"القايمة سقطت"... ما حقيقة إلغاء قائمة منقولات الزوجة في مصر؟

"القايمة سقطت"... ما حقيقة إلغاء قائمة منقولات الزوجة في مصر؟


28/07/2022

"قائمة المنقولات"، أو بالعامية المصرية "القايمة"، وثيقة تضم كلّ ما اشترته العروس لمنزل الزوجية، وجرى العرف أن يوقع العريس على هذه الوثيقة قبل إتمام الزفاف، لضمان حقوق العروس، غير أنّ الأجيال الجديدة من الشباب تتمرد على هذا العرف، وترفضه في صورة هاشتاغ #القايمة_سقطت الذي تصدر الترند أمس، وأثار تفاعلاً واسعاً على كافة المستويات.

"القائمة" هي مجرد وثيقة يعتبرها بعض الرجال بداية سيئة لما تحمله من تشكيك وتخوين في ذممهم وافتراضاً لسوء النية، ويرى البعض الآخر أنّها حق للمرأة لصون حقوقها، أمّا بعض الأسر، التي لديها فتيات في سن الزواج، فترى أنّها أداة ضغط على الرجل في يد الزوجة عند الخلاف أو عند تعديه بالضرب عليها، حتى أنّ "تبديد المنقولات" قد يتسبب في دخول بعض الأزواج السجن في بعض الحالات.

وفي القرى، تحوّلت "القائمة" من وسيلة تحمي حقوق المرأة إلى وسيلة للمغالاة والتفاخر بقيمتها العالية والمبالغ فيها في بعض الأحيان؛ حيث تشترط بعض الأسر أن تُقدّر القائمة بقيمة أعلى من قيمة المنقولات الحقيقية، لتصل في بعض الأحيان إلى ربع مليون جنيه، معللين ذلك بأنّ هذه هي القيمة السائدة في القرية.

  #القايمة_سقطت

بدأ الجدل حول إلغاء "القائمة" من عدمه عندما كتب شاب يُدعى إسلام عبد المقصود تدوينة يقول فيها: "ألف مبروك يا رجالة، القائمة سقطت في مصر"، وفقاً لصحيفة "الدستور" المصرية.

 التدوينة التي تم تداولها على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي أثارت جدلاً أوسع عمّا إذا كانت "القائمة" عرفاً، أم أنّها حق شرعي، باعتبار أنّ المرأة غير مكلفة بتجهيز بيت الزوجية، وأنّ ما يحدث في مصر من مساعدة أسر الفتيات بشراء "الجهاز" هو لتيسير الزواج ومساعدة العريس، المكلف شرعاً بتجهيز بيت الزوجية، غير أنّ تلك المساعدة اتخذت على مدار عقود في مصر شكلاً إجبارياً.

 وفي أول ردّ فعل على إلغاء "القائمة"، اكتفت الإعلامية المصرية رضوى الشربيني، المعروفة بانحيازها الصريح للمرأة، في تغريدة على حسابها الرسمي على تويتر، بإيموجي لقرد يضع يده على عينه تعبيراً عن الصدمة، وعبّرت الفنانة المصرية سمية الخشاب، في تغريدة على حسابها الرسمي على تويتر عن أمنياتها أن يكون إلغاء القائمة حقيقياً.

 وقالت الخشاب: "أتمنى حوار القايمة ده يبقى حقيقي عشان حقيقي هكون ممتنة، وشايفه أنّها حاجه ملهاش أي لازمة، زيها زي الأفراح اللي بيتصرف فيها مبالغ خيالية عشان شوية منظرة وشكليات"، مضيفة: "الراجل ملزوم يجيب كلّ حاجة، يا أمّا لو مش جاهز ميتجوزش، أصلها مش شطارة هي".

 

بدأ الجدل حول إلغاء "القائمة" من عدمه عندما كتب إسلام عبد المقصود: "ألف مبروك يا رجالة القائمة سقطت في مصر"

 

 ودخل المحامي المصري طارق العوضي، عضو لجنة العفو، على خط التريند، فقد كتب في منشور على صفحته الرسمية على فيسبوك: "‏هو إيه اللي فتح موضوع القائمة ده يا جماعة؟  ما طول عمرنا بنمضي القايمة عادي، لأنّ العروسة أصبحت بتساهم بجزء كبير في المنقولات، كمان العريس مبقاش يدفع مهر، عشان كده تم استحداث موضوع القائمة...، مش عاوز تمضي على قائمة، حضرتك تدفع مهر، وتجهز البيت كاملاً على حسابك".

  الأزهر والإفتاء

حسم مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية الجدل حول كافة الأمور المتعلقة بقائمة المنقولات، فقد أكد أنّ هناك مقومات عديدة للزواج السعيد، ليس من بينها المبالغة في المهور، ولا ارتفاع تكاليف الزواج.

 ونقلت صحيفة "الوطن" المصرية عن المركز قوله في فتوى سابقة: عن أمنا عائشة، رضي الله عنها، قالت: "إِنَّ مِنْ يُمْنِ الْمَرْأَةِ تَيْسِيرَ خِطْبَتِهَا، وَتَيْسِيرَ صَدَاقِهَا"، مضيفاً: التَّفاخر الأجوف بمقدار القوائم أمور تصرف الشباب عن الزواج، وتُعسِّر الحلال، وتُفسد المُجتمعات، وتُخالِف هدي سيدنا رسول الله ﷺ الذي قال: "إِنَّ أَعْظَمَ النِّكَاحِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُ مَؤُونَةً"، واستطرد: الصداق من الآثار المترتبة على عقد الزواج، والواجبة على الرجل للمرأة؛ قال تعالى: {وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً}.

 وقد علّقت دار الإفتاء المصرية على الأمر بالقول: إنّه "لا حَرَجَ شرعاً في الاتفاق على قائمة المنقولات الزوجية *قائمة العَفْش* عند الزواج، فلا بأس بالعمل بها على كونها من المهر؛ قال تعالى: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهنَّ نِحْلَةً﴾، والمرأة إذا قامت بإعداد بيت الزوجية في صورة جهاز؛ فإنّ هذا الجهاز يكون ملكاً للزوجة ملكاً تامّاً بالدخول، وتكون مالكة لنصفه بعقد النكاح، إن لم يتم الدخول، على أنَّه يُراعى في ذلك عَدَم إساءة استخدام "القائمة" في حال النزاع بين الزوجين."

  من الإبرة إلى الصاروخ

الفرحة العارمة بإلغاء "القائمة" لم تدم طويلاً بين االذكور، فقد وجد الشاب نفسه أمام التكفل بتجهيز عش الزوجية من الإبرة إلى الصاروخ، وهو الأمر الذي أثار موجة من المخاوف والسخرية في آنٍ واحد، فقد قال محمود الجمل، أحد مستخدمي موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، في منشور على حسابه الرسمي: "واحدة واحدة يا جماعة، مش علشان كلها كام يوم وأمضي على القايمة تقلبوا الدنيا علشان تلغوها خالص".

 وانتشرت صور "الكوميكس" الساخرة حول حيرة الشاب، الذي يدعوه أصدقاؤه للخروج معهم بينما يفكر هو في "الملايات وطقم الكوبايات وطقم الجيلي"، وغيرها من الأمور التي كانت المرأة تتكفل بها، ويسخر مستخدم آخر من "إسقاط القائمة" والتكفل بتجهيز البيت، بوضع نفسه محل الزوجة التي يطير عقلها إذا كسر الزوج "كوباية" من "النيش"، الذي كان موضوع حملة سابقة للتخلص من المغالاة في الزواج.

 

التدوينة أثارت جدلاً أوسع عمّا إذا كانت "القائمة"عرفاً أم أنّها حق شرعي، باعتبار أنّ المرأة غير مكلفة بتجهيز بيت الزوجية

 

 وعلى تويتر، سخر كذلك العديد من المغردين من تكفل الزوج بتجهيز بيت الزوجية من الإبرة إلى الصاروخ، فقد غرّد محمد جمعة قائلاً: إنّ "الشباب وهم قاعدين على القهوة هيتكلموا في جهاز البيت بدلاً من الكلام عن الكورة"، مرفقة بصورة للفنان حجاج عبد العظيم وهو جالس في أحد المقاهي، كُتب عليها "لسه جايب حلة تيفال إمبارح أد كدا، والله يا رجالة"، ونشر مغرّد آخر صورة للفنان أحمد فهمي على حمار، ومكتوب عليها "مش راجع البيت يا ماما غير لما تجيبلي طقم صيني (113) قطعة، زي محمد صاحبي"، وفوقها تعليق "الشباب وهي بتتجوز في 2023 بعد إلغاء القايمة".

 أمّا كاكشي، أحد مستخدمي تويتر، فقد كتب: إنّ تكفل الشاب بتجهيز بيت الزوجية يُعدّ "كابوساً" للبنات، لأنّ الشاب، في هذه الحالة، سكيتفي بقطعة واحدة من كلّ شيء، ويستغني عن 95% ممّا تشتريه الفتاة في جهازها، قائلاً: "حوار إلغاء القايمة ده، وإنّنا نجيب كلّ حاجة، ده كابوس ليكم كبنات والله... يعني مبدئياً كده أدوات المطبخ هتقل بنسبه 95% تقريباً، هما طبقين وحلة و (4) كوبايات ومعالق، وشكراً، إنّما جوّ بقى أركوبال حراري وجرانيت وبايريكس والشغل ده تنسيه. أنا شخصياً كنت فاكر البايريكس ده ميك أب أساساً".

 الزواج في كواكب شقيقة

"قائمة المنقولات" تُعدّ عُرفاً مصرياً خالصاً، وذلك لأنّ المرأة المصرية دون غيرها من نساء العالم تتكفل بجزء من تكاليف الزواج، غير أنّ ذلك لم يُرضِ بعض الرجال، الذين اعتبروا ذلك تخويناً مسبقاً، وأنّه زواج على ورقة طلاق.

 المنشد والمدوّن الشهير مصطفى أبو رواش علّق على الأمر، من خلال مقطع فيديو على حسابه الرسمي على الفيسبوك، وقد قارن بين الزواج في مصر وعدد من الدول العربية، ولا سيّما سوريا والمغرب والجزائر، حيث يتكفل الشاب بكافة مصاريف الزواج حتى قيمة "شنطة هدوم" العروس في سوريا والجزائر، ومع ذلك فإنّ حقها محفوظ لا مساس به، أمّا في المغرب، فتقييم المهور على أساس مدى جمال المرأة، على حدّ قول أبو رواش.

 وفي أوروبا، إذا أراد شاب مصري أن يتزوج أوروبية، فلن تطلب منه مهراً ولا مؤخراً، ولا بيتاً، على حدّ تعبير أبو رواش، الذي أوضح أنّ الأمر يختلف عند الأوروبية عند الطلاق، حيث تأخذ نصف ما يملك طليقها من مال أو عقارات.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية