العدوان الإسرائيلي يتسبب في انقسام الدول الأوروبية... ما أسباب دعم بعضها الاحتلال؟

العدوان الإسرائيلي يتسبب في انقسام الدول الأوروبية... ما أسباب دعم بعضها الاحتلال؟

العدوان الإسرائيلي يتسبب في انقسام الدول الأوروبية... ما أسباب دعم بعضها الاحتلال؟


30/10/2023

تسبب الدعم الأوروبي، من جهة الحكومات، لإسرائيل، في انقسامات بين الدول الأعضاء داخل الاتحاد ضد هجمات الكيان الصهيوني على غزة.

  فبينما أعلنت بعض الدول الأوروبية، كألمانيا وبريطانيا وفرنسا، دعمها الكامل لإسرائيل؛ سياسياً وعسكرياً واستخباراتياً، أعلنت بعض الدول الأخرى مثل؛ أسبانيا والنرويج عن تأييدها لفلسطين، وانتقدت هجمات إسرائيل على غزة. 

وفي هذا التقرير نستعرض بعض الأسباب التي تدفع تلك الدول لدعم الاحتلال الإسرائيلي، حتى لو كان الأمر يتعلق بانتهاك حقوق الإنسان، ومخالفة القوانين الدولية.

ففي ألمانيا مثلاً وصل تعداد اليهود في العام 2018 إلى أكثر من (200) ألف يهودي، ويُعدّ اليهود في فرانكفورت من أكبر التجمعات اليهودية في ألمانيا بـ (6500) يهودي، حسب الإحصائيات في العام 2020، وكان تعداد اليهود في ألمانيا قبل عام 1989 يقلّ عن (30) ألف شخص.

أصبحت مسألة التعويضات عن "الهولوكوست" قضية سياسية مهمة في العلاقات بين إسرائيل وألمانيا، التي دفعت حتى 2023 أكثر من (80) مليار يورو لإسرائيل كتعويضات

وعلى المستوى الاقتصادي بلغت صادرات ألمانيا إلى إسرائيل (396) مليون يورو، فيما بلغت واردات ألمانيا من إسرائيل (254) مليون يورو، ممّا أدى إلى ميزان تجاري إيجابي قدره (142) مليون يورو خلال عامي 2022 و2023. 

وسلطت دراسة لـ "المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات" الضوء على التعاون العسكري والأمني بين البلدين، حيث وقّعت ألمانيا في 28 أيلول (سبتمبر) 2023 على اتفاقية لشراء منظومة "سهم 3" الدفاعية من إسرائيل، بتكلفة قاربت الـ (4) مليارات يورو. 

وأعلنت إسرائيل في 20 كانون الثاني (يناير) 2022 عن عقد صفقة لتطوير وشراء غواصات ألمانية مقابل (3.4) مليارات دولار، مع وزارة الاقتصاد والتكنولوجيا الألمانية للاستثمار في الصناعات الإسرائيلية، بما في ذلك الشركات العاملة في مجال الدفاع.

ووضعت ألمانيا في 12 تشرين الأول (أكتوبر) 2023 طائرتين مسيّرتين حربيتين من طراز "هيرون تي بي" تحت تصرف إسرائيل لتستخدمهما في عدوانها على غزة، بالإضافة إلى مطالبات إسرائيلية مبدئية للحصول على ذخيرة للسفن.

أمّا عن التعاون السياسي، فقد تطورت العلاقة بين ألمانيا وإسرائيل منذ 1965، حين أقيمت فيه العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين البلدين. ونظمت اتفاقية "لوكسمبورغ" في العام 1952  المدفوعات والخدمات الألمانية بالإضافة إلى الالتزام بإعادة الأصول. وترى برلين أنّها تتحمل "مسؤولية خاصة" تجاه إسرائيل، وأنّ التزامها تجاه إسرائيل هو أكثر من مجرد هدف سياسي؛ وهذا ما يجعل أمن إسرائيل ووجودها بمثابة "مصلحة وطنية". يقول أولاف شولتس المستشار الألماني: "في هذه اللحظة، لا يوجد سوى مكان واحد تقف فيه ألمانيا". 

وأصبحت مسألة التعويضات عن "الهولوكوست" قضية سياسية مهمة في العلاقات بين إسرائيل وألمانيا، التي دفعت حتى 2023 أكثر من (80) مليار يورو لإسرائيل كتعويضات. 

أمّا في بريطانيا، فيبلغ تعداد الجالية اليهودية حوالي (292) ألف يهودي، وتبلغ قيمة العلاقات التجارية بين البلدين حوالي (7) مليارات جنيه إسترليني، حيث بلغ إجمالي صادرات المملكة المتحدة إلى إسرائيل (3.8) مليارات جنيه إسترليني حتى نيسان (أبريل) العام 2023، وبلغ إجمالي واردات المملكة المتحدة من إسرائيل (3.6) مليارات جنيه إسترليني حتى نيسان (أبريل) العام 2023، وهناك أكثر من (400) شركة تكنولوجيا إسرائيلية تعمل في المملكة المتحدة

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وبنيامين نتنياهو

وتؤدي الاستثمارات الإسرائيلية في المملكة المتحدة إلى دفع النمو وفرص العمل، ممّا يضيف حوالي مليار جنيه إسترليني من القيمة الإجمالية إلى اقتصاد المملكة المتحدة، ويخلق حوالي (16) ألف فرصة عمل، في 21 آذار (مارس) 2023. 

واعتزمت بريطانيا وإسرائيل التوقيع على اتفاقية في آذار (مارس) 2023 تهدف إلى تعزيز العلاقات التكنولوجية والتجارية والأمنية حتى 2030، وتتضمن الاتفاقية التزامات تمويل مشترك للتكنولوجيا والابتكار بنحو (20) مليون جنيه إسترليني.

تجمع بين فرنسا وإسرائيل علاقات عميقة في مجالات تتعلق بـ "حرب المستقبل"، التي تجمع بين الطائرات بدون طيار والقيادة الرقمية والجنود الآليين

أمّا عن التعاون العسكري والأمني، فتعدّ بريطانيا من أبرز الدول المستوردة للأسلحة من إسرائيل بمبلغ (75) مليون دولار، وتقوم الشراكة الاستراتيجية بين الطرفين على التعاون الأمني ​​والدفاعي المكثف الذي يستمر في حماية الأمن القومي للمملكة المتحدة وإسرائيل.

وقررت بريطانيا في 13 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري إرسال سفينتين حربيتين تابعتين للبحرية الملكية وطائرات إلى شرق البحر الأبيض المتوسط لتقديم دعم لإسرائيل وضمان الردع. 

أمّا عن التعاون السياسي، فقد أكدت رئاسة الوزراء البريطانية في 12 تشرين الأول (أكتوبر) 2023 أنّ المملكة المتحدة ستقدم لإسرائيل "أيّ دعم تحتاجه"، وأنّ "بريطانيا تدعم حق إسرائيل في اتخاذ إجراءات متناسبة، في إطار القانون الدولي". وأكدت مندوبة بريطانيا لدى مجلس الأمن أنّ هجمات حماس تشكل تهديداً لفكرة إسرائيل كوطن لليهود. 

وفي فرنسا، يتراوح عدد اليهود بين (483) ألفاً، و(500) ألف يهودي، ويتمركز 50% من اليهود في العاصمة الفرنسية باريس، ويقدّر عدد الجمعيات والاتحادات والتنظيمات اليهودية في باريس بحوالي (100) مؤسسة. 

وبلغت صادرات إسرائيل إلى فرنسا (2.08 ) مليار دولار أمريكي خلال عام 2022، وبلغت صادرات فرنسا إلى إسرائيل (2.19) مليار دولار أمريكي خلال العام ذاته. وتتركز الصادرات الفرنسية على الطائرات والسيارات والأدوية والمواد الكيميائية والصناعية، وتعتبر فرنسا من أهم الأماكن السياحية المفضّلة لدى السياح الإسرائيليين.

وعن التعاون العسكري، فإنّ إسرائيل تصدر لفرنسا الطائرات بدون طيار، وأنظمة المراقبة الإلكترونية، والروبوتات الحربية، وغيرها. 

وتجمع بين فرنسا وإسرائيل علاقات عميقة في مجالات تتعلق بـ "حرب المستقبل"، التي تجمع بين الطائرات بدون طيار والقيادة الرقمية والجنود الآليين.

وكانت هناك اتصالات فرنسية مع إسرائيل حول شراء طائرات تجسس إسرائيلية الصنع، لتعزيز بنيتها الدفاعية وتطوير أسطولها الجوي، كذلك تعزيز الخطط القتالية من خلال أنظمة رقمية تمكن الجنود من استخدام جهاز تحديد المواقع “GPS”، وتحديد إشارات العدو. ويتعاون الجيش الفرنسي مع شركة "روبوتيم" الإسرائيلية لتنتج له روبوتات عسكرية تعرف باسم “بغال ـ روبوت” أو.“Provot Mules” 

وعن التعاون السياسي، أقامت فرنسا علاقات دبلوماسية ثنائية مع إسرائيل منذ 11 أيار (مايو) 1949، وعززت هذه العلاقة السياسية من خلال شراكات ثقافية وعلمية واقتصادية وسياحية. 

أمّا في الجهة المقابلة، فقد كانت مواقف إسبانيا والنرويج الأبرز، فقد دعت وزيرة الحقوق الاجتماعية الإسبانية بالإنابة إيوني بيلارا، الدول الأوروبية إلى "قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، وفرض حظر على الأسلحة وعقوبات اقتصادية".

وقالت بيلارا في تدوينة عبر منصة (إكس) يوم الثلاثاء الماضي: "دعونا نتحرك، ما يزال من الممكن وقف الإبادة الجماعية"، في إشارة إلى الغارات التي تنفذها المقاتلات الإسرائيلية على قطاع غزة، والتي أوقعت آلاف القتلى من المدنيين، وفق ما نقلت (رويترز).

في النرويج، أدانت وزيرة خارجيتها أنيكين هويتفيلدت الحصار المشدد الذي فرضته القوات الإسرائيلية على قطاع غزة، ومحاولات تهجير السكان

ودعت الوزيرة الدول الأوروبية إلى اتخاذ إجراءات ضد إسرائيل، وطالبتها باتخاذ (4) قرارات عاجلة؛ هي: "قطع العلاقات الدبلوماسية معها"، وفرض العقوبات الاقتصادية بشكل حاسم، وحظر الأسلحة، وتقديم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وجميع القادة السياسيين الآخرين الذين قصفوا المدنيين إلى المحكمة الجنائية الدولية".

وفي النرويج، أدانت وزيرة خارجيتها أنيكين هويتفيلدت الجمعة الماضية الحصار المشدد الذي فرضته القوات الإسرائيلية على قطاع غزة، ومحاولات تهجير السكان.

وقالت هويتفيلدت في تصريحها لإذاعة (إن آر كي) المحلية: "إسرائيل تمتلك حق الدفاع عن نفسها، ولكن لا تستطيع استعمال كافة الوسائل (في سبيل ذلك)".

وأضافت: "أدين هذا الحصار (على غزة)، لأنّه عندما تطلب من هذا الكمّ من الناس المغادرة (من غزة)، وليس لديهم طعام أو دواء، فيجب عليك إدانة ذلك".

هذا على صعيد الحكومات، أمّا على الصعيد الشعبي، فقد شهد الكثير من الدول الأوروبية، خاصة بريطانيا وألمانيا وفرنسا، رغم الإجراءات العقابية التي اتخذتها لمنع تأييد فلسطين في الحرب، كالغرامات المالية والسجن ووقف إجراءات اللجوء، شهدت مظاهرات لم يكن لها مثيل خلال العقدين الماضيين، وشارك فيها مئات الآلاف، ممّا أجبر الحكومات على التوقف عن التضييق، والسماح بتنظيم فعاليات تضامنية مع الشعب الفلسطيني في غزة.

ويشهد قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري عمليات عسكرية إسرائيلية، وقصفاً للأعيان المدنية، كالمنازل والمستشفيات والمدارس، والمساجد والكنائس، وأماكن تجمّع المواطنين كالمخابز والأسواق، وقد تسببت العمليات العسكرية باستشهاد أكثر من (8) آلاف فلسطيني، أغلبهم من الأطفال والنساء وكبار السن.

الصفحة الرئيسية