بسبب إرث الإخوان... هل تقترب تونس من حافة الإفلاس؟

بسبب إرث الإخوان... هل تقترب تونس من حافة الإفلاس؟

بسبب إرث الإخوان... هل تقترب تونس من حافة الإفلاس؟


09/07/2023

رغم أنّ تونس المثقلة بالديون حصلت على موافقة مبدئية من صندوق النقد الدولي، في منتصف تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، لتحصل على قرض جديد بنحو ملياري دولار لمساعدتها على تجاوز أزمتها المالية الخطيرة، لكنّ المحادثات وصلت إلى طريق مسدودة بسبب شروط النقد الدولي، ممّا يعزّز مخاوف الإفلاس وتفاقم الأزمة.

وبرغم جهود الرئيس التونسي قيس سعيّد لإيجاد بدائل، فقد حذرت وكالات التصنيف الائتماني من أنّ تونس ستواجه تعثراً محتملاً في سداد الديون السيادية، ما لم تحصل على هذا القرض الذي من المتوقع أيضاً أن يؤدي إلى مزيد من تدفقات التمويل الثنائية.

ويواجه الاقتصاد التونسي تضخماً مرتفعاً تجاوزت نسبته 10%، وبطالة عالية بأكثر من 15% ونسبة مديونية في حدود 90% من إجمالي الناتج الداخلي، يرجعها محللون إلى السياسات الفاشلة لحكومات ما بعد ثورة 2011، التي تزعمتها حركة النهضة الإخوانية، والتي أغرقت البلاد في عدّة أزمات.

 هل اقتربت تونس من حافة الإفلاس؟

سلط تقرير نشرته وكالة (رويترز) بداية الشهر الحالي على الأزمة المالية الشاملة التي تواجهها تونس، والتي من المحتمل أن تزعزع استقرار البلاد مع آثار غير مباشرة قد يتردد صداها في منطقة وسط البحر المتوسط.

واستعرض التقرير أسباب الأزمة الاقتصادية والصعوبات التي تواجهها للحصول على إنقاذ أجنبي، وإلى أين يمكن أن تتجه الأمور.

يواجه الاقتصاد التونسي تضخماً مرتفعاً تجاوزت نسبته 10%

وخلال جلسة عامة للبرلمان التونسي، في حزيران (يونيو)، قالت وزيرة المالية سهام نمصية: إنّ الخلل في سداد قروض البلاد الخارجية قد يؤدي إلى إفلاس الدولة، وأوضحت المسؤولة التونسية أنّ مصاريف الدولة تفوق مداخيلها، ممّا يحث على ضرورة البحث عن موارد أخرى إضافة إلى البحث عن قروض داخلية وخارجية.

ويقول الخبير الاقتصادي رضا شكندالي في حديثه لموقع (الحرة): إنّ الأزمة في تونس حقيقية، وهي أزمة مالية خانقة، "خاصة على مستوى تآكل مخزون الدولة من العملة الأجنبية".

حذرت وكالات التصنيف الائتماني من أنّ تونس ستواجه تعثراً محتملاً في سداد الديون السيادية

ويتكرر النقص في توافر المواد الأساسية في البلاد من محروقات وحبوب وقهوة، بسبب تخلف الدولة عن سداد ثمنها للمزودين بالخارج، فضلاً عن ارتفاع أسعارها في الأسواق الدولية.

وبحسب (رويترز) يؤشر اختفاء سلع أساسية مدعومة وأدوية من المتاجر بشكل دوري على تداعي الاقتصاد، ممّا يشير إلى مشاكل في تمويل الواردات، إذ تأخر صرف أجور بعض موظفي الدولة العام الماضي.

والمدة التي يمكن أن تصمد فيها تونس متروكة للتوقعات، ومعظم ديون الدولة مستحقة للبنوك التونسية، لكنّ الفرصة ضئيلة لإقراض الحكومة مزيداً من الدنانير.

ما الحلول؟

قد تؤدي طباعة النقود لسداد الديون المستحقة للبنوك المحلية، أو الوفاء بالتزامات أخرى، إلى تقويض العملة التونسية، ممّا قد يؤدي إلى تفاقم جميع المشاكل الأخرى.

في الأثناء، اقترح الرئيس التونسي قيس سعيّد إقرار ضريبة جديدة على من يستفيدون من الدعم "بدون وجه حق"، وذلك من أجل الاستغناء عن قرض من صندوق النقد الدولي و"إملاءاته".  

وقال سعيّد خلال لقاء مع رئيسة الحكومة نجلاء بودن: "بدل رفع الدعم تحت مُسمّى ترشيده، يمكن توظيف أداءات (ضرائب) إضافية على من يستفيدون بدون وجه حق بدعم العديد من المواد وبدون الخضوع لأيّ إملاءات خارجية".

بطالة عالية

هذا، وقد خفّضت وكالة (فيتش) التصنيف الائتماني لتونس، وتضاءل احتياطي العملات الأجنبية بنحو الربع، وهو ما يكفي لتغطية نفقات الواردات لمدة (91) يوماً، مقارنة مع (123) يوماً قبل عام.

والنقطتان الوحيدتان المضيئتان هما تعافي قطاع السياحة ليُدرّ مزيداً من العملة الصعبة على البلاد، وانخفاض أسعار الطاقة العالمية مقارنة بالعام الماضي، لتنخفض فاتورة الوقود المتوقعة.

وكان أحمد الهمامي، الناطق الرسمي باسم (تحالف أحرار) المؤيد للرئيس التونسي قد اعتبر في حديث سابق لموقع (الحرة) أنّ الاتفاق مع البنك الدولي يتجه في الطريق الصحيح، وأنّ تونس ليست معزولة عن العالم، والأزمة الاقتصادية عالمية، وليست تونسية فقط.

من المتوقع أن تبلغ احتياجات الاقتراض الخارجي لهذا العام أكثر من (5) مليارات دولار

من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي التونسي حسن بالي في تصريح لموقع (سكاي نيوز عربية) أنّ الإجراءات الحكومية المطلوبة على وجه السرعة يجب أن تشمل تنفيذ إصلاحات حاسمة في القطاعات الحيوية للاقتصاد التونسي، وتنفيذ سياسات مالية ونقدية صحيحة وفعالة للحدّ من التضخم والنمو الاقتصادي الحقيقي، إلى جانب البحث عن حلول لتعزيز الثقة في الاقتصاد التونسي وتحفيز الاستثمارات الوطنية والأجنبية.

البنك الدولي على الخط

وكان البنك الدولي قد أعلن عن إطار شراكة استراتيجية جديدة مع تونس تمتد لمدة (5) أعوام، يقدم بمقتضاها تمويلات تتراوح بين (400 و500) مليون دولار سنوياً حتى عام 2027، بهدف مساندة المخطط التنموي للحكومة التونسية الذي يستهدف دفع النشاط الاقتصادي.

وذكر البنك الدولي أنّ هذه التمويلات سيتم تنفيذها عن طريق البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية والوكالة الدولية لضمان الاستثمار، بالإضافة إلى استثمارات إضافية من المؤسستين الأخيرتين.

وأشار البيان إلى أنّ الشراكة الاستراتيجية التي تمتد في الفترة بين عامي 2023 و2027 تهدف بشكل أساسي إلى توفير فرص شغل جيدة في القطاع الخاص، وتعزيز قدرة البلاد على الصمود أمام التغيرات المناخية والحدّ من الانبعاثات الكربونية.

جذور الأزمة

وقد تعرّض الاقتصاد التونسي لضربات متكررة منذ اندلاع الثورة عام 2011، وألحقت هجمات دامية لمتشددين عام 2015 أضراراً بالغة بقطاع السياحة الحيوي، وتسبّبت جائحة كورونا في 2020 بانكماش اقتصادي بلغ 8.8%، كما دمّر الجفاف الزراعة؛ ممّا أدى إلى تفاقم العجز التجاري.

 تعرّض الاقتصاد التونسي لضربات متكررة منذ اندلاع الثورة عام 2011

واستمرت الائتلافات الحاكمة الهشة على مدى عقدين في تجنب اتخاذ قرارات صعبة.

ويرى محللون أنّ تلك الائتلافات فشلت في التعامل مع مصالح تجارية قوية أعاقت المنافسة، كما أنّها لجأت إلى زيادة التوظيف في الشركات الحكومية لمعالجة مشكلة البطالة، إذ أنّ تلك الشركات غير مربحة.

وعلّق صندوق النقد الدولي على فاتورة أجور الدولة عام 2011 بالقول: إنّها من بين أعلى المعدلات في العالم، إذ تبلغ نحو 18% من الناتج المحلي الإجمالي، بينما يمثل الدعم 8% من الناتج المحلي الإجمالي، وتمثل ديون الشركات الحكومية الخاسرة 40% منه.

ووصل عجز الموازنة العام الماضي إلى 10% من الناتج المحلي الإجمالي، وبلغت ديون الدولة 77% منه. ومن المتوقع أن تبلغ احتياجات الاقتراض الخارجي لهذا العام أكثر من (5) مليارات دولار.

وتخشى أوروبا بشدة من احتمال أن تتعرض تونس لأزمة مالية شاملة، قد تدفع بموجة جديدة من المهاجرين عبر البحر المتوسط ​​بحثاً عن حياة أفضل في أوروبا.

مواضيع ذات صلة:

قتل وغضب ومواجهات... من يُحرّك ملف المهاجرين الأفارقة في تونس؟

تكرر عمليات طعن رجال الأمن بتونس... هل يطل شبح الإرهاب من جديد؟

تونس... سعيد يتحدى النقد الدولي ويطلق سهامه على الغرب



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية