نشاط مكثف لمراكز الإخوان البحثية داخل تركيا... ما الجديد؟

نشاط مكثف لمراكز الإخوان البحثية داخل تركيا... ما الجديد؟

نشاط مكثف لمراكز الإخوان البحثية داخل تركيا... ما الجديد؟


13/12/2023

كثفت المراكز البحثية التابعة لجماعة الإخوان في تركيا نشاطها بشكل لافت خلال الأشهر الماضية، تزامناً مع حالة الحراك السياسي التي تشهدها مصر بالتزامن مع إجراء الانتخابات الرئاسية 2024، في محاولة لتوظيف الملف الاقتصادي والسياسي داخل البلاد لإثارة حالة من الفوضى وزعزعة الاستقرار، على حد وصف مراقبين مصريين. 

ويأتي (مركز إنسان للدراسات الإعلامية) ضمن أبرز المنظمات الإخوانية النشطة في مجالات البحث والإصدارات الفكرية مؤخراً، حيث يركز نشاطه بشكل شبه كامل على الداخل المصري، ويُعدّ المركز أحد أهم المراكز الإعلامية والبحثية الموالية لجماعة الإخوان المسلمين، بدأ نشاطه من تركيا عام 2015، ويهتم بحسب بيانه التعريفي بـ "دراسة اتجاهات الإعلام المصري والعربي والعالمي حول قضايا الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان في المنطقة العربية بشكل خاص، وما طرأ عليها من تحولات في أعقاب ثورات الربيع العربي وما تلاها من ارتدادات وثورات مضادة".

ومن بين الدراسات التي نشرها المركز: الأساطير المؤسسة لـ 30 حزيران (يونيو) في مصر: "الإعلام أداة محورية للانقلاب على الديمقراطية"، حزيران (يونيو) 2023، و"مستقبل الإسلاميين في ضوء تجارب الماضي القريب: دراسة تحليلية" كانون الأول (ديسمبر) 2022، و"محاربة الفساد في مصر بين مرسي المنتخب والسيسي المنقلب" تشرين الأول (أكتوبر) 2022، والحصاد المر: كيف قضت مؤامرة 30 حزيران (يونيو) على أحلام المصريين؟" حزيران (يونيو) 2022.

ما أهداف المراكز الإخوانية؟ 

يقول الباحث المصري المختص بالإسلام السياسي والإرهاب عمرو فاروق: إنّ تكثيف عمل المراكز الفكرية التابعة لتنظيم الإخوان داخل تركيا يأتي في سياق مخطط إخواني كبير بدأ منذ أعوام، للانتقال من الحالة التنظيمية إلى السيولة الفكرية أو التيار الفكري، بالاعتماد على صياغة إيديولوجيا جديدة للتنظيم تعتمد على مشروع فكري متكامل، لتوظيف كافة الأدوات المتاحة من أجل العودة إلى المجتمعات العربية والتوغل بها من جديد. 

مركز إنسان للدراسات الإعلامية

في إطار ذلك التوجه، دشنت الجماعة منذ أعوام عشرات المراكز البحثية ومؤسسات التدريب؛ مثل رابطة محرري الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومركز إنسان للدراسات، وجمعية الحكمة، ومؤسسة النسيج المجتمعي، وغيرها...، بهدف صياغة المرتكزات الفكرية الجديدة للتنظيم، فضلاً عن تقديم تقديرات ودراسات حول طبيعة الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية في الداخل المصري بشكل متواصل، وتوظيف بعضها لصياغة الشائعات. 

 

عمرو فاروق: إنّ تكثيف عمل المراكز الفكرية التابعة لتنظيم الإخوان داخل تركيا يأتي في سياق مخطط إخواني كبير بدأ منذ أعوام لتوظيف كافة الأدوات المتاحة من أجل العودة إلى المجتمعات العربية والتوغل فيها من جديد

 

ويشير فاروق في حديثه لـ (حفريات) إلى أنّ تحركات الجماعة في هذا الصدد تُعدّ إجراءات تصحيحية لمسار عمل التنظيم التاريخي، فقد أدرك الإخوان بعد (9) عقود من العمل التنظيمي العديد من الأخطاء التي أدت في النهاية إلى سقوطهم عن الحكم في كافة الدول التي وصلوا إليها، لذلك تسعى الجماعة للاعتماد على مسارات "القوة الناعمة" بهدف العودة إلى المجتمعات العربية مجدداً وتحقيق الانتشار والتوغل بها، خاصة في ضوء حالة النبذ والرفض الشعبي الكبير الذي تعانيه جماعة الإخوان منذ أعوام. 

استراتيجية الإخوان الجديدة تعتمد، بحسب فاروق، على تجديد الأدوات من أجل تحقيق هدف "أسلمة المجتمع"، خاصة أنّ الجماعة تبدو قد تخلت عن مشروع العودة إلى السلطة، أو المزاحمة عليها في الوقت الراهن، وهو اتجاه عبّرت عنه مجموعة لندن أكثر من مرة، وتخطط الجماعة لعودة ناعمة إلى الأوساط السياسية والاجتماعية في الداخل المصري اعتماداً على منصات الفكر ومراكز البحث والإعلام. 

ما أبرز مراكز الإخوان في تركيا؟ 

تتصدر شبكة محرري الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومقرها إسطنبول، مقدمة الكيانات الإخوانية النشطة للغاية داخل إسطنبول، وهي المسؤولة عن تأهيل الجيل الجديد من قيادات الإخوان، وتقديم برامج تدريبية، جزء منها عمل استخباراتي مغلف بالعمل الصحفي، يترأسها أبو بكر خلاف الذي زار إسرائيل عام 2019، وهو المسؤول التنظيمي عن صناعة وتأهيل الجيل الجديد من شباب الإخوان، وفق تقرير نشرته (حفريات) في وقت سابق.

أبرز هذه المنظمات أيضاً جمعية الحكمة التي ترأسها القيادي الإخواني عبد العزيز إبراهيم، ومقرها في إسطنبول، وهي ذراع الإخوان الأولى للتجنيد، وتركز آليّة عملها بشكل عام على جذب أبناء الجاليات المسلمة واللاجئين داخل تركيا، وتقدم لهم برامج اجتماعية وسياسية بغرض تأهيلهم للانتماء لتنظيم الإخوان، وتعمل داخل أوروبا تحت غطاء (اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا).

ويُعدّ اتحاد المنظمات الإسلامية واحداً من أهم المنظمات التابعة للإخوان، كونه المسؤول عن تمرير التمويلات من عناصر التنظيم داخل أوروبا وتركيا إلى عناصره في الشرق الأوسط، ويضم في عضويته نحو (360) منظمة، وينشط في خلق إطار فكري للإخوان داخل المجتمعات الأوروبية ونشر أفكار التنظيم وتجنيد الأعضاء الجدد.

ويضم الاتحاد عدداً من المؤسسات المصرية، مثل مؤسسة (مصر 25) لرعاية طلاب العلم، واتحاد الجمعيات المصرية في تركيا، واللجنة الإسلامية للمرأة والطفل، و(بيت الحكمة) للاستثمارات والنزاعات، وجمعية (المواساة) للأعمال الخيرية، وجمعية (أيادي الخير).

ومن بين المؤسسات الإخوانية النشطة داخل تركيا اتحاد الجمعيات المصرية، الذي تأسس في عام 2018 تحت قيادة الإخواني مدحت الحداد، ويتولى مسؤولية توزيع الأموال على عدد من المؤسسات التابعة للتنظيم، وأيضاً إرسال مبالغ شهرية إلى عناصر التنظيم داخل مصر وخارجها، فضلاً عن مؤسسة (النسيج الاجتماعي) التي أسسها الداعية التركي نور الدين يلديز مفتي تركيا السابق، والتي تمتلك معسكرات تدريب واسعة يتلقى خلالها عناصر التنظيم تدريبات عسكرية، ويتم تأهليهم وفق برامج فكرية ومنهجية لتقبل فكر التنظيم.

 

تتصدر شبكة محرري الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومقرها إسطنبول، مقدمة الكيانات الإخوانية النشطة للغاية داخل إسطنبول، وهي المسؤولة عن تأهيل الجيل الجديد من قيادات الإخوان، وتقديم برامج تدريبية، جزء منها عمل استخباراتي مغلف بالعمل الصحفي

 

ورغم الإجراءات التركية الصارمة ضد عناصر الإخوان المتواجدين على أراضيها منذ آذار (مارس) 2022، إلا أنّ تلك الإجراءات لم تتناول من قريب أو بعيد نشاط تلك المؤسسات أو المراكز الفكرية، بالعكس من ذلك تعمل بحرية كبيرة داخل الأراضي التركية وتقيم العديد من الفاعليات واللقاءات، وتشير التقديرات إلى عدم رغبة تركيا في التخلي عن سياستها الداعمة لتلك المؤسسات في القريب العاجل، وتتجه إلى دعم أكبر مستقبلاً. 

وكانت دراسة لـ (المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات) قد تناولت واقع التنظيم في تركيا وأهم قياداته وأبرز المنظمات التابعة له، وذكرت أنّه "بالرغم من سعي تركيا الجاد نحو بناء تفاهمات مع القاهرة من شأنها توسيع العلاقات وتحقيق تعاون مشترك على مستوى الملفات الإقليمية والتعاون الاقتصادي، إلا أنّها في الوقت ذاته تتمسك بدعم جزئي للإخوان وبشكل غير معلن، والهدف هو الحفاظ على ورقة الإسلام السياسي".

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية