الإمارات ترحب بالعالم في "مدينة المستقبل"

الإمارات ترحب بالعالم في "مدينة المستقبل"


04/10/2021

في عام 2013 وعدت دولة الإمارات العربية المتحدة العالم أن تقدم معرضا يبقى خالدا في الذاكرة ويظهر صورة للعالم السريع الذي نعيشه ويدعم الابتكار. وهذا بالضبط ما فعلت. بنت مدينة للمستقبل.

بدأ “إكسبو 2020” استقبال الزوار من جميع أنحاء العالم مدشنا رحلة جديدة شعارها “تواصل العقول وصنع المستقبل” فاتحة ذراعيها لبدء مرحلة جديدة من العمل الدولي الجماعي لمواجهة التحديات المشتركة وتبني الأفكار الخلاقة والعقول المبدعة من أجل ترسيخ مستقبل مزدهر ومستدام للبشرية جمعاء.

مقومات النجاح

كانت الإمارات قد فازت بتنظيم المعرض عن جدارة واستحقاق بعد منافسة قوية بينها وبين مدن إزمير التركية، وساو باولو البرازيلية، وكاترينبرغ الروسية لتصبح أول مدينة في الشرق الأوسط تستضيف المعرض.

واعتبر مراقبون حينها أن الفوز يعكس مكانة الإمارات العربية المتحدة كمركز ثقافي واقتصادي ومالي وسياسي دولي، وما تملكه من مقومات الدولة الناجحة.

وبحضور ممثلين لـ192 دولة مشاركة دشن “إكسبو 2020” انطلاقته التاريخية والاستثنائية الجمعة الأول من أكتوبر مع “حفل القرن” الذي أقيم في ساحة الوصل التي تشكل قلب إكسبو والرابط بين محاوره الثلاثة “الاستدامة والتنقل والفرص” وشكل الحفل علامة استثنائية في تاريخ المعرض العالمي الذي انطلقت أول دورة له قبل أكثر من 170 عاما.

وأكدت وزيرة الدولة الإماراتية لشؤون التعاون الدولي ريم الهاشمي أن إمارة دبي أقامت “مدينة جديدة” لاستضافة إكسبو 2020 “ستبقى لفترة طويلة” بعد انتهاء المعرض الذي يستمر لمدة ستة أشهر.

وأقيم إكسبو دبي في موقع على مشارف دبي وكلّف نحو سبعة مليارات دولار، ويضم المئات من الأجنحة لدول مشاركة ومعارض على مساحات شاسعة.

وقالت الوزيرة، التي تشغل أيضا منصب المديرة العامة لمكتب إكسبو 2020 دبي، إن “الاستثمار لم يكن أبدا لاستضافة معرض إكسبو، بل كان استثمارا لبناء مدينة جديدة على مسافة واحدة بين دبي وأبوظبي تكون حقا مدينة للمستقبل”.

وبحسب الهاشمي، يتجه الاستثمار نحو “مدينة في عام 2040 و2050 وما بعد ذلك. وقد التزمنا بعدم تفكيك كل المرافق المرتبطة بإكسبو”.

وأضافت “كل ما نقوم ببنائه والغالبية العظمى منه، نحو 90 في المئة أو أكثر، سيبقى بالفعل من أجل المدينة المستقبلية”.

ويركز إكسبو على حلول مستدامة في مجالات المياه والطاقة والغذاء.

وتستضيف دبي المعرض العالمي للمرة الأولى في الشرق الأوسط، ومن المتوقع أن يكون الحدث الأكبر في المنطقة مع تقديرات بمجيء 25 مليون زائر على مدى ستة أشهر.

وهو أكبر حدث ينظم في العالم منذ بدء جائحة كوفيد، إذ أقيم أولمبياد طوكيو الصيف الماضي من دون متفرجين في الملاعب لتفادي انتقال الفايروس بسرعة.

وسيطلب من زوار المعرض تقديم شهادة تطعيم أو نتيجة فحص سلبية لوباء كوفيد – 19. وكذلك سيتعيّن عليهم وضع الكمامات والالتزام بقواعد التباعد الاجتماعي.

وتحدثت الهاشمي عن الإجراءات الوقائية من الفايروس، قائلة “نقوم بكل ما هو ممكن علميا للتخفيف من آثار كوفيد، وأيضا ما هو ضروري للمضي قدما”.

والإمارات من الدول التي قامت بحملة تلقيح مكثفة وسريعة لسكانها، مع عشرين مليون جرعة، فيما يبلغ عدد السكان عشرة ملايين.

تكنولوجيا الاستدامة

يربط خط للمترو بين موقع إكسبو ومدينة دبي، ويقع على الطريق المؤدي إلى العاصمة أبوظبي. وجهّز الموقع بتقنيات الجيل الخامس للاتصال، الأمر الذي سيتم استثماره أيضا بعد نهاية المعرض في الحادي والثلاثين من مارس المقبل.

وقالت الوزيرة الإماراتية “نظرا للتركيز على التكنولوجيا والاستدامة، نسعى لجذب الصناعات والسكان الذين يميلون للعمل في هذه المساحات”.

وأضافت “نبحث عن الصناعات المتعلقة بالمناخ أو التكنولوجيا الخضراء. هناك مجموعة مثيرة للاهتمام من القطاعات الجديدة التي ظهرت والتي نأمل أن نتمكن من الاستفادة منها من خلال تنظيم هذا المعرض”.

وأقيم في إكسبو جناح للاستدامة باسم “تيرا” (الأرض)، وهو جناح ضخم مغطى بقرابة خمسة آلاف لوح شمسي وتتم فيه معالجة المياه لإعادة استعمالها.

وسيتم خلال المعرض تنظيم الكثير من الفعاليات المتعلقة بالمناخ والتنوع البيئي، وهو موضوع بدأ يكتسب زخما في منطقة الخليج المعروفة بصيفها الحار، والتي يهدّد الاحتباس الحراري بجعل الحياة غير محتملة للبشر فيها.

وقالت الهاشمي “كان هناك قرار واع وحقيقي عندما وضعنا برنامجنا للناس والكوكب للنظر حول كيف يمكن لأنشطة إكسبو المساهمة بشكل إيجابي”.

وبحسب الهاشمي “في العادة، لا تأخذ الأحداث العالمية الكبرى بالاعتبار إجراءات تدوم على المدى الطويل”.

وتابعت “لكن نظرا لأن هذا الموقع سيبقى بأكمله تقريبا قائما، فإننا فخورون بأننا سنتمكن من المساهمة في برنامج أوسع مستدام”.

وقالت هند البوم رئيسة تصميم وتطوير المحتوى “إننا فخورون بالوصول إلى هذه المرحلة المبهرة”، مشيرة إلى أن دولة الإمارات ترحب بالعالم اليوم على أرضها من أجل العمل معا لخدمة البشرية.

وأضافت أنه سيتم تنظيم برنامج “الإنسان وكوكب الأرض” خلال الحدث العالمي. والبرنامج عبارة عن جدول مبتكر من الفعاليات والتجارب وحوارات الريادة الفكرية والنقاشات العامة التي تهدف إلى إيجاد حلول لبعض تحديات العالم الأكثر إلحاحا.

وذكرت أنه سيتم القيام بأكثر من 220 فعالية في سياق البرنامج مثل المنتديات الضخمة والمؤتمرات الرسمية إلى جانب الندوات وحلقات العمل وكذلك سلسلة المجلس العالمي وهي منصة مخصصة لتواصل العقول من إكسبو 2020 دبي.

وأكد ديمتري كيركِنتزس الأمين العام للمكتب الدولي للمعارض أن إكسبو 2020 دبي يجمعنا تحت شعار “تواصل العقول وصنع المستقبل” على مدار 6 أشهر للمساهمة في رسم ملامح عالم أفضل نتجاوز فيه تحدياتنا ونتطلع معا إلى بناء مستقبل مزدهر للجميع.

وأضاف “هنا في إكسبو 2020 دبي يبقى ‘تواصل العقول’ ركيزة التعاون والشراكة والتعاضد فتلك القيم التي يتبناها إكسبو تشكل أولوياتنا المشتركة أما ‘صنع المستقبل’ فيهدف إلى المساهمة في وضع استراتيجيات للتعاون الدولي نحو تحقيق التنمية المستدامة”.

مدينة للأحلام

يتيح إكسبو 2020 دبي للعالم فرصة الاستمتاع بالاحتفالات والثقافة والفنون ويجمع أيضا أنبغ عقول العالم عبر برنامج “الإنسان وكوكب الأرض” ليتيح لكل الزوار من مختلف الأعمار والاهتمامات فرصة للاستمتاع وتحقيق أقصى استفادة من هذا الحدث الاستثنائي.

واستقبلت الإمارة منذ أن أعادت فتح أبوابها للسياح في يوليو 2020 ولغاية ديسمبر أكثر من 1.7 مليون زائر دولي.

وتأمل في إضافة المعرض إلى إنجازاتها المعروفة بناطحات السحاب ومن بينها برج خليفة، أطول مبنى في العالم.

وبحسب وسائل الإعلام الإماراتية نقلا عن تقرير لشركة سفر، فإن “برج خليفة” هو أكثر موقع يتم البحث عنه في العالم.

وتساءلت صحيفة “ذا ناشيونال” الإماراتية الصادرة بالإنجليزية “هل جعل إكسبو 2020 برج خليفة، برج إيفل الجديد؟”.

وبحسب الصحيفة فإنه “لطالما كان جوهر معرض إكسبو العالمي إعطاء الشعور بأن الاستعراض عالمي والبيئة القائمة في الإمارات مواتية بشكل كبير لذلك”.

وكانت الجهة المشرفة على معارض إكسبو العالمية قد وافقت في التاسع والعشرين من مايو 2020 على تأجيل إكسبو 2020 دبي لمدة عام، بسبب صعوبات ناجمة عن جائحة فايروس كورونا، على أن يتم بدء المعرض في أكتوبر 2021.

ويصب التأجيل في مصلحة الإمارات التي تحتفل بعيدها الوطني الخمسين في الثاني من ديسمبر المقبل.

ومن المتوقع حضور سياسيين ورجال أعمال ومشاهير ورياضيين إلى إكسبو.

وتستعرض الدول في أجنحتها منتجات مختلفة ومتنوعة من روبوت صيني على شكل باندا إلى تابوت أثري فرعوني في الجناح المصري.

وسيتم أيضا تنظيم “أسابيع الموضوعات” خلال إكسبو حيث سيتم التركيز على أمور مختلفة مثل المناخ والتنوع الحيوي والفضاء والتنمية الريفية والحضرية وغيرها.

وتملك الصين أحد أكبر الأجنحة في المعرض بمساحة 4636 مترا مربعا.

وأقيمت في الجناح الهولندي مزرعة هرمية الشكل تضم نباتات صالحة للأكل تروى بمياه المطر المولّدة عبر الطاقة الشمسية إذ سيركز إكسبو على حلول مستدامة في مجالات المياه والطاقة والغذاء.

ومنذ تنظيم الدورة الأولى من المعرض العالمي في لندن عام 1851، أصبح هذا الحدث منبرا لعرض الأفكار والتكنولوجيا الحديثة بالإضافة إلى كونه وسيلة لترويج العلامات التجارية المحلية.

الإمارات تضيف اليوم بعدا جديدا للمعرض وتحوله إلى مدينة للأحلام. وتدعونا جميعا إلى أن ننحاز لأحلامنا. فمن قال إن الأحلام لا تتحقق!

عن "العرب" اللندنية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية