الإخوان المسلمون ومخطط تغيير هوية المرأة في كردستان العراق

الإخوان المسلمون ومخطط تغيير هوية المرأة في كردستان العراق

الإخوان المسلمون ومخطط تغيير هوية المرأة في كردستان العراق


02/04/2024

عبر قناة (كردستان24) قال علي القره داغي بمناسبة انتخابه رئيساً للاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، الكيان المحسوب على الإخوان المسلمين: "لن ننسى قوميتنا الكردية، وسنحاول خدمتها في المحافل الدولية قدر المستطاع". 

لكنّه على ما يبدو يريد خدمة قوميته الكردية بالطريقة التي تجعلها في صالح الدولة التركية وجماعة الإخوان المسلمين. فلم يُذكر عنه أيّ موقف لصالح قوميته الكردية التي تتعرض لعدوان دائم في سوريا وإيران وتركيا، وخاصة في الأولى على يد تركيا والجماعات المسلحة المتطرفة التابعة للإخوان المسلمين في سوريا.

بينما نشط الرجل وفرع الاتحاد الذي يرأسه في تغيير هوية المرأة الكردية في إقليم كردستان، من خلال نشر الحجاب بين الفتيات ومحاربة القوانين التي تناهض العنف ضد المرأة، لا بهدف تحقيق فرائض دينية، بل كوسيلة لحرمان المرأة الكردية من دورها الفاعل في المجتمع.

التركيز على كردستان

ومقارنةً ببقية فروع ما يُعرف بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، يبدو فرع كردستان الأنشط على المستوى التنظيمي والبرامجي. يظهر ذلك من خلال تصفح أخبار الفروع على الموقع الرسمي للاتحاد، حيث يكاد فرع كردستان أن يستحوذ على معظم الأخبار التي تخص فروع الاتحاد المنتشرة في العديد من دول العالم.

عقد فرع كردستان العراق المؤتمر السنوي  في مدينة أربيل في إقليم يوم 24 شباط (فبراير) الماضي، في أعقاب انعقاد المؤتمر السادس للجمعية العامة للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في قطر، والذي انتخب فيه القره داغي رئيساً للاتحاد بعد أنّ كان يشغل منصب الأمين العام.

وبحسب بيان نشره موقع الاتحاد الرسمي، تضمن المؤتمر "اعتماد خطة لتقسيم دوائر الإقليم إلى (4) دوائر رئيسية لتعزيز الفعالية والتنظيم، وأقرت الخطط لإعداد نظام أساسي جديد يتوافق مع النظام الأساسي للاتحاد ويعكس خصوصية الفرع".

فعالية إخوانية للاحتفال بالفتيات اللاتي ارتدين الحجاب في كردستان

واختتم المؤتمر بالتأكيد على أهمية الدور الذي يلعبه فرع الاتحاد في كردستان، وضرورة مشاركته الفعالة بتقديم تقارير دورية عن أنشطته وإسهامات أعضائه، "كما تم التأكيد على أهمية الصحوة الإسلامية في الإقليم وضرورة ترشيدها لما فيه خير الأمة"، وفق زعمهم.

يقول نواف خليل، مدير (المركز الكردي للدراسات) في مدينة بوخوم الألمانية: إنّ "اتحاد علماء المسلمين يحاول أن يلعب دوراً أكبر في الوسط الكردي، خاصة مع تولي القره داغي ذي الأصول الكردية رئاسة الاتحاد". 

 

نواف خليل لـ (حفريات): الجماعات المرتبطة بالإخوان المسلمين تستغل العمل الخيري والمنظمات المدنية من خلال تقديم المساعدات المادية والعينية لاختراق المجتمع والترويج لما يزعمون أنّه الحجاب الواجب شرعاً.

 

وأضاف لـ (حفريات) أنّ القره داغي لم يخجل من زيارة عفرين العام الماضي في رعاية القوى التي تحتل المدينة، والتي ارتكبت جرائم بحق الشعب الكردي، من تهجير (300) ألف مواطن، وتدنيس القبور واغتصاب النساء. مستنكراً أن يسكت عن تلك الجرائم بحق شعبه، بينما لا يكلّ من التشدق عن نصرة المظلومين.

وأشار خليل إلى أنّه في الأعوام الأخيرة نتيجة الأوضاع التي يمرّ بها الإقليم، ووجود حالة الفساد، التي تحدث عنها قادة الإقليم، ازداد نشاط الجماعات الدينية، ليس في أربيل ودهوك فقط، بل حتى في السليمانية وغيرها.

الهوس بالحجاب

ويتبع الاتحاد العالمي، الممثل في فرعه الكردستاني، سياسة واسعة لتحجيب الفتيات الكرديات، في تكرار لخطة طالما اشتهر بها الإخوان المسلمون والجماعات الدينية في المجتمعات العربية والإسلامية، حيث يرتبط نشر الحجاب بتكوين حواضن اجتماعية ترتبط بتلك الجماعات، تمهيداً لتحقيق أهداف سياسية.

ويعقد فرع الاتحاد فعالية سنوية تحمل اسم "مهرجان التاج الذهبي"، يُحتفل فيها بآلاف الفتيات ممّن ارتدين الحجاب على يد دعاة الإخوان المسلمين، كما ينظم الاتحاد دورات دينية للعديد من السيدات اللاتي يعملن في نشر دعوة الإخوان المسلمين.

نظم الاتحاد أحدث فعالية من مهرجان التاج الذهبي في نسخته الثامنة في 26 شباط (فبراير) الماضي، وأعلن فيها عن تحجيب نحو (2250) من الفتيات، تتراوح أعمارهن بين (15-25) عاماً، في مدينة دهوك في إقليم كردستان، تحت شعار "بحجابي افتخر".

وقال بيان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين: إنّ الفعالية السنوية التي تقيمها منظمة التنمية الطلابية التابعة للاتحاد الإسلامي الكردستاني تهدف إلى تشجيع الفتيات على لبس الحجاب الإسلامي والالتزام به. 

نواف خليل: جماعة الإخوان في كردستان تبحث عن السلطة والسطوة والمال

وتابع البيان: كما تهدف إلى "المحافظة على العقيدة والهوية الإسلامية للشعب الكردي، ومواجهة الدعوات والتيارات الهدامة لقيم ومعتقدات الشعوب المسلمة"، وفق قولهم.

وزعم بيان الاتحاد الكردستاني أنّ "اللباس الشرعي والعادات والتقاليد السليمة للأمة الإسلامية عامة وكردستان خاصة تتعرض إلى استهداف منظم وخطير، وكذلك المرأة والأسرة، ممّا يستدعي الوقوف لمواجهتها، ومن ضمن وسائل الدفاع هذه المهرجانات الداعمة للأخلاقيات الإسلامية والمرأة المسلمة".

لا يختلف هذا الحديث عمّا اعتادت عليه الجماعات الإسلامية الحركية من ترديده، حيث تنطلق جميعها من تصورات مخالفة للواقع والمنطق، ترى في العالم كيانات تتآمر لهدم الدين الإسلامي.

 

في خطوة تكشف عن عدم اكتراث الإخوان المسلمين بقضايا المرأة الكردية؛ عارض فرع الاتحاد في كردستان مشروع قرار ناقشه البرلمان الكردستاني يتناول مناهضة العنف ضد الأسرة والمرأة.

 

وقبل ذلك في كانون الثاني (يناير) الماضي، نظم الاتحاد فعالية احتفل فيها بتحجيب أكثر من (3) آلاف فتاة من محافظة السليمانية. 

وكتب رئيس الاتحاد العام علي القره داغي عبر حسابه الرسمي على منصة (فيسبوك)، تعليقاً على فعالية تحجيب آلاف الفتيات في الإقليم: "يشكك المتميعون بالحجاب؛ وتبذل دول أموالاً لضربه وتخترع دجاجلة لتسخيفه، ويطلّ من هنا مشهد آخر، من هنا مرّ صلاح الدين الأيوبي، وهاهن أحفاده يعاودن الولاء للهوية. من دهوك كردستان العراق إلى العالم، الإسلام ليس في أزمة".

يعلق الباحث نواف خليل بأنّ هناك نشاطاً كبيراً للاتحاد الكردستاني لتحجيب آلاف الفتيات سنوياً. مضيفاً: "لا نتحدث عن التدين، فهذه مجتمعات كانت متدينة تديناً طبيعياً ليس له علاقة بجماعات الإسلام السياسي التي تستغل الاضطرابات للتأثير في المجتمع الكردي".

وأشار إلى أنّ الجماعات المرتبطة بالإخوان المسلمين تستغل العمل الخيري والمنظمات المدنية من خلال تقديم المساعدات المادية والعينية لاختراق المجتمع، والترويج لما يزعمون أنّه الحجاب الواجب شرعاً.

ما وراء الحجاب

تقدم تجربة نشر الحجاب في المجتمع المصري مثالاً لقراءة ما وراء نشر الحجاب في مجتمع إقليم كردستان العراق، ويمكن تلخيص ذلك في عدة نقاط؛ الأولى أنّ الجماعات الدينية الحركية بشكل عام، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، تدرك أهمية السيطرة على المرأة لخلق حواضن اجتماعية، تكتسب من خلالها دعماً شعبياً يمكن تحويله إلى قوة سياسية.

والثانية أنّ تغيير الأنماط الاجتماعية الطبيعية في المجتمعات، والتي تعرف جميعها الحجاب بشكله الذي تطور من خلال مراحل تاريخية، يؤدي إلى تضييق مساحة الحرية والحركة، وبالتالي يمهد لاستهداف الأشكال الاجتماعية القائمة، وتقديم نمط التدين لهذه الجماعات كمتنفس وحيد للشباب من الجنسين.

والثالثة أنّ تحجيب الفتيات، وفق التصور الإخواني أو السلفي للحجاب، هو خطوة أولى يتبعها تلقين هؤلاء الفتيات مبادئ وأفكار تلك الجماعات، ليعملن كناشطات داخل بيئاتهن لنشر فكر تلك الجماعات.

احتفال بتخريج سيدات من دورات دينية نظمتها جماعة الإخوان

وفي خطوة تكشف عن عدم اكتراث الإخوان المسلمين بقضايا المرأة الكردية، عارض فرع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في كردستان مشروع قرار ناقشه البرلمان الكردستاني في أيلول (سبتمبر) عام 2022، يتناول مناهضة العنف ضد الأسرة والمرأة.

وتذرع بيان الاتحاد بأنّ "هذا القانون المقترح يخالف المبادئ الأساسية للشريعة الإسلامية، وأعراف المجتمع الكردي، وسيؤثر بشكل سلبي على السلم المجتمعي".

بينما تجاهل البيان معاناة المرأة من العنف الأسري في مجتمع كردستان العراق، والذي بحسب بيان وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في حكومة كردستان، أواخر العام الماضي، أدى إلى إقدام (549) امرأة على الانتحار في كافة الإقليم منذ العام 2017.

وتصدرت محافظة السليمانية التي ينشط فيها الإخوان المسلمون الإحصاءات بواقع (209) حالة انتحار، و(160) حالة في أربيل، و(133) حالة في دهوك، و(38) حالة في إدارة كرميان، و(9) حالات في حلبجة.

يقول الباحث في الشأن الكردي نواف خليل: إنّ هناك توسعاً وحضوراً للجماعات الإسلامية، لكن ما تزال الأحزاب الكردية تتقدم بشكل كبير.

وذكر أنّ ما تفعله جماعة الإخوان ومنظماتها في الإقليم يشبه دورها في البلدان العربية والإسلامية، حيث تبحث عن السلطة والسطوة والمال، وتقوم بتنفيذ أجندات لا علاقة لها بالمجتمع الكردي.

وقال مستنكراً: "هل يأتي هؤلاء بعد (1400) عام لتعليم الكرد كيف يمارسون الإسلام"؟

ولفت خليل إلى أنّ دور المرأة في كردستان العراق يختلف عن دورها في سوريا وتركيا بسبب طبيعة المجتمع، مؤكداً على أنّ المرأة الكردية ستبقى متصدرة المشهد السياسي والثقافي والعسكري في معظم المناطق الكردية.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية