الحقيقة الغائبة حول موقف الإمام المراغي من الإخوان المسلمين

الحقيقة الغائبة حول موقف الإمام المراغي من الإخوان

الحقيقة الغائبة حول موقف الإمام المراغي من الإخوان المسلمين


20/08/2023

تزعم جماعة الإخوان أنّ شيخ الأزهر الإمام محمد مصطفى المراغي كان داعماً لجماعة الإخوان، وتستند في هذا الزعم إلى عدد من المواقف بينه وبين حسن البنا مؤسس الجماعة، وفي هذه المقالة نستعرض علاقة الشيخ المراغي بجماعة الإخوان، ونكشف أنّ المراغي هو أول عالم ومصلح ومجدد طالب بحلّ جماعة الإخوان لأسباب دينية.

تولى الشيخ المراغي (1881ـ1945) منصب شيخ الأزهر، في الفترة من العام  1928 حتى استقالته في العام 1930، ثم تولى المشيخة مرة أخرى في العام 1935 حتى وفاته في آب (أغسطس) 1945، وكان على علاقة بمؤسس الإخوان حسن البنا، ومن مظاهر هذه العلاقة أنّ البنا ذهب إليه في العام 1935، ومعه عدد من الإخوان، وسلموه رسائل متعلقة بإصلاح التعليم الديني، كما بعث البنا برسالة إلى الشيخ المراغي في العام 1938 يبدي فيها تقديره للشيخ المراغي، ويطالبه بتكثيف الجهود لخدمة الإسلام والنهوض به (صحيفة النذير الإخوانية، السنة الأولى، العدد الثاني، الإثنين، 6 ربيع الثاني، 1357هـ، 1938، ص ص 6- 7). أيضا نجد أنّ جماعة الإخوان احتفت بالشيخ المراغي، وتوقعوا أن يجدوا فيه نصيراً لدعوتهم، فذهب مؤسس الإخوان إلى الإمام المراغي، واستقبله المراغي خير استقبال (حسن البنا، رسالة المنهج، ص10، 11، ومجلة المنار، المجلد 35، الجزء الخامس، 1جمادى الثانية 18 تموز (يوليو) 1939م، ص ص3، 7).

واستمر التواصل بين الإخوان والمراغي، فبعث البنا برسالة إلى المراغي يظهر فيها تقديره له، وتوقعوا أن يجدوا في المراغي نصيراً لدعوتهم، وذهب البنا إلى الإمام المراغي، واستقبله الأستاذ الأكبر خير استقبال "جريدة الإخوان الأسبوعية، السنة الخامسة، العدد18، أيلول (سبتمبر) 1937".

تزعم جماعة الإخوان أنّ شيخ الأزهر الإمام محمد مصطفى المراغي كان داعماً لجماعة الإخوان، وتستند في هذا الزعم إلى عدد من المواقف بينه وبين حسن البنا مؤسس الجماعة

وعندما توفى الشيخ رشيد رضا صاحب مجلة (المنار)، ووقع الاختيار على حسن البنا لرئاسة تحرير المجلة، سعد الشيخ المراغي بهذا الاختيار، وقال: "كانت مجلة (المنار) مرجعاً من المراجع الإسلامية العالية، وقد علمت أنّ الأستاذ حسن البنا يريد أن يبعث المنار، ويعيده بعد وفاة رشيد رضا" (حسن البنا، مذكرات الدعوة والداعية، ص251، والشيخ المراغي، مجلة المنار، الجزء الـ (35)، 1939م، ص4). وأشادت مجلة الإخوان بما قاله الشيخ المراغي، فقالت: "هذه كلمة عظيمة من الشيخ المراغي، وعلى الأزهر أن يستعد لأداء أمانته، وعلى مصر -زعيمة الإسلام- أن تتجهز لحمل راية الزعامة من جديد (مجلة الإخوان المسلمين، العدد 68، السنة الثالثة، 30/8/1945م، ص5، وعبده مصطفى دسوقي، الإخوان المسلمون والأزهر، الموسوعة التاريخية الرسمية للإخوان المسلمين (ويكيبيديا الإخوان) 30/8/2008). كما بعث البنا برسالة إلى الشيخ المراغي يشيد بمقاومته ما سمّاه: "بوائق الإلحاد، والإباحية الجامحة، وتقوية سلطان الدين في النفوس" (صحيفة النذير الإخوانية، السنة الأولى، العدد الثاني، الإثنين، 6 ربيع الثاني، 1357هـ، 1938م، ص6، 7). فقد فرح الإخوان بموقف المراغي، وعلّق حسن البنا قائلاً: "سعد الإخوان المسلمون بهذا الصنيع، وبالدعوة إلى الخير، وقام الأزهر بوظيفة الدعاة، ولكن هل ذلك وحده يكفى"؟!  (النذير، العدد2، السنة الأولى، 6 حزيران (يونيو) 1938م، ص6).

وكل ذلك يظهر مدى التجاوب الذي كان بين الإخوان وبين الشيخ المراغي، لكن تغيرت العلاقة، وشنّ تنظيم الإخوان هجوماً على الأزهر والمراغي، حتى إنّ الكثيرين من الإخوان أصبحوا ينظرون إلى المراغي نظرة اتهام (إبراهيم البعثي، شخصيات إسلامية معاصرة، مؤسسة الشعب، ص ص180 ـ 181).

المراغي يطالب بحلّ جماعة الإخوان

والمراغي، كغيره من بعض الأزهريين، اعتقد أنّ جماعة الإخوان جماعة دينية تدعو إلى الله على بصيرة، وليس لها أهداف أخرى، لكن لمّا تبينت له الصورة كاملة من أنّ الجماعة لها أهداف أخرى، وأنّها تدعو لمرجعية (موازية لمرجعية الأزهر)، ولها أهدافها التي تخدم التنظيم، وليس الدين ومقاصده، تراجع المراغي عن رأيه في الجماعة، وتبين له أنّ وجودها خطر على الدين، فطالب بحلّ الجماعة، وهو أمر لا يعرفه الكثيرون.

كان أول أزهري أو عالم طالب بحلّ جماعة الإخوان هو شيخ الأزهر (محمد مصطفى المراغي)، وذلك في العام 1945، ونشرت مجلة (الإخوان المسلمين) الأسبوعية خبر مطالبة الشيخ المراغي بحلّ جماعة الإخوان تحت عنوان: أربع محاولات لحلّ جماعة الإخوان، بسبب أنّها تريد خلق مرجعية دينية وإفتائية بديلة عن الأزهر الشريف، وأباحت لنفسها الفتوى في الدين، ونشرها بين الناس، بما يتفق مع أغراضها وأهدافها ويخدم التنظيم، وليس بما يتفق مع أصول الدين ومقاصده، لكنّ المراغي توفي قبل تحقيق طلبه.

تراجع المراغي عن رأيه في الجماعة، وتبين له أنّ وجودها خطر على الدين، فطالب بحلّها، ليكون أول عالم ومصلح ومجدد يطالب بحلّ جماعة الإخوان لأسباب دينية

تقول مجلة الإخوان: "والمرة الثالثة لحلّ جماعة الإخوان كانت في وزارة أحمد ماهر باشا، وكان الحلّ هذه المرة بناء علي طلب الشيخ المراغي، الذي طالب بحلّ جميع الهيئات الدينية، ومن بينها جمعية الإخوان المسلمين، لأنّ هذه الهيئات أباحت لنفسها استصدار الفتوى، ونشرها على الناس، كل بما يتفق وأغراضها، لكنّ الإمام المراغي مات قبل أن ينفذ رغبته". (مجلة الإخوان، الأحد، 8 جمادى الآخرة، 1367هـ، 17 نيسان (أبريل) 1948م، السنة السادسة، العدد 195، ص10).

ومن المهم هنا الإشارة إلى أنّ جماعة الإخوان حين طالب شيخ الأزهر بحلها، كانت علاقتها بالملك وحاشيته وطيدة، حتى إنّ مجلة الإخوان نشرت على غلافها صورة كبيرة للملك فاروق، وكتبت تحتها (الملك فاروق حامي المصحف)، وكان الإخوان يمتدحون الملك، ويتقربون إليه بإطراء غير مسبوق، ومن هنا نعلم أنّ مطالبة المراغي بحلّ الجماعة ليس لها علاقة بالسياسة، ولا بإرضاء حاكم أو سلطان، بل كان مطلبه حفاظاً على الدين من القيام باستخدامه لمصالح حزبية، والعمل على تسييس الفتوى لخدمة أهداف حزبية إيديولوجية.

مواضيع ذات صلة:

الإخوان المسلمون ومغامرة العقل المستقيل

من بروتوكولات جماعة الإخوان المسلمين في الغرب

لماذا لن ينجح الإخوان بممارسة السياسة؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية