المفكر غالب الشابندر لـ "حفريات": الإسلام السياسي أضاع العراق... وبسببهم اهتز الدين لدى الشباب

المفكر غالب الشابندر لـ "حفريات": الإسلام السياسي أضاع العراق بحجة العقيدة... وبسببهم اهتز الدين لدى الشباب

المفكر غالب الشابندر لـ "حفريات": الإسلام السياسي أضاع العراق... وبسببهم اهتز الدين لدى الشباب


13/07/2023

أجرى الحوار: جبار الساعدي

يُحمّل المفكر العراقي غالب الشابندر قوى الإسلام السياسي، الشيعي تحديداً، مسؤولية فشل التجربة الديمقراطية، وإمكانية إصلاح الحكم في العراق. ويعتقد أنّ إرساء أمريكا لمبدأ المحاصصة الطائفية للنظام السياسي الجديد في نيسان (أبريل) 2003، مهّد الطريق لوصول السياسيين الباحثين عن المغانم، لا عن مصلحة وادي الرافدين.

الشابندر، هو ابن حزب الدعوة الإسلامية لأعوام طويلة، لكنّه غادر الحزب لحظة وصوله إلى السلطة قبل أكثر من عقد، ويرى الداعية السابق في شخص الأمين العام للدعوة نوري المالكي، أنّه واضع أسس خراب الدولة العراقية، خلال الأعوام المنصرمة. معتقداً أنّ الوطن أهم من العقيدة، لأنّه بدون الأوطان تضيع الأديان، وهذا ما يعيبه على إيران العقائدية، وفصائلها المسلحة في بلاده التي تخضع لهيمنة القرار السياسي في طهران.

"حفريات" التقت بالمفكر العراقي غالب الشابندر، وتداولت معه عدة محاور تتعلق بنشأته، وماضيه، وحاضره، وآرائه فيما يجري في الراهن السياسي العراقي.

نص الحوار:

ما أسباب خروجك من حزب الدعوة الإسلامية، وأنت كنت في الخط المتقدم داخل الحزب؟

عدة أسباب دعتني للخروج من حزب الدعوة الإسلامية؛ أوّلها أنّي كائن إنساني من الصعب أن ينضبط في حزب. فأنا كائن أعشق الحرية في طريقة الحياة الاعتيادية، من حيث التفكير والكتابة والنشاط، بينما الانتماء الحزبي يقيد الإنسان، يقيده فكرياً إلى حد ما، لأنّ من المبادئ الحزبية أن تلتزم فكر الحزب. وبيني وبين حزب الدعوة تباين إيديولوجي، فأنا رجل ذو جذور ماركسية شيوعية، وما تزال هذه الجذور تعشعش في داخلي بقوة وعنفوان، لذلك لم أكن إسلامياً خالصاً بالمعنى الذي يفهمه الآخرون.

ما السبب الذي جعلك تتحول من الخط الشيوعي إلى الخط الإسلامي، ومن ثم رفضت الأخير بسبب جذورك الأولى؟

هناك نقطة مهمة في تركيبة العقل العربي أو الإسلامي، هو أنّ الشخص إذا غير اتجاهه السياسي، يُتهم بالانتهازية، وهذا غير صحيح في بعض الأحيان، لأنّه ليس كل من غيّر أفكاره أو ميوله أو قناعاته السابقة يكون انتهازياً بالضرورة. الإنسان قد يتغيّر من فكر إلى فكر نتيجة طبيعته النهمية للقراءة، وعائلتي تقريباً سياسية، والدي حسن الشابندر كان من جماعة توفيق السويدي في العهد الملكي، وأخي الأكبر كان في الحزب الشيوعي العراقي، وطبيعة عائلتي من جهة الوالدة كانت يسارية أيضاً، وحينما فتشت عن عمل سياسي كانت بداياتي المبكرة جداً مع الحزب الشيوعي، وكان مسؤولي الحزبي شيوعياً صلباً، وحينما كان يدرّسني كتابَي ستالين (المادية الديالكتيكية) و(المادية التاريخية)، ترجمة خالد بكداش، اصطدمت مع الطرح المناوئ المتعلق بالغيبيات، واكتشفت أنّي غير منسجم مع هذا الفكر من جانبه العقائدي، وأنّي منسجم فقط من جانبيه الاجتماعي والاقتصادي.

الشابندر: عدة أسباب دعتني للخروج من حزب الدعوة الإسلامية؛ أوّلها أنّي كائن إنساني من الصعب أن ينضبط في حزب

خلال الأعوام الأخيرة يشاهدك الكثيرون متحاملاً على الأمين العام لحزب الدعوة الإسلامية، رئيس الوزراء السابق نوري المالكي... هل الدافع شخصي وراء هذا التحامل والهجوم؟

تربطني مع الأخ نوري المالكي علاقة صداقة تمتد منذ أيام المعارضة ضد صدام حسين، وما زال التواصل بيننا عبر أصدقاء معينين، وأُرسل له كتباً، ويقول عنّي خيراً. ولكنّي أخالفه في المنهج السياسي، فأنا أعتقد أنّ المالكي وضع أسس خراب العراق، كما أنّ القيادات السياسية السنّية وضعت أسس الطائفية في البلاد، وكذلك الأكراد الذين وضعوا أسس تفكيك وحدة الوطن، فضلاً عن الحشد الشعبي الذي وضع أسس الفوضى في العراق.

كيف وضع الحشد الشعبي العراقي أسس الفوضى في البلاد، وهو مشارك مع القوات الأمنية الأخرى في تحرير المدن المحتلة من داعش؟

يخضع الحشد الشعبي للعقيدة المذهبية، أكثر ممّا يخضع للقيم الوطنية العراقية، والعقيدة هي بوصلة التفكير لديهم، أي يأتمرون بأمر المرشد الديني العقائدي، وهذا ينافي مصلحة الوطن. أمّا مشاركتهم في عملية تحرير المدن من داعش، فقد كان بدافع عقائدي أكثر ممّا هو وطني، لأنّ العقيدة المذهبية تطلبت ذلك. وأنا عندي الوطن أهم من العقيدة، لأنّه إذا ضاعت الأوطان ضاعت الأديان. هنا، أود أن أذكر أنّي لا أنكر دور الحشد الشعبي في تحرير تلك المدن، وهذا لا ينفي دور الجيش الوطني، والشرطة العراقية، أيضاً في ذلك، لأنّ هناك محاولات إعلامية تقلل من دور الجيش والشرطة في عمليات التحرير. 

في مؤلفاتك لم نرَ الحضور العقائدي حاضراً ولا ذكريات المنفى في إيران.

بالعكس، كتبتُ في العقيدة العديد من الكتب، ولا سيّما في جانب التفسير القرآني، والتنظيم الاجتماعي، والاجتماع الديني، وكيفية تأهيل المجتمع وفق القيم الإسلامية الإصلاحية المعتدلة. وناكفتُ وحاربتُ التطرف الديني بكل أشكاله المذهبية الغلوائية. وأنا من أثارت كتبه الدينية الضجة داخل الأوساط المحافظة، كتبت عن الحوار في القرآن، والآخر في القرآن، وعن الحجاب في الإسلام بوصفه قضية ساخنة. أمّا إيران، فأنا كنت لاجئاً فيها مدة عامين أو أكثر. ولكنّهم طردوني بطريقة مؤدبة، ولم يمنحوني تأشيرة العودة إلى إيران، حينما كنت ألبّي دعوة معينة في سوريا. ومردّ هذا الأمر، لأنّي كنت بالضد من الحرب العراقية الإيرانية، ومشاركة الشباب العراقي المعارض في إيران، في الحرب ضد بلادهم. لذا، كان صوتي عالياً، وكتبت المقالات والبيانات ضدهم. حتى حزب الدعوة الإسلامية كان بالضد من مواقف إيران في الحرب، ولكنّه كان يخشى الإعلان عن ذلك بشكل مباشر وواضح.

يخضع الحشد الشعبي للعقيدة المذهبية، أكثر ممّا يخضع للقيم الوطنية العراقية

كيف كانت عودتك إلى العراق بعد سقوط صدام حسين؟ هل كانت مع الأمريكان الذين احتلوا البلاد في نيسان (أبريل) 2003، كما جاء غالبية المعارضين الإسلاميين والعلمانيين الذين حكموا فيما بعد؟

جئتُ إلى العراق عام 2007 وليس مع الأمريكان عام 2003، وأنا لستُ مع فريق ضد آخر من الذين حكموا العراق بعد صدام حسين. أنا خارج حزب الدعوة الإسلامية، وبدأت أكتب للتجربة الجديدة لعلنا نصلح ما دمّره النظام السابق، لكنّ التجربة الجديدة حينذاك فشلت، وأثبتت فشلها على التوالي. الإسلاميون، بالتحديد، من خلال تجربتهم بالحكم، أساؤوا كثيراً للقيم الدينية الرفيعة، بل جعلوا الدين يهتز في دواخل الكثير من الطبقات الاجتماعية، ولا سيّما طبقة الشباب. (الإسلاميون) كانوا نموذجاً سيئاً أثناء ممارسة الحكم، وأعطوا صورةً سلبيةً عن القيم التي يحملونها والشعارات التي أطلقوها يوم مجيئهم إلى السلطة، حيث كانوا يجاهرون بالنزاهة، وفي عهدهم انتعش الفساد، وأضاعوا العراق بحجة الدين، وهم أبعد عن الاثنين من خلال التجربة المعاشة.

مواضيع ذات صلة:

النائب العراقي سجاد سالم لـ "حفريات": لا نخشى الفصائل المسلحة

الداعية العراقي طالب السنجري لـ"حفريات": إيران أولاً لدى الإيرانيين ثم الدين والمذهب




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية