ليبيا: بعد محاولة فاشلة للسيطرة على طرابلس... ما الخطوة التالية للأطراف المتنافسة؟

ليبيا: بعد محاولة فاشلة للسيطرة على طرابلس... ما الخطوة التالية للأطراف المتنافسة؟


05/09/2022

بعد نحو (10) أيام من اشتباكات طرابلس الأخيرة في 27 آب (أغسطس) الماضي، رجحت صحيفة "فاينانشال تايمز" أن تخطط أطراف النزاع الليبية لـ"خطوات تالية"، ولا سيّما في ضوء غياب "دفة" محددة للدبلوماسية الدولية، واحتمالات قاتمة لتحقيق اختراق دبلوماسي للأزمة الليبية.

 الاشتباكات الأخيرة "لم تحسم الأزمة على الصعيد السياسي"، على حدّ قول عماد الدين بادي، الزميل الأول في مؤسسة "أتلانتيك كاونسل" لمبادرات الشرق الأوسط، غير أنّه أضاف أنّ "الديناميكيات العسكرية تساعد على التغيير"، في إشارة إلى توازن القوى على الأرض بين حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبد الحميد الدبيبة، الذي يلقى دعماً لا حصر له من تركيا، وفتحي باشاغا، رئيس حكومة الاستقرار الوطني التي نالت ثقة البرلمان الليبي في آذار (مارس) الماضي.

 وشهدت طرابلس قبل نحو أسبوع اشتباكات دامية بين قوات باشاغا وميليشيات ومرتزقة موالين للدبيبة، أدت إلى سقوط نحو (32) قتيلاً وأكثر من (150) مصاباً، في مواجهات قالت قناة "ليبيا 24" إنّ تركيا انخرطت فيها بالمسيّرات والقوات.

 المربع صفر

في حين تشير التقارير الإعلامية إلى اختلال التوازن العسكري بين قوات باشاغا وميليشيات الدبيبة، واعتبار اشتباكات طرابلس الأسبوع الماضي أنّها فشل سياسي لباشاغا، قال بادي: إنّه "يمكن توجيه هذا نحو إطلاق عملية سياسية جديدة، حتى لو كانت احتمالية حدوث ذلك ضئيلة"، ممّا يمثل عودة الصراع الليبي إلى المربع صفر.

من اشتباكات طرابلس الأخيرة في 27 آب (أغسطس) الماضي

ونقلت الصحيفة البريطانية عن فاضل الأمين مستشار الأمن القومي لرئيس حكومة الاستقرار الوطني تأكيده أنّ باشاغا "لن يلجأ إلى العنف المرة القادمة"، موضحاً أنّه "سيسعى بدلاً من ذلك لكسب مؤيدي الدبيبة في طرابلس في صفه، حيث يمكن أن تتغير ولاءات الميليشيات المختلفة، كجزء من الجهود المبذولة لتعزيز تحالفه".

 تحذير تركي

حديث فاضل الأمين عن عدم لجوء رئيس حكومة الاستقرار الوطني للعنف مجدداً يأتي بعد تحذير تركي لباشاغا من مغبة دخول طرابلس بالقوة، قبل أن يغادر اجتماعاً مع مسؤولين أتراك، في إحدى مدن تركيا، وهو "في حالة غضب شديد"، على حدّ قول الصحفي التركي فهيم تاشتكين، في تقرير لصحيفة "المونيتور".

وتحت عنوان "تركيا تدعم قوات طرابلس وسط اشتباكات عنيفة"، قال تاشتكين أول من أمس: إنّ وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو ووزير الدفاع خلوصي أكار ورئيس المخابرات هكان فيدان اجتمعوا بالدبيبة وباشاغا، في لقاءين منفصلين عكسا مقدار الدعم الذي تقدّمه تركيا لحكومة الدبيبة.

وبحسب تاشتكين، عقدت الاجتماعات بين الطرفين بشكل منفصل في "مقر المخابرات التركية"، حيث تجنب باشاغا والدبيبة الإقامة في الفندق نفسه.

 

رجحت "فاينانشال تايمز" أن تخطط أطراف النزاع الليبية لـ"خطوات تالية"، ولا سيّما في ضوء غياب "دفة" محددة للدبلوماسية الدولية

 

وأشار تاشتكين إلى صورة تسربت للصحافة الليبية تظهر جاويش أوغلو وأكار وفيدان سوياً مع الدبيبة، ممّا أثار "تكهنات بأنّ أنقرة قدّمت دعماً للدبيبة في الصراع المستمر على السلطة"، غير أنّ صوراً نشرتها قناة "ليبيا 24" أكدت أنّها ليست مجرد تكهنات، فقد أكدت القناة الليبية أنّ القوات التركية ساهمت في وقف تقدم القوات الداعمة لباشاغا وصد هجومهم على الميليشيات الموالية للدبيبة عبر الطيران المسيّر التركي و"قوات تركية".

ونشرت القناة، عبر موقعها الرسمي على الإنترنت، صور قذائف قالت إنّ الطائرات المسيّرة التركية أطلقتها على أهداف عسكرية معادية للميليشيات المسلحة الموالية للدبيبة.

وكشف اللواء أسامة الجويلي، في تصريحات لـ"فاينانشال تايمز"، أنّ قواته تعرّضت لضربات من طائرات مسيّرة تركية لوقف تقدّم القوات نحو طرابلس، موضحاً أنّها أطلقت (18) صاروخاً، في رواية أكدها دبلوماسي غربي، وفقاً للصحيفة البريطانية، وقد اعتادت تركيا نفي ذلك التدخل، حيث نقلت "فاينانشال تايمز" عن مسؤول أمني وصفته بالمطلع قوله: إنّ تركيا نفت لمصر تدخلها في الاشتباكات الأخيرة.

 صورة تسربت للصحافة الليبية تظهر جاويش أوغلو وأكار وفيدان سوياً مع الدبيبة

 ونقلت "المونيتور" عن صحفي الـ"فاينانشال تايمز" سامر الأطرش قوله: إنّ الجويلي أخبره بأنّ مسيرات بيرقدار "تي بي 2 إس" قد استخدمت بالفعل في الهجوم.

 وأشار تاشتكين إلى أنّ مفتي جماعة الإخوان المسلمين في طرابلس صادق الغرياني هنّأ المسؤولين الذين استخدموا الطائرات المسيّرة.

 هل من حل؟

غادر باشاغا الاجتماع مع المسؤولين الأتراك وهو في حالة غضب شديد، وفقاً للصحفي التركي، الذي أكد أنّ ذلك جاء بعد تحذير نائب رئيس وكالة المخابرات الوطنية التركية عمر جيليك الأطراف المحلية من أنّ أيّ محاولة لدخول طرابلس بالقوة سيتم اعتبارها "عملاً عدائياً"، وهو ما رفضه باشاغا، واعتبره دعماً غير مشروط من قبل أنقرة للدبيبة.

 وكان باشاغا قد قام خلال الأشهر الأخيرة بزيارات متتالية إلى أنقرة، وذلك لدفعها إلى وقف دعمها لحكومة الدبيبة، حيث تعتبر أنقرة من أكثر الدول الداعمة لحكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها.

 

حديث فاضل الأمين عن عدم لجوء رئيس حكومة الاستقرار الوطني للعنف مجدداً يأتي بعد تحذير تركي لباشاغا من مغبة دخول طرابلس بالقوة، قبل أن يغادر اجتماعاً مع مسؤولين أتراك

 

 ونقلت صحيفة "العرب اللندنية" عن مراقبين قولهم: إنّ باشاغا دعا مراراً الجانب التركي إلى وقف دعم ميليشيات موالية للدبيبة، خاصة أنّ تركيا ما تزال تملك قوات ومرتزقة في المنطقة الغربية، وهي قادرة على التأثير في المشهد خاصة في العاصمة طرابلس.

 ورغم أنّ باشاغا أكد مراراً أنّ علاقته بتركيا جيدة، وهي تعود إلى أعوام مضت، خاصة إبّان توليه وزارة الداخلية في حكومة الوفاق الوطني بقيادة فائز السراج، لكن يبدو أنّ هذه العلاقات بدأت تتأثر سلباً مع إصرار تركيا على دعم حكومة الوحدة الوطنية.

 وقد فشل فتحي باشاغا في الإطاحة بحكومة منافسه الدبيبة، بعد أن فقدت جماعات مسلحة موالية له السيطرة على الأرض في المعركة التي تجددت مطلع الأسبوع الجاري، مع تعيين السنغالي عبدالله باتيلي مبعوثاً أممياً خلفاً لستيفاني ويليامز التي أخفقت في تسوية الملف.

 ومن المتوقع أن يواجه باتيلي الكثير من التعقيدات لإنهاء الخلافات السياسية والصراع العسكري مع تصاعد التدخلات الأجنبية، خاصة التركية وحالة الانقسام المزمنة.

 ويرى المراقبون أنّ المشهد الراهن هو تكرار للأزمة التي عاشتها ليبيا خلال فترة المواجهة بين خليفة حفتر وحكومة الوفاق الوطني السابقة بقيادة السراج.

مواضيع ذات صلة:

ليبيا: كيف أضاع باشاغا فرصة دخول طرابلس؟

ليبيا: ما تأثير تفعيل الدائرة الدستورية على الأزمة السياسية؟

ليبيا: ما حقيقة وجود مادة برومات البوتاسيوم المسرطنة في الخبز؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية