تفكيك ازمة "المقر" لقيادة حماس بعد الدوحة

تفكيك ازمة "المقر" لقيادة حماس بعد الدوحة

تفكيك ازمة "المقر" لقيادة حماس بعد الدوحة


30/04/2024

تشكل قضية "المقر ومكان اقامة قيادة حماس في الخارج"  احد أبرز التحديات التي تواجهها قيادة حماس في الخارج، إلى جانب تحديات اخرى من بينها: مستقبل سيطرة حماس وحكمها لقطاع غزة، وكيفية تعاطيها مع عنوان انهاء الانقسام الفلسطيني والمصالحة مع حركة فتح، وعلى الصعيد الميداني تواجه تحديات مرتبطة بخسائر غير معلنة بعد الاحتلال الاسرائيلي لقطاع غزة، بالتزامن مع قدرتها على الاجابة عن تساؤلات حول انقاذ مواطنيها بوصفها السلطة الحاكمة في غزة، ومسؤوليتها عن حماية شعبها، وينضاف الى ذلك تلك الخلافات التي لم تعد سرا بين حماس الداخل وحماس الخارج، والتي اسفرت عن فتح خطوط اتصال مباشرة من قبل القيادة المصرية مع قيادة حماس الداخل مباشرة لانجاز "هدنة" قد تمهد لصفقة لاحقا.

ولعل الحقيقة المؤكدة اليوم ان حماس تتعاطى مع كل التحديات التي تواجهها بمرجعية واحدة، وهي "الحفاظ على بقائها في السلطة" وهو ما يعني انها ربما تقدم على تنازلات وفقا لهذه المرجعية، ظهرت مؤشراتها في خطابات جديدة تؤكد انها مع دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران في اطار منظمة التحرير، وهو ما يطرح سؤالا جوهريا حول اهداف طوفان الاقصى وفيما اذا كان طوفان الاقصى مجرد حرب عبثية نفذتها حماس بتعليمات ايرانية، لا سيما وان حماس كان بامكانها ان تطرح مقارباتها الجديدة بدون هذه الحرب، ومن ارضية اقوى مما هي عليه اليوم بعد الاحتلال الاسرائيلي لقطاع غزة.

مقر اقامة قيادة حماس الخارج قضية تخص بصورة اكبر قيادة المكتب السياسي، وبعد اقامة لاكثر من عشرين عاما في الدوحة، وبترتيب مع امريكا بعد طرد قيادتها من الاردن عام 1999، وبعد تسريبات حول "قرار" قطري بطرد حماس من الدوحة بعد ضغوط اوساط امريكية واخرى اسرائيلية، تبحث قيادة الخارج عن مقر بديل للدوحة، وفي بورصة العواصم يتردد ان البدائل المحتملة ستكون: تركيا، العراق، الجزائر واليمن، لا سيما بعد رفض طهران ان تكون مقرا لقيادة الحركة، فيما لم يتم طرح بيروت او دمشق، لاسباب خاصة لدى القيادة السورية تتمثل ب"غدر حماس" بالحليف السوري الذي قدم لحماس المقر ومراكز الدعم والتدريب والتسليح، فيما لبنان لن يتمكن تحمل عبء وجود قيادة حماس، وحزب الله غير قادر لا على حماية قياداته ولا حماية لبنان من احتمالات حرب جديدة تشن ضد لبنان.

وعلى غرار منظمة التحرير ورحلة التنقل بين العواصم العربية بما فيها الخروج الاخير من بيروت الى تونس " 1982" ثم العودة الى غزة والضفة الغربية ،عبر اتفاق اوسلو" 1994" يبدو ان حماس تجتر التاريخ نفسه بالبحث عن مقر جديد لقيادتها، مع ملاحظة فروقات بين قيادة منظمة التحرير وقيادة حماس، وابرزها ان قيادة المنظمة لم يكن لديها ارض فلسطينية محررة تستطيع الاقامة فيها، فيما لدى حماس كل غزة بدلالة استمرار اقامة قيادة حماس الداخل وعلى راسهم " السنوار" فيها، وهو ما يطرح تساؤلات اليوم اسباب عدم عودة قيادة الخارج الى قطاع غزة، اضافة لتساؤلات اخرى حول حقيقة نتائج طوفان الاقصى، فحماس كانت تحكم غزة ولديها مكاتب" سفارات" في كثير من الدول العربية والاسلامية، كما لها استثمارات بمئات الملايين في تلك الدول عبر تنظيمات الاخوان المسلمين المحلية" تركيا،ليبيا، السودان، والجزائر"، وقد اصبح مرجحا اليوم ان كل تلك المكاتب والاستثمارات امام تحدي التصفية والاغلاق.

في قضية المقر الجديد لقيادة حماس الخارج، كان لافتا للنظر ما طرحه القيادي المقيم في مصر " موسى ابو مرزوق" في مقابلة مع قناة العالم الايرانية بعد تفنيد تسريبات احتمال انتقال قيادة حماس من قطر لدولة اخرى، بانه "اذا انتقلت قيادة حماس، وهو أمر غير قائم حاليا، فستنتقل إلى الأردن، فالأردن شعب مضياف وكريم ومؤيد للمقاومة الفلسطينية. ولنا علاقة جيدة مع النظام الأردني".

ابو مرزوق الذي اعتاد  منذ انطلاق طوفان الاقصى تقديم تصريحات وتصورات صادمة وتحليلات رغائبية، لا تستند للواقع ولا تفسره، من بينها ان حماس غير مسؤولة عن حماية اهالي غزة، وان الانفاق انشئت لحماية حماس فقط ، يقدم مقاربته الجديدة بانتقال حماس للاردن، ومع الاخذ بعين الاعتبار انه يقدم هذ التصريح لمحطة ايرانية، تؤكد التنسيق بين حماس وايران بمشروع استهداف الاردن، وان هدف التصريحات لا يعدو ان يكون محاولة لاحراج الاردن، لاسيما وان غالبية قادة حماس يحملون جوازات سفر اردنية، لكنه في الوقت نفسه يجيب على سؤال لطالما تم طرحه في الاردن حول اسباب "تخصيص" قيادات حماس الداخل والخارج للشعب الاردني لتصعيد مقاومته ورفع مستويات وقوفه الى جانب حماس، بما فيها مطالبات باجتياز الحدود ومظاهرات الكالوتي المطالبة باغلاق السفارة الاسرائيلية، فحماس تدرك ان وجودها كسلطة تحكم غزة، ووجودها في الدوحة او في اية عاصمة عربية او اسلامية، اصبح تحديا، وانها تخسر سلطتها ولن تعود الحاكم الاوحد لغزة، وتريد العودة للاردن تحت ضغط شعبي وليس باتفاق مع الحكومة الاردنية، لكن يبقى السؤال هل تريد حماس العودة للاردن بالصيغة القائمة في قطر او في تركيا، ام بالصيغة التي يطرحها اليمين الاسرائيلي، بان تكون نظاما بديلا لدولة بديلة؟

رغم ان ردة فعل اردنية لم تصدر عن المستويات الرسمية، ولا يتوقع ان تعلق هذه الاوساط  على "ترهات" ابو مرزوق، ومن المؤكد ان عمان لن تكون مقرا لحماس واحتمالات ان تكون مقراتها في  تل ابيب او واشنطن واية عاصمة اوروبية او عربية او اسلامية اكبر بكثير من احتمالات عمان.
 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية