البرلمان الكويتي بين سن القوانين وممارسة التنجيم

البرلمان الكويتي بين سن القوانين وممارسة التنجيم

البرلمان الكويتي بين سن القوانين وممارسة التنجيم


05/02/2024

أحمد شهاب

يبدو أن هناك لبسا في فهم الوظائف التي يلزم على النواب الكويتيين الاهتمام بها خلال فترة عملهم. فثمة نواب تركوا السعي لإقرار قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية وتفرغوا لمزاولة التنجيم في القضايا الصحية والأمنية.

قال لي أحد الأصدقاء قبل فترة إنه يتابع تنبؤات عرافة شهيرة واكتشف بالصدفة تطابق تصريحات أحد البرلمانيين معها. وللإنصاف لم أتابع تنبؤات العرافة، ولكني قرأت للنائب تصريحا يتحدث فيه عن أمور غيبية تصلح لأن تنطلق من عراف يسكن في بيت مهجور لا من نائب يتحدث من بيت الأمة.

لا يخرج عن هذا السياق أولئك النواب الذين اعتبروا أن الفوز بعضوية البرلمان هو شهادة مفتوحة في كل التخصصات العلمية، فأخذوا يجادلون الأطباء في تخصصاتهم الدقيقة، ويكذبون المهندسين في مجالات عملهم، ويناكفون رجال الدين في فتاويهم، في الوقت الذي رهنوا قرارهم السياسي لإرادة غيرهم.

مثل التحذير الذي أطلقه أحد النواب من التأثيرات السلبية لبعض التطعيمات والعلاجات الطبية على الرغم من أن هذه القضية برمتها هي من اختصاص الأطباء والأجهزة الصحية، وليست من اختصاص نائب رشحه الناخبون لسن القوانين والرقابة.

يأتي ذلك من مجلس يتبنى بعض أعضائه ضمن أولوياته المستعجلة إقرار قانون تجريم السحر والشعوذة وادعاء الغيب، فهل سيتم تطبيق العقوبات على النواب الذين يبثون الرعب في المجتمع بتصريحات غير مسؤولة وتدخل بعضها في الرجم بالغيب؟

ولا أعلم صراحة إن كانت هذه الممارسات التضليلية هي جزء من برنامج لتمرير القوانين الفاسدة أو المصالح غير المشروعة، ولكن ما أعرفه أن الناخبين ينتظرون من النواب إجراءات مختلفة تماما، ويعتبرون صمتت زملائهم على هذا التهريج يثير علامات التعجب.

ينتظر الناخبون إجراء من قبيل مكافحة الفساد. ولو استعرضنا الأولويات الـ15 المعلنة للمجلس، فسوف نفاجأ بغياب محاربة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة من قائمة الأولويات، وسقطت من الأولويات قضية البدون (غير محددي الجنسية)، ولا أعلم إن كان ذلك التجاهل ترضية سياسية أم أنهما سقطتا سهوا من اهتمامهم؟

ويخشى الناس من أن تكون خارطة الأولويات هي مجرد أفكار للتداول دون تنفيذ، وفي مقدمتها إلغاء قانون المعاشات الاستثنائية، ووضع سياسات تعليمية، وتعديل هيكل الأجور، وتشريع قانون إسقاط القروض، وتنظيم الوظائف القيادية، وإقرار قوانين الإصلاح السياسي.

هذه الحزمة من الأولويات تحتاج آلية عمل محددة لتنفيذها، وذلك حتى لا تكون قرارات المجلس حبيسة قاعاته. إن معرفة تفاصيل وإجراءات العمل والشفافية، هما ما ينتظره الناخبون من نوابهم، وهما أبلغ من الحديث عن رش الكوكب بالمواد الكيميائية، أو غزو الأرض من قبل كائنات فضائية.

عن "العرب" اللندنية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية