بعد قصف الفصائل المسلحة لمقرات أمريكية...هل تبحث إيران عن نصر وهمي في العراق؟

بعد قصف الفصائل المسلحة لمقرات أمريكية...هل تبحث إيران عن نصر وهمي في العراق؟

بعد قصف الفصائل المسلحة لمقرات أمريكية...هل تبحث إيران عن نصر وهمي في العراق؟


25/10/2023

تُطرح تساؤلات عدة حيال جدية الشعارات الإيرانية وفصائلها "المقاومة" في المنطقة، في الحرب الدائرة بين إسرائيل وقطاع غزة المحاصر في فلسطين، ويرى البعض أنّ هذه فرصة لإثبات إيران قوتها، وحضورها إن كانت جادة في الحرب على إسرائيل، لا سيّما أنّ حليفتها (حماس) تُستنزف عسكرياً منذ بداية الحرب في 7 تشرين الأول (أكتوبر) إلى الآن.

حجم الدعاية الإيرانية وشعاراتها في النيل من إسرائيل وأمريكا وحلفائهما في الغرب، كشفت الأزمة الأخيرة خواء تلك الدعاية وشعارات نظام ولاية الفقيه في إيران، حيث ما زال النظام يدفع بأبناء المنطقة في محرقة الحرب، بينما يكتفي الإيرانيون بالمشاهدة والتنديد عبر وسائل الإعلام؛ الأمر الذي يخلق بوناً شاسعاً بين الشعارات المرفوعة والواقع المرير الذي يكذّب ما يدعيه أصحاب "الموت لإسرائيل وأمريكا"، وغيرها من الشعارات.

وطيلة الشهر الجاري يهاجم الإعلام الإيراني الناطق بالعربية، في الداخل العراقي واللبناني واليمني، الدول العربية، وعدم تحرّك الجيوش الإسلامية لنصرة المقاومة، وقطاع غزة الذي يتعرّض لإبادة جماعية على يد الإسرائيليين، بينما يكتفي الإيرانيون من خلال الأذرع العراقية بمهاجمة قوات التواجد الأمريكي دون إحداث أيّ ضررٍ معلن.

وخلال الأسبوع الماضي استهدفت (الفصائل الولائية) القوات الأمريكية المتواجدة في قواعد مشتركة مع الجيش العراقي، دون إحداث أضرار بشرية ومادية تُذكر، بينما أصدرت الحكومة العراقية بياناً غاضباً لاستهداف الحلفاء الدوليين داخل البلاد. 

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يؤكد حماية حكومته للبعثات الأجنبية في البلاد

وتسببت العمليات العسكرية ضد القواعد الأمريكية التي تطال قواعد الحرير في أربيل، وعين الأسد في الأنبار، وقاعدة فكتوريا في مطار بغداد، بإثارة القلق عن احتمالية توسع العمليات العسكرية في العراق بعد عملية "طوفان الأقصى" في فلسطين.

إحراج السوداني  

ومع تصاعد حدة الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني، يحاول الإيرانيون أن يجدوا لهم موضع قدم في هذا الصراع الدموي الراهن، حيث توجه الماكينة الإعلامية الإيرانية الرأي العام نحو حضور حلفاء طهران في تلك الحرب الطاحنة؛ لذا أخذت توازن في طرح المواد المنشورة عن فعاليات حركة (حماس) وفعاليات عسكرية أخرى لما يُسمّى بفصائل المقاومة في العراق وسوريا ولبنان، إلّا أنّ الواقع يؤكد أنّ تلك الفعاليات ليست سوى ذرّ للرماد في العيون.

الفعاليات "الولائية" في العراق أغضبت حكومة محمد شياع السوداني، الذي يعتقد أنّ استهداف القوات الأجنبية الصديقة في بلاده هو استهداف لاستقرار حكومته

وأغضبت الفعاليات "الولائية" في العراق حكومة محمد شياع السوداني، الذي يعتقد أنّ استهداف القوات الأجنبية الصديقة في بلاده هو استهداف لاستقرار حكومته، وإحراج له بوصفه قائداً عامّاً للقوات المسلحة.

وأكد السوداني في مؤتمر صحفيّ له أمس الثلاثاء حرصه على "استقرار الوضع الأمني للعراق"، مبيناً أنّ "هنالك التزامات للدولة العراقية أحدها وجود التحالف الدولي، وهنالك لجنة مشكلة لهذا الغرض، والحكومة معنية باتخاذ الإجراءات الكفيلة لحماية أماكنهم"، كما أكد التزام حكومته "الثابت في حماية البعثات الدبلوماسية".

وبعد ساعات على هذا التصريح توعدت ألوية تُدعى (الوعد الحق ـ أبناء الجزيرة العربية) القواعد الأمريكية في منطقة الخليج، وعدّتها أهدافاً مشروعة لها.  

يُذكر أنّ الفصائل الإيرانية في العراق دائماً ما تستبدل أسماءها المعروفة بتسميات جديدة حينما تكشف عن عمليات قادمة، لكي لا تُساءل عن تلك العمليات في حال عدم تنفيذها فيما بعد.

 استنفار أمريكي

اتخذت القوات الأمريكية إجراءات مشددة بعد موجة الاستهداف الأخير لقواعدها في العراق وسوريا، ويضغط كبار الإدارة الأمريكية على رئيس الحكومة العراقية لكبح جماح الفصائل في بلاده. 

الفصائل الإيرانية في العراق ترفع العلم الفلسطيني أثناء استعراض لها في بغداد

ولجأ كل من الأمريكان والتحالف الدولي إلى إبعاد كل من يحمل سمة مدنية، سواء من المتعاقدين أو غيرهم من موظفي التنسيق أو الارتباط، وإلغاء أيّ اجتماعات، وتحديد حركة القوافل بين القواعد والدخول في أجواء الحرب، أي رفع حالة الاستنفار إلى أعلى المستويات.

ويكشف مصدر مطلع عن "ممارسة السفارة الأمريكية ضغوطاً من خلال علاقاتها بقوى سياسية وصولاً إلى الحكومة؛ من أجل التهدئة وإيقاف موجة عمليات الاستهداف التي قد تقود إلى ردٍّ من قبل واشنطن لبعض القيادات المهمة سواء المسؤولة أو الداعمة لها".

دائماً ما تستبدل الفصائل الإيرانية أسماءها المعروفة بتسميات جديدة حينما تكشف عن عمليات قادمة، لكي لا تُساءل عن تلك العمليات في حال عدم تنفيذها فيما بعد

وفي يوم واحد تلقى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني اتصالين منفردين من وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن.

وبحسب بيان حكومي، فإنّ السوداني ناقش خلال الاتصالين "تواجد المستشارين العسكريين وطواقم التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب في العراق، ودعم قوات الأمن العراقية بالمشورة والتدريب، وأهمية إدامة الانتصار على تنظيم (داعش)".

وأكد السوداني للوزيرين الأمريكيَّين "التزام العراق بحماية المستشارين العسكريين والبعثات الدبلوماسية العاملة في البلاد".

مراقبون: إيران تُخدّر شارعها

من جانبهم، عدّ مراقبون محليون أنّ الفصائل الموالية لإيران داخل العراق تحاول أن تثبت حضورها في الحرب الدائرة بين إسرائيل وقطاع غزة، وذلك من خلال استهداف التواجد الأمريكي، وإرسال رسالة إيجابية إلى شارعها المحلي بشأن قوة ما يُسمّى بـ "المقاومة".

وقال لؤي الياسري: إنّ "كثافة الشعارات التي طرحتها الوسائل الإيرانية عبر (محو إسرائيل)، و(الموت لأمريكا)، وضعتها في خانة الحرج في الوقت الحالي، لا سيّما أنّ قطاع غزة يتعرّض لهجوم إسرائيلي عنيف، ومن وراء إسرائيل تقف أمريكا والغرب"، مبيناً أنّ "إيران تريد أن تحضر في سردية النصر، وإن كان وهمياً".

وأضاف أنّ "الفصائل الإيرانية، سواء في الداخل العراقي أو في الدول الأخرى، تعيش مأزقاً سياسياً نتيجة فشل الوضع السياسي الراهن، وتردي الوضع الاقتصادي، وانهيار العملة، لا سيّما في سوريا ولبنان والعراق، ممّا يجعل الخوض في الشعارات عملية تخديرية للناس المتعاطفة مع قضية فلسطين".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية