احتجاجات واسعة في جنوب العراق... السوداني محرج والإطار التنسيقي يتهم أمريكا... ماذا يجري؟

احتجاجات واسعة في جنوب العراق... السوداني محرج... والإطار التنسيقي يتهم أمريكا... ماذا يجري؟

احتجاجات واسعة في جنوب العراق... السوداني محرج والإطار التنسيقي يتهم أمريكا... ماذا يجري؟


11/07/2023

دخلت حكومة محمد شياع السوداني في أولى اختباراتها الخدمية، حيث تحتج (6) مدن عراقية في وسط وجنوب البلاد على تردي الطاقة الكهربائية، وزيادة انقطاع ساعات التجهيز إلى (18) ساعة في اليوم الواحد. وعلى الرغم من الوعود التي أطلقتها الحكومة الجديدة بأنّ الصيف الحالي سيكون مختلفاً عن المواسم السابقة، إلا أنّ دخول شهر تموز (يونيو) وضع الحكومة في دائرة الحرج الشعبي.

وللتخفيف من غضب الشارع المحلي، وجّه السوداني أفراد طاقم حكومته ببحث بدائل سريعة لمواجهة أزمة التيار الكهربائي، عبر الاعتماد على المولدات الأهلية وتعزيزها بالوقود المجاني، من أجل تعزيز المدن التي تعاني من عدم التجهيز لساعات طويلة.

ويُعزى التردي الأخير للطاقة الكهربائية في العراق إلى قطع إيران لإمدادات الغاز المُصدّر إلى العراق، نتيجة عدم تسديد السلطات العراقية الاستحقاقات المالية، التي ترفض واشنطن أن يجري تسليمها لطهران بالدولار، وهو ما يضع بغداد ضحيةً للصراع الدائر بين أمريكا وإيران.

وأنفق العراق، منذ تغيير النظام السابق في نيسان (أبريل) 2003 ولغاية الآن، (81) مليار دولار على القطاع الكهربائي من أجل تحسينه، إلا أنّ الفساد المهيمن بمفاصل الدولة يقف عقبة قوية أمام توفير الطاقة وسائر المستلزمات الخدمية الأخرى.

بداية الأزمة

وخلال الأشهر السابقة وصلت ساعات التجهيز الكهربائي إلى (20) ساعة في اليوم الواحد، وهو ما جعل العراقيين يستبشرون خيراً في وعود الحكومة التي أكدت أنّ الصيف الحالي سيكون مختلفاً عن المواسم السابقة، إلا أنّ دخول العراق في موسم الذروة الصيفية، وضع الوعد الحكومي أمام المحك والاختبار الحقيقيين.

وتدافع وزارة الكهرباء العراقية عن نفسها، وتؤكد أنّ عملها على أتم وجه، لكنّ انخفاض الغاز المستورد من إيران هو السبب وراء تراجع ساعات التجهيز اليومي.

رئيس الحكومة محمد شياع السوداني يحاول أن يعبر الأزمة الاحتجاجية بسلسلة قرارات عاجلة

ويقول الناطق باسم وزارة الكهرباء أحمد موسى: إنّ "ملاكات الوزارة كانت سعيدة بأدائها وخططها السريعة التي نُفذّت بنحو عاجل، ونتائجها ظهرت بنحو واضح من خلال ساعات التجهيز". وأشار إلى أنّ "العراق وصل إلى أرقام غير مسبوقة في إنتاج الكهرباء، بما يقارب (26) ألف ميغاواط".

تكتل الإطار التنسيقي يُحمّل أمريكا مسؤولية عدم إيصال المستحقات العراقية لإيران... والسفير الإيراني: نطالب بتحقيق السيادة الاقتصادية للعراق.


وأضاف أنّ "هذه التطورات انعكست بواقع تجهيز ملموس على المواطنين، واضطلعنا في الوقت ذاته بزيادة حصص المحافظات"، مبيناً أنّ "هذه الجهود تأثرت بنحو كبير بفعل إمدادات الغاز المورَّد، هذه المشكلة الرئيسة والكبيرة التي لطالما أثرت على عملنا سلباً".

ويستغرب موسى من "إلقاء اللوم على وزارة الكهرباء، سواء بنقص الغاز المورّد أو الوطني، أو إذا تأخر المصرف المختص في دفع المستحقات عن الغاز، وأنّ البعض يلقي بالمسؤولية على الوزارة"، لافتاً إلى أنّ "هذه العوامل رغم أنّنا غير معنيين بها، تؤدي إلى تراجع تجهيز الكهرباء، لأنّ تحديد الإنتاج أو توقف المحطات بسبب شح الغاز والوقود يؤثر على ساعات التجهيز".

وأوضح أنّ "إطلاقات الغاز الإيراني انحسرت من (45) مليون متر مكعب إلى (20) مليون متر مكعب، على الرغم من أنّ العراق يحتاج في هذه الأوقات إلى (60) مليون متر مكعب".

السوداني يحاول

ولغاية إعداد التقرير، يواصل الشارع المحلي في مدن البصرة، وميسان، وذي قار، وديالى، وكربلاء، وواسط، احتجاجاته لعدم توفير الطاقة الكهربائية في تلك المدن التي تتجاوز درجة الحرارة فيها (50) مئوية.

وشهدت البصرة وميسان وذي قار قطع الطرق الرئيسة الرابطة بينها وبين العاصمة بغداد، تخللها حرق الإطارات، والتنديد بالسلطات المحلية، وأقدم متظاهرون في محافظة واسط على حرق مبنى حكومي وسط المدينة الجنوبية.

وفي محاولة منه للسيطرة على الأوضاع الأخيرة، خشية تفلّت الأمور وتنظيم احتجاجات واسعة بالضد من حكومته، وجّه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني  بتزويد المولدات الأهلية بالوقود مجاناً أو بأسعار رمزية.

وقال بيان لمكتب السوداني: إنّ "الحكومة الحالية شخّصت، منذ استلامها المسؤولية، الأسباب الحقيقية لأزمة الكهرباء، وعملت على وضع الحلول بـ (3) مستويات"، مبيناً أنّ "الإجراءات التي اتخذتها الحكومة تكللت بإيصال إنتاج الطاقة الكهربائية إلى (26) ألف ميغا واط، وهو الإنتاج الأعلى بتاريخ البلد"، مستدركاً أنّ "استقرار هذا الإنتاج كان مرهوناً بشرط استمرار الغاز الإيراني".

تكتل الإطار التنسيقي الشيعي الراعي لحكومة محمد شياع السوداني

 وأشار إلى أنّ "العقوبات الأمريكية، وعدم الالتزام بآلية دفع مستحقات الغاز المتفق عليها عام 2018، تسببتا بخفض التجهيز من الغاز الإيراني إلى أكثر من النصف، ممّا انعكس سلباً على منظومة الإنتاج الوطنية".

وشدد السوداني على أنّ الحكومة "ماضية بخططها المتوسطة المتمثلة بتنفيذ العقود المبرمة مع شركة (توتال)، وأيضاً عقود تراخيص الجولة الخامسة التي ستُسهم بإيجاد البدائل للغاز المستورد"، موجهاً بـ "العمل على إنجاز البدائل والحلول السريعة وبحث تزويد المولدات الأهلية بالوقود مجاناً أو بأسعار رمزية".

السفير الإيراني يُعلق

ومنذ اندلاع الأزمة خلال الأيام الـ (3) الماضية، يحاول (الإطار التنسيقي)، الكتلة النيابية الراعية للحكومة، توجيه الرأي العام صوب الإدارة الأمريكية، وتحميلها مسؤولية عدم إيصال المستحقات العراقية إلى إيران.

وقال بيان للإطار: إنّ "البلاد تشهد أزمة باتت تثقل كاهل المواطن العراقي بسبب قلة التجهيز في ساعات الكهرباء في ظل الظروف المناخية الصعبة وارتفاع درجات الحرارة"، داعياً "الحكومة العراقية، من خلال وزارة الخارجية، إلى الاتصال بالجانب الأمريكي وحمله على الإطلاق الفوري للمستحقات المالية المترتبة عن استيراد الغاز الإيراني دون تأخير أو مماطلة، وعدم استخدام هذا الملف سياسياً لتلافي انعكاساته السلبية على المواطن العراقي".

السياسي محمد الخالدي: هناك انفجار شعبي يلوح بالأفق، إذا لم يجرِ تدارك الموقف، خاصة أنّ ساعات قطع الكهرباء تقترب من (18) ساعة يومياً

هذه المحاولة التسويقية من قبل التكتل الموالي لطهران قابلها إسناد إعلامي من قبل السفير الإيراني في بغداد، الذي علّق على الحدث في تدوينة له على إحدى منصات التواصل الاجتماعي.

وكتبَ كاظم آل صادق في تغريدة على (تويتر): "ترتفع وتيرة الأصوات الوطنية المطالبة بإخراج ورقة الكهرباء من التعامل السياسي الأمريكي واستغلاله لضرب الشعوب مع تزايد درجات الحرارة".

وتابع: إنّ "المطالب بتحقيق السيادة الاقتصادية للعراق تضع الإصبع على الجرح، وتُعتبر تشخيصاً دقيقاً للأزمة تستحق الشكر"، موجهاً شكره للحكومة العراقية على جهدها لـ "تحقيق المصالح المشتركة".

تحذيرات من "انفجار شعبي"

من جهتها، حذرت تيارات سياسية من "انفجار شعبي" في العراق بسبب أزمة نقص الطاقة الكهربائية بالتزامن مع ارتفاع كبير بدرجات الحرارة، عازيةً الفشل الحكومي في ملف الطاقة إلى التجاذبات الإقليمية، وبروز "آفة الفساد".

شابان عراقيان يحملان نعشاً رمزياً يشير إلى انعدام الكهرباء

ويعتقد رئيس تكتل (بيارق الخير) محمد عثمان الخالدي أنّ "انهيار منظومة إنتاج الكهرباء في العراق مع أولى أيام تموز (يوليو) لم يكن حدثاً طارئاً، وربما تقف وراءه أجندة متعددة"، مبيناً أنّ "هناك انفجاراً شعبياً يلوح بالأفق، إذا لم يجرِ تدارك الموقف، خاصة أنّ ساعات قطع الكهرباء تقترب من (18) ساعة يومياً".

وأكد أنّ "(4) عوامل مهمة منعت بغداد من استقلالية ملف الطاقة؛ ومنها التجاذبات الاقليمية والسياسية بشكل مباشر، وفشل متراكم للحكومات المتعاقبة، وبروز آفة الفساد التي التهمت مبالغ كافية لجعل العراق مصدّراً للكهرباء لمنطقة الشرق الأوسط".

وأشار إلى أنّ "أزمة الطاقة في العراق تواجه ضغوطاً خارجية وداخلية تسعى لإبقائها إلى إشعار آخر، خاصةً أنّها تخدم أجندة أطراف كثيرة"، لافتاً إلى أنّ "استقلالية الطاقة يجب أن تكون أولوية في البلاد، لأنّه من دونها سيكون الموقف صعباً ومعرّضاً لأزمات خطيرة".

مواضيع ذات صلة:

بغداد تعمق الفجوة بين أربيل والسليمانية... لماذا وصف مسعود بارزاني إقليم كردستان بـ "خط الموت"؟

العراق: شجار ينهي جلسة برلمان كردستان... والمعارضة تصف ما جرى بالمسرحية... ماذا حصل؟

هل تنجح "الصفقات" في إنهاء الأزمات بين إقليم كردستان وبغداد؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية