سياقات خطيرة: ما حدود العلاقة بين إيران وإخوان الأردن؟

سياقات خطيرة: ما حدود العلاقة بين إيران وإخوان الأردن؟

سياقات خطيرة: ما حدود العلاقة بين إيران وإخوان الأردن؟


13/06/2024

تبدو تحركات جماعة الإخوان المسلمين في الأردن منذ السابع من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، تحت غطاء دعم غزة، مريبة ومثيرة للتساؤل إلى حد كبير، خاصة أنّها تأتي في سياق تحكمه المصلحة بالنسبة إلى التنظيم بالمقام الأول، وفي ضوء ذلك تثير العلاقة والتشابكات بين التنظيم في الداخل الأردني، وإيران التي تحاول اختراق الداخل بشتى السبل ومد أذرعها إليه، تثير قلقاً كبيراً وتنذر بسيناريوهات خطيرة. 

في هذا السياق تناولت دراسة حديثة صادرة عن مركز (رع للدراسات الاستراتيجية)، للباحثة أسماء دياب، حدود التعاون بين إخوان الأردن وطهران، وطبيعة الترتيبات فيما بينهما، وآليات العمل المشترك وكذلك مستقبل العلاقة في ضوء تنبه السلطات الأردنية لمدى خطورتها. 

تمهيد للتدخل الإيراني 

بحسب الدراسة التي نشرت تحت عنوان "تشبيك مقلق... ما حدود العلاقة بين إخوان الأردن وإيران؟ شهد الشارع الأردني مظاهرات داعمة لغزة، ترفع لافتات وتتبنّى هتافات تُمجد فصائل وعناصر مسلحة، وتهاجم المملكة الأردنية، وفق وصف سياسيين أردنيين، وبيان مديرية الأمن العام في المملكة، ويأتي هذا في ظل تحقيقات تشهدها المملكة مع عناصر إخوانية متورطة في تهريب أسلحة إلى المملكة أرسلتها فصائل مدعومة من إيران في سوريا منذ (15) يوماً، وفي السياق نفسه منعت فصائل مسلحة شيعية عراقية عبور شاحنات النفط إلى الأردن بذريعة نصرة القضية الفلسطينية. 

وتمتد العلاقات الإيرانية بجماعة الإخوان المسلمين، رغم العداء المذهبي، منذ الثمانينات مع بداية الحرب الإيرانية العراقية، حين أنشأ النظام الإيراني وقتها دار نشر لترجمة كتب الإخوان لترسيخ الفكر الجهادي في المجتمعات العربية، كما حرصت إيران منذ ذلك الحين على التواصل مع قيادات الجماعة في مصر وتونس والسودان وغيرها من الدول العربية، وكلّل هذا التواصل والدعم بعقد "المؤتمر الإسلامي الشعبي العربي" عام 1991 في الخرطوم، وقد سعت إيران من خلاله للحصول على اعتراف من قادة الجماعات السنّية الراديكالية المسلحة التي حضرت المؤتمر بأنّ مرشدها الأعلى هو زعيم الأمّة الإسلامية.

تبدو تحركات جماعة الإخوان المسلمين في الأردن منذ السابع من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، تحت غطاء دعم غزة، مريبة ومثيرة للتساؤل

وترى الباحثة أنّ كافة الجماعات الإرهابية في العصر الحديث السنّية والشيعية، من الإخوان إلى القاعدة، تتشاطر عدة منطلقات فكرية؛ منها الإيمان بوجوب إعداد المؤامرات وعقد التحالفات السرّية لصالح التنظيم أو الميليشيات لإحداث قلاقل وقت الاستقرار، واعتماد القوة المسلحة طريقاً وحيداً ضد الأنظمة العربية والغرب بأولوية حسب الظرف السياسي. 

وقد أكد على ذلك (حسن البنا) ـ المنهج المركزي الذي اعتمدته كل التنظيمات وعملت على نشر فكره بكل الوسائل المتاحةـ حيث قال في عدة رسائل: "إنّ القوة أضمن طريق لإحقاق الحق"، "لقد حقق الإسلام النصر بحد السيف"، "في الوقت الذي يكون منكم معشر الإخوان المسلمين (300) كتيبة ـ أي (12) ألف أخ ـ قد جهزت كل منها نفسها روحياً بالإيمان، وفكرياً بالعلم، وجسمياً بالرياضة، في هذا الوقت طالبوني بأن أخوض بكم لجج البحار، وأقتحم بكم عنان السماء، وأغزو بكم كل عنيد جبار، فإنّي فاعل ذلك، إن شاء الله".

مؤامرة على الأردن 

حاولت الميليشيات الموالية لإيران وجماعة الإخوان المسلمين، وفق الدراسة، تقليب الرأي العام ضد الأردن تحت ذريعة اعتراض القوات الأردنية مسيّرات إيرانية في أجواء الأردن، وعدم دعم الأردن للقضية الفلسطينية، كما عمل إعلام الجماعة على تأكيد هذه الادعاءات عبر قنواته، وحاولت كتائب (حزب الله) العراقية، استهداف قوات أمريكية في الأردن. 

وصرح (أبو علي العسكري) مسؤول الأمن لكتائب حزب الله العراقية، عبر (تليغرام) منذ شهرين،  أنّهم أعدوا لتجهيز ـ ما سمّوهم ـ مجاهدي المقاومة الإسلامية في الأردن بما يسدّ حاجة (12) ألف مقاتل من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، والقاذفات ضد الدروع، والصواريخ التكتيكية، والذخائر والمتفجرات، وتنتظر كتائب (حزب الله) التزكية من قادة حركتي (حماس) و(الجهاد الإسلامي). 

 

الجماعات الإرهابية اشتركت جميعها مع الميليشيات الشيعية في العراق وسوريا، وتعاونت معها جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، في التآمر ومحاولة زعزعة استقرار المملكة، تفعيلاً لتحالفهم لصالح إيران. 

 

ويعني ذلك أنّ المجاهدين المذكورين تابعون لميليشيات سنّية تابعة لإخوان الأردن، ويلاحظ استخدام منهج البنا في أنّ الكتيبة يجب أن تكون (12) ألف أخ. وعليه، يمكن القول إنّ الأحداث، خاصة في الأيام الأخيرة، تؤكد على تحالف تآمري. 

في هذا السياق تستشهد الباحثة بتسجيل محمد الضيف، القائد العسكري لكتائب عز الدين القسام، الذي جاء عقب زيارة قادة حركة (حماس) لمرشد إيران، يقول فيه بادئاً بمخاطبة الأردنيين: "يا أهلنا في الأردن ولبنان ومصر والجزائر والمغرب العربي، وفي باكستان وماليزيا وإندونيسيا، وفي كل أنحاء العالم العربي والإسلامي... ابدؤوا الزحف اليوم... الآن وليس غداً نحو فلسطين... لا تجعلوا قيوداً ولا حدوداً ولا أنظمة  تحرمكم شرف المشاركة في تحرير المسجد الأقصى". 

وهي العبارات نفسها التي تستخدمها جماعة إخوان الأردن في المظاهرات، والميليشيات العراقية في تجمعاتها على الحدود. والجدير بالذكر أنّ حركة حماس أسست كجزء من تنظيم الإخوان المسلمين في الأردن عام 1978، واتخذت من الأردن مقراً لمكتبها السياسي، قبل تأسيس حماس بطابعها العسكري عام 1987.

لعبة أذرع إيران داخل الأردن 

بحسب الدراسة، جندت حركة حماس عناصر من إخوان الأردن في الفترة من الثمانينات إلى بداية الألفية الثانية، فكوّنت بذلك كتلة وازنة منتمية للحركة فكرياً وتنظيمياً، وهم مستمرون في العمل لصالح الحركة حتى حينه.

حاولت الميليشيات الموالية لإيران و الإخوان تقليب الرأي العام ضد الأردن لاعتراضه مسيّرات إيرانية في أجوائه

كذلك هددت كتائب (حزب الله) العراقية بقطع الطريق البري عبر الأردن وصولاً إلى إسرائيل، رغم أنّ الطريق متاحة إلى إسرائيل عبر سوريا، إذا كانت تلك الكتائب جادة في الوصول إلى إسرائيل براً، ممّا يؤكد المخططات التآمرية تجاه المملكة بإيعاز من إيران التي تستخدم تلك الميليشيات لنشر التشيع وتوسيع نفوذ إيران منذ حربها مع العراق، فالميليشيات الشيعية العراقية تعمل لصالح إيران منذ الحرب العراقية ـ الإيرانية.

خلايا إخوانية لصالح إيران

ألقت السلطات الأردنية القبض على خلية إخوانية أردنية، تم تجنيد عناصرها من قبل نائب رئيس المكتب السياسي لحركة (حماس) صالح العاروري الذي تم اغتياله مطلع كانون الثاني (يناير) الماضي على يد إسرائيل، الخلية قامت بتهريب السلاح إلى الأردن عبر ميليشيات مدعومة من إيران، وهذه ليست المرة الأولى التي يكتشف فيها الأردن خلايا مرتبطة بإيران متسللة من سوريا والعراق تنقل صواريخ ومتفجرات، فضلاً عن تهريب المخدرات بقيادة الحرس الثوري وحزب الله، حيث تعمل إيران على توسيع التجارة في المخدرات وتهريبها لتمويل تسليح ميليشياتها.

وفي السياق، أكد وزير الاتصالات الأردني مهند مبيضين، المتحدث باسم الحكومة، في تصريحاته، رصد اتصالات بين جماعة الإخوان في الأردن وحركة (حماس)، وهو ما لم تنفِه جماعة الإخوان، وأكد مبيضين على استمرار ارتباطهم الإيديولوجي والفكري، وأنّ حماس بمثابة الأم للجماعة، وفق تعبيره.

 

بالرغم من أنّ المعطيات تشير إلى سعي إيران لصناعة ميليشيات جديدة داخل المملكة الأردنية، إلا أنّ هذا المسعى من الصعب تحقيقه؛ ليقظة الجهات الأمنية والمخابراتية في الأردن.

 

وهنا تشير الدراسة إلى أنّ إيران صنعت بالفعل شبكة ميليشيات شيعية، وتحالفت مع أخرى سنّية يصعب القضاء عليها أو تحييدها، لارتباطها وتشابكها مع الفواعل والأحداث، فمن جهة، إيديولوجية تلك الجماعات تقوى وتنتشر يوماً بعد يوم بفعل استراتيجيات لنشر إيديولوجية تلك الميليشيات، ومن جهة أخرى فالأحداث السياسية الدولية المحفزة في المنطقة وارتباط مصالح تلك الميليشيات بالتشابك مع تلك الأحداث، يعزز ثبات استراتيجية إيران في التعامل مع محيطها الإقليمي ودعم الميليشيات ومحاولة صناعة ميليشيات جديدة. 

ما حدود التأثير؟ 

تقول الباحثة: الجماعات الإرهابية اشتركت جميعها مع الميليشيات الشيعية في العراق وسوريا، وتعاونت معها جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، في التآمر ومحاولة زعزعة استقرار المملكة، تفعيلاً لتحالفهم لصالح إيران محاولين صناعة ميليشيات داخل الأردن، استغلالاً لأحداث غزة وتوظيفها قضية عادلة للتأصيل لميليشيات إرهابية، حيث تعمل إيران على تطويق الأردن والسيطرة عليه من الداخل والخارج، فالتواجد الإيراني في الجنوب السوري يقوم بتهريب السلاح والمخدرات إلى الأردن، والميليشيات العراقية التابعة لإيران (كتائب حزب الله ـ عصائب أهل الحق ـ النجباء ـ كتائب سيد الشهداء) تعرقل دخول النفط العراقي إلى الأردن وتتمركز على الحدود بحجة دعم غزة.

وعلى الرغم من أنّ المعطيات تشير إلى سعي إيران لصناعة ميليشيات جديدة داخل المملكة الأردنية، إلا أنّ هذا المسعى من الصعب تحقيقه؛ ليقظة الجهات الأمنية والمخابراتية في الأردن، ولاستقرار أوضاع الجهات السيادية والنظام داخل المملكة، الذي أتاح لجماعة الإخوان العمل السياسي داخل الأردن، رغم عدم توفيق الجماعة لأوضاعها، ومحاولة اتجاه كبير داخل الجماعة شق استقرار المملكة والعبث بسيادتها، وفق الدراسة. 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية