هل تساعد تركيا بإعادة إحياء داعش في شمال سوريا؟

هل تساعد تركيا بإعادة إحياء داعش في شمال سوريا؟

هل تساعد تركيا بإعادة إحياء داعش في شمال سوريا؟


07/12/2022

ما تزال التحذيرات الدولية مستمرة خشية أن يؤدي الهجوم التركي على شمال سوريا في منح قبلة الحياة لتنظيم داعش الإرهابي، بإفساح المجال أمامه لإعادة التمحور داخل مساحته الجغرافية التقليدية في سوريا والعراق، بعد أعوام من الحصار الأمني والمطاردة العسكرية.

وتثير الأهداف التركية من العملية العسكرية التي أُعلن عنها قبل نحو أسبوع ريبة لدى المجتمع الدولي، ففي حين قالت الولايات المتحدة إنّ من حق أنقرة الدفاع عن نفسها، في حال إذا كانت تواجه خطراً حقيقياً، أكدت في الوقت ذاته على مخاوفها من أن يتسبب الهجوم في منح فرصة لإعادة إحياء تنظيم داعش باستهداف قوات سوريا الديمقراطية التي تُعدّ خط الدفاع الأول ضد التنظيم، إلى جانب قوات التحالف الدولي.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي يوم الجمعة الماضي: إنّ القصف التركي للمناطق التي يسيطر عليها الأكراد في شمال شرق سوريا مستمر.

وأضاف كيربي: "ما لا نريد رؤيته هو عمليات في سوريا يمكن أن تتسبب في وقوع إصابات بين المدنيين مرة أخرى، ويمكن أن تتسبب في وقوع إصابات بين أفرادنا، ويمكن أن تصرف انتباه شركائنا في قوات سوريا الديمقراطية عن مهمة حقيقية ومهمة للغاية قائمة ضد تنظيم داعش".

جون كيربي: القصف التركي للمناطق التي يسيطر عليها الأكراد في شمال شرق سوريا مستمر

وشدد على أنّ واشنطن "لا تريد أن ترى أيّ شيء من شأنه أن يؤثر على قدرتنا على مواصلة الضغط" على التنظيم المتطرف، بحسب ما نقلته شبكة "سكاي نيوز".

وأشار إلى أنّ "المستوى الاستراتيجي" للتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية ليس مهدداً، لكنّ القصف التركي ضد قوات سوريا الديمقراطية يعني أنّ القوات الكردية ستكون "أقل استعداداً لمواصلة المساهمة في مواجهة تنظيم داعش بمعدل يومي"، على حدّ قوله.

إحياء داعش

وكان مظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية قد حذّر من "تداعيات مدمرة" جراء أيّ عملية عسكرية برية تركية في المناطق الكردية شمال سوريا، قائلاً: إنّ الغزو التركي سيعيد إحياء تنظيم داعش.

وأضاف في مقابلة مع "الشرق" أنّه على الرغم من إعلان الولايات المتحدة وروسيا معارضتهما إقدام تركيا على غزو شمال سوريا، إلا أنّه "لا توجد ضمانات تمنع ذلك".

تحذيرات من فرار عناصر داعش من السجون

من جانبها، حذّرت باريس من احتمالات فرار عناصر التنظيم الإرهابي من السجون إثر الضربات التركية، وأعربت لأنقرة عن قلقها البالغ إزاء العملية العسكرية في سوريا، بحسب بيان صادر عن وزارة الدفاع الفرنسية الأربعاء الماضي.

المتحدث باسم منظمة حقوق الإنسان في عفرين لـ"حفريات": لطالما موّلت أنقرة التنظيمات الإرهابية المتواجدة في سوريا، وفي القلب منها تنظيم داعش، وذلك بغرض تنفيذ أجندات وأهداف كانت تبتغيها أنقرة

وفي السياق، قال وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لوكورنو في اتصال هاتفي مع نظيره التركي خلوصي أكار الثلاثاء: إنّ هذه الضربات "تؤدي إلى تصعيد التوترات التي تهدد استقرار المنطقة والتقدم الذي أحرزه التحالف الدولي على مدى عدة أعوام في مكافحة داعش" بقيادة الولايات المتحدة ودول أخرى، وفق وكالة "فرانس برس".

محاربة الإرهاب... ذريعة تركية لاستهداف السوريين

يقول الحقوقي السوري إبراهيم شيخو، المتحدث الرسمي لمنظمة حقوق الإنسان في عفرين لـ"حفريات": إنّ التهديدات التركية لشمال وشرق سوريا تحت ذريعة محاربة التنظيمات الإرهابية كما تدّعي ممثلة في "حزب العمال الكردستاني وقسد والوحدات الكردية" لحماية أمنها القومي، هي ذريعة وحجة بتدخلها في الشمال السوري لمحاربة الوجود الكردي، وهم من السكان الأصليين في المنطقة منذ القدم.

 ويشير شيخو إلى أنّ تركيا دائماً تتحجج بمحاربة الإرهاب وإنشاء منطقة آمنة في الشمال السوري تحت مسمّى العودة الطوعية للسوريين المتواجدين على أراضيها، وكلها مزاعم ليس له أيّ وجه من الحقيقة.

ويشير شيخو إلى أنّ تركيا تعلم كل العلم أنّ المتواجدين في الشمال السوري هم السكان الأصليون للدولة، وليسوا تنظيمات إرهابية كما تدّعي، بل هم من حاربوا تنظيم داعش الإرهابي، ونجحوا في إحباط هجماته وصد عملياته في مختلف المناطق.

ويتابع: "اليوم عندما تحارب تركيا هؤلاء الذين يحاربون تنظيم داعش، وتستهدف إضعافهم وإنهاكهم، فهذه التحركات تصبّ في مصلحة داعش بالمقام الأول، ولا يمكن فهم الأهداف التركية بعيداً عن هذا الاعتبار".  

هل عادت تركيا إلى توظيف داعش مجدداً؟

بحسب شيخو، لطالما موّلت أنقرة التنظيمات الإرهابية المتواجدة في سوريا، وفي القلب منها تنظيم داعش الإرهابي، وذلك بغرض تنفيذ أجندات وأهداف كانت تبتغيها أنقرة خلال الأعوام الماضية، وربما عاد العدوان التركي الأخير ليفسح المجال أمام التعاون مجدداً بين تركيا وداعش.

ويقول شيخو: إنّ تركيا ليست قادرة على استغلال موارد منطقة الشمال السوري بشكل كامل لصالحها مع استمرار سيطرة القوات المحلية (قوات سوريا الديمقراطية) عليها، لذلك تسعى بشكل مكثف من أجل استعادة نفوذها في تلك المناطق بالعودة إلى توظيف التنظيمات الإرهابية لخدمتها مجدداً.

شيخو: التهديدات التركية لشمال وشرق سوريا تحت ذريعة محاربة التنظيمات الإرهابية كما تدّعي ممثلة في "حزب العمال الكردستاني وقسد والوحدات الكردية" لحماية أمنها القومي، هي ذريعة لتدخلها في الشمال السوري لمحاربة الوجود الكردي

ويرى شيخو أنّ أنقرة تختلق الحجج والذرائع من أجل تمرير سيطرة التنظيمات الإرهابية التابعة لها على المناطق المختلفة في سوريا، مشيراً إلى الدعم الذي قدّمته أنقرة سابقاً لهيئة تحرير الشام من أجل مساعدتها في السيطرة على منطقة عفرين، رغم أنّ التنظيم مدرج على قوائم الإرهاب العالمية.

ارتباط مصالح

يرى شيخو أنّ تركيا ستظل متمسكة خلال الفترة المقبلة بورقة الإسلام السياسي ودعم التنظيمات الإرهابية من أجل الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية، وربما تزيد من دعمها هذا خلال الفترة المقبلة، بالتزامن مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في عام 2023.

وينوّه إلى أنّ مخيم الهول الذي يحوي نحو (17) ألف من عوائل تنظيم داعش، إضافة إلى سجن الحسكة الذي يضمّ المئات وربما الآلاف من عناصر التنظيم، يمثل قنبلة موقوتة إذا ما تمكنت تركيا من السيطرة على تلك المناطق، لأنّها ستسمح لهم بالفرار وإعادة التمحور مجدداً على حدّ اعتقاده.     



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية