هل يهدد العدوان الإسرائيلي على غزة الأمن البحري في الخليج العربي؟

هل يهدد العدوان الإسرائيلي على غزة الأمن البحري في الخليج العربي؟

هل يهدد العدوان الإسرائيلي على غزة الأمن البحري في الخليج العربي؟


29/10/2023

أعاد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي والبحر الأحمر إلى الواجهة من جديد، ممّا يعني أنّ الاهتمام الدولي، وفي مقدمته الاهتمام الأمريكي، سينصبّ على هذه المنطقة خلال الأشهر المقبلة، لا سيّما أنّ المنطقة تمثل نقطة محورية في الخارطة السياسية الدولية، كونها ممراً مائياً بالغ الأهمية بالنسبة إلى حركة التجارة العالمية، لذا تسعى الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون للحفاظ على تواجدهما في هذه المنطقة، في ظل التطورات السياسية المتسارعة بين الغرب وروسيا من جانب، واستمرار حالة التوتر القائمة بين طهران وواشنطن من جانب آخر.

وفي دراسة للمركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب والاستخبارات، فإنّ الدول الغربية، لا سيّما ‏ الأوروبية، أجمعت على أنّ الأمن البحري في الخليج يمثل مصلحة استراتيجية لأوروبا والعالم، خاصة لمواجهة ممارسات الحرس الثوري الإيراني في المنطقة، والتي كان ‏آخرها في 3 أيار (مايو) 2023، عندما احتُجزت ناقلة نفط ترفع علم بنما في مضيق (هرمز) الاستراتيجي.

وأضاف المركز أنّه مع كل ‏نزاع دولي أو حرب، تتجه الأنظار نحو الملاحة البحرية في الخليج العربي والبحر الأحمر والممرات البحرية الأخرى، ومنها باب المندب.‎

ويمتدّ الخليج العربي من شط العرب شمالاً حتى خليج عُمان جنوباً، بطول (965) كيلومتراً، وتبلغ مساحته ما يزيد عن (200) ألف كم ‏مربع، ويتراوح عرضه بين (370) كم في بعض المواضع، إلى (55) كم عند مضيق هرمز. ويقع على الخليج العربي (8) دول؛ وهي: ‏سلطنة عُمان، ودولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، والكويت، والعراق، وقطر، وإيران، ومملكة البحرين، ويتصل ‏مباشرة ببحر العرب الذي يتصل بالمحيط الهندي.‎

لم يتوقف التوتر في منطقة الخليج على حقول أو ناقلات النفط، فقد تصدّر الملف النووي الواجهة

ويضم الخليج العربي (2) من أهم الممرات البحرية في العالم، وهما مضيق (هرمز)، الذي يمر من خلاله ما يقرب من سدس إنتاج ‏النفط العالمي وثلث الغاز الطبيعي المسال في العالم سنوياً، بالإضافة إلى مضيق (باب المندب)، الذي يمر عبره ما يقرب من (17) ألف ‏سفينة تجارية سنوياً.

الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون يسعون للحفاظ على تواجدهما في منطقة الخليج العربي في حالة التوتر القائمة بين طهران وواشنطن

وأشار المركز إلى أنّ منطقة الخليج العربي تكتسب أهميتها من كونها مصدراً للطاقة، وتملك أكبر مخزون من احتياطي النفط والغاز، ممّا يجعل مستقبل ‏إمدادات الطاقة مرهوناً بضمان أمنها واستقرارها، ويعطيها أهمية جيوسياسية للكثير من القوى الكبرى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة ‏الأمريكية، وهذا ما يفسر على الأرجح ارتباطها بالحروب والتقلبات السياسية.‎

وتطرق المركز في دراسته إلى التوتر في الخليج العربي؛ بسبب حقل (الدرة) الذي يحمل أهمية استراتيجية كبيرة، ليس على المستوى الاقتصادي فحسب، بل على المستوى السياسي أيضاً، فقد تصاعد التوتر في الخليج العربي في 6 تموز (يوليو) 2023 بعدما هددت ‏طهران بمواصلة عمليات التنقيب عن الغاز في حقل (الدرة)، وتجددت التوترات بين الكويت وإيران بشأن أحقية التنقيب فيه، ما لم يتم ‏ترسيم الحدود البحرية في المنطقة التي يقع فيها، ودخلت السعودية على خط النزاع المتعلق بتقاسم حقل (الدرة) للغاز الذي يقدّر احتياطي ‏الغاز القابل للاستخراج منه بنحو (200) مليار متر مكعب. وأكدت المملكة أنّها والكويت فقط ‏تملكان حق استغلال الثروات الطبيعية في حقل (الدرة).

القوة البحرية المحتملة لمواجهة القرصنة الإيرانية في مياه الخليج

ولم يتوقف التوتر في منطقة الخليج على حقول أو ناقلات النفط، فقد تصدّر الملف النووي الواجهة.

وأكدت الدراسة أنّ التوتر تصاعد في 21 حزيران (يونيو) 2022 بين إيران من جهة والولايات المتحدة وإسرائيل من جهة أخرى، على خلفية قرار غربي يدين ‏طهران في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وكذلك لاستهداف إيران لسفينتين عسكريتين أمريكيتين في مياه الخليج. حيث اقتربت (3) ‏زوارق إيرانية من السفينتين بصورة مباشرة، ممّا أدى إلى إصدار إشارة تحذير للزوارق الإيرانية.‎

الدول الغربية، لا سيّما ‏الدول الأوروبية، أجمعت على أنّ الأمن البحري في الخليج يمثل مصلحة استراتيجية لأوروبا والعالم

وقادت الولايات المتحدة تحالفاً عسكرياً تتمثل مهمته حماية الملاحة في منطقة الخليج من اعتداءات تعرّضت لها سفن، واتُّهمت إيران ‏بالوقوف خلفها. ويضم (9) دول إلى جانب الولايات المتحدة؛ هي: السعودية والإمارات والبحرين وبريطانيا وأستراليا وألبانيا وليتوانيا ورومانيا. وقد رفض الأوروبيون بشكل خاص الانضمام للتحالف أملاً في الحفاظ على الاتفاق ‏حول البرنامج النووي الإيراني الذي انسحب منه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العام 2018‏.‎

ويمثل أيّ اتفاق نووي بين إيران والدول الكبرى نقطة تحوّل في العلاقات بين طهران وجيرانها، خصوصاً في منطقة الخليج العربي، ‏الذين سيتأثرون سلباً أو إيجاباً بوضعية طهران، في ظل رفع العقوبات وتدفق مئات مليارات الدولارات من عوائد النفط، ومن المرجح أن ‏تكون هناك فرص تجارية واقتصادية واعدة بين عدة دول خليجية وإيران.

هل تسعى أمريكا للسيطرة على مسالك الملاحة البحرية ‏الاستراتيجية؟

عززت الولايات المتحدة الأمريكية وجودها العسكري في مياه الخليج في مواجهة تهديدات إيران المتزايدة للسفن وناقلات النفط، وعبر ‏أخيراً (3) آلاف جندي أمريكي مياه البحر الأحمر باتجاه القواعد الأمريكية في الخليج، في وقت حذّرت فيه القوات الدولية المشتركة ‏التي تقودها الولايات المتحدة السفن التجارية والناقلات من الاقتراب من المياه الإيرانية.

يمثل أيّ اتفاق نووي بين إيران والدول الكبرى نقطة تحوّل في العلاقات بين طهران وجيرانها

وبالعودة إلى العدوان الإسرائيلي، فإنّ الهجمات التي تتعرض لها السفن الأمريكية في منطقة الخليج، والتي كان آخرها في 19 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري عندما اسُتهدفت سفينة حربية أمريكية كانت تبحر قرب اليمن بعدة قذائف صاروخية، وفق وكالة (رويترز)، تعكس التحديات التي يمكن أن تتعرض لها الولايات المتحدة بسبب دعمها لدولة الاحتلال الإسرائيلي، هذا إلى جانب الهجمات الصاروخية التي تتعرض لها قواعدها في سوريا والعراق.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية