من واقع ملفات الأمن الأوروبي... ماذا ينتظر جماعة الإخوان في عام 2024؟

من واقع ملفات الأمن الأوروبي... ماذا ينتظر جماعة الإخوان في 2024؟

من واقع ملفات الأمن الأوروبي... ماذا ينتظر جماعة الإخوان في عام 2024؟


27/12/2023

تعيش جماعة الإخوان منذ منتصف عام 2013 أوضاعاً مأساوية، تنتقل من سيّئ إلى أسوأ، لكن يبدو أنّ عام 2024 المقبل سيحمل للجماعة صدمات أكثر قوة في ضوء حالة التضييق المتواصل عليها داخل المجتمعات الأوروبية، والتي طالما اعتبرها عناصر التنظيم ملاذات آمنة خاصة في وقت الأزمات. 

مؤخراً أشارت عدة تقارير تناولت وضع جماعة الإخوان ومستقبلها داخل المجتمعات الأوروبية إلى احتمالات مواجهة قوية بين التنظيم والأجهزة الأمنية داخل أوروبا، على خلفية تقارير استخباراتية حذرت من تنامي نشاط تنظيمات التطرف الإسلاموي خلال عام 2024. 

أبرز هذه التقارير هو التقرير الذي أصدره لورينزو فيدينو، المتخصص البارز في شؤون الإخوان المسلمين في الغرب، في تشرين الأول (أكتوبر) 2023، ضمن برنامج التطرف في جامعة جورج واشنطن، بعنوان "حرفياً: ما تقوله أجهزة الأمن الأوروبية عن جماعة الإخوان المسلمين في أوروبا".

خطر متنامٍ 

يشير التقرير إلى أنّ جماعة الإخوان المسلمين في أوروبا كثيراً ما تكون موضعاً للجدل، وكثيراً ما ترتبط بالتفسيرات الخاطئة والتلاعب. 

وتختلف الآراء حول ذلك بين من يدعي عدم وجودهم، وأنّه تفكير طائفي وتآمري، ومن يدعي وجودهم، وأنّهم في المضمون أشبه بجماعات مثل تنظيم القاعدة أو الدولة الإسلامية، وأولئك الذين يعتقدون أنّهم قوة تطورت مع مرور الوقت وتعتنق الآن الديمقراطية والاندماج الإيجابي في مجتمع الاتحاد الأوروبي، وأولئك الذين يزعمون أنّهم يشكلون حركة معقدة، رغم أنّها ترتدي واجهة معتدلة، فهي في الواقع منخرطة في أنشطة غير عنيفة، ولكنّها مع ذلك تثير إشكالية كبيرة، وفق ما أورده (المركز العربي لدراسات التطرف).

جماعة الإخوان المسلمين في أوروبا كثيراً ما تكون موضعاً للجدل

وينبع الكثير من الالتباس من الطبيعة الغامضة والسرية للإخوان، وبالتالي صعوبة الحصول على معلومات واضحة لا لبس فيها، وقد بذلت التنظيمات التابعة لعائلة الإخوان في العالم العربي جهوداً كبيرة لإخفاء جوانب مختلفة من عملها الداخلي، وهو تكتيك مفهوم، نظراً للسياق، وضمن بقاء الحركة في بيئات سياسية صعبة لما يقرب من قرن من الزمان.

وعلى نحو يتعارض مع الحدس إلى حد ما، فإنّ السرية المحيطة بشبكات الإخوان المسلمين أكبر في الغرب، حيث لا تعتبر جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، ويمكنها عموماً العمل بحرية ضمن إطار ديمقراطي، وقد حافظت فروع جماعة الإخوان المسلمين في الشرق الأوسط دائماً على سرية العديد من جوانب أنشطتها، لكنّها لم تنكر أبداً وجودها. 

رقابة صارمة 

بحسب التقرير، قامت أجهزة الأمن الأوروبية بمراقبة جماعة الإخوان المسلمين بدرجات متفاوتة من الشدة، مثل المكتب الألماني لحماية الدستور، سواء على المستوى الفيدرالي أو في الولايات الألمانية الـ (16)، فعلوا ذلك بشكل أكثر شمولاً من بعض نظرائهم الأوروبيين الذين كانت صلاحياتهم أضيق وأقرب إلى مجرد إنفاذ القانون، وفي كل بلد تختلف درجة مراقبة الإخوان تبعاً لحجم المهمة.

 

تقرير: قامت أجهزة الأمن الأوروبية بمراقبة جماعة الإخوان بدرجات متفاوتة من الشدة، مثل المكتب الألماني لحماية الدستور، سواء على المستوى الفيدرالي أو في الولايات الألمانية الـ (16)، فعلوا ذلك بشكل أكثر شمولاً من بعض نظرائهم الأوروبيين

 

كذلك قررت المفوضية الأوروبية اعتماد تدابير أمنية أكثر مرونة وسرعة، اعتماداً على عوامل مثل وجود تهديدات أمنية أكثر إلحاحاً أو نصيحة صانعي السياسات، إلا أنّ كافة الأجهزة الأمنية الأوروبية، دون استثناء، تتبنّى رؤية سلبية للغاية تجاه جماعة الإخوان المسلمين في القارة العجوز.

ويؤكد التقرير أنّ المجتمع الأمني الأوروبي قد توصل إلى إجماع راسخ حول وجود جماعة الإخوان المسلمين وبنيتها وتكتيكاتها وأهدافها، وفي نهاية المطاف، الطبيعة الإشكالية للإخوان المسلمين في أوروبا. وهذا الإجماع ظل ثابتاً طوال الـ (20) عاماً الماضية، ولم يتعرض لأيّ انحراف، وينبغي أن يكون الأساس لاتخاذ قرارات سياسية مستنيرة بشأن هذا الموضوع.

في جوهر الأمر، أعربت الأجهزة الأمنية في جميع دول أوروبا الغربية الكبرى تقريباً ـ باستثناء إيطالياـ عن وجهات نظر سلبية للغاية تجاه جماعة الإخوان المسلمين في تقاريرها، ولا يعلم المؤلف أنّ أيّ جهاز أمني أوروبي صرح بأيّ شيء يتناقض، ولو بشكل بسيط، مع تقييمات الإخوان التي أجرتها أجهزة الدول الـ (7) المذكورة هنا. 

على العكس من ذلك، تؤكد مقابلات المؤلف مع معظم أجهزة الأمن الأوروبية على مدار الـ (20) عاماً الماضية أنّه حتى أولئك الذين لم يتحدثوا علناً (أجهزة الأمن الإيطالية على سبيل المثال) يتبنون موقفاً سلبياً للغاية تجاه الإخوان، وهو ما يتفق مع ما تم التعبير عنه علناً.

ماذا ينتظر الإخوان في 2024؟ 

تشير دراسة صادرة عن (المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات) إلى أنّ جماعة الإخوان على موعد مع مواجهة أكثر حسماً داخل أوروبا في ضوء الكثير من التقارير التي تشير إلى تنامي المخاطر المتعلقة بالإرهاب الإسلاموي خلال العام المقبل. 

وتوضح الدراسة أنّ حالة الصراع الأخيرة داخل تنظيم الإخوان أثرت بشكل مباشر على الهرم التنظيمي في الداخل والخارج، مع غياب المرشد العام، والصراع المحتدم بين إبراهيم منير (قبل وفاته) ومحمود حسين، ثم بين حسين وصلاح عبد الحق، على منصب القائم بالأعمال، وانقسام الجماعة فعلياً إلى جماعتين لكل منهما مرشد؛ الأولى جماعة لندن ويترأسها صلاح عبد الحق، والثانية جماعة إسطنبول ويترأسها محمود حسين. 

 

أعربت الأجهزة الأمنية في جميع دول أوروبا الغربية الكبرى تقريباً ـ باستثناء إيطالياـ عن وجهات نظر سلبية للغاية تجاه جماعة الإخوان المسلمين في تقاريرها

 

ذلك فضلاً عن غياب القطاعات واللجان المشكلة داخل مصر بسبب الملاحقات الأمنية لعناصر الجماعة المرصودة على قوائم الإرهاب، مع كل هذه المتغيرات سقطت لائحة العمل التنظيمي للإخوان وتلاشى البناء الهرمي المركزي، وأصبحت آلية عمل الخلايا الإخوانية أقرب إلى المسارات العنقودية تتسم بعشوائية شديدة وعدم القدرة على حسم القرار بشكل مركزي.

وبحسب الدراسة، تأثر التنظيم في أوروبا بأزماته الأخيرة، وانعكس ذلك على آلية عمل التنظيم بسبب المواجهة الأمنية الشاملة التي تنفذها السلطات وفي مجموعة من الدول، وفي الوقت الراهن باتت جماعات الإسلام السياسي تعتمد استراتيجيات تركز على التضليل والسرية في ممارسة نشاطها، كما تخفي تماماً أيّ صلة تنظيمية مباشرة مع جماعة الإخوان، المصنفة على قوائم الإرهاب في عدة دول عربية، ومتهمة بممارسة العديد من العمليات الإرهابية.

وتشير الدراسة إلى ضرورة أن تتعامل الحكومات مع جماعة الإخوان باعتبارها كتلة واحدة، أو شبكة متعددة الأفرع، كذلك التعامل بجدية مع ملفات الإرهاب لدى جهات التحقيق في الشرق الأوسط، ودراسة الاتهامات الموجهة للتنظيم للتوصل إلى النمط الصحيح للتعامل معه أمنياً وقانونياً.

مواضيع ذات صلة:

مدارس الإخوان في أوروبا بين تكريس خطاب الكراهية وغسيل الأموال

"شبكات الإخوان في أوروبا".. طرد الجماعة الإسلامية في ألمانيا

الإخوان في أوروبا.. من التجاهل إلى الاستهداف




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية