بعد مناقشة جدولة الانسحاب الأمريكي... هل تصمد القوات العراقية أمام تحديات داعش؟

بعد مناقشة جدولة الانسحاب الأمريكي... هل تصمد القوات العراقية أمام تحديات داعش؟

بعد مناقشة جدولة الانسحاب الأمريكي... هل تصمد القوات العراقية أمام تحديات داعش؟


31/01/2024

تناقش الحكومة العراقية آليات جدولة انسحاب التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي، في محاولة منها لإرضاء فصائل "المقاومة" الحليفة لإيران. حيث تهدد الفصائل الاستقرار الأمني العراقي بُعيد سلسلة ضربات وجهتها لمناطق التواجد الأمريكي في العراق، لا سيّما في محافظتي الأنبار وأربيل، حيث تتواجد القاعدتين العسكريتين للأمريكيين. 

ويحاول رئيس الحكومة محمد شياع السوداني إرضاء الجانب الإيراني وحلفائه في العراق، وتحديداً ما يُسمّى بـ "فصائل المقاومة". فعلى الرغم من قيادة تكتل (الإطار التنسيقي) المقرّب من طهران دفة الحكم في العراق، إلا أنّ الإيرانيين يضغطون دبلوماسياً وعسكرياً عن طريق الفصائل تارةً، وعن طريق الحرس الثوري تارةً أخرى، لإجبار العراقيين على إنهاء ملف التواجد الأمريكي في بلادهم. 

ويقف العراق عاجزاً إزاء الرد على الهجمات المتبادلة بين الأمريكيين والإيرانيين على الأراضي العراقية، في عملية اختراق واضحة لسيادة العراق، حيث تكتفي بغداد بالاستنكار عبر البيانات الصحافية، في حين تواصل إيران قصف مقرات أجنبية رسمية في أربيل، فيما تقنص المسيّرات الأمريكية قيادات عسكرية موالية لطهران في كل من العراق وسوريا.

ويُحذّر خبراء أمنيون دوليون من انسحاب التحالف الدولي في الوقت الحالي، خشية إنعاش تنظيم داعش من جديد، حيث ما زالت القوات العراقية بحاجة إلى التدريب والمشورة العسكرية من قبل التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية،  ويُذكّر المراقبون باحتمالية تكرار سيناريو انسحاب الأمريكيين عام 2011، وما أعقبه من انهيار أمني، واحتلال داعشي لثلث مساحة العراق. 

فحوى المفاوضات الجارية

تنشر الولايات المتحدة (2500) عسكري في العراق لتقديم المشورة والمساعدة للقوات العراقية لمنع عودة "داعش". 

السوداني يرعى انطلاق الجولة الأولى للحوار الثنائي بين بغداد وواشنطن

واتفقت واشنطن وبغداد الأسبوع الماضي على إطلاق مجموعات عمل في إطار "اللجنة العسكرية العليا" ستدرس مستقبل التحالف الدولي في ضوء "الخطر" الذي يشكله (داعش) وقدرات القوات العراقية.

ونقلت صحيفة الـ (واشنطن بوست) عن المتحدثة قولها: إنّ المحادثات بين بغداد وواشنطن حول قضية الوجود العسكري الأمريكي موجودة حتى قبل الهجوم الذي شنته حركة حماس على إسرائيل في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. 

وأكدت أنّ المحادثات "تتركز حول مستقبل العراق وضمان أنّه جاهز لتحقيق النجاح في الدفاع عن أمنه الخاص وسيادته، وكيف بإمكان الولايات المتحدة دعم العراق للقيام بذلك". 

ومن المتوقع أن تأخذ المحادثات بين الجانبين عدة أشهر، وربما يتطلب خروج القوات الأمريكية أكثر من (3) أعوام، بحسب بعض التقديرات.

وكان مثال الألوسي السياسي والنائب السابق قد قال في وقت سابق: إنّه "لا يوجد أيّ تفاوض ولا طروحات أمريكية للخروج من العراق؛ كل ما هنالك أنّ واشنطن قالت لبغداد إنّها مستعدة لسماع كل الآراء التي تعزز استقلال القرار العراقي بعيداً عن هيمنة إيران والميليشيات".

تحذيرات الفصائل 

وتبنت الفصائل، منذ إعلان بغداد قرب انطلاق المفاوضات مع واشنطن حول انسحاب القوات الأمريكية، (3) ضربات ضد مواقع التحالف، (2) منها في العراق.

وقالت حركة النجباء في بيان: إنّها ستواصل "العمليات العسكرية رداً على العدوان الصهيوني على غزة وتحقيق النصر". وأشارت إلى أنّها "لا تلتفت لأكاذيب المحتل بجدولة الانسحاب"، مبينة أنّها ستستكمل "طرد المحتل عسكرياً" وإنهاء "هيمنة السفارة الأمريكية" على مفاصل الدولة.

وأوضح البيان أنّها ستقوم بإلغاء "قوانين بريمر"، و"سيطرة القوات الأمريكية على قيادة العمليات المشتركة".

 

باسم العوادي: السوداني قدّم تعهداً بأنّ مهمة التحالف ستنتهي خلال دورة حكومته الحالية، وهذا ما سيتم ويتحقق

 

وهدد الفصيل مَن سمّاهم بـ "الخونة" المتعاونين مع القوات الأمريكية أن يتداركوا أمرهم قبل تكرار "سيناريو أفغانستان"، في إشارة إلى انسحاب أمريكا من هناك قبل أعوام.

وكانت مجموعة ما يُعرف بـ "المقاومة الاسلامية" قد أعلنت في وقت سابق أنّها ستواصل عملياتها ضد الوجود الأجنبي، رغم إعلان الحكومة انطلاق المفاوضات مع واشنطن.

ووفقاً لبيان الفصائل الذي صدر مساء الجمعة، فإنّ "الإذعان الأمريكي لطلب الحكومة العراقية بتشكيل لجنة لترتيب وضع قواتهم، ما كان ليتحقق لولا ضربات المقاومة".

وقلل البيان من أهمية تلك المفاوضات، واعتبرها محاولة "لخلط الأوراق، وقلب الطاولة على المقاومة، وكسب الوقت".

 الناطق الرسمي للحكومة العراقية باسم العوادي

وقال الفصيل: إنّ الرد سيكون "الاستمرار بالعمليات الجهادية ضد الوجود الأجنبي"، مضيفاً: "ويُفضل ألّا يكون الحوار بشأن هذا الانسحاب المزعوم حتى تتبين حقيقة نياتهم ومدى جدية التزامهم بإخراج قواتهم الغازية من العراق، ومغادرة طيرانهم المسُيّر والحربي وغيره أجواء البلاد بالكامل، وتسليم قيادة العمليات المشتركة للجانب العراقي".

حكومة بغداد تصرّح 

من جهتها، أعلنت الحكومة العراقية أنّ إنهاء مهمة التحالف الدولي هي إحدى فقرات البرنامج الحكومي، وأنّ إنهاء مهمة التحالف قد ابتدأت رسمياً منذ الاجتماع الأول للّجنة العسكرية العليا.

 

النائب السابق مثال الألوسي: واشنطن قالت لبغداد إنّها مستعدة لسماع كل الآراء التي تعزز استقلال القرار العراقي بعيداً عن هيمنة إيران

 

وقال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي في تصريح صحفي: "بعد مرور أعوام من التحرير، فإنّ مهمة التحالف الدولي بحاجة إلى المناقشة، وتبحث من ناحية ما قدمه التحالف الدولي على مستوى دراسة التهديدات والمخاطر وتطوير القابلية القتالية والتدريبية والاستخبارية والتسليحية للقوات العراقية لتقوم بواجبها الوطني بحماية الأرض العراقية"، مشيراً إلى أنّه "لا يمكن لهذا التحالف أن يبقى إلى ما لا نهاية".

وذكر أنّ "الحوار بدأ بين قوات التحالف الدولي والحكومة العراقية برعاية رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وأنّ مشوار نهاية مهمة التحالف الدولي في العراق وضع على السكة"، موضحاً أنّ "رئيس الوزراء قدم تعهداً بأنّ مهمة التحالف ستنتهي خلال دورة حكومته الحالية، وهذا ما سيتم ويتحقق".

مخاطر أمنية

وحذّر مراقبون من مخاطر أمنية قد تواجه العراق مع عملية انسحاب مستعجلة للقوات الأمريكية وقوات التحالف من البلد؛ ممّا سيترك العراق في حالة عدم تهيؤ للتعامل مع مشاكل أمنية داخلية متجذرة، وخلايا نائمة من مسلحي تنظيم  داعش يقدر عددهم بحدود (1000) مسلح منتشرين بين العراق وسوريا.

النائب السابق مثال الألوسي

مسؤول عسكري أمريكي رفيع المستوى كشف لموقع (ذي آرت ستريت) عن أنّ هناك ما يقارب من (1000) شخص من مسلحي تنظيم داعش ينتشرون ما بين العراق وسوريا، مشيراً إلى أنّ مناقشة وضع جدول زمني للانسحاب تضيف تعقيداً آخر للمباحثات، ففي الوقت الذي تفضل فيه الولايات المتحدة انسحاباً مبنياً على تطور الأوضاع الأمنية، والذي يشتمل على الاطمئنان من إلحاق الهزيمة الدائمة بـ "داعش" وضمان استقرار البلد، فإنّ هناك أطرافاً أخرى في العراق تدفع إلى انسحاب ضمن إطار وقت محدد.

جوناثان لورد، باحث أمني أمريكي، حث باتجاه إجراء تحول في الدعم الأمريكي، مؤكداً على حاجة القوات الأمنية العراقية لقدرة وكفاءة عسكرية مستمرتين تحولان دون احتمالية عودة تهديدات وتحديات ماضية لتنظيم داعش.

وفي الوقت الذي يتوقع فيه حدوث تغييرات تزويقية لطبيعة العلاقة الأمنية بين البلدين، فإنّ مسؤولاً عسكرياً أمريكياً كبيراً يتوقع أنّ العراق لا يرغب بانسحاب عاجل للقوات الأمريكية، لما قد يشكل ذلك من تحديات أمنية في غياب المساعدة الأمنية الأمريكية.

مواضيع ذات صلة:

العراق في 2023: عام المفاجآت السياسية وتصاعد حدة المواجهة بين الفصائل وأمريكا

لماذا يخسر التيار المدني في العراق؟ هل يصب قانون الانتخابات في صالح الإسلاميين فقط؟

العراق: تحالف الإخوان يتصدر القوائم الخاسرة في الأنبار... ما السبب؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية