سياسي سوداني يُحذر من عودة "إخوان السودان"... هذا ما قاله

سياسي سوداني يُحذر من عودة "إخوان السودان"... ما القصة؟

سياسي سوداني يُحذر من عودة "إخوان السودان"... هذا ما قاله


26/09/2022

وسط اتهامات لرئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان، الذي يُرجح كثيرون انتماءه لجماعة الإخوان المسلمين، المصنفة إرهابية في عددٍ من الدول، بالعمل على إعادة كوادر الإخوان إلى السلطة مجدداً، وجَّه عضو المجلس المركزي لتحالف "الحرية والتغيير" في السودان، ياسر عرمان، عدة تحذيرات للمجتمعَيْن؛ الإقليمي والدولي، من مخاطر وشيكة تتهدد البلاد؛ بسبب اقتراب أنصار النظام السابق الإسلاميين من استعادة السلطة التي فقدوها مع سقوط نظام الرئيس المعزول عمر البشير في أبريل (نيسان) 2019 بفعل ثورة شعبية.

وفي حوار مع صحيفة "الشرق الأوسط"، حذّر عرمان من محاولات يبذلها الإسلاميون لإثارة فتنة بين القوات المسلحة وقوات "الدعم السريع"، على أمل إضعافهما والتسلل إلى داخلهما للسيطرة على الدولة؛ مشيراً إلى أنّ حدوث ذلك قد يهدد الأمن الإقليمي.

وجَّه عرمان عدة تحذيرات من مخاطر وشيكة تتهدد البلاد؛ بسبب اقتراب الإسلاميين أنصار النظام السابق من استعادة السلطة

والبرهان كان قيادياً في حزب "المؤتمر الوطني"، الذي حكم السودان عبر عمر البشير خلال الفترة من 1989 حتى عزل البشير في 2019، ومنذ توليه رئاسة مجلس السيادة الانتقالي عمل البرهان على إعادة كوادر جماعة الإخوان المسلمين من الصف الثاني إلى الحكومة بعد قرارات تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وفتح المجال السياسي والاقتصادي أمام التنظيم المحظور عن العمل السياسي لـ10 أعوام، على حدّ قول موقع "كيوبوست".

وقال عرمان، الذي شغل منصب المستشار السياسي لرئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك: إنّ أنصار البشير يحاولون امتطاء القوات المسلحة كـ "حصان طروادة لاستعادة فردوسهم المفقود".

وبشأن العملية السياسية ومصير القيادة العسكرية الحالية، أوضح عرمان الذي يترأس "الحركة الشعبية لتحرير السودان" ـ التيار الثوري الديمقراطي ـ أنّ لدى العسكر مخاوف ومطالب ومطامع، وأنّ معالجة "المصالح والمخاوف" ضرورية من أجل انتقال ديمقراطي مدني، "أمّا المطامع، فلا سبيل لمعالجتها، والشعب حر في اختيار نظام حكمه".

وتابع عرمان أنّ الثورة حررت القوات المسلحة مثلما حررت المدنيين من قبضة تنظيم الإخوان المسلمين ونظام البشير المتسلط، مشيراً إلى أنّ "السودان الآن أصبح شبه دولة، مؤسساتها منهارة، وتعاني اختلالات اجتماعية وسياسية، وتواجه صراعات عابرة للحدود".

ويحاول النظام البائد استخدام القوات المسلحة كدرع سياسي واقٍ، والتسلق على ظهرها لاستعادة فردوسه المفقود، وهذه قضية يجب توضيحها؛ لأنّ الصراع ليس بالشكل الذي يحاول البعض تصويره كصراع بين المدنيين والعسكريين؛ بل هو صراع بين نظام الحركة الإسلامية والشعب السوداني؛ فالإسلاميون يريدون استخدام القوات المسلحة ضد رغبات الشعب.

قال عرمان الذي شغل منصب المستشار السياسي لحمدوك: أنصار البشير يحاولون امتطاء القوات المسلحة كحصان طروادة لاستعادة فردوسهم المفقود

هناك أكثر من (35) ألفاً من منسوبي النظام السابق في أعلى سلم الخدمة المدنية وأجهزة الأمن وغيرها، هم يريدون الاحتفاظ بهذا "التمكين"، وأكثر ما يقضّ مضاجعهم إنهاء تمكين هذا العدد الذي سيطروا به على الدولة، واختطفوا به القوات المسلحة، بعد أن حررها الشعب من قبضة قيادات الإسلاميين، مثل نافع وعوض الجاز.

إثارة فتنة

هذا "التشويش الكبير الذي تقوم به فلول نظام البشير، باتهام الآخرين بأنّهم يريدون تفكيك القوات المسلحة، القصد منه العودة إلى الحكم والاستيلاء عليه، وهذا هراء وكذب، لا أحد يرغب في تفكيك القوات المسلحة. نظام "المؤتمر الوطني" (حزب الحركة الإسلامية) المباد يسعى لإثارة فتنة بين الدعم السريع وبين الجيش، ليحقق من طريقها أهدافه، أمّا موقفنا، فنحن مع إصلاح وبناء القوات المسلحة والقطاع الأمني، والاستفادة من هذه الجيوش في بناء قوات مسلحة، وفقاً للبرامج المعتمدة دولياً، وإنفاذ الترتيبات الأمنية وفقاً لعمليات نزع السلاح، والتسريح وإعادة الدمج، وخروج الإسلاميين من القوات النظامية، فهم أكبر شر حاق بهذا البلد والقوات النظامية"، على حدّ قول عرمان.

وشدّد عرمان: "على القوى الإقليمية أن تعلم أنّ إسلاميي حزب المؤتمر الوطني أصبحوا الآن في أقرب نقطة من الاستيلاء على السلطة مرة أخرى، ولن تكون عودتهم على حساب الشعب السوداني وحده؛ بل على حساب الإقليم والمجتمع الدولي أيضاً، وتعيد سيرة البشير القديمة، هذه معركة الشعب السوداني؛ لكنّ لها ذيولاً وتأثيرات إقليمية ودولية، يستغل فيها الإسلاميون صلاتهم الإقليمية والدولية".

وأشار إلى أنّ "الشعب يريد استعادة قواته النظامية لتدعم بناء سودان جديد مستقل، تنتهي فيه نهائياً سيطرة حزب "المؤتمر الوطني"، فحزب "المؤتمر الوطني" يعتبر القوات المسلحة جناحاً عسكرياً له، بينما يجب أن يكون الجيش ملكاً للشعب السوداني. وفي تقديري، فإنّ أهم مورد لإعادة بناء القوات المسلحة هم الشباب الشجعان الأقوياء الموجودون في الشوارع، والذين يمكن أن يسهموا في إصلاحها ودعمها بموارد بشرية شجاعة ووطنية".

 إبادة جماعية

قال عرمان: " أنا لا أتحدث عن تسوية؛ لأنّ أيّ حل أو عملية سياسية تتجاهل قضايا عدم الإفلات من العقاب ورضا أُسر الضحايا، في وثيقة دستورية أو انتقال كامل، لن تنجح. يجب أن يكون هناك رضا كامل عن قضية العدالة، عمّا حدث في دارفور وفي النيل الأزرق وجبال النوبة وكجبار، وفي ساحة الحرية في بورتسودان، وشهداء انتفاضة أيلول (سبتمبر) 2013، وشهداء ثورة كانون الأول (ديسمبر) 2018".

وشدّد: "يجب أن تؤخذ هذه القضايا بوضوح لبناء مجتمع جديد، يخرجنا نهائياً من موضوع الإبادة الجماعية، والقضايا التي أدت إلى انفصال جنوب السودان، وإعادة تعريف المشروع الوطني الجديد، بعد أن شهد السودان أكبر حدثين: انفصال الجنوب، والإبادة الجماعية وجرائم الحرب".

 انتقال سلمي

حول التفاوض على إبعاد قيادات الجيش الحالية، قال عرمان: "لا أتكلم عن تفاوض؛ بل عن انتقال سلمي إلى سلطة مدنية ديمقراطية يرضى عنها الشارع، وفق عملية مصممة بمصداقية، وليس في الغرف المغلقة أو صفقات النخب. ويجب ألّا يفاجأ الشعب غداً برئيس وزراء تم اعتماده من قبل الجيش؛ بل أن تتم العملية بمشاركة شعبية حقيقية، مستفيدة من تجارب العديد من البلدان التي شهدت انتقالاً إلى سلطة مدنية ديمقراطية حقيقية".

وحول مشاركة البرهان في فعاليات دولية، قال عرمان: "لا أستطيع الحديث نيابة عن المجتمع الدولي؛ لكن ما أعرفه أنّ المجتمع الدولي لن يقبلك ما لم يقبلك شعبك، وأنّ القضية الرئيسية داخل البلاد وليست عند المجتمع الدولي، لن تنفع المسكنات الخارجية في إنهاء أزمة الانقلاب، فقد حدث هذا مع نميري ومع البشير دون جدوى".

وتابع: "وجَّهنا رسائل لجهات كثيرة لمعرفة ما يدور بالضبط؛ لكنّ الشعب السوداني سيُسقط الانقلاب، ولن تفيده هذه الزيارات هنا وهناك، ولن تؤدي إلى تغيير استراتيجي في نظرة المجتمع الدولي له، وستظل الأزمة تنشب بأظافرها وتنهش فيه، لا سيّما أنّ أزمته تفاقمت بالتناقض داخل المكون العسكري".

الصفحة الرئيسية