لماذا يدعم مسعود بارزاني التيار السلفي في كردستان؟.. ما علاقة الإخوان؟

السلفية الدينية تتمدد على حساب الطرق الصوفية... لماذا يدعمهم مسعود بارزاني في كردستان؟

لماذا يدعم مسعود بارزاني التيار السلفي في كردستان؟.. ما علاقة الإخوان؟


16/10/2023

يزحف التيار السلفي على المساحة الاجتماعية لجماعة الإسلام السياسي السُنّي في إقليم كردستان العراق، إذ يشرع السلفيون ببناء قواعد شعبية لهم، من خلال العمل الوعظي، وفتح وسائل إعلام، والسيطرة على بعض المساجد في الإقليم، فضلاً عن فتح جمعيات خيرية تستقطب من خلالها الشباب العاطلين عن العمل، وشريحة الفقراء والمعوزين.

ولا يخفى على السلطات الكردية التحرّكات السلفية في الآونة الأخيرة، بل تحظى تلك التحرّكات بدعم خفيّ من سلطة (الحزب الديمقراطي الكردستاني) الحاكم في محافظتي أربيل ودهوك، بينما يُحذّر غريمه (الاتحاد الوطني الكردستاني) من انتشار السلفية في مدينة السليمانية، حيث المعقل السياسي للحزب الأخير.

وتذهب مجمل الآراء إلى أنّ دعم الحزب الحاكم بزعامة مسعود بارزاني للتيار السلفي، يعود إلى تكتيك اعتمده بارزاني، هدفه إضعاف قوى الإسلام السياسي، تحديداً (الاتحاد الإسلامي الكردستاني) الذراع القومية لحركة الإخوان المسلمين في الإقليم. حيث يؤمن السلفيون الكرد بالعمل الدعوي الديني فقط، ويرفضون العمل السياسي، ممّا يجعلهم ورقة سياسية بيد بارزاني أمام خصومهم الإسلاميين من الإخوان.

تذهب مجمل الآراء إلى أنّ دعم الحزب الحاكم بزعامة مسعود بارزاني للتيار السلفي، يعود إلى تكتيك اعتمده بارزاني، هدفه إضعاف قوى الإسلام السياسي، تحديداً (الاتحاد الإسلامي الكردستاني) الذراع القومية لحركة الإخوان المسلمين في الإقليم

ويسيطر على إقليم كردستان العراق (3 محافظات) حزبا (الديمقراطي الكردستاني) بزعامة مسعود بارزاني، و(الاتحاد الوطني الكردستاني) بزعامة بافل طالباني. وخلفية كلا الحزبين تعود إلى جذور علمانية لا تؤمن بفاعلية القوى الدينية مطلقاً. وتعمل قوى الإسلام السياسي في الإقليم، إلّا أنّ حضورها الانتخابي يبقى محدوداً قياساً بحضور الحزبين الكرديين الرئيسين.

الخلفية العقائدية للكرد 

ينشطر المجتمع الكردي في كردستان العراق إلى طوائف عدة؛ وهي: مسلمون سنّة وشيعة، ومسيحيون، وإيزيديون، وشبك، وكاكائيون. إلّا أنّ الهيمنة الاجتماعية هي للمكوّن السنّي، حيث ينتمي غالبية أبناء السنّة في الإقليم إلى المذاهب الصوفية. ومن الإقليم انتشرت الحركات الصوفية المعروفة، أمثال: الكسنزانية، والنقشبندية، إلى العالم الإسلامي. ويدور معظمهم في فلك المتصوّف الكبير الشيخ عبد القادر الجيلاني، والمتصوّف الكبير الشيخ أحمد الرفاعي، فضلاً عن آخرين.

القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني ملا بختيار يحذر من انتشار السلفيين في كردستان

وقد بقي الكرد السُنّة في إقليم كردستان يعتزون بانتمائهم الصوفي، وكانت مساجدهم طوال العقود الماضية تحفل بالتسبيح والتهليل وإقامة الصلوات والأذكار النبوية، لكن منذ أعوام قليلة بدأ التيار السلفي بالانتشار بصورة كبيرة في مدن إقليم كردستان.

الملا بختيار: المجتمعات التي لم تشهد الديمقراطية والحرية هي دائماً معرّضة لحركات رجعية مثل السلفية، ونحذّر من ظهور السلفية التكفيرية مرةً أخرى في إقليم كردستان

ولا يعدم وجود السلفية "الجهادية" في الإقليم، إذ شكلت الأخيرة تنظيمات مسلحة في العقد الثامن من القرن الـ (20)، ونشطت في تسعينيات القرن الماضي، وكان مقر تلك التنظيمات في مدينة السليمانية. ومن أبرز التنظيمات السلفية "الجهادية" المسلحة، كان تنظيم "أنصار الإسلام" بقيادة الملا كريكار، حيث خاض الأخير معارك مع سلطة (الاتحاد الوطني الكردستاني) في المناطق المحاذية للحدود الإيرانية، حيث انتشار التنظيم السلفي الجهادي.

تحذيرات من انتشار السلفيين

ويستغرب ساسة كرد من انتشار المد السلفي في مدن إقليم كردستان، على حساب الطرق الصوفية هناك، ويُحذّر قياديون في (الاتحاد الوطني الكردستاني) من خطورة التيار السلفي، سواء كان تياراً جهادياً أو تياراً دعوياً فقط.

ويقول الملا بختيار، في كلمة له خلال مؤتمر "الدين للفرد والديمقراطية للمجتمع"، المنعقد في السليمانية: إنّ "مخاطر الحرب العالمية، والحروب الأهلية، مستمرة بسبب العقلية والسلطة المذهبية الحاكمة في المنطقة".

سبق أن احتضنت السلفية "الجهادية" في كردستان قيادات في تنظيم (القاعدة)، حيث معسكرهم المعروف بمدينة بيارة في السليمانية، ونفذت تلك المجاميع "الجهادية" عمليات قتل ممنهجة بالمدينة

وأضاف أنّ "المجتمعات التي لم تشهد الديمقراطية والحرية هي دائماً معرّضة لحركات رجعية مثل السلفية"، محذّراً من "ظهور السلفية التكفيرية مرةً أخرى في إقليم كردستان، وتنفيذها عمليات القتل والتفجيرات الانتحارية".

وأشار إلى أنّ "السلفيين ما يزالون أقوياء في المجتمع، ويستطيعون تعبئته ودفعه نحو القتل، ووأد الديمقراطية في كردستان".

وسبق أن احتضنت السلفية الجهادية في كردستان قيادات في تنظيم (القاعدة)، حيث معسكرهم المعروف بمدينة بيارة في السليمانية، ونفذت تلك المجاميع "الجهادية" عمليات قتل ممنهجة إبّان المعارك التي دارت مع حزب (الاتحاد الوطني الكردستاني) الحاكم في السليمانية.

دوافع دعم السلفيين

من جانب آخر، يرى باحثون كرد أنّ الهدف من وراء دعم (الحزب الديمقراطي الكردستاني) للتيار السلفي في إقليم كردستان، يعود إلى الاستثمار في التيار، على حساب المساحة الاجتماعية المتاحة لقوى الإسلام السياسي الكردي. مؤكدين أنّ عزوف السلفية الحالية عن العمل السياسي يأتي لصالح الأحزاب القومية العلمانية المناهضة للإسلاميين.

زعيم التيار السلفي في كردستان الملا عبد اللطيف السلفي

ويقول آزاد نوري: إنّ "التيار السلفي، يرفع راية التثقيف العقائدي الذي يتمحور حول التوحيد، والنبوة، والإيمان بالمعاد، فضلاً عن العمل الخيري في المجتمع"، مبيناً أنّ "السلفيين الحاليين يرفضون العمل السياسي، وهو ما يجعلهم في تصادم مع القوى الإسلامية التي تعمل على أدلجة الدين لصالحها".

وأشار إلى أنّ "انكفاء السلفيين بمحور عقائدي غير مؤدلج سياسياً يجعلهم أداةً بيد حزب بارزاني لضرب خصومه في الإسلام السياسي الكردي"، موضحاً أنّ "بارزاني منحهم إجازة العمل الدعوي، ومنحهم وسائل إعلام يتحدثون من خلالها، ولهم مساجد عدة ينشطون دعوياً من خلالها أيضاً".

ويلفت نوري إلى أنّ "السلفيين صحيح يأكلون من جرف الإسلام السياسي، لكنّهم أيضاً يأكلون من جرف الاعتقاد الصوفي لعامة أبناء السنّة في إقليم كردستان، وهذا ما يعود بالضرر الاعتقادي لهذه الشريحة الكبيرة، علماً أنّ (الحزب الديمقراطي الكردستاني) يؤكد سيطرته الأمنية التامة على مجمل الإقليم، إلّا أنّ القضية ليست أمنية بقدر ما هي عقائدية، وتأتي لصالح التيار السلفي على حساب التيارات الصوفية".

مواضيع ذات صلة:

العراق يرفض القصف التركي لمواقع حزب العمال الكردستاني ويصفه بـ "العدوان"

"الإسلام السياسي" بإقليم كردستان العراق... ما سبب فشل التحول إلى قوى شعبية؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية