العراق: بعد الهجوم على مقرات المالكي وآخرين... الصدر يحذر من فتنة شيعية- شيعية

العراق: بعد الهجوم على مقرات المالكي وآخرين... الصدر يحذر من فتنة شيعية- شيعية

العراق: بعد الهجوم على مقرات المالكي وآخرين... الصدر يحذر من فتنة شيعية- شيعية


18/07/2023

في محاولة منه لوأد صراع شيعيّ محتمل، ندد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر  بعمليات حرق مقار حزب الدعوة الإسلامية بزعامة نوري المالكي، وقوى شيعية أخرى، منضوية في تكتل (الإطار التنسيقي)، وحذّر من اندلاع "فتنة شيعيةـ شيعية"، تقف خلفها أطراف لا "تتورع عن سفك الدماء".

الموقف الصدري الأخير جاء بعد قيام عناصر صدرية بسلسلة هجمات طالت (20) مقراً تابعاً للمالكي، في محافظات الوسط والجنوب، فضلاً عن مقار تابع لمنظمة (بدر) بزعامة هادي العامري، ومقار (عصائب أهل الحق) بزعامة قيس الخزعلي، ومقار فصيل حشدي آخر، يُعرف باسم (حركة أنصار الله الأوفياء). وقد جاء الهجوم على خلفية اتهام لحزب (الدعوة) بتحريك جيوش إلكترونية تسيء لسمعة المرجع الديني الراحل محمد الصدر (والد مقتدى).

وعدّ مراقبون سياسيون أنّ ما جرى هو تأكيد على هشاشة البيت السياسي الشيعي، وإمكانية اندلاع المواجهات المباشرة بين الأطراف المتنافسة في أيّ وقت، متهمين مدوّنين محسوبين على الطرفين بـ "صب الزيت على النار"، من خلال التدوينات الجارحة، وتعبئة جمهور طرف ضد آخر.

وتعود مواجهات التيار الصدري مع القوى الشيعية الأخرى إلى عام 2007، حينما اشتبكت القوات الأمنية الرسمية بقيادة رئيس الوزراء آنذاك نوري المالكي مع فصيل (جيش المهدي)، الذراع العسكرية للصدر، وأدت المعركة إلى هزيمة الأخير، وانتصار الأول في الانتخابات التشريعية تحت يافطة "دولة القانون"، كما عاودت الاشتباكات الميدانية مع كل أزمة سياسية خانقة، كان آخرها وأبرزها، المواجهة المسلحة بين الصدريين والجماعات المسلحة التابعة لـ (قوى الإطار التنسيقي)، داخل المنطقة الرئاسية الخضراء، والتي أنذرت بنشوب حرب أهلية، قبل أن يخرج الصدر ويأمر أتباعه بالانسحاب.

تفقد أحد المقار

وفي خطوة مفاجئة، زار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أمس الإثنين مقار (حركة أنصار الله الأوفياء) في مدينة النجف، جنوب بغداد، حيث استخدم المهاجمون الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، ممّا أسفر عن أضرار مادية فقط.

مغلق بأمر الصدر .. عبارة وضعت على جدران حزب الدعوة الإسلامية الذي حرقت وأغلقت مقراته ليلة أمس

وقال الصدر بُعيد زيارته في تغريدة على (تويتر)، تعليقاً على الاستهداف الذي طال مقرات القوى السياسية الشيعية يوم أمس: "إنّنا نستنكر ذلك".

وتابع: "نحذّر المؤمنين من الانجرار خلف ذلك، فإنّ هناك أطرافاً لن تتورع عن سفك الدماء ونشر الفتنة لأجل مغانم دنيوية"، وحثّ القوى السياسية في البرلمان العراقي على "سنّ قانون تجريم سب العلماء بغير وجه حق".

الصدر يزور مقار فصيل حشدي في النجف، ويحذّر من فتنة شيعية شيعية: نطالب البرلمان بسنّ قانون يجرّم سبّ العلماء بغير وجه حق

 

ويأتي طلب الصدر في سنّ قانون يجرّم سبّ رجال الدين، مع مطلب حزب (الدعوة) الذي طالب البرلمان بتشريع قانون يرفض المساس بـ "مراجع الدين"، الأموات منهم والأحياء، انسجاماً مع الدستور.

وجاء مطلب الحزب تعقيباً على اتهامه بتحريك جيوش إلكترونية تنال من شخص المرجع الديني محمد الصدر، وحرق مقراته في (18) محافظة عراقية، وهو ما جعل الحزب يُحذّر من "فتنة عمياء تجهز على القوى الفاعلة والخيّرة في المجتمع".

واستنكر الدعاة المساس بشخص المرجع محمد الصدر: "من قبل أيٍّ كان، باعتباره مرجعاً وشهيداً نكنّ له كلّ الإجلال والاحترام، كما أنّنا نستنكر حملة الاعتداءات على مكاتب حزب الدعوة الاسلامية وحرقها"، وفقاً لبيان لهم.

 الصدر يخالف إعلامه

تحذيرات زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر من "فتنة" داخل المكون السياسي الشيعي، وزيارته لأحد المقرات التي استهدفها موالون له، تأتي في خلاف مع ما يُطرح في إعلامه الذي وصف الهجوم على مقرات حزب الدعوة الإسلامية بأنّه "ثورة صدرية عفوية".

كما أظهرت مقاطع بثت على منصات إخبارية قريبة من التيار شباباً يمزقون ويدوسون على صورة المالكي في أحد المقرات التي تم إغلاقها.

وقال صالح محمد العراقي، المعروف بـ "وزير الصدر"، نقلاً عن زعيمه :"اطّلعت على بيان الأخوة في حزب (الدعوة) بعيداً عن توجّهات كبيرهم (في إشارة إلى المالكي)، وبعيداً عن ميليشيات مواقع التواصل الاجتماعي كحركة (بشائر الشر)"، ويقصد حركة بشائر الخير التي يتزعمها النائب ياسر المالكي.

شباب يرفعون صورة الصدر الأب وابنه مقتدى بعد غلقهم مقار إحدى قوى الإطار التنسيقي

وأضاف الصدر: "شكراً لتجاوبهم مع مطلبنا بسنّ قانون يجرّم التعدّي على العلماء بغير وجه حقّ". وتابع الصدر متحدثاً عن أنصاره بأنّهم: "لم ولن يفعلوا شيئاً إلا بعد مراجعة الحوزة... وما حدث في الأمس إنّما هي حركة عاطفية صدرية عفوية، بل هي ثورية لإيقاف التعدّي على العلماء بعد دفاعهم عن القرآن ونبذ الفاحشة".

أظهرت مقاطع، بثت على منصات إخبارية قريبة من التيار الصدري، شباباً يمزقون ويدوسون على صورة المالكي في أحد المقرات التي تم إغلاقها

 

وسبق هذا الموقف، موقف آخر لحسن العذاري، القيادي والمقرّب من الصدر، الذي وجّه الاتهام علانيةً لحزب (الدعوة) بالإساءة لرمزية الصدر الأب، وقال: "انتشرت في الآونة الأخيرة، وبصورة ملفتة للنظر، مقاطع ومنشورات في مواقع التواصل الاجتماعي تسيء إلى سمعة وسيرة سيدنا الشهيد محمد الصدر، وتتهمّه بالعلاقة مع نظام البعث المقبور".

وأضاف: "يبدو أنّ ذلك يتمّ من خلال حملة إعلامية منظمة تقودها بعض الجهات (الإطارية) كحزب (الدعوة)، وبعض جهات (المعارضة) التي كانت في المنفى... وسط سكوت من العصائب".

"هناك من يؤزم الأوضاع"

من جهتهم، عدّ مراقبون سياسيون أنّ ما حصل من مواجهة ميدانية بين قوى الإسلام الشيعي تأكيد على توتر العلاقات وفقدان الثقة فيما بينها، مؤكدين أنّ الشحن الإعلامي وراء إفراز المواجهة الأخيرة بين التيار الصدري وقوى في (الإطار التنسيقي).

ويقول حازم الدعمي، محلل سياسي: إنّ "ما حصل أمس هو إشارة واضحة إلى تراكمات سابقة، وعلاقات متوترة وغير منسجمة بين التيار الصدري ومنافسه داخل الساحة السياسية الشيعية، وخاصة حزب (الدعوة الإسلامية) بقيادة نوري المالكي".

وأوضح أنّ "الصدريين والدعاة ينحدرون من مراجع واحدة، وهي مرجعية آل الصدر، حيث يتبع المالكي ورفاقه المرجع الديني الراحل محمد باقر الصدر، بينما يتبع الصدريون (ابن عمه) المرجع الديني الراحل محمد صادق الصدر"، مبيناً أنّ "شخصيات في كلا الحزبين انتقلت منهما وإليهما نتيجة الخلفية الصدرية الواحدة، أي أنّ هناك دعاة أصبحوا في التيار، وأعضاء في التيار أصبحوا أعضاءً في حزب الدعوة".

أنصار التيار الصدري

وأشار إلى أنّ "المعطيات الأخيرة، تؤكد أنّ الحرب الأخيرة أشعلها إعلام الطرفين، عبر قيام مدوّنين محسوبين عليهما في التصعيد، واستخدام الكلمات الجارحة، وإذكاء الاتهامات بين الحزبين الشيعييَّن".

وأكد أنّ "ما حدث يبرهن على أنّ الأوضاع السياسية داخل البيت الشيعي غير مستقرة، وهناك من يصبّ الزيت على النار من أجل تأزيم الأوضاع أكثر".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية