بعد فشل محاولاتها في تعطيل الانتخابات التونسية... حركة النهضة تحول نفسها إلى ضحية

بعد فشل محاولاتها في تعطيل الانتخابات التونسية... حركة النهضة تحول نفسها إلى ضحية

بعد فشل محاولاتها في تعطيل الانتخابات التونسية... حركة النهضة تحول نفسها إلى ضحية


06/12/2022

رغم أنّ الحكم في تونس كان برلمانياً، وأنّ أكثر من ثلث النواب هم من حركة النهضة الإخوانية، ما تزال قيادات حركة "النهضة"، التي تحمل في نظر التونسيين وِزر العشرية السوداء وتتحمل فشل البلاد، تصرّ على تنصّلها من الحكم طيلة (10) أعوام مضت، حتى أنّها أصبحت تجد نفسها ضحية لحُكم قيس سعيّد، على خلفية قضايا يتعلق أغلبها بالإرهاب وتبييض الأموال، رفعتها ضدّها أحزاب سياسية بعضها متحالف معها في معارضة سعيّد.

الحركة التي طالب التونسيون بإخراجها من البرلمان ومحاسبتها، على أعوام الحكم وما انجرّ عنها من أزمات اجتماعية واقتصادية، دعت أمس إلى توحيد الجهود لمقاومة ما تعتبره "الانقلاب الذي نفذه سعيّد"، محذّرة من تواصل عجز السلطة عن تقديم أيّ حلول، وتواصل هدم كل المؤسسات من هيئات دستورية، وأيضاً دستور 2014.

قضايا خطيرة تلاحق حركة النهضة  

وخلال الندوة الصحفية كشفت حركة النهضة عن تفاصيل القضايا المتعلّقة بها، نافيةً تورّطها في أيّ منها، وقد أجمعت قياداتها على أنّ الحركة باتت محلّ استهداف وتهجّم من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيّد منذ ما يصفونه بـ ''انقلاب 25 تموز (يوليو) 2021''.

هذا، وأكدت زينب البراهمي رئيسة المكتب القانوني لحركة النهضة أنّ الحركة قامت برفع قضية ضدّ العديد من الصحف التي نشرت أخباراً مغلوطة ضدّها، لافتةً إلى أنّ بعض القضايا التي تلاحق النهضة رفعتها أحزاب سياسية، وأخرى رفعتها أطراف وصفتها البراهمي بـ ''الواشية".  

القضية الأولى تتعلق بـ "اللوبيينغ"، حيث تمّ اتهام النهضة بتلقي تمويل أجنبي، وبيّنت البراهمي أنّ هذه القضية رُفعت من قبل التيار الديمقراطي، ولم يتم العثور على أيّ دليل يُدين الحركة، وأضافت أنّ الملف ''فارغ تماماً''، وذكرت قرار المحكمة قائلة: ''لم يثبت للمحكمة وجود عقد مبرم بين حركة النهضة وشركة الدعاية والضغط''.

حركة النهضة، التي تحمل في نظر التونسيين وِزر العشرية السوداء وتتحمل فشل البلاد، تصرّ على تنصّلها من الحكم طيلة 10 أعوام مضت

وتتعلق القضية الثانية بـ "أنستالينغو"، وبيّنت أنّه قد تمّ إقحام النهضة في هذا الملف عن طريق ''وشاية''، وبيّنت أنّ ''الواشية هي شخص عُزل من وظيفته التي كانت تشغلها''، وذلك لتورّطها في قضايا، وقامت ''بنسبة أمور والادعاء بالباطل والتشويه عبر مواقع التواصل الاجتماعي".    

والقضية الثالثة تتعلق بملف ''جمعية نماء تونس''، وبيّنت البراهمي أنّ حزب "الوطنيين الديمقراطيين الموحد" وحزب "التيار الشعبي" هما من تقدّما بالشكوى، وأوضحت أنّ هذه الشكوى مرفوعة على أساس وجود عملية ''تنصّت'' وأكّدت قائلة: ''بالقانون، التنصت يكون ملك الجهة التي أذنت به، أيّ قاضي التحقيق فقط لا غير''.

واعتبرت أنّ تلك الأحزاب وهيئة الدفاع عن الشهيدين اليساريين شكري بلعيد ومحمد البراهمي تتعمد الحديث عن وجود جهاز سرّي لحركة النهضة، وتابعت متسائلة: ''إمّا أن يكون لديهم هم جهاز سرّي، وإمّا أنّ ما يصرّحون به باطل، ويجب أن يعترفوا بأنّهم أخطؤوا في حقّ الشعب، وأنّهم كذبوا عليه، وفي حق حركة النهضة وأنصارها".

وتتعلق القضية الرابعة بملف تسفير الجهاديين إلى بؤر التوتر، (وهي أخطر قضية)، وبيّنت البراهمي أنّ "الواشية" توجهت بمفردها مصحوبة بجملة وثائق، وقدّمت فقط جزءاً في الملف يتعلق بحركة النهضة، وذلك ما تريد أن توصله إلى الشعب، وهي لا تريد الحقيقة، وفق قولها.

إلى ذلك، اتهم العديد من الصفحات ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي النهضة ''بشفط المواد الغذائية من السوق"، والتسبب في أزمات معيشية، من أجل تأليب الرأي العام التونسي ضدّ الرئيس سعيّد.

النهضة تتقمص دور الضحية

حركة النهضة تعتبر كل هذه القضايا "مفبركة ومفتعلة من قبل سلطة قيس سعيد"، وأنّها قضايا تعود إلى أعوام، ويتمّ تحريكها للتنكيل برئيس الحركة راشد الغنوشي وبقيادات الحركة.

وقد رفعت النهضة قضايا ضدّ كلّ من رئيس الجمهورية قيس سعيد، وضد وزيرة العدل ليلى جفال، وضد رئيسة الحكومة نجلاء بودن، وضد وزير الداخلية توفيق شرف الدين.

الحبيب الصيد: مداولات المجلس الأعلى للأمن كانت تتجه إلى مقر حركة النهضة، وتُعرض هناك، وتُغربل ثم يعود منها ما يتم الاتفاق عليه للإنجاز

وخلال الأعوام الماضية اعتادت الحركة رمي فشلها في سلال الآخرين، وتعتمد في تفسيرها على أنّ الحكومات المتعاقبة منذ الثورة لم تضم أسماء كثيرة من الحركة، وأنّ الرئاسة لم تكن لها، بحسب زعمها.

النهضة ترهب التونسيين

من جانبه، زعم القيادي في حركة النهضة عماد الخميري، والناطق الرسمي بها، أنّ الأزمة السياسية زادت استفحالاً في البلاد، وأنّ مسار 25 تموز (يوليو) يُلقي بظلاله على كلّ الأصعدة، وأجندة ''الانقلاب'' هي استمرار لنهج مواصلة سياسة الهروب إلى الأمام التي ستكون لها آثار كبيرة على البلاد.

''لنا أكثر من عام ونصف من انقلاب 25 تموز (يوليو)، ولنا استشراف لنهاية عهدة قيس سعيد، وبقي له قرابة العام والقليل، ومن حق التونسيين تقييم هذا المسار الانقلابي، وهناك فشل ذريع في إدارة الحكم، وهناك تنصل من تحمل المسؤولية في تلبية استحقاقات المواطنين، وهناك عجز غير مسبوق في التعاطي مع الأزمات، والسلطة تتعامل فقط بطريقة فوقية".   

واعتبر عماد الخميري أنّ انتخابات 17 كانون الأول (ديسمبر) الجاري مهزلة بأتمّ معنى الكلمة، ولن تُخرج تونس من الوضع المتأزم الذي تمرّ به في ظلّ غياب أغلب الأحزاب، مشدّداً على أنّ ''هذه الانتخابات لن تكون عنواناً للحل، بل ستعمق الأزمة الدستورية، وستعمق أزمة الشرعية في البلاد".

النهضة وتجربة الحكم

وفي كتابه الصادر أخيراً "حديث الذاكرة" (صفحة 243) قال رئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد: إنّ "مداولات المجلس الأعلى للأمن كانت تتجه إلى مونبليزير، حيث يقع مقر حركة النهضة، وتُعرض هناك، وتُغربل، وتطبخ على نار أخرى، ثم يعود منها ما يتم الاتفاق عليه ليحال على الإنجاز، ويسير الباقي إلى سلة المهملات"، وهي شهادة من رجل دولة تؤكد مدى تمكّن "النهضة" في كل المجالات، وخاصة الجانب الأمني.

النهضة أصبحت تجد نفسها ضحية لحُكم قيس سعيّد على خلفية قضايا يتعلق أغلبها بالإرهاب

وقد عاشت تونس هزة سياسية اعتبرها البعض أنّها بداية النهاية، وذلك خلال تجربة الحكومة التي أتت عقب انتخابات 2019، إذ تبيّن مدى تحكم "النهضة" في دعم الحكومات أو إسقاطها، من خلال إجبار إلياس الفخفاخ على الاستقالة من منصبه كرئيس حكومة، من طرف "النهضة" وحلفائها في البرلمان.

 الاستقالة حينها اعتبرها مراقبون كرة الثلج التي خرجت وعظمت، وساهمت في تأجيج الأزمة بين قيس سعيد وراشد الغنوشي، وأيضاً القشة التي قصمت ظهر حركة "النهضة"، من خلال الانشقاقات والاستقالات، على خلفية تحميل الغنوشي ما وصلت إليه البلاد.

وقال الأمين العام السابق للتيار الديمقراطي، وأحد وزراء حكومة الفخفاخ، محمد عبو: "النهضة أسقطت الحكومة خوفاً على مصالحهم"، وأضاف: "إلياس الفخفاخ منحه كل الصلاحيات كي يقاوم الفساد"، باعتباره وزير الحوكمة ومكافحة الفساد آنذاك.

مواضيع ذات صلة:

تونس: الغنوشي انتهى سياسياً فهل تختفي "النهضة"؟

تونس: دماء شكري بلعيد ومحمد البراهمي تطارد الغنوشي

اعترافات الغنوشي: إعلان هزيمة أم خداع سياسي؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية