هل هناك دور مركزي للقيادة التركية فيما بعد الحرب بغزة؟

هل هناك دور مركزي للقيادة التركية فيما بعد الحرب بغزة؟

هل هناك دور مركزي للقيادة التركية فيما بعد الحرب بغزة؟


07/05/2024

ربما لا نبالغ بالقول إن الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس بعد عملية طوفان الأقصى، في السابع من أكتوبر الماضي، شكلت اختبارا لكثير من الحكومات والقيادات العربية والإسلامية، ومن بينها القيادة التركية، لا سيما وأنها تجري في سياق تحولات عميقة في الداخل التركي ومستقبل حزب العدالة وشعبيته، بعد الانفتاح والاستدارات التركية بقيادة الرئيس أردوغان، بما فيها تصفير الخلافات مع دول الاعتدال العربي " السعودية ، الامارات ومصر" ومع إسرائيل، عبر توسيع مستويات وحجم العلاقات السياسية والاقتصادية بين انقرة وتل ابيب، فيما شهدت ملفات الخلاف مع الغرب والدول الأوروبية تبريدا ، وبالتزامن فقد انهت القيادة التركية علاقاتها الوثيقة مع جماعات الإسلام السياسي، وفي مقدمتها جماعة الاخوان المسلمين بالإضافة لحركة حماس، عبر اغلاق استثمارات للإخوان وحماس وسحب الجنسيات، بالإضافة لاغلاق المقرات والمنصات الإعلامية، علما بان الدعم التركي للاسلام السياسي كان احد العناوين الرئيسة للخلافات بين انقرة ودول الاعتدال العربي.

بهذه السياقات وجدت القيادة التركية نفسها امام امتحان عسير، فهي لا تستطيع رفع مستويات التصعيد مع إسرائيل بما يؤدي الى الوصول لمرحلة قطع العلاقات بين البلدين، ولا تستطيع في الوقت نفسه الخروج من "رمزية" كون القيادة التركية قائدة للعالم الإسلامي السني، وهو العنوان الذي غادره الرئيس أروغان والمعروف ب" العثمانية الجديدة" وتفسر هذه السياقات الموقف التركي من الحرب التي تلت طوفان الأقصى، وجوهرها خطاب اعلامي اقل عنفا مما كان عليه سابقا تجاه إسرائيل وما وصفته بجرائمها البشعة ضد الفلسطينيين عبر استنكار ورفض الابادات الوحشية والجماعية لسكان غزة، مع الاقتراب كثيرا من الموقف الأمريكي والعربي الذي يركز على ربط الوحشية الإسرائيلية بشخص رئيس الحكومة الإسرائيلية "نتنياهو" واليمين الديني المتطرف المتحالف معه وهي مقاربة أصبحت ثابتة بالموقف التركي، ورغم ذلك، فقد تردد وعلى نطاق واسع ان تركيا من اكثر الدول في الإقليم التي زادت من حجم صادراتها العسكرية ومن المواد الغذائية لإسرائيل، وهو ما دفع القيادة التركية بعد مرور اكثر من خمسة اشهر على الحرب لاعلان وقف تصدير العديد من السلع والمواد لإسرائيل.

الموقف التركي الجديد بكل تفاصيله يشكل محطة جديدة للتحولات التركية التي يتم بناؤها على أسس براغماتية، تعرف بها القيادة التركية، وهو موقف يراعي حسابات داخلية وأخرى خارجية للقيادة التركية، وبمرجعية "المصالح التركية العليا" وتحديدا المصالح الاقتصادية، في ظل أزمات اقتصادية مركبة تتفاقم يوما بعد يوم، فالقيادة التركية تحاول المحافظة على القاعدة الشعبية المحافظة والمؤيدة للإسلام في حزب العدالة والتنمية  والاحتفاظ بصورة الرئيس أروغان كونه زعيما للعالم الإسلامي ويقود دولة ذات وزن إقليمي ودولي يعتد به، كما ان القيادة التركية لا تستطيع تجاوز انتقادات الجماعات السياسية القومية المحافظة، بعد وصف المعارضة التركية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بأنه "إرهابي"، وبالتزامن فمن الواضح ان القيادة التركية وازنت بين مصالحها مع دول الاعتدال العربي والمكاسب التي حققتها بعد المصالحات، فيما كان اتخاذها مواقف تصعيدية سيرتب عليها عواقب لا تحتملها تركيا اليوم من قبل أمريكا والدول الأوروبية.

ورغم محاولات تركيا الالتزام بمقاربة الإمساك بالعصا من منتصفها، حيث بنت استراتيجيتها تجاه الحرب بين حماس وإسرائيل على أساس " ادانة جرائم الإبادة التي تمارسها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، والمطالبة بوقف اطلاق النار وانهاء الحرب، وإقامة الدولة الفلسطينية" الا انه كان لافتا ان تطرح القيادة التركية استعداها  لارسال قوات تركية الى غزة في ملف ما بعد الحرب، وبوقت مبكر بعيد انطلاق الحرب، في وقت كانت فيه الدول العربية والإسلامية ترفض مقاربات ارسال قوات عربية او إسلامية وحتى اممية الى قطاع غزة، كما كان لافتا الإعلان التركي بعد زيارة وزير الخارجية التركية مؤخرا للدوحة ان حماس تقبل بدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران، وتفكيك جناحها العسكري، وهو ما أكده احد قياديي حماس لاحقا "خليل الحية"، وبالمقابل فقد اكدت قيادة حماس ولاكثر من مرة حول قبولها بصفقة لوقف الحرب، على ان تكون تركيا الى جانب دول أخرى من بين الدول الضامنة لاي اتفاق.

مؤكد ان تطورات الحرب تظهر اتجاهات جديدة لدى حماس تحاول التكيف معها بالبقاء في السلطة، في ظل اجماع كل مبادرات ومشاريع الحلول المستقبلية على استبعاد حماس عن حكم غزة وانهاء وجودها المسلح في غزة، وهو ما تحاول حماس مقاومته بكل السب، ويبدو ان قضية مغادرة قيادة حماس للدوحة جعلت انقرة المرشح الأول للإقامة الجديدة ولكن بصورة ومضمون مختلف عن الإقامة السابقة، فتركيا اليوم يرجح ان تقود تفكيك حماس وتحويلها الى حزب سياسي "اسلاموي" بتنسيق وترتيب مع أمريكا وإسرائيل، ومن المرج ان لا يستفز هذا الدول الكثير من الدول العربية، فاردوغان اليوم، ليس أروغان الامس، فلم يعد السلطان العثماني، بل رئيس الجمهورية العلماني. 
 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية