السودان على صفيح ساخن... ما آخر تطورات الوضع الميداني؟

تطورات سريعة ومؤسفة يشهدها السودان منذ صباح أمس السبت، مع اندلاع القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع؛ ممّا تسبب بحالة شلل شبه كامل في كافة مرافق الدولة، وخلّف عشرات الضحايا حتى اللحظة الراهنة، وتشير كافة التقديرات إلى سيناريوهات مرعبة إذا ما استمر الاقتتال بين الطرفين لمدة أطول. 

وخلال الساعات الماضية تصاعدت التحذيرات والمخاوف الدولية والإقليمية من انزلاق الوضع في السودان إلى ما هو أسوأ، خاصة أنّ حالة الاقتتال الحالي تنسف بشكل نهائي أيّ مسار سياسي، وتمثل خطراً كبيراً على الداخل السوداني المهدد بالانقسام والتفتت، وقد حذّر خبراء ومحللون من مغبة استغلال الجماعات المسلحة في الداخل حالة الصراع الراهن لتحقيق مكاسب على الأرض. 

آخر التطورات

بعد يوم كامل من الاشتباكات العنيفة في الخرطوم وعدد من المدن السودانية، أعلنت القوات الجوية السودانية مساء السبت عزمها إجراء عملية مسح كامل لمناطق قوات الدعم السريع، وقالت في بيان نشرته عبر صفحتها الرسمية على "فيسبوك": إنّها "ستقوم بعملية مسح كامل لمناطق تواجد ميليشيات الدعم السريع المتمردة"، بهدف تسريع عملية حسم القتال المحتدم. 

الاشتباكات بدأت بالقرب من منطقة قاعدة مروي العسكرية والخرطوم صباح السبت، وتفيد التقارير بأنّ الاشتباكات انتقلت بعد ذلك إلى ولاية شمال دارفور، وقالت القوات الخاصة إنّ وحدات الجيش هاجمت مقرها، وأكد ممثل عن الجيش السوداني ذلك، لكنّه أشار إلى أنّ هذا الهجوم كان رداً على هجمات قوات الرد السريع على مفارز عسكرية في عدة أحياء بالمدينة، بحسب "روسيا اليوم".

أغلقت جميع مداخل القصر الرئاسي في الخرطوم ظهر السبت، والقصر نفسه محاط بمركبات مدرعة تابعة للجيش السوداني، كما توقف التلفزيون السوداني عن البث بعد تقارير عن إطلاق نار في مقره

وفي وقت لاحق من يوم السبت، تواردت تقارير عن غارات جوية شنها الجيش على المقر، كما دمر الجيش أكثر من (80) مركبة تابعة للقوات الخاصة في مدينة مروي.

وبحسب التقارير الواردة من السودان، أغلقت جميع مداخل القصر الرئاسي في الخرطوم  ظهر السبت، والقصر نفسه محاط بمركبات مدرعة تابعة للجيش السوداني، كما توقف التلفزيون السوداني عن البث بعد تقارير عن إطلاق نار في مقره، وأعلنت القوات الخاصة السودانية أنّها سيطرت على مطاري الخرطوم ومروي، وأكدت قناة الحدث التلفزيونية السيطرة على عدة مقاتلات روسية الصنع في مطار مروي،  لكن في وقت لاحق أكد الجيش أنّه يسيطر على مطاري الخرطوم ومروي، وفق شبكة "سكاي نيوز".

روايات متضاربة 

على مدار يوم كامل من الاقتتال ادّعى الطرفان سيطرتهما على عدة مناطق حيوية داخل الدولة، في مقدمتها القصر الرئاسي بالخرطوم ومطاري مروي والخرطوم أيضاً، بالإضافة إلى الإعلان على مدار اليوم عن الاستيلاء على مقرات تابعة للجيش السوداني من جانب قوات الدعم السريع، والعكس. 

ومن جهته، أكد قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان أنّه يتابع شخصياً تطورات الوضع، من ناحية ثانية أعلنت قوات الرد السريع عن سيطرتها على مقر إقامة البرهان، لكنّ الجيش نفى هذه التصريحات، ونقلت وسائل إعلام عربية عن رئيس أمن رئيس المجلس السيادي (الهيئة الحاكمة للبلاد) أنّ البرهان في مكان آمن ويتابع شخصياً ما يحدث.

واعترف البرهان بإمكانية نقل وحدات عسكرية إضافية إلى الخرطوم من مناطق أخرى، إذا استمرت الاشتباكات مع قوات الدعم السريع، وفي المقابل وصف قائد القوات الخاصة محمد حمدان دقلو المواجهة مع الجيش بأنّها لم تكن اختيارية، وهو يعتقد أنّ  نتيجة المعركة ستتقرر في الأيام المقبلة. 

وضع صحي متدهور

كشفت رئيسة اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان هبة عمر عن الوضع الصحي في البلاد، في أعقاب الاشتباكات الدائرة بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني.

وأفادت النقابة لوكالة "رويترز" بمقتل (25) شخصاً على الأقل وإصابة (183) في أنحاء البلاد بعد الاشتباكات بين عسكريين ومدنيين، في الوقت الذي لم تصدر فيه إحصائية رسمية إلى الآن.

أدانت الجامعة العربية الاشتباكات العنيفة في السودان، وأعرب الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط، في بيان صدر مساء أمس، عن صدمته وشجبه للجوء إلى السلاح والقتال بين "الأخوة" بهذا الشكل وفي نهار شهر رمضان

ووصفت (هبة عمر) في تصريحات خاصة لشبكة "سكاي نيوز عربية" الوضع الصحي في السودان بأنّه "متدهور للغاية وغير مطمئن"، مرجعة ذلك إلى عدد من الأمور؛ تشمل النقص الكبير في الكادر الطبي، والموجود الآن تعرّض للإنهاك خلال الساعات الماضية، وصعوبة الوصول إلى المستشفيات لأنّ القتال في الشوارع، مع استمرار إطلاق النار، وكذلك استخدام الأسلحة الثقيلة بشكل عشوائي، ممّا يعيق حركة تنقل الكوادر الطبية.

دعوات عربية ودولية لوقف القتال 

أدانت جامعة الدول العربية الاشتباكات العنيفة في السودان، وفي بيان صدر مساء السبت، أعرب الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط عن صدمته وشجبه للجوء إلى السلاح والقتال بين "الأخوة" بهذا الشكل وفي نهار شهر رمضان، وفق (BBC).

كما أعربت مصر عن بالغ قلقها إزاء تطورات الوضع في السودان، وحثت على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، ودعا بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية الأطراف السودانية كافة إلى "حماية الأرواح ومقدرات الشعب السوداني وإعلاء المصالح العليا للوطن".

كذلك أعربت وزارة الخارجية السعودية عن قلق بالغ جراء حالة التصعيد في السودان، ودعت الرياض المكون العسكري وجميع القيادات السياسية في السودان إلى تغليب لغة الحوار وضبط النفس والحكمة، وتوحيد الصف بما يسهم في استكمال ما تم إحرازه من توافق، ومن ذلك الاتفاق الإطاري.

ودعت الإمارات "كافة أطراف النزاع في السودان إلى التهدئة وضبط النفس وخفض التصعيد، والعمل على إنهاء هذه الأزمة بالحوار"، وفقاً لوكالة الأنباء الإماراتية (وام).

وقالت وزارة الخارجية الإماراتية في بيان: "تتابع سفارة دولة الإمارات في الخرطوم بقلق بالغ الأحداث الجارية في السودان الشقيق، وتؤكد على موقف دولة الإمارات الثابت المتمثل في ضرورة خفض التصعيد والعمل على إيجاد حل سلمي للأزمة بين الأطراف المعنية، وضرورة دعم الجهود الرامية إلى دعم العملية السياسية وتحقيق التوافق الوطني نحو تشكيل الحكومة".

كما أدان الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للسودان ورئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة للمساعدة الانتقالية في السودان فولكر بيرتس بشدة اندلاع القتال.

وحذّرت وزارة الخارجية الأمريكية من أنّ الوضع في السودان "هش"، وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن: إنّه قد تكون هناك جهات فاعلة أخرى تضغط ضد التقدم الذي تم إحرازه في السودان نحو تشكيل حكومة مدنية.

ودعت روسيا إلى "إجراءات عاجلة لوقف إطلاق النار" في السودان إثر اندلاع الاشتباكات، وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان: إنّ "الأحداث المؤسفة الجارية في السودان تثير قلقاً عميقاً في موسكو. ندعو أطراف الصراع إلى إظهار إرادة سياسية وضبط النفس واتخاذ إجراءات عاجلة لوقف إطلاق النار".

دعوة إلى اجتماع طارئ للجامعة العربية 

دعت كل من جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية إلى عقد اجتماع طارئ على مستوى المندوبين الدائمين بجامعة الدول العربية لمناقشة الوضع في السودان، وفق "سكاي نيوز".

وقال السفير المصري أحمد أبو زيد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية: إنّ الاجتماع يأتي تأسيساً على الفقرة (5) ب من المادة الخامسة من النظام الداخلي لمجلس الجامعة، والتي تنص على إمكانية انعقاد المجلس عند الضرورة في دورة غير عادية بناء على طلب دولتين من الأعضاء.

وأوضح المتحدث باسم الخارجية أنّ التطورات المتلاحقة والخطيرة في السودان تقتضي عقد هذا الاجتماع للتشاور والتنسيق بين الدول العربية لبحث سبل نزع فتيل الأزمة الراهنة، والعمل على استعادة الاستقرار إلى دولة السودان الشقيقة في أسرع وقت.

وحتى اللحظة، ما تزال كافة السيناريوهات المتوقعة للأزمة ضبابية للغاية، لكنّ كافة التقديرات تشير إلى تدهور غير مسبوق على كافة المستويات داخل الدولة، ومن غير المرجح أن يهدأ الصراع في وقت قريب خلال أيام أو أسابيع. 

مواضيع ذات صلة:

- السودان: معارك ضارية وخسائر بشرية وتضارب الأنباء... وهذه أبرز المواقف العربية والدولية

- السودان: إعلان قوات الدعم السريع قوة متمردة... تفاصيل