرفة خارج البلاد مثل تنظيم “داعش”. في هذا الصدد ، فإن نتيجة تجاهل أو نفي حقيقة أن الإسلام السياسي قد رسخ جذوره في السويد واكتسب موقعًا وتأثيرًا كبيرًا في السويد بين النخبة السياسية والمجتمع على حدٍ سواء يعني الافتقار إلى المعرفة بالإسلام السياسي مثل جماعة الإخوان المسلمين ويستلزم هذا الجهل والسذاجة دعم الأفكار النمطية والأحكام المسبقة عن “المسلمين” في الوعي الجماعي.

النموذج السويدي لتنظيم الإخوان

نجح الإخوان المسلمون في السويد عبر عقود في بناء هيكل مؤسسي استُخدم بسلاسة “النموذج السويدي” الذي يمكنهم من إتقان “فن حلب النظام المنفتح والمرحب والسخي في السويد” لتأمين المساعدة المالية من المال العام.

استخدمت الجماعة مجموعة متنوعة من الأساليب والاستراتيجيات للوصول إلى أهدافهم وزيادة التأثير السياسي مثل: التسلل إلى الأحزاب السياسية والجماعات المؤثرة الأخرى والمنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني الأخرى وتقديم نفسها كممثلة لأقلية دينية.

يجادل العديد من الباحثين بأن الدولة والمجتمع قد ساهموا ماليًا وتنظيميًا في إنشاء العديد من المنظمات ذات الصلة المباشرة أو غير المباشرة بجماعة الإخوان وساعدوا في ذلك. تتلقى العديد من هذه المنظمات ملايين” الكرونات” السويدية دعماً من الدولة ودافعي الضرائب. وفقًا لبعض الخبراء، Magnus Norell، الذي أتفق معه تمامًا، حيث قال أنه لن يكون من الممكن للجماعات السويدية التابعة الإخوان المسلمون أن تحقق درجة تأثيرها ونفوذها الاستثنائية هذه بدون درجة كبيرة من السذاجة والجهل بين النخبة السويدية والمجتمع بشكل عام حول الإسلام السياسي كمفهوم وأيديولوجيا. التطرف العنيف في السويد -التشابهات والاختلافات. بقلم أندي فليمستروم Andie Flemström

مستقبل الإخوان المسلمين في السويد

من خلال الترويج غير النقدي لـ “الإسلاموفوبيا” باعتباره المشكلة الحاسمة للمسلمين في السويد وحتى في أوروبا وفي نفس الوقت إنكار وجود الإسلام السياسي، يقدم الكثيرون دعمهم لتفكير الإخوان المسلمين الشمولي ويقدمون لهم أيضاً دون وعي الظروف والموارد لتعزيز مشروعهم الإسلامي السياسي على المدى الطويل.

مستقبل الإخوان المسلمين في السويد هو سؤال مهم ولكن لا توجد إجابة واضحة في هذه الدراسة. ولكن طالما أن هناك مشكلة تواجه السلطات السويدية في التعامل بجدية مع ملف الإسلام السياسي والجماعات المتطرفة، وطالما أن نموذج الإخوان المسلمين يتمتع بحرية الحكم، فهناك خطر وشيك يتمثل في أن الحركة قد تعزز موقفها بشكل متزايد وتحرك مكانتها إلى أبعد من ذلك في السنوات القادمة.

طالما أن المرء يتعرض لخطر وصفه بـ “العنصرية” أو “الإسلاموفوبيا”، إذا عارض نهج الإخوان المسلمين، وبالنظر إلى الوضع الحالي في المجتمع السويدي، فإن مثل هذه التصنيفات قد تعرض حياة الناس المهنية للخطر، فإن ثقافة الصمت من شأنها أن تمنح الإسلاميين مكانة أقوى في مجتمعاتهم الموازية وفي الوقت نفسه، سيشكلون تحديًا طويل الأمد لسياسة الاندماج والتماسك الاجتماعي في المجتمع. الإخوان المسلمون في السويد ـ النهج السياسي، الأساليب والاستراتيجيات. بقلم آندي فليمستروم

التوصيات

ـ إصدار مجموعة من القوانين والتشريعات التي تعزز جهود الدولة وإجراءاتها في مواجهة التطرف والإرهاب. وتسهل هذه التشريعات عملية تعقب ومراقبة البيئات الحاضنة للتنظيمات والمؤسسات المتطرفة التي ترعى المتطرفين وتشديد العقوبات عليهم، ورصد ومعاقبة التحريض على خطاب الكراهية ونشر التطرف الديني واستغلال الإنترنت لهذه الأغراض. يمكن أن تتناول هذه التشريعات أيضًا الدعاية والآلة الإعلامية للجماعات “الجهادية”.

ـ ضرورة إنشاء “مركز توثيق الإسلام السياسي” لتحليل ومراقبة أنشطة الإخوان المسلمين في السويد، ثم فتح تحقيقات قانونية في أنشطة الجماعة وتمويلها للتطرف والإرهاب.

ـ  إقامة مراكز مهمتها مراقبة المؤسسات والتنظيمات المتطرفة في الدولة كخطوة لمكافحة تيارات الإسلام السياسي أو ما يعرف بـ “الإسلاموية”.

ـ  يجب أن تكون الشفافية في موضوعات تمويل المراكز والمنظمات التابعة  لجماعة الإخوان ومصادر التمويل.

ـ تكثيف الرقابة على الاستثمارات والمؤسسات المالية التابعة للإخوان التي تُعتبر ممرات لتمويل التطرف والإرهاب. من أهم آليات مكافحة الإرهاب هو تجفيف مصادر تمويله.

ـ ضبط خطاب المساجد الذي يتعارض مع قيم النظام الديمقراطي السويدي، ومراقبة مصادر تمويل المساجد والمراكز الدينية، ومنع المتطرفين الإسلامويين من السيطرة على المساجد، ووقف استقبال الأئمة المرسلين من الدول الأجنبية.

ـ ضرورة وجود قانون يمنع عمل الأئمة من خارج الاتحاد الأوروبي، في إطار محاربة التطرف. من المهم إنشاء “معهد أوروبي لتدريب الأئمة” يشرف على تدريب الأئمة ويضمن أن خطابهم لا يساهم في “أيديولوجية التطرف”.

ـ إغلاق المؤسسات المشتبه بها في نشر أفكار وأيديولوجيات متطرفة، على سبيل المثال، مدارس الإخوان التي ازدادت خلال العقدين الماضيين، وأصبحت إحدى منصات نشر الفكر المتطرف. هذه المدارس آخذة في الانتشار نتيجة تساهل الحكومات مع أنشطة وتحركات جماعة الإخوان المسلمين، والتي تصنفها عدة دول على أنها جماعة متطرفة. تمثل هذه المدارس بؤر انتشار الفكر المتطرف، خاصة في الضواحي السويدية التي يسكنها المجتمع المسلم.

المدرسة هي واحدة من أهم المؤسسات في خطة الإخوان المسلمين الأوروبية لبناء “جيب ديني”.  إنها بالطبع نتيجة منطقية لهدف الإخوان المتمثل في حماية المسلمين من الاندماج الثقافي ونشر أفكار الإخوان المسلمين؛ الشباب هم الأكثر تكوينًا وتأثراً، ومن الأسهل إنشاء عادة أساسية قد يكون من الصعب تغييرها في مرحلة البلوغ.

عن "المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية