لماذا يهدد رجل تركيا الأول في حكومة الوفاق بالاستقالة؟

لماذا يهدد رجل تركيا الأول في حكومة الوفاق بالاستقالة؟


21/07/2020

هدّد وزير الداخلية المفوض في حكومة الوفاق الليبية، فتحي باشاغا، بالاستقالة من حكومة الوفاق؛ إذا مُرّر تعديل وزاري مرتقب، ينقله من وزارة الداخلية إلى وزارة الدفاع.

وكانت مصادر مقرّبة من باشاغا قد نقلت ذلك إلى وسائل إعلام تابعة لجماعة الإخوان في ليبيا، الثلاثاء 14 الجاري، ممّا يكشف وجود خلافات حادة داخل حكومة الوفاق، وصراعات بين مراكز القوى في العاصمة طرابلس.

ينتمي باشاغا إلى مدينة مصراتة، والتحق بالمجلس العسكري للمدينة عام 2011، كرئيس لقسم المعلومات والإحداثيات، ثم أصبح ناطقاً باسم المجلس، ثم عضواً في مجلس شورى مصراتة

وبحسب متابعين؛ فإنّ هناك خلافات كبيرة بين السراج من جهة، وباشاغا من جهة أخرى، وصراعات أخرى بين باشاغا، مدعوماً بميليشيات مصراتة وأخرى طرابلسية، ضدّ ميليشيات طرابلسية، وأخرى محسوبة على الجماعة المقاتلة، وأجنحة إخوانية.

ويُعدّ باشاغا رجل تركيا الأول في ليبيا، والرجل المرضي عنه من واشنطن ولندن، ما أكسبه نفوذاً كبيراً في طرابلس، على حساب السراج وآخرين.

تهديد باشاغا بالاستقالة

تأتي محاولة تنحية باشاغا عن الداخلية في إطار الصراع بين التيارات المتعدّدة التي تتحكم في العاصمة الليبية، طرابلس، وتعدّ الداخلية الجهة الأمنية الأقوى في حكومة الوفاق، وتضمّ تحتها ميليشيا قوة الردع، الأقوى والأكثر تنظيماً في طرابلس، بينما لا تحوز وزارة الدفاع الامتيازات والقوة نفسها.

ويقول الصحفي الليبي، محمد الجالي، رئيس تحرير صحيفة "اليوم الخامس": "هناك ثلاث قوى متصارعة في طرابلس: الإخوان، والجماعة المقاتلة، والأحزاب التي تدعي المدنية، وعلى رأسها باشاغا".

ولا ينتمي باشاغا فكرياً إلى الإخوان المسلمين، لكنّه يشترك معهم في الولاء لتركيا، وشاركهم في قراراتهم وعملياتهم العسكرية، منذ 2011 وحتى 2018، ولم تظهر الخلافات إلّا بعد التدخل التركي، وانسحاب الجيش الليبي من محيط طرابلس.

ويضيف الجالي لـ "حفريات": "هناك تخوف من الإخوان من تنامي نفوذ باشاغا، حيث بات الرجل الأقوى في حكومة الوفاق، وأخطر مسؤول ليبي".

اقرأ أيضاً: ليبيا وصراعات "ميليشيات الوفاق"

إضافة إلى ذلك؛ فإنّ هناك صراع داخلي بين الميليشيات التي يدعمها باشاغا، وأخرى محسوبة على الجماعة الليبية المقاتلة، المصنفة إرهابية، وقوى إخوانية، ويشرح الصحفي الليبي، محمد الجالي، ذلك بقوله: "يحظى باشاغا بدعم أساسي من قوة الردع الخاصة، التي يقودها عبد الرؤوف كاره، والكتيبة 301، وهما أقوى ميليشيات في العاصمة، وهذه الميليشيات تتبع وزارة الداخلية، وتحظى بدعم كبير من باشاغا".

وتحتجز قوة الردع عدداً كبيراً من السجناء في سجن قاعدة معيتيقة الجوية، التي تتخذها مقراً لها، ومن بين هؤلاء سجناء محسوبون على الجماعة الليبية المقاتلة، وآخرون تابعون لميليشيات متعدّدة، إلى جانب العدد الأكبر من المحسوبين على الجيش الوطني الليبي.

ويرى الصحفي، محمد الجالي؛ أنّ الجماعة المقاتلة تلتقي مع الإخوان في هدف التخلص من باشاغا، فالأولى تريد الإفراج عن سجنائها، والثانية تخاف من نفوذه على مصالحها.

قصة صعود رجل تركيا

صدر قرار تعيين فتحي علي باشاغا وزيراً مفوضاً لحقيبة الداخلية في حكومة الوفاق، في 11 تشرين الأول (أكتوبر)، 2018، بعد انتهاء قانونية حكومة الوفاق، وفق اتفاق الصخيرات، 2015.

تحتجز قوة الردع عدداً كبيراً من السجناء في سجن قاعدة معيتيقة الجوية، التي تتخذها مقراً لها، ومن بين هؤلاء سجناء محسوبون على الجماعة الليبية المقاتلة

وجاء تعيين باشاغا في إطار ترتيبات داخل القوى المسلحة في طرابلس، إرضاءً لجناح المفتي الغرياني، وحكومة الإنقاذ، المتحالف مع الجماعة الإسلامية المقاتلة.

وأتت تولية باشاغا وزارة الداخلية، بعد وساطة رعتها تركيا ودولة خليجية حليفتها، سلّمت إثرها حكومة الإنقاذ، المنبثقة عن المؤتمر الوطني، المنتهية ولايته، قبيل 2014، السلطة لحكومة الوفاق، وفق ما ذكر الباحث في شؤون الإسلام السياسي، رضا شعبان لـ "حفريات".

وكشف قبول جناح المفتي الغرياني بباشاغا، علاقة الأخير القوية بالجناح الأكثر تشدداً في طرابلس، وشارك باشاغا في عملية فجر ليبيا، عام 2014، التي انقلبت على الحكومة والبرلمان الشرعيين، وأدخلت ليبيا في دوامة العنف، المستمرة حتى اليوم، ولم يسلّم الانقلابيون طرابلس للسراج إلّا بعد نيل الحصول على حصة من المناصب الكبرى.

ومثّل تولّي باشاغا حقيبة الداخلية هيمنة مصراتة على مقاليد السلطة في البلاد، ويمثّل باشاغا، مع الصديق الكبير، محافظ مصرف ليبيا المركزي، الثقل المصراتي في الوفاق.

بيد أنّ خلافات عديدة ظهرت بين جناح باشاغا وجناح الغرياني، في ظلّ سعي الأول إلى الابتعاد عن الأسماء الموضوعة تحت طائلة العقوبات الدولية، والظهور بمظهر الرجل القوي، القادر على تفكيك الميليشيات المنتشرة في طرابلس والغرب، أمام القوى الدولية، وتحديداً واشنطن، التي تربطها علاقات قوية بباشاغا.

اقرأ أيضاً: حكومة الوفاق تدمج الميليشيات الإجرامية في ليبيا بوزارة الداخلية

وفي إطار ذلك؛ جاء تهديد باشاغا بالاستقالة كإنذار حاد للسراج، وللقوى التي تريد التخلص منه، فواقع الحال أنّ باشاغا يتمتع بدعم تركي ممتاز، ارتباطاً بالرضا الأمريكي عنه، وعلاوةً على تمتعه بدعم أقوى ميليشيات العاصمة.

ويوضح الصحفي الليبي، محمد الجالي، موقف باشاغا من التعديل الوزراي بقوله: "باشاغا لا يعترض على حقيبة الدفاع، بل يريد أن يخلفه شخص موالٍ له في وزارة الداخلية، كي تستمر هيمنته عليها".

اقرأ أيضاً: النهضة الإخوانية تحشد لدعم حكومة الوفاق لإحراج قيس سعيد

ويريد باشاغا أن يستغل عملية دمج وتفكيك الميليشيات لصالحه؛ بشيطنة الميليشيات غير الموالية له أمام المجتمع الدولي، ودفع واشنطن لفرض عقوبات عليها، كما سبق أن أعلنت السفارة الأمريكية، بتاريخ 4 آذار (مارس)، مقابل وضع المقربين منه في المناصب والمراكز الكبرى في وزارة الدفاع.

رجل الانقلابات

ينتمي باشاغا إلى مدينة مصراتة، والتحق بالمجلس العسكري للمدينة عام 2011، كرئيس لقسم المعلومات والإحداثيات، ثم أصبح ناطقاً باسم المجلس، ثم عضواً في مجلس شورى مصراتة.

شارك باشاغا في تأسيس ميليشيا المرسى، عام 2014، والتي تربطها علاقة وطيدة بالمصراتي، صلاح بادي، زعيم ميليشيا لواء الصمود، والموضوع على قائمة العقوبات الدولية والأمريكية، وشاركت ميليشيا المرسى في عملية فجر ليبيا، وكانت مسؤولة عن حريق مطار طرابلس.

ورغم عضوية باشاغا في البرلمان المنتخب عام 2014، إلّا أنّه انقلب عليه ضمن عملية فجر ليبيا، ثمّ شارك في الحوار السياسي الذي نتج عنه اتفاق الصخيرات، باسم البرلمان الليبي، رغم انقلابه على شرعيته، وعدم اعتراف البرلمان في طبرق بتمثيل باشاغا له، لكنّ الدعم الغربي للإخوان لم يلتفت للاعتراضات الشرعية للنواب في طبرق.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية