التقارب بين مصر وتركيا... كيف سينعكس على الملف الليبي؟

التقارب بين مصر وتركيا... كيف سينعكس على الملف الليبي؟

التقارب بين مصر وتركيا... كيف سينعكس على الملف الليبي؟


17/04/2023

تسارعت وتيرة العلاقات المصرية-التركية، عقب مصافحة الرئيسين السيسي وأردوغان، على هامش افتتاح كأس العالم في قطر، في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وقال الرئيس التركي حينها إنّه "تحدث مع الرئيس السيسي نحو (40 إلى 45) دقيقة"، أعقبها تصريحات من مسؤولين أتراك ألمحت إلى "احتمال استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بشكل كامل"، لكنّ مصر التزمت حينها "التحفظ"، ولم يصدر عنها أيّ تصريحات رسمية.

وشكّل زلزال تركيا وسوريا دفعة للعلاقات، لا سيّما بعد زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري للمناطق المنكوبة في سوريا وتركيا. وهي الزيارة التي أعقبت الاتصال الهاتفي بين شكري ونظيره التركي مولود جاويش أوغلو لبحث "الوضع بعد الزلزال". وسبق ذلك اتصال هاتفي بين الرئيسين السيسي وأردوغان، في إطار التضامن بشأن الزلزال أيضاً، لتُتوج بزيارات متبادلة لوزيري الخارجية.

التقارب بين البلدين سينعكس إيجاباً على المشهد الليبي، خاصة في ظل التأثير القوي للدولتين في ليبيا

ويجمع متابعون للشأن الدولي على أنّ التقارب بين البلدين سينعكس إيجاباً على المشهد الليبي، خاصة في ظل التأثير القوي للدولتين في ليبيا، نظراً للعلاقات التي تربط أطراف الأزمة الليبية بالبلدين، وأهمية ما يدور في ليبيا بالنسبة إلى مصر لاعتبارات الأمن القومي والجوار.

مؤشرات إيجابية لحل الأزمة الليبية

ويُعدّ الملف الليبي من أهم القضايا التي توليها مصر اهتماماً في مسار تطبيع علاقاتها مع تركيا. وعقب زيارته لمصر في 18 آذار (مارس) الماضي، قال جاويش أوغلو: إنّ "القضية التي لا ترتاح لها مصر هي وجودنا في ليبيا. ونحن نقول منذ البداية إنّ وجودنا هناك لا يشكل خطراً على مصر، وهذا الوجود جاء بناءً على دعوة من الحكومة الشرعية في ذلك الوقت (حكومة السراج)، واستمر بناءً على رغبة الحكومات اللاحقة (حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها برئاسة عبد الحميد الدبيبة)، ونصرّح دائماً بأنّ الوجود التركي ليست له أيّ آثار سلبية على مصر، واتفقنا على العمل معاً".

تسارعت وتيرة العلاقات المصرية-التركية عقب مصافحة الرئيسين السيسي وأردوغان، على هامش افتتاح كأس العالم في قطر

في هذا الإطار، قال المحلل السياسي التركي جيواد غوك: إنّ تحسين وتطبيع العلاقات مع مصر أصبح من الأولويات في السياسة الخارجية التركية، خاصة بعد لقاء الرئيس التركي بالرئيس المصري.

وأضاف في حديثه لـ "سبوتنيك" أنّ "تركيا صاحبة الكلمة في سوريا، في حين أنّ مصر هي صاحبة الكلمة الأولى في ليبيا، ممّا يعني أنّ هناك ضرورة للتعاون بين الجانبين حول حل الأزمة في ليبيا، ومن المرتقب أن تعمل الخارجية في البلدين على تعيين السياسة الجديدة حول ليبيا من أجل الاستقرار الأمني والسياسي".

وقال البرلماني الليبي عضو المجلس الأعلى للدولة محمد معزب: إنّ التقارب بين مصر وتركيا ينعكس إيجاباً على إمكانية حلحلة الأزمة الليبية. مضيفاً في تصريحات صحفية أنّ القطبين التركي والمصري من أكبر المؤثرين في الملف الليبي، في حين أنّ التقارب بينهما يمكنه المساهمة في حلحلة الأوضاع في ظل حالة الانسداد الراهنة.

اتفاق على استقرار ليبيا

هذا، واتفقت مصر وتركيا على العمل سوياً للمساعدة في استقرار ليبيا، في محاولة جديدة لإعادة بناء العلاقات التي توترت بشكل جزئي على خلفية دعم الحكومات المتنافسة في الدولة الواقعة بشمال أفريقيا، وفقاً لما أفادت به وكالة "بلومبرغ".

وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره المصري سامح شكري في أنقرة الخميس: "من الآن فصاعداً سنعمل معاً بشكل وثيق في ما يتعلق بالشأن الليبي".

يُعدّ الملف الليبي من أهم القضايا التي توليها مصر اهتماماً في مسار تطبيع علاقاتها مع تركيا

وأضاف: "عندما كانت علاقاتنا متوترة، كانت هناك بعض الشكوك والانتقادات بشأن أنشطتنا في ليبيا".

وتابع: "ولكن عندما بدأ الحوار، رأينا أنّ لدينا الهدف المشترك نفسه"، مشيراً إلى أنّه "في الفترة المقبلة يمكن لتركيا ومصر تدريب وتعزيز قوات ليبية موحدة بشكل مشترك".

وقال وزير الخارجية التركي، خلال مشاركته في برنامج على قناة تلفزيونية محلية: إنّه أجرى لقاء مثمراً مع نظيره المصري سامح شكري في أنقرة، وإنّ اللقاءات الـ (3) الأخيرة بينهما كانت دافئة.

محمد معزب: إنّ التقارب بين مصر وتركيا ينعكس إيجاباً على إمكانية حلحلة الأزمة الليبية

وأفاد أنّهم يركزون على طبيعة الخطوات التي ستتخذ "لإعادة إحياء وتطوير" العلاقات مع مصر من الآن فصاعداً، وسيعملون على تطوير العلاقات التجارية.

وقال أوغلو: "اتفقنا مع مصر على العمل على خارطة طريق تقود ليبيا إلى الانتخابات".

وأضاف أنّ تركيا لديها حوار مع الجانبين في ليبيا، وقال: "يوجد حالياً مشروع لتأسيس كتيبة مشتركة لتكون نواة لتوحيد المؤسسة العسكرية".

وأعرب وزيرا خارجية البلدين (مصر وتركيا) عن أملهما في إجراء انتخابات حرة ونزيهة في ليبيا، التي عصفت بها صراعات، أشعلها سقوط نظام الزعيم الراحل معمر القذافي.

جذور الخلاف حول ليبيا

وتباينت مواقف تركيا ومصر في الأعوام القليلة الماضية بشأن ليبيا، إذ دعمت القاهرة وأنقرة فصائل متناحرة في صراع ما يزال قائماً، وكذلك ما يتعلق بالحدود البحرية في منطقة شرق البحر المتوسط الغنية بالغاز.

وفي تشرين الأول (أكتوبر) الماضي وقّعت أنقرة مذكرتي تفاهم مع حكومة الوحدة الوطنية في العاصمة الليبية طرابلس، وكان ذلك بمثابة "دق مسمار جديد في نعش مسار إعادة تطبيع العلاقات بين مصر وتركيا".

تباينت مواقف تركيا ومصر في الأعوام القليلة الماضية بشأن ليبيا، إذ دعمت القاهرة وأنقرة فصائل متناحرة في صراع ما يزال قائماً

وبعد ساعات قليلة من مؤتمر صحفي لوزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو مع نظيرته الليبية نجلاء المنقوش في طرابلس، أعلن خلالها توقيع مذكرتي تفاهم "في مجال الموارد الهيدروكربونية" وفي مجال الغاز، وأعلنت مصر رفضها لهما على اعتبار أنّ حكومة الوحدة الوطنية "منتهية الولاية، ولا تملك صلاحية إبرام أيّ اتفاقات دولية أو مذكرات تفاهم".

وبدأت المشاورات بين مسؤولين بارزين في وزارتي الخارجية التركية والمصرية عام 2021، وسط مساعٍ تركية لتخفيف التوترات مع مصر والإمارات وإسرائيل والسعودية.

خلافات قديمة

وكان أردوغان، الحليف الكبير للرئيس المصري الراحل محمد مرسي المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، قد أكد سابقاً أنّه "لن يتحاور أبداً" مع "شخص مثل" السيسي الذي أطاح بمرسي عام 2013. وساد الفتور العلاقات بين القاهرة وأنقرة منذ وصول الرئيس السيسي إلى الحكم. 

وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو

وسبق أن علق أردوغان على وفاة مرسي في حزيران (يونيو) 2019 في قاعة المحكمة أثناء محاكمته: "إنّ التاريخ لن يرحم أبداً الطغاة الذين أوصلوه إلى الموت عبر وضعه في السجن والتهديد بإعدامه".

وبعد ما يقرب من عقد من الزمن من الجمود في العلاقات بين البلدين، وصف أردوغان لقاءه بالسيسي في قطر بأنّه خطوة أولى تم اتخاذها من أجل إطلاق مسار جديد بين البلدين.

وتأتي الجهود الدبلوماسية الجديدة بين البلدين في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى "إعادة ضبط" العلاقات المتوترة مع العالم العربي قبل انتخابات حاسمة في أيار (مايو) المقبل.

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية