بعد انحسار الدعم الإقليمي عنها... ما البدائل أمام جماعة الإخوان؟

بعد انحسار الدعم الإقليمي عنها... ما البدائل أمام جماعة الإخوان؟

بعد انحسار الدعم الإقليمي عنها... ما البدائل أمام جماعة الإخوان؟


23/08/2023

فقدت جماعة الإخوان، على مدار العامين الماضيين، قدراً لا يستهان به من الدعم الإقليمي المباشر، الذي طالما حظيت به من عدة دول، كنتيجة طبيعية للتفاهمات التي تمت مؤخراً بين دول الرباعي العربي (الإمارات ومصر والسعودية والبحرين) وقطر من ناحية، والدول العربية، وتركيا التي مثلت الداعم الأكبر للإخوان لأعوام طويلة من ناحية أخرى.

إضافة إلى ذلك، مرت الجماعة خلال الأعوام الماضية بفترة عصيبة، فيما يتعلق بتحول السياسات الأوروبية التي كانت داعمة للإخوان، نحو الرفض والتدقيق والمتابعة الدقيقة لأنشطة التنظيم وحظرها في بعض الدول، ممّا أفقدها أحد أهم مصادر قوتها، سواء بعد انهيار فكرة الملاذات الآمنة، أو التضيق على مصادر التمويل، وكذلك تراجع الضغوط الغربية على مصر بعد سقوط خطاب المظلومية الكاذب لدى الحكومات والشعوب الغربية.

كل هذه المتغيرات، سواء على المستوى الدولي أو الإقليمي، فضلاً عن تفكك التنظيم نتيجة احتدام الصراعات الداخلية، أدت إلى إضعاف الجماعة بشكل كبير، وبدت بحسب مراقبين، فاقدة للقدرة على إحداث أيّ تأثير أو تحقيق أيّ أهداف، كما اضطرت جماعة الإخوان للبحث عن خطط بديلة لفرض نفسها على واقع المجتمعات العربية والعودة جبراً إلى المشهد السياسي والاجتماعي الذي نبذت منه بشكل شبه نهائي.

مغازلة صريحة لمصر والسعودية

من اللافت خلال الفترة الماضية تحول الخطاب الإعلامي الخاص بجبهة لندن، ويمثله القائم بأعمال المرشد صلاح عبد الحق، نحو مغازلة الدول العربية التي دخل التنظيم في عداء طويل معها خلال الأعوام الماضية، في محاولة للتهدئة أو الدخول في تفاوض، ربما تكون سبباً في عودة الإخوان إلى المشهد، على حدّ تقديرهم.

ولعل هذه المغازلة تظهر بشكل واضح في بيان أصدرته الجماعة مطلع تموز (يوليو) الماضي، وجهت فيه الشكر للمملكة العربية السعودية على نجاح تنظيم موسم الحج هذا العام، على غير المعتاد.

فقدت جماعة الإخوان، على مدار العامين الماضيين، قدراً لا يستهان به من الدعم الإقليمي المباشر

وقالت الجماعة في بيانها: "بمناسبة قرب انتهاء موسم الحج لهذا العام (1444هـ/ 2023 م)، يطيب لجماعة الإخوان المسلمين أن تبارك جهود المملكة العربية السعودية ـ قيادة وشعباً- في خدمة حجاج بيت الله الحرام؛ تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده سمو الأمير محمد بن سلمان".   

وأضاف البيان: "كما تبارك لشعب المملكة، ولجميع القائمين على موسم الحج هذا العام من وزارات وهيئات وأفراد؛ لما قدموه وبذلوه من جهود كريمة في خدمة حجاج بيت الله الحرام، وما أظهروه من حرص على تيسير أداء الفريضة".

من اللافت خلال الفترة الماضية تحول الخطاب الإعلامي الخاص بجبهة لندن، ويمثله القائم بأعمال المرشد صلاح عبد الحق، نحو مغازلة الدول العربية التي دخل التنظيم في عداء طويل معها خلال الأعوام الماضية، في محاولة للتهدئة أو الدخول في تفاوض، ربما تكون سبباً في عودة الإخوان إلى المشهد، على حدّ تقديرهم

وأثنت الجماعة على جهود أجهزة الأمن السعودية، ووزارة الداخلية بالمملكة، مشيدة بـ "القدرة الفائقة في التنظيم والتأمين التي تولتها وزارة الداخلية وقوى الأمن".

كذلك أثنى صلاح عبد الحق، خلال كلمة ألقاها في مؤتمر حماية المقدسات الذي نظمه الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يوم 23 تموز (يوليو) الماضي، على الموقف المصري من حرق المصحف الشريف بالسويد.

وقال عبد الحق في كلمته: "نثمن موقف مصر والأزهر الشريف، والسعودية، والعراق، وكل الدول التي أدانت تلك الانتهاكات، واتخذت موقفاً إيجابياً تجاهه، مثل موقف القضاء التركي الذي حكم بإدانة من حرق المصحف بالسويد، وموقف العراق الدبلوماسي ضد السويد كذلك."

ويفهم مراقبون تلك التصريحات باعتبارها امتداداً للتوجه الذي عبّر عنه القائم بأعمال المرشد الراحل إبراهيم منير قبل نحو عام ونصف العام، حين أعلن اعتزام الإخوان اعتزال العمال السياسي بمصر مقابل الدخول في تفاهمات مع الدولة المصرية من شأنها فك الخناق عن التنظيم، وهو الطلب الذي قوبل بالرفض من جانب مصر، بحسب مصادر تحدثت للصحف المحلية آنذاك.

كيف يفكر تنظيم الإخوان الآن؟

بحسب الكاتب المصري ثروت الخرباوي، يدرك القائمون على تنظيم الإخوان في الوقت الراهن أنّ التنظيم سقط شعبياً بشكل كامل، وأنّه لا سبيل إلى عودته إلى المشهد السياسي في مصر والدول العربية، حتى بالاعتماد على أدواته القديمة، كخطاب المظلومية التاريخي لدى الإخوان، مشيراً إلى أنّ موجة الإرهاب العنيف التي مارسها التنظيم في أعقاب سقوطه المدوي عن الحكم في مصر عام 2013 أسقطت كافة شعارات المظلومية الإخوانية، وأفقدت الجماعة قدرتها على كسب تعاطف المجتمع الغربي.

وفي تصريح لـ (حفريات) يقول الخرباوي: إنّ الجماعة تحاول في الوقت الراهن توظيف آلة التشويه والشائعات، في مواجهة مباشرة مع الدولة المصرية، بالاعتماد على تزييف الحقائق حول القضايا التي تأتي في مقدمة اهتمام المواطن المصري، ومنها الملف الاقتصادي على سبيل المثال، وذلك بعد أن فشلت مخططات إسقاط الدولة من خلال العمليات الإرهابية التي اجتاحت البلاد في أعقاب سقوط الإخوان، وقد نجحت السلطات المصرية في التصدي لها.

ويشير الخرباوي أيضاً إلى التركيز المكثف من جانب الكتائب الإلكترونية التابعة للإخوان على مراكز التأهيل والإصلاح وأوضاع المسجونين في مصر، حيث تحاول جماعة الإخوان خلق روايات كاذبة عن أوضاع السجون من شأنها تحريك رأي عام غاضب، على المستوى المحلي، وتشويه متعمد للدولة المصرية في الخارج.

ويرى الخرباوي أنّ الجماعة التي فقدت جزءاً من الدعم الإقليمي المقدم لها مؤخراً، في ضوء التفاهمات بين القاهرة والدوحة من ناحية، والقاهرة وأنقرة من ناحية أخرى، تحاول في الوقت الراهن الإفلات من الخناق المشتد عليها، خاصة أنّها تعيش أسوأ فترة في تاريخها بعد فقدان جانب كبير من الدعم الأوروبي لها، إثر اكتشاف طبيعة جرائمها الإرهابية وحذر المجتمعات الأوروبية التي ذاقت مرارة الإرهاب الإخواني مؤخراَ.

ثروت الخرباوي: موجة الإرهاب العنيف التي مارسها التنظيم، في أعقاب سقوطه المدوي عن الحكم في مصر عام 2013، أسقطت كافة شعارات المظلومية الإخوانية، وأفقدت الجماعة قدرتها على كسب تعاطف المجتمع الغربي

الجماعة التي فشلت، بحسب الخرباوي، في فتح قنوات اتصال مع الدولة المصرية للتفاوض أو المصالحة بتوظيف كافة أدواتها في الداخل والخارج، وكذلك المتحالفين معها، على مدار الأشهر الأخيرة، تركز بشكل كبير على استهداف "ناعم" للدولة المصرية عن طريق الشائعات و"تسميم" الجو العام، وإثارة غضب الشارع بهدف الوصول إلى مرحلة الفوضى، لكنّ مؤسسات الدولة المصرية تصدت لكل تلك المخططات ونجحت حتى اليوم في إحباطها.

مواضيع ذات صلة:

الإخوان المسلمون: عكس التيار في تونس وانتهازية في المغرب واستقالة مدوية في موريتانيا

الإخوان المسلمون: حصار في تركيا ومسيرة للعنف في ماليزيا ومناوشات في المغرب

الإخوان المسلمون: تفجير المشهد في المغرب واحتجاجات في اليمن وسرقة الأراضي في غزة




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية