هل تقود لجنة (6+6) ليبيا إلى الانتخابات أم تقوضها؟

هل تقود لجنة (6+6) ليبيا إلى الانتخابات أم تقوضها؟

هل تقود لجنة (6+6) ليبيا إلى الانتخابات أم تقوضها؟


16/05/2023

على غرار لجنة (5+5) العسكرية، المشكلة من أعضاء من الفرقاء العسكريين في ليبيا، تشكلت لجنة (6+6) من الفرقاء المنوط بهم إعداد القوانين الانتخابية؛ مجلسي النواب والأعلى للدولة. هدف هذه اللجنة هو الاتفاق على القوانين الانتخابية، للخروج بقاعدة دستورية يُصدرها مجلس النواب بصفته الجهة التشريعية، لتُجرى على أساسها العملية الانتخابية العامة، التي من المفترض أنّ تشمل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

وتستند اللجنة في عملها إلى التوافق السابق بين المجلسين، والذي تكلل بإصدار التعديل الدستوري رقم (13) حول النظام السياسي في البلاد والانتخابات العامة. ورغم عقد اللجنة عدة جلسات بعد تشكيلها، إلا أنّ الشكوك تحيط في قدرتها على تجاوز الخلافات القديمة المتجددة بين رئيسي المجلسين حول شروط الترشح والانتخاب.

رهان التوافق

كان من المفترض عقد الانتخابات العامة في ليبيا في موعد 24 كانون الأول (ديسمبر) 2021، وفق مخرجات الحوار السياسي الليبي في جنيف، الذي أنتج السلطة التنفيذية في طرابلس بجسميها؛ المجلس الرئاسي برئاسة محمد المنفي، والسلطة التنفيذية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والتي انتهت ولايتها بسحب مجلس النواب الثقة منها، وبانتهاء آجالها.

وتسعى البعثة الأممية بدعم من الولايات المتحدة ودول أوروبية وإقليمية إلى عقد الانتخابات العامة بحلول نهاية العام 2023 الجاري. وطالب المبعوث الأممي مجلسي النواب والدولة بإنجاز القوانين الانتخابية وتسليمها إلى المفوضية العليا للانتخابات، لتشرع في الإعداد لعملية الاقتراع، في شهر حزيران (يونيو) المقبل. لكن وفق مسار عمل لجنة (6+6) فمن غير الممكن إنجاز ذلك الهدف مطلع الشهر المقبل.

جانب من اجتماع للجنة 6+6

وخلال إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي، في نيسان (أبريل) الماضي، ذكر المبعوث الأممي عبد الله باتيلي، أنّ البعثة عرضت تقديم الخبرة الفنية إلى لجنة (6+6).

وقال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس البعثة الأممية في ليبيا، في إحاطته "أحثُ قيادتي المجلسين على تسريع عمل لجنة (6+6) ونشر برنامج عمل اللجنة المحدد بإطار زمني، حيث إنه في سبيل تنظيم الانتخابات هذا العام، يجب إنجاز القوانين الانتخابية في الوقت المناسب كي تبدأ المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في تنفيذ العملية الانتخابية بحلول أوائل تموز/ يوليو."

سياسيون يأملون أن تعالج لجنة (6+6) القضايا الخلافات، لاسيما أنّ تشكيل اللجنة جاء استجابةً للضغوط الدولية، ولهذا فمن المحتمل أن تنجز اللجنة عملها

من جانبه، يعلق المحلل السياسي الليبي، هيثم الورفلي بأنّ المبعوث الأممي بكل تأكيد لديه خريطة جاهزة، والتي عرضها على مجلس الأمن وهي تكليف أو اختيار ما سماها لجنة رفيعة المستوى كمسار بديل للوصول إلى الانتخابات يتجاوز المجلسين، ولكن بعد اتفاق المجلسين على التعديل الدستوري الثالث عشر كان عليه أن يؤخر خطته.

وأضاف الورفلي لـ"حفريات" بأنّ باتيلي منح الفرصة الأخيرة للمجلسين عن طريق لجنة (6+6) للخروج بقوانين انتخابية قبل انتهاء شهر يونيو هذه السنة، وفي حال فشلهما سوف يتجاوز المجلسين ويعين اللجنة رفيعة المستوى التي تحدث عنها".

الدفع نحو الانتخابات

وبحسب الاتفاق السياسي الليبي لعام 2015 (اتفاق الصخيرات)، في المواد (12 - 13)، يعتبر مجلس النواب هو الجهة التشريعية الوحيدة في المرحلة الانتقالية. وتنصّ المادة (22) على أنّ عمل مجلس الدولة ينتهي بعمل مجلس النواب، ما يعني أنّ المجلسين لهما شرعية البقاء في الفترة الانتقالية. كما أنّ مواد أخرى في الاتفاق نصتّ على مسؤوليتهما المشتركة في التوافق على قوانين الانتخابات، فضلاً عن أنّ تشريع أية قوانين عبر جهة غير مجلس النواب ستكون باطلة وفق الإعلان الدستوري الليبي، الذي يستند عليه الاتفاق السياسي.

لهذا لم يمض المبعوث الأممي عبد الله باتيلي في خطته الرامية إلى إنتاج مسار مواز لإعداد القوانين الانتخابية، على الرغم من هجومه الحاد على رئيسي المجلسين؛ النواب عقيلة صالح، والأعلى للدولة خالد المشري، إلى حد وصفهما بفاقدي الشرعية. وبدلاً من مسار التصادم اختار باتيلي تقديم الدعم إلى اللجنة المشتركة، مع توظيف الضغوط الأممية والدولية على المجلسين لإنجاز القاعدة الدستورية.

بدوره يرى رئيس مكتب الاستشارات السياسية بالحزب الاتحادي الوطني سعد الدينالي، بأنّ القضية لو تركت بيد المجلسين لن تصل إلى حل، ولولا الضغوطات الدولية والمبعوث الأممي لما تحرك المجلسان نحو التوافق عبر اللجنة المشتركة.

وتوقع السياسي الليبي في حديثه لـ"حفريات" أنّ تظهر عقبات جديدة أمام التوافق على القاعدة الدستورية، لكن لن تكون بنفس صعوبة العقبات السابقة، ومنها طرح فكرة تقديم الانتخابات النيابية على الرئاسية.

سعد الدينالي: لولا الضغوطات لما تحرك المجلسان

وتضمن التعديل الدستوري رقم (13) تحديد النظام السياسي للبلاد، وتحديد صلاحيات السلطة التشريعية والتنفيذية. وتتكون التشريعية من مجلسين؛ النواب، والشيوخ، ويعرفان باسم (مجلس الأمة)، وتتكون التنفيذية من رئيس الجمهورية الذي يكلف رئيس الوزراء، فضلاً عن بنود أخرى تضمنها التعديل. وبحسب التعديل شكل مجلسا النواب والدولة لجنة (6+6) المشتركة لوضع خريطة طريق للانتخابات، والتوافق على قوانين الاستفتاء والانتخابات (الوثيقة الدستورية)، على أنّ تُجرى الانتخابات بالتزامن، وإلا اعتبرت كأن لم تكن.

المحلل السياسي الليبي هيثم الورفلي لـ"حفريات": لا يستطيع خالد المشري السماح بترشح العسكريين رفضاً لمنح قائد الجيش خليفة حفتر فرصة المنافسة على رئاسة البلاد

وأخفقت مساعي رئيسي المجلسين؛ عقيلة صالح وخالد المشري، في وضع خريطة طريق شاملة تقود إلى الانتخابات، على أنّ تتضمن تكوين سلطة تنفيذية جديدة مصغرة العدد، والاتفاق على شاغلي المناصب السيادية المتبقين، أمام رفض البعثة الأممية والقوى الدولية الفاعلة والسلطة التنفيذية في طرابلس ذلك المسعى.

القضايا الخلافية

وحول القضايا الخلافية، أشار الورفلي إلى أنّ أهمها المتعلقة بالانتخابات الرئاسية وشروط ترشح الرئيس، ومن بينها مزدوجي الجنسية وترشح العسكريين. ولفت إلى أنّ هذه النقاط تم التحاور عليها أكثر من مرة في السابق على مستوى رئاسة المجلسين، دون التوصل إلى اتفاق. وبرر المحلل السياسي ذلك الجمود بأنّ عقيلة صالح وخالد المشري يمثلان قوى سياسية لها مواقف مختلفة جداً؛ لا يستطيع المشري السماح بترشح العسكريين، رفضاً لمنح قائد الجيش خليفة حفتر فرصة المنافسة على رئاسة البلاد.

وأفاد المحلل الليبي، بأنّ عقيلة صالح في المأزق نفسه، ولا يستطيع القبول بشروط تُقصي العسكريين من الترشح. ومثل جميع الليبيين يأمل الورفلي أنّ يتغلب التوافق وفق شروط مرضية للجميع، استفادةً بالسياق العام المحلي والخارجي المؤيد للانتخابات.

إلى جانب ما سبق، تعتبر قضية مزدوجي الجنسية من النقاط الخلافية بين الطرفين، حيث يرفض المشري ترشح مزدوجي الجنسية، بينما طرح عقيلة صالح ترضية تتعلق بالتنازل عن الجنسية بعد الفوز. وفي ذلك السياق يقول الورفلي، بأنّ أغلبية الشعب الليبي لا تنوي أنّ يكون رئيسها حاملاً لجنسية أخرى، وكذلك كيف لشخص لديه جنسية غير الليبية أنّ يسعى لحكم البلاد، وهو لا يريد التنازل عن الجنسية الثانية.

هيثم الورفلي: لعقيلة صالح وخالد المشري مواقف مختلفة جداً

والجدير بالذكر أنّ أهم القضايا الخلافية؛ ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية تنطبقان على قائد الجيش الوطني خليفة حفتر، الذي يحمل الجنسية الأمريكية.

من جانبه، يأمل السياسي الليبي، سعد الدينالي، أن تعالج لجنة (6+6) القضايا الخلافات. وذكر أنّ تشكيل اللجنة جاء استجابةً للضغوط الدولية، ولهذا فمن المحتمل أن تنجز اللجنة عملها في ظل بقاء تلك الضغوط.

وفي سياق أوسع، شهدت علاقة الفرقاء العسكريين المزيد من التحسن، بعد عدة زيارات متبادلة بين قادة أركان الجيش الوطني - القيادة العامة في بنغازي، والجيش في طرابلس، كما عقد الجيش الوطني لقاءات مع عدد من قادة المجموعات العسكرية في المنطقة الغربية، للاتفاق على تأمين العملية الانتخابية والقبول بنتائجها.

 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية