الهند.. طفرة البنى التحتية الرقمية

الهند.. طفرة البنى التحتية الرقمية

الهند.. طفرة البنى التحتية الرقمية


19/02/2024

ذكر الرحمن

تستخدم الهند براعتها الرقمية لتعميق الروابط المالية مع مجموعة من البلدان الأخرى. وفي الواقع، برزت الدبلوماسية الرقمية كجزء مهم من التواصل الدبلوماسي الهندي حيث تمضي البلاد قدماً في الابتكارات الرقمية.

كان «الابتكار في مجال التكنولوجيا المالية والبنية التحتية العامة الرقمية» هو المحرك للمشهد الرقمي في الهند، حيث تسعى الهند الآن إلى تصدير ابتكاراتها الرقمية إلى بلدان أخرى. ولتوسيع شبكتها الرقمية إلى بلدان أخرى، تم إطلاق واجهة المدفوعات الموحدة (يو بي آي) (UPI) في سريلانكا وموريشيوس هذا الأسبوع، وهي عبارة عن نظام دفع فوري في الوقت الفعلي يسهل المعاملات بين البنوك من خلال الهواتف المحمولة.

وفي الوقت نفسه، تسعى الهند أيضاً إلى تصدير نظام يو بي آي هذا إلى جانب شبكة «رو باي» (RuPay) - المنافسة لشركتي «ماستر كارد» و«فيزا». وفي الوقت نفسه، تم تقديم بطاقات «رو باي» أيضاً في موريشيوس، حيث شهد رئيس الوزراء الهندي «ناريندرا مودي»، ورئيس سريلانكا «رانيل ويكرمسينج»، ورئيس وزراء موريشيوس «برافيند جوجنوث» إطلاق نظام الدفع الرقمي.

سيسمح إطلاق خدمات بطاقة «رو باي» في موريشيوس للبنوك في موريشيوس بإصدار هذه البطاقات، الأمر الذي سيسهل عمليات التسوية بين البنوك في الهند وموريشيوس. ومن المؤكد أن إطلاق هذه البطاقة سيعود بالنفع على شريحة واسعة من الناس من خلال تجربة معاملات رقمية أسرع وأكثر سلاسة، وتعزيز الاتصال الرقمي بين البلدان.

وقد تم إدخال المدفوعات من خلال هذا النظام في بوتان بالتعاون مع سلطة النقد الملكية في عام 2021. وفي عُمان، تم توقيع اتفاقية بين مؤسسة المدفوعات الوطنية الهندية (NPCI) والبنك المركزي العُماني لتمكين قبول بطاقات «رو باي» الهندية في أجهزة الصراف الآلي ومواقع التجارة الإلكترونية لشبكة «عُمان نت» في عام 2022.

كما أتاحت هذه الاتفاقية للمستخدمين إجراء التحويلات المالية عبر الحدود في الوقت الفعلي بين الهند وسلطنة عُمان. في نيبال، يمكن للمستخدمين إجراء تحويلات مصرفية إلى الهند باستخدام نظام «يو. بي. آي» من خلال الخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول.

وفي فرنسا، أعلن برج إيفل في باريس أنه يقبل مدفوعات «يو بي آي» من السياح الزائرين بعد إبرام اتفاقية بين مؤسسة «إن بي سي آي انترناشونال بايمينتس ليميتيد» (NPCI International Payments Limited) و«ليرا» و(Lyra) للحلول المصرفية. وفي جنوب شرق آسيا، أبرمت مؤسسة «إن آي بي إل» (NIPL) اتفاقية مع «ليكويد جروب» (Liquid Group) تتيح مدفوعات «يو. بي. آي» المستندة إلى رمز الاستجابة السريعة «كيو آر» QR في 10 دول، بما في ذلك ماليزيا وتايلاند وسنغافورة.

والآن يمكن للسياح الهنود الذين يذهبون إلى سريلانكا وموريشيوس إجراء الدفعات باستخدام نظام (يو. بي. آي) للمدفوعات المحلية.

وبالمثل، يمكن للسياح من موريشيوس وسريلانكا إجراء الدفعات في الهند من خلال الوسائل عبر الإنترنت. بالنسبة للهند، يُنظر إلى الدبلوماسية الرقمية أيضاً على أنها وسيلة لاستعراض القوة، إذ أن الهند هي الاقتصاد الأسرع نمواً في العالم، ونفوذها العالمي آخذ في الارتفاع. كما تعمل بصمة الدبلوماسية الرقمية على تعزيز مكانة الهند العالمية. وقد أصبح ذلك ممكناً بفضل الابتكارات المتعددة التي يقودها مجموعة كبيرة من مهندسي البرمجيات المهرة وغيرهم. ويُنظر إلى جائحة كوفيد 19 على أنها ساعدت في تعزيز هذا الاتجاه.

على مدار العقد الماضي، قامت الهند ببناء شبكة من البنية التحتية العامة الرقمية باستخدام أنظمة الهوية البيومترية والمدفوعات الرقمية وإدارة البيانات. والآن، فإن الدولة بأكملها، التي يبلغ عدد سكانها 1.4 مليار نسمة، تمتلك أكبر نظام للهوية الرقمية في العالم. وتستخدم الهند أيضاً نظام الهوية الرقمية هذا لتحويل الأموال مباشرة إلى حسابات المستفيدين. وقد تم تحويل حوالي 400 مليار دولار إلى الحسابات المصرفية للمستفيدين، مما أدى إلى الحد من الفساد الذي كان يحدث عندما كانت الأموال تُمنح عبر وسطاء في الماضي.

وتشمل الابتكارات الأخرى نظام «ديجي لوكر» (DigiLocker)، وهو مكان لتخزين المستندات الرسمية عبر الإنترنت، والذي يتضمن رخص القيادة والسجلات الضريبية وما إلى ذلك. إن ما أدى بالفعل إلى تسريع عملية الوصول الرقمي في الدولة المكتظة بالسكان هو جائحة «كوفيدـ 19». فعلى الرغم من أن الوصول إلى الخدمات الرقمية يحدث منذ عدة سنوات، ليس ثمة شك في أن جائحة «كوفيدـ 19» قد ساهمت في دفع الاقتصاد الرقمي بشكل أكبر، نظراً لمعاناة الهند من موجات متعددة من جائحة «كوفيدـ 19».

كان رد فعل الحكومة في البداية هو الإغلاق لمدة 24 يوماً، ما أدى إلى إغلاق جميع الحركة والأنشطة الصناعية. خلال تلك الفترة وحتى خلال الموجة الثانية من الوباء، لم يكن أمام الناس خيار سوى اعتماد طرق الدفع الرقمية. نتيجة لذلك، بعد جائحة كوفيد، استمرت الدولة أيضاً في تعزيز المدفوعات الرقمية، حيث ارتفع إجمالي حجم معاملات الدفع الرقمي من 20.71 مليار في السنة المالية 2017-2018 إلى 134.62 مليار في السنة المالية 2022-2023.

وخلال السنة المالية الحالية 2023-24، وصلت معاملات المدفوعات الرقمية إلى 116.60 مليار حتى 11 ديسمبر 2023، وفقاً لبيانات الحكومة. وفي قمة مجموعة العشرين، التي عُقدت في سبتمبر، عرضت الهند عروضها الرقمية في محاولة لتوسيع الخدمات إلى المزيد من البلدان.

في الواقع، أصبحت المدفوعات الرقمية أيضاً وجهاً من وجوه الدبلوماسية الهندية. إذ أصبحت طريقة أخرى للتواصل مع البلدان الأخرى وتعزيز التواصل بين الأشخاص بشكل أكبر. كما أنها أيضاً أداة لدفع التجارة بمجرد زيادة استخدام نظام (يو بي آي). وبينما لاحظ رئيس الوزراء الهندي هذا التقدم، ذكر أن آلية (يو بي آي) الهندية تلعب دوراً جديداً فيما يتعلق بتوحيد الشركاء مع الهند. ولم يقتصر دورها على تعزيز المدفوعات عبر الحدود فحسب، بل عززت أيضاً الاتصال عبر الحدود.

عن "الاتحاد" الإماراتية




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية