انتهازية بنكيران تكشف براغماتية الإخوان في المغرب وتلاعبهم بالدين

انتهازية بنكيران تكشف براغماتية الإخوان في المغرب وتلاعبهم بالدين

انتهازية بنكيران تكشف براغماتية الإخوان في المغرب وتلاعبهم بالدين


04/05/2024

ما تزال خسائر حزب العدالة والتنمية الانتخابية في المغرب تثير جدالات عديدة وعنيفة، في ظل المحاولات المحمومة لتحويل الفشل السياسي في الحكم وإدارة أزمات البلاد، فضلاً عن تآكل حواضنهم المجتمعية، إلى وسيلة للاستقطاب من جديد، والتعمية عن مسؤوليتهم في ذلك، ثم ضلوعهم في المآلات الصعبة والمأساوية التي شهدتها البلاد مع فترة التمكين الإخواني، بداية من البطالة، مروراً بالتضخم، وحتى تدني مستوى المعيشة.

حجج إخوان المغرب الواهية

الذراع السياسية لإخوان المغرب لا تكفّ عن التذرع بحجج تلفيقية بأنّهم غير مسؤولين عن الفشل ومتتالية الإخفاقات في السياسة والاقتصاد والأمن، وهي المساعي التي تهدف إلى بعث الانقسامات المجتمعية والاستقطابات الحادة التي تعمد إليها "الجماعة" في تجديد وبناء شرعيتها، وترميم الفجوات التي اتسعت، بفعل ممارساتهم العشوائية والبراغماتية الضيقة لحساباتهم الفئوية في مقابل إهدار حقوق المواطنين عامة، إذ إنّها تقتات على الانقسام والشروخ وتعبئة الأفراد في معسكرات راديكالية.

رئيس الفيدرالية الوطنية للشبيبة التجمعية لحسن السعدي

بحسب موقع (هسبريس) المغربي، فإنّ الحزب الإخواني بقيادة عبد الإله بنكيران يسعى من خلال الانتخابات الجزئية في فاس إلى البحث عن "انتصار رمزي"، حيث شرع من خلال مؤتمر بالمدينة الواقعة في أقصى شمال شرق المغرب، في إطلاق لغة خطابية يجذب بها الناخب لمرشحه محمد خيي، وفي المقابل لم يتوانَ عن مهاجمة الحكومة، باعتبارها مسؤولة عن الوهن السياسي والاقتصادي.

خسائر حزب العدالة والتنمية الانتخابية في المغرب تثير جدالات عنيفة، في ظل المحاولات المحمومة لتحويل الفشل السياسي في الحكم وإدارة أزمات البلاد إلى وسيلة للاستقطاب.

رئيس الفيدرالية الوطنية للشبيبة التجمعية لحسن السعدي اعتبر تصريحات بنكيران مسيئة للحكومة وللشعب المغربي، مشيراً إلى أنّ الحكومة الحالية بقيادة حزب التجمع الوطني للأحرار تواصل مهمتها في تصحيح سياسات العشرية السوداء لحكم الإسلاميين بالمغرب.  وقال السعدي: "مؤلم للمغاربة؛ لأنّهم يرون كيف أنّ شخصاً كان يمثل مؤسسة كبيرة بهذا الوطن، التي هي رئاسة الحكومة، هو الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، يخرج بمدينة فاس ويهين جميع المؤسسات والمواطنات والمواطنين".

تحميل الفشل على الحكومة وخصوم بنكيران

وقال: إنّ "بنكيران أهان أبناء فاس وحفدة الأدارسة بإدخال واحد من بين أفشل رؤساء الجماعات في تاريخ فاس في خانة أولياء الله الصالحين، وأهان أهل فاس بوصفهم بالمحششين، وأهان مؤسسات الدولة، واتهم الداخلية بالفساد، واتهم المواطنات والمواطنين بالارتشاء".

وفي إطار محاولات بنكيران لبعث الاستقطاب السياسي والانتخابي الحاد، فقد شن هجوماً على رئيس التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش، إثر هزيمة حزب الإخوان في الانتخابات الجزئية بمدينة فاس، واتهم بنكيران الأخير بأنّه استعمل "المال السياسي"، وقال عبر صفحته الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك): "استعمال (التجمع الوطني للأحرار) للمال أتفهمه، لأنّ أخنوش لا علاقة له بالسياسة، وليس له فكر أو إيديولوجية، يقرأ ما يكتبون له، ويحاول أن يحل بالمال كافة المشاكل، ولا يصلح للسياسة". مشيراً إلى أنّ "الأموال قد وزعت يوم الاقتراع بدون حسيب ولا رقيب، واليوم نواجه (3) ظواهر؛ وهي: التحكم، والأعيان، والأموال، وليس الذين يختلفون معنا إيديولوجياً كما كان يحدث من قبل".

ومن بين الاتهامات التي رددها بنكيران اختباء "عزيز أخنوش وراء مشاريع الملك، ولا يحق له أن ينسب إلى نفسه "الدولة الاجتماعية"، وتابع: "لا تخيفنا بجلالة الملك بالمنطق الذي تتكلم به، نحن نحبه، وهو يعرف ذلك، وليس من صالحك أن تختبئ وراءه".

عزيز أخنوش

في حديثه لـ (حفريات)، يقول الباحث المغربي المتخصص في العلوم الإنسانية، المقيم في الولايات المتحدة، محمد سعيد، عن فشل الحزب الإسلامي بالمغرب: إنّ "الإفلات من المحاسبة ليس تسامحاً، و"عفا الله عمّا سلف"، فالمسامحة لا تكون من الضعيف للقوي، وإلا سُمّيت استسلاماً وقلة حيلة، والعفو لا يكون إلا عند المقدرة، وخير مثال ما قاله رئيس الحكومة الملتحية السابقة عبد الإله بنكيران: "عفا الله عمّا سلف" عندما قارع خصومه السياسيين وانهزم، والحقيقة أنّه لو كان يملك القوة لأودع الجميع السجون. ومرة أخرى فشل الحزب الإسلامي عندما تنصل رئيسه ورمى بالشباب إلى الشارع بعد أن ظنوا أنّهم تخلصوا من شبح البطالة، إذ قال: "الحكومة لا تشتغل تحت الضغط". رئيس الحكومة فتح ملفات الفساد الكبرى، ومن أول صفحة وبمجرد قراءته أوّل الأسماء ارتعد وأغلق الملف بشكل مهين، فاستثمر خصومه هذا الخوف وعلموا أنّ يد "بنكيران" طويلة فقط على الفقراء، فعاثوا فساداً وإفساداً وسيطروا على كل شيء، وعشنا في عهد الولاية الأولى لبنكيران أسوأ (5) أعوام في تاريخ المغرب، غلاء في كل شيء، وتراجع غير مسبوق للقدرة الشرائية للطبقة المتوسطة، بدون أن ننسى الفقراء".

المغرب يقاوم عشرية سوداء جديدة

من بين المشاكل التي تواجه أيّ إصلاح سياسي في المغرب مشكلة الثقة في الشريك السياسي، وفق سعيد، وذلك سواء أكان حزباً أو ناخباً أو مؤسسة، لذلك نحن في حاجة إلى حزب "كاريزمي"، "الحزب الكاريزمي" هو الحزب الذي يكتسب ثقة الناخب بما تنجزه أذرعه الاجتماعية على أرض الواقع قبل الدخول إلى دائرة صناعة القرار، لافتاً إلى أنّ "الحزب الكاريزمي" لا يعد بما سيفعله في المستقبل، بل يحيل على ما أنجزه في الماضي. ويقول: "أعتقد أنّ اليسار مؤهل لينهض بهذا الدور، إذا ما اعتمد على عقلائه، وذلك بالانطلاق بتكوين طبقة كثيفة من رجال الأعمال المبتكرين والمهندسين المبدعين ورواد المهارات الابتكارية في مجالات مختلفة، على أن تستعمل هذه الطبقة في العمل الاجتماعي الدافع لبناء البلاد، تحتاج هذه الرؤية لمدة زمنية لا تتجاوز (10) أعوام، هذا هو الذي سيعيد الثقة في العمل السياسي بالمغرب".

...

فقد عرف المغرب في عهد الحكومة الملتحية الثانية ما يُسمّى "الفرملة السياسية"، بحسب الباحث المغربي المختص في العلوم الإنسانية، متسائلاً: "هل تعيين السيد العثماني رئيساً للحكومة الثانية أنهى الفرملة السياسية؟".

ويجيب: "لا أظن، وسبب ذلك أنّ العامل الموضوعي للفرملة كان ما زال قائماً رغم أنّ "بروفايل" العثماني من شأنه أن ينتزع معظم الأفخاخ الملغمة، والعامل الموضوعي الذي سبب "الفرملة السياسية" هو حالة النزاع بين الدولة وحزب العدالة والتنمية حول "مشروعية الثبات للنهاية"، فكل من الطرفين يريد أن يثبت للآخر رهان الحصول على المشروعية. صحيح أنّ المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية قبل بالأمر الواقع، إذ ثمّن اختيار القصر للعثماني، ولكنّ المجلس الوطني نفسه رمى بكرة متابعة مفاوضات تشكيل الحكومة إلى ملعب الأمانة العامة، الذي يبدو أنّه سعى لتكريس الموقف الرافض للاتحاد الاشتراكي، وفرض هذا الموقف على العثماني كحد أدنى للتفاوض لتشكيل الحكومة الثانية، ممّا قد يعني الذهاب نحو حلول أقلّ قدرة على التهدئة. والفرملة إذاً ما زالت قائمة في عهد العثماني، وما تغير هو فقط تعديل أسماء المتحدثين باسمها".

من بين المشاكل التي تواجه أيّ إصلاح سياسي في المغرب مشكلة الثقة في الشريك السياسي، وفق سعيد لـ (حفريات)، وذلك سواء أكان حزباً أو ناخباً أو مؤسسة.

لا يمكن لحزب مهما كانت مرجعيته أن "يصنع القرار السياسي بفعالية" بالمغرب إلا إذا جاء بـ "مشروع مجتمعي ملموس ينهض بالواقع الاجتماعي"، فالحزب الذي لا يحقق هذا المطلب سيكون حزباً (مقلّم الأظافر) "غير قادر على الإنجاز"، أو حزباً (محروماً) من "الندية السياسية"، ضعيفاً وينتظر الإملاءات، أو حزباً (فاشلاً)، "يراكم الحلول الغبية اضطراراً: القروض، الاختيارات غير الاجتماعية، تدمير الطبقة الوسطى...".

ويتابع سعيد: من علامات الإفلاس السياسي لحزب (العدالة والتنمية) الإسلامي أن "يهرب زعيمه المفلس سياسياً إلى الذاتيات وإلى خصوصيات الخصوم الأسرية والفكاهيات الصفراء، والتماهي مع القضايا المزيفة إلى أن تزول صدمة اكتشاف إفلاسه السياسي، ويحاول السياسيون الخصوم لحزب العدالة والتنمية أن يعتمدوا على سياسة الإلهاء، العنصر الأساسي في التحكم بالمجتمعات على حدّ تعبير (نعوم تشومسكي)، فهذه السياسة تتمثل في تحويل انتباه الرأي العام عن المشاكل المهمّة والتغييرات التي تقررها النَخب السياسية والاقتصادية، ويتم ذلك عبر وابل متواصل من الإلهاء والمعلومات التافهة.

ويختتم الباحث المغربي حديثه قائلاً: إنّ بنكيران يُعتبر "مجرد انتهازي باسم الدين، فقد كان يكتب تقارير عن زملائه في الشبيبة الإسلامية وقبلهم عن اليساريين في الجامعة، ويحكي الباحث "إدريس هاني" في كتابه "سراق الله" عن قصة اكتشافه من طرف بعض الرفاق، وحلق رأسه في الكليّة قبل أن يحول الاتجاه إلى الإسلاميين الذين لم يفطنوا إلى اليوم لملف عمالته الذي ربما أحرق ضمن الملفات التي أحرقها رجل الداخلية القوي في عهد الحسن الثاني (إدريس البصري)، إذ استغل الفراغ الذي تركه هروب رئيس الشبيبة الإسلامية (مطيع) والقبض على الإسلامي (إبراهيم كمال) وتشتت الإسلاميين بعد اغتيال اليساري (عمر بن جلون)، ليركب الموجة بالتنسيق مع الاستخبارات المغربية (الضابط الخلطي)، حيث كان الراحل (عبد الكريم الخطيب) عرّاب إدماج (بنكيران) وإخوانه في المشهد الحزبي والسياسي الرسمي بعد أن تعذر إدماج جماعة "العدل والإحسان" التي أصرت قيادتها في شخص الراحل (عبد السلام ياسين) على مناوأة النظام المغربي، وهكذا وجد إخوان بنكيران الطريق مفروشاً لهم بالورود لملء فراغ الإسلاميين في المشهد السياسي على الشاشة، والتعبير باسم الإسلام عن طموحاتهم ومصالحهم مستغلين سذاجة المغاربة وجهلهم بتاريخ هؤلاء وأطماعهم".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية