مؤشر الإرهاب الأوروبي: تهديدات قائمة ومواجهة حاسمة ضد الإسلام السياسي واليمين المتطرف

مؤشر الإرهاب الأوروبي: تهديدات قائمة ومواجهة حاسمة ضد الإسلام السياسي واليمين المتطرف

مؤشر الإرهاب الأوروبي: تهديدات قائمة ومواجهة حاسمة ضد الإسلام السياسي واليمين المتطرف


29/12/2022

عكس التقرير السنوي لمؤشر الإرهاب في أوروبا، الصادر عن المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، تهديدات متزايدة من جانب جماعات السلفية الجهادية والتطرف الديني في عدة دول، بالتوازي مع تنامي خطر قوى اليمين المتطرف التي تسعى لتغيير نظام الحكم في مجموعة من الدول الأوروبية.

وسلط التقرير، أيضاً، الضوء على الجهود الأوروبية التي استهدفت مواجهة التطرف، ونجحت بخفض وتيرة العمليات الإرهابية خلال الأعوام الماضية، متوقعاً تكثيف هذه الجهود خلال الأعوام المقبلة، مع وجود احتمالات جدية حول تنامي وتوغل جماعات التطرف داخل المجتمع الأوروبي. 

فرنسا قلقة رغم نجاح الجهود الأمنية

نجحت فرنسا في خفض وتيرة العمليات الإرهابية إلى معدلات غير مسبوقة منذ هجمات باريس وبروكسل، حيث كان الإرهاب أحد أهم التحديات التي واجهت البلدين الأوروبيين، لكن ما تزال الجماعات المرتبطة بالتطرف الديني واليميني العنيف مصدر قلق لأجهزة الاستخبارات رغم الجهود الأمنية والاستخباراتية التي انتهجتها حكومات البلدين، وفق ما أورده التقرير.

وتشكل السلفية الجهادية التهديد الأكبر للسلطات الفرنسية، وتتنامى أنشطة السلفية الجهادية داخل المساجد في فرنسا عبر خطب تحضّ على العنف والكراهية، وترتكز حواضنهم الإيديولوجية والفكرية في العديد من المدن الفرنسية. 

تقرير مؤشر الإرهاب الأوروبي: تشكل السلفية الجهادية التهديد الأكبر للسلطات الفرنسية، وتتنامى أنشطتهم داخل المساجد عبر خطب تحض على العنف والكراهية، وترتكز حواضنهم الإيديولوجية والفكرية في العديد من المدن الفرنسية

وتتصاعد المخاوف داخل فرنسا من تأثيرات جماعات الإسلام السياسي في إطار العملية الديمقراطية، لا سيّما بعد توجيه جماعات الإسلام السياسي لأصوات الناخبين خلال عام 2022. 

وبالتزامن، تواجه فرنسا تهديداً متزايداً من المتطرفين اليمينيين العنيفين، حيث يهدفون إلى خلق توتر وفوضى سياسية، وتسعى جماعات اليمين المتطرف في فرنسا لتغيير النظام العام، واستطاعت دعاية جماعات اليمين المتطرف في استقطاب العديد من المجتمع الفرنسي، وأصبح المجتمع الفرنسي يتجه أكثر فأكثر نحو اليمين المتطرف. 

تنظيم الإخوان... الوحش النائم في بريطانيا 

بحسب مؤشر الإرهاب الأوروبي لعام 2022، يمثل التطرف الديني خطراً داهماً على بريطانيا، وتظل السلفية الجهادية وجماعات الإسلام السياسي كجماعة الإخوان المسلمين لديها تماسك وتغلغل أكبر داخل المجتمع البريطاني. 

وكشفت الأجهزة الأمنية البريطانية في 14 كانون الثاني (يناير) عام 2022 عن إحباط (32) مخططاً إرهابياً، (18) منها على يد جهاديين.

بحسب مؤشر الإرهاب الأوروبي لعام 2022 يمثل التطرف الديني خطراً داهماً على بريطانيا، وتظل السلفية الجهادية وجماعات الإسلام السياسي كجماعة الإخوان المسلمين لديها تماسك وتغلغل أكبر داخل المجتمع البريطاني

 في الوقت ذاته، تنشط الجماعات السلفية الجهادية داخل السجون البريطانية، ويمثلون تهديداً بتطرف معتقلين آخرين، وجرّ النزلاء إلى التطرف لشنّ هجمات إرهابية.

وبحسب التقرير، تزايد في بريطانيا عدد اليمينيين المتطرفين خلال عام 2022 الذين يعملون على نشر نظريات المؤامرة، وشكّل اليمينيون المتطرفون والنازيون الجدد أكبر مجموعة معروفة من المتطرفين في بريطانيا، لا سيّما داخل الجيش البريطاني خلال عام 2022، وتنامت مساعي أفراد ينتمون لأوساط اليمين المتطرف للتجنيد والانضمام إلى الجيش البريطاني. وكشفت الأجهزة الأمنية البريطانية في 14 كانون الثاني (يناير) 2022 عن إحباط (12) مخططاً إرهابياً ليمينيين متطرفين.

تتنامى أنشطة السلفية الجهادية داخل المساجد في فرنسا عبر خطب تحضّ على العنف والكراهية

ألمانيا والنمسا... تعزيزات غير مسبوقة لمواجهة حاسمة 

بحسب التقرير، شهدت ألمانيا والنمسا تعزيزات مستمرة في ترسانة القوانين، وكذلك المواجهة الأمنية، لتحقيق أعلى معدلات الحماية والتصدي ضد أنشطة الجماعات الإرهابية. 

وبذلت ألمانيا والنمسا جهوداً واسعة في محاربة التطرف والإرهاب خلال العام 2022، ونجحتا بشكل جيد في الحد من أنشطة الجماعات المتطرفة، من خلال وضع بعض المنظمات والجمعيات تحت المراقبة والبعض الآخر تم حظرها، ممّا انعكس بطبيعة الحال على وتيرة العمليات الإرهابية التي انخفضت إلى معدلات غير مسبوقة. 

تحتكر جماعات الإسلام السياسي، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين، الخطاب الدعوي داخل المساجد في أوروبا، وما يزال هناك قصور في فهم الفرق بين جمعيات الإسلام السياسي والإسلام بصفة عامة

لكن ما تزال الجماعات المرتبطة بالتطرف الديني واليميني العنصري مصدر قلق لألمانيا والنمسا، رغم الجهود الأمنية والاستخباراتية التي انتهجتها حكومات البلدين.

وأتاحت القوانين والتشريعات والإجراءات التي أقرتها النمسا تشديد العقوبات على البيئات الحاضنة للجماعات المتطرفة وتسهيل عملية المراقبة، لا سيّما مراقبة خطابات الكراهية والتطرف واستغلال شبكة الإنترنت في الحدّ من أنشطة الجماعات المتطرفة.

ما تزال الجماعات المرتبطة بالتطرف الديني واليميني العنصري مصدر قلق لألمانيا رغم الجهود الأمنية والاستخباراتية التي انتهجتها حكومتها

وقد شنّت النمسا على مدار الأعوام الماضية حملة قوية ضد التطرف، بدأت بحظر رموز جماعات الإسلام السياسي وتأسيس مركز توثيق الإسلام السياسي، لتحليل ومراقبة ورصد أنشطتها في الأراضي النمساوية، ثم فتح تحقيقات قانونية في أنشطة التنظيمات والجماعات الإسلامية وتمويلها للإرهاب.

نظرة على مستقبل الإرهاب في أوروبا

بحسب التقديرات الواردة في التقرير، تحتكر جماعات الإسلام السياسي، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين، الخطاب الدعوي داخل المساجد في أوروبا، وما يزال هناك قصور في فهم الفرق بين جمعيات الإسلام السياسي والإسلام بصفة عامة. 

وتمثل جماعات السلفية الجهادية في أوروبا تهديداً كبيراً للسلطات والأجهزة الأمنية، ويظهر حجم المساجد التي تم إغلاقها والأئمة الذين تمّ ترحليهم مدى خطورة الخطب والدعاية التحريضية لهذه الجماعات.

بذلت السلطات الأوروبية جهوداً كبيرة في محاربة جماعات الإسلام السياسي والجماعات الجهادية، وأصدرت بالفعل عدداً من القوانين، ووسعت من صلاحيات الشرطة وأجهزة الاستخبارات

كذلك يثير صعود اليمين المتطرف في أوروبا مخاوف كثيرة، حيث يستغل الأزمات لتصعيد الخطابات ضد مؤسسات الدولة والأجانب، وبالفعل تصاعدت خطابات اليمين المتطرف في دول أوروبا ضد الأجانب، وبات متوقعاً أن يحمل اليمين المتطرف معه تحديات، لا سيّما للجاليات المسلمة في أوروبا خلال عام 2023.

تعزيز المواجهة

بذلت السلطات الأوروبية جهوداً كبيرة في محاربة جماعات الإسلام السياسي والجماعات الجهادية، وأصدرت بالفعل عدداً من القوانين، ووسعت من صلاحيات الشرطة وأجهزة الاستخبارات. 

ويتوقع التقرير أن تعتمد الحكومات خلال عام 2023 قوانين وتشريعات جديدة ضد جماعات وأنشطة اليمين المتطرف، وتشديد القوانين حول عملية ترحيل الأجانب الذين ارتكبوا أعمالاً إرهابية، وفي مُقدّمتهم المتطرفون الذين ينتمون للسلفية الجهادية، وتنظيم الإخوان المسلمين، ممّا يساهم في انخفاض العمليات الإرهابية على غرار عام 2022.

يتوقع أن تعتمد الحكومات الأوروبية خلال عام 2023 قوانين وتشريعات جديدة ضد جماعات وأنشطة اليمين المتطرف، وتشديد القوانين حول عملية ترحيل الأجانب الذين ارتكبوا أعمالاً إرهابية

وقد نجحت بعض دول أوروبا ـ غرب أوروبا، عبر ترسانة القوانين والتشريعات في تحجيم العمليات الإرهابية منذ هجمات بروكسل ومواجهة تغلغل الجماعات المتطرفة إلى حدّ كبير داخل مؤسسات الدولة والمجتمع الأوروبي، ومن المتوقع أن تنخفض الأنشطة والخطب التحريضية للجماعات المتطرفة وإثارة مشاعر الشباب نحو النزوح إلى التطرف في أوروبا خلال عام 2023.

وتحاول مجموعات صغيرة تنتمي لأوساط اليمين المتطرف تنفيذ مخططات لاعتداءات إرهابية، وما تزال قضية انتشار السلاح بين جماعات اليمين المتطرف تؤرق الساسة الأوروبيين، وباتت منصات التواصل الاجتماعي وتطبيقات الرسائل النصية الوجهة المفضلة  للتهديدات اليمينية المتطرفة.

المشكلة مستقبلاً تتعلق بالجماعات الدينية المتطرفة واليمينية التي تعمل بشكل منفرد، وهو ما يجعل من اكتشافهم وتوقيفهم أمراً صعباً

ويعتبر التقرير أنّ المشكلة مستقبلاً تتعلق بالجماعات الدينية المتطرفة واليمينية التي تعمل بشكل منفرد، وهو ما يجعل من اكتشافهم وتوقيفهم أمراً صعباً.

ويحذّر التقرير من محاولة الجماعات المتطرفة في أوروبا استغلال الأزمات لبث خطابات دعائية، كما لدى السلفية الجهادية التي تحمل أفكاراً متطرفة حول المجتمعات الأوروبية، وتحاول جماعات الإسلام السياسي للمزيد من التحول في الأفكار والآراء السياسية داخل أوروبا.

ويقول التقرير: إنّ السلطات الأوروبية إذا لم تأخذ هذه التهديدات على محمل الجد، فقد تتسع ظاهرة المجتمعات الموازية في أوروبا، وستكون لتلك التهديدات تأثيرات سلبية على التكامل والاندماج في أوروبا، إلى جانب المخاوف الأمنية، والعجز القضائي عن ملاحقة المتطرفين.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية