مصر تتولى مهمة قيادة المهام المشتركة في البحر الأحمر... ما الدلالات والمكاسب؟

مصر تتولى مهمة قيادة المهام المشتركة في البحر الأحمر... ما الدلالات والمكاسب؟

مصر تتولى مهمة قيادة المهام المشتركة في البحر الأحمر... ما الدلالات والمكاسب؟


19/12/2022

أعلنت القوات المسلحة المصرية الثلاثاء الماضي تولي قيادة المهام المشتركة (153) المكلفة بحماية حركة الملاحة البحرية ومكافحة الإرهاب في مناطق البحر الأحمر، وخليج عدن وباب المندب، فيما اعتبره مراقبون خطوة مهمّة لتحقيق الاستقرار في المنطقة التي تشهد أوضاعاً غير مستقرة تهدد حركة الملاحة خلال الأعوام الماضية. 

وقال العقيد أركان حرب غريب عبد الحافظ، المتحدث باسم القوات المسلحة المصرية، في بيان صحفي نشره الثلاثاء الماضي على حساباته الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي: إنّ "قيادة القوات البحرية المصرية تولّت قيادة المهام المشتركة (153)، في إطار جهود القوات المسلحة، بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية والدول الشقيقة والصديقة، لمواجهة التهديدات والتحديات التي تستهدف أمن واستقرار المنطقة، واستكمالاً للمشاركة المصرية الفاعلة في القوة البحرية المشتركة (CMF)". 

وأضاف المتحدث العسكري المصري أنّ بلاده تتولى قيادة القوة انطلاقاً من دورها المحوري، وتعاونها الوثيق مع القوات البحرية للدول المشاركة، وفي إطار مسؤوليتها إزاء تحسين البيئة الأمنية بجميع المناطق والممرات البحرية، وتوفير العبور الآمن لحركة تدفق السفن عبر الممرات الدولية البحرية، والتصدي لجميع أشكال وصور الجريمة المنظمة التي تؤثر سلباً على حركة التجارة العالمية ومصالح الدول الشريكة، بحسب صحيفة "الشرق الأوسط". 

وأشار عبد الحافظ إلى أنّ قوة المهام المشتركة (153) هي إحدى أهم آليات تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي ومجابهة التهديدات بأنماطها كافة. 

دلالات القيادة المصرية لقوة المهام في باب المندب

الباحث المصري المتخصص في قضايا الأمن الإقليمي محمد فوزي، يقول في تصريح لـ"حفريات": إنّ قيادة مصر لقوة المهام المشتركة (153) البحرية، التي يتركز عملها على مكافحة التهريب، والتصدي للأنشطة غير المشروعة، لا سيّما الأنشطة الإرهابية في مناطق البحر الأحمر، وباب المندب، وخليج عدن، هي ترجمة لحالة النشاط والفاعلية التي شهدتها السياسة الخارجية المصرية على أكثر من مستوى في إطار "الجمهورية الجديدة"، وعلى رأس هذه المستويات الملف الإقليمي. 

وبحسب فوزي، تبنّت مصر في الأعوام الأخيرة مقاربة مركّبة؛ ارتكزت على جملة من العناصر التي استهدفت في مجملها تحقيق فكرة الأمن الإقليمي، بما يتفق وثوابت السياسة الخارجية المصرية، والدفاع عن الأمن القومي العربي في مواجهة كافة التهديدات، وبما يتفق والوزن الجيواستراتيجي الذي تحظى به مصر في الإقليم.

ويشير فوزي إلى أنّ المقاربة المصرية فيما يتعلق بأمن باب المندب وبحر العرب، تعتمد على عدد من الاعتبارات والثوابت، وعلى رأسها ضرورة تحييد أمن المضيق ومنطقة بحر العرب عن التجاذبات السياسية التي تجري في دول كاليمن، ورفض أيّ مظاهر أو محاولات للمساس بحرّية وأمن الملاحة. 

فضلاً عن التحرك من أجل الحيلولة دون جعل هذا الممر البحري الاستراتيجي ساحة للحروب بالوكالة، أو جعله مساحة تحرك للفاعلين المسلحين دون الدول في المنطقة، لما تمثله هذه الممارسات من تهديد للأمن الإقليمي والدولي. 

لماذا تواجد البحرية المصرية سيكون فارقاً؟ 

وفق فوزي، لم يكن اختيار مصر لقيادة هذه القوة البحرية المهمة، عقب اختيارها لتصبح العضو رقم (34) في القوات البحرية المشتركة "CMF"، سوى نتاج لما حققته الدولة المصرية في الأعوام الأخيرة من منجزات على مستوى تحديث منظومتها البحرية. 

محمد فوزي: تبنّت مصر في الأعوام الأخيرة مقاربة مركّبة؛ ارتكزت على جملة من العناصر التي استهدفت في مجملها تحقيق فكرة الأمن الإقليمي، بما يتفق وثوابت السياسة الخارجية المصرية، والدفاع عن الأمن القومي العربي في مواجهة كافة التهديدات

أبرز هذه المنجزات هو افتتاح العديد من القواعد العسكرية الكبيرة (قاعدة برنيس نموذجاً) التي تهدف إلى تأمين البحر الأحمر والأمن القومي المصري والعربي، ودورها الأمني الكبير في منطقة البحر الأحمر بشكل عام، من خلال المناورات البحرية النوعية والعديدة التي عقدتها مع العديد من القوى الدولية والإقليمية. 

فضلاً عن مشاركتها الفعالة في مواجهة الأنشطة غير المشروعة والتهديدات التي تواجه أمن البحر الأحمر (إرسال قطع بحرية لتأمين مضيق باب المندب عقب الانقلاب الحوثي عام 2014 على سبيل المثال).

أمن البحر الأحمر جزء لا يتجزّأ من الأمن المصري

وتكفل هذه التحركات المصرية الكثيفة خصوصاً في مرحلة ما بعد قيادة قوة (153)، بحسب فوزي، بعث رسائل قوية ومتعددة بأنّ أمن البحر الأحمر جزء لا يتجزّأ من الأمن القومي المصري، وهو ما أكد عليه الرئيس عبد الفتاح السيسي في أكثر من مناسبة.

ويرى فوزي أنّ هذه التحركات تمثل تأكيداً على الدور المصري الفعّال على مستوى التعاطي مع حالة التأزم التي تشهدها المنطقة بشكل عام، ومواجهة كافة التهديدات الأمنية للأمن القومي العربي، كما أنّ هذه التحركات المصرية تحقق فكرة "التوازن الاستراتيجي" في المنطقة، وتكفل ردع أيّ اتجاهات تحاول المساس بالأمن الإقليمي.

خطوة تعزز جهود السلم والأمن الإقليمي

من جانبه، قال رئيس جهاز الاستطلاع السابق بالجيش المصري، ومستشار أكاديمية ناصر العسكرية اللواء نصر سالم:  إنّ تولي واختيار مصر والقوات البحرية المصرية لقيادة قوة المهام المشتركة (153) التي تتمثل مهامها فى مكافحة أعمال التهريب والتصدى للأنشطة غير المشروعة، خاصة الأنشطة الإرهابية، في مناطق البحر الأحمر، وباب المندب وخليج عدن، يؤكد أنّ مصر الشريك الأكبر في البحر الأحمر، والقوة الكبرى، بعد الولايات المتحدة الأمريكية، في قوة المهام المشتركة التي تضم أكثر من (30) دولة أخرى، وفق تصريحات نقلها عنه موقع "روسيا اليوم".

وأشار اللواء نصر سالم إلى أنّ المهمة تشترك بها أكثر من (30) دولة تهدف إلى التصدي لأعمال التهريب والأنشطة غير المشروعة ومكافحة الإرهاب، مشيراً إلى أنّه مع تأسيس تلك القوة أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية أنّها ستتولى رئاستها، ثم ستقوم بنقلها إلى إحدى الدول الأعضاء، ليقع الاختيار على مصر، مشيراً إلى أنّ هذا الاختيار يعطي المزيد من الثقة في القيادة السياسية والقوات المسلحة والقوات البحرية المصرية وقدراتها.

اللواء نصر سالم: الاختيار يصبّ في مصلحة السلم والأمن الدوليين، خاصة في منطقة باب المندب وخليج عدن التي تعرضت للعديد من أعمال القرصنة والترهيب والإرهاب في الفترة الماضية

وأضاف المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية المصرية أنّ الاختيار يصبّ في مصلحة السلم والأمن الدوليين، خاصة في منطقة باب المندب وخليج عدن التي تعرضت للعديد من أعمال القرصنة والترهيب والإرهاب في الفترة الماضية، مشيراً إلى أنّ القوات المصرية لديها القدرة الكبيرة في إرساء الأمن، ومنع حدوث أيّ مشكلات تهدد أيّاً من الدول الأعضاء.

وأكد اللواء نصر سالم أنّ اختيار مصر ليس لكونها أحد أعضاء المجموعة فقط، ولكن طبقاً لقدرتها على قيادة هذه المهمة بعد الولايات المتحدة الأمريكية مباشرة، ممّا يثبت الثقة الكبيرة في القيادة السياسية والقوات المسلحة المصرية، مشدداً على أنّ القوات البحرية المصرية قادرة على مواجهة أيّ أعمال إرهابية أو أيّ أعمال غير مشروعة في تلك المنطقة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية