حالة اللاحدود: التهريب بين سوريا ولبنان والمتغيرات الإقليمية

حالة اللاحدود: التهريب بين سوريا ولبنان والمتغيرات الإقليمية


31/01/2022

إسلام أبو العز

تُعد قدرة الدولة على ضبط حدودها ومنع كافة مظاهر خرقها، أبرز دلائل السيادة والسيطرة التي تعبر عن قوتها واستقرارها على مستويات أمنية واجتماعية واقتصادية وسياسية، وهو ما لا ينطبق على الحدود السورية اللبنانية، كاستثناء تاريخي وجغرافي يجعل من الصعب الفصل التام بين لبنان وسوريا على مستويات اقتصادية واجتماعية ناهيك عن السياسية. وتوفر حالة المناطق الحدودية بين سوريا ولبنان، مدخلًا لفهم أعمق لواقع العلاقة بين البلدين، وذلك على امتداد تحولات العلاقة السياسية بين الدولتين مع انسحاب القوات السورية من لبنان، وتسارع الأحداث والمتغيرات في كل من البلدين، والتي كانت ذروتها اندلاع الحرب في سوريا.  

شهدت هذه التحولات تفشي نقل السلاح من وإلى سوريا بمستويات متدرجة ومتعددة منذ 2011 وحتى الأن، وذلك بخلاف حركة تهريب البضائع والسلع والأفراد، والتي تعتبر “حالة طبيعية” نشأت مع نشأة الحدود نفسها، حتى وإن جرمتها قوانين الدولتين بشكل رسمي. وهو ما أدى إلى  تكيف سلطات الدولتين مع وجوده، بل وحتى إدارته عبر أنماط متعددة تختلف بمرور الوقت وحسب الحاجة، خاصة وأن متغيرات العقد الماضي لم تكن محصورة بخصوصية العلاقة بين الدولتين، وكذلك أوضاع كل منهما الداخلية، ولكن أيضاً بمتغيرات إقليمية ودولية جعلت هناك حاجة وضرورة لاستمرار حركة التهريب وإدارتها وفق معايير متعددة ديناميكية، أقلها على المستوى السياسي العقوبات على سوريا والانهيار في لبنان.

بانوراما التهريب بعد 2011

شكلت الحرب في سوريا المرحلة التي شهد فيها التهريب بين البلدين الطفرة الأهم والأشمل، للدرجة التي جعلته بصورته الاعتيادية أمرًا “مشروعًا” بل ومحبذًا على وقع أزمة كورونا وعقوبات” قيصر،” وأن ينخفض سقف المطالبات الأممية للحد منه ومقاومة ما يخص الاتجار وتهريب البشر، فيما تتقاطع كل من واشنطن وموسكو وتل أبيب وطهران فيما يتعلق بحركة نقل الأسلحة على جانبي الحدود، وذلك كأولوية مطلقة تجعل ما دونها أمراً معتاداً، بما في ذلك مثلاً حركة تهريب المخدرات من سوريا إلى لبنان إلى الخارج وخاصة الدول الخليجية، والتي باتت تشكل في الآونة الأخيرة نقطة خلاف بارزة بين عواصم هذه الدول وبيروت، وذلك في تناقض لما يحدث من تقارب بينهم وبين دمشق.

من أهم ملامح هذه الطفرة هو نشأة ما أطلق عليه لاحقاً معابر التهريب غير الرسمية، والتي تتراوح حسب مختلف التقديرات بين العشرات إلى ما يتجاوز المئة معبر على طول الحدود اللبنانية -السورية من الشمال وحتى الجنوب الشرقي، نُقل عبرها خلال السنوات ال10 الماضية ما يتجاوز ما قيمته 20 مليار دولار من السلع والبضائع والوقود، وذلك بخلاف قيمة المخدرات والسلاح.

 أهم ما يميز هذه المعابر، بخلاف تغير مواقعها وأهميتها باستمرار طبقاً لحجم تدفق البضائع والأشخاص والمشهد الأمني والعسكري، هو خضوعها لسلطة الأمر الواقع بعيدًا عن سلطة الدولة الرسمية في البلدين، بما يعني أنها تخضع لسلطة شبكات النفوذ والمصالح المستفيدة من عمليات التهريب، والتي تتكون من نسيج أضداد براجماتي يجمع المسؤولين الرسميين بالمسلحين المعارضين بقادة المليشيات وزعماء العشائر والعائلات التي تقطن المناطق الحدودية. 

يعد التهريب بالنسبة لسكان هذه المناطق والمناطق الحدودية بشكل عام، عملاً معتادًا وغير موصوم اجتماعيًّا لدرجة انتشار الإعلان عنه وعن سماسرته والتباهي بمردوده المادي عبر منصات التواصل الاجتماعي  في السنوات الأخيرة. كذلك يحظى التهريب دومًا بغطاء سياسي/أمني قبل الحرب وأثناءها، وذلك طبقاً للتصنيف الجهوي أو الطائفي. بل ويمتد السابق إلى نفي مسألة الحدود ككل من جانب الغالبية العظمى منهم؛ لكون هذه المناطق عابرة للحدود الرسمية على مستويات اجتماعية وديموغرافية، بل أن طبوغرافية هذه المناطق تجعل من بعض القرى والطرق والحيازات الزراعية مشتركاً بين أراضي البلدين، أو حتى تقع بالكامل ضمن حدود الدولة الأخرى.

أما عن السلاح، فالمتغير الأبرز الذي طرأ على حركة تهريبه/انتقاله بين البلدين تمثلت في تغير الاتجاه الذي كان قبل الحرب من سوريا إلى لبنان، ليصبح بعد اندلاعها في الجهة المقابلة. وتعددت أنماط التهريب حسب  التنوع الطائفي والاجتماعي في المناطق الحدودية. ففي المناطق ذات الأغلبية الشيعية في الشرق والجنوب اللبناني، أضحت حركة انتقال العناصر القتالية وسلاحهم جزءًا اصيلاً من عملية تدخل حزب الله في الحرب بسوريا بجانب الجيش السوري بشكل فاعل وخاصة منذ معارك القصير 2013؛ فيما تحولت مناطق الشمال ذات الأغلبية السنية لمنافذ انتقال المسلحين العابرين للجنسيات من وإلى سوريا وكذلك السلاح للجماعات المسلحة على الجانب الأخر من الحدود. شكلت هذه الآلية حجر الزاوية في مثلث انتقال السلاح والمسلحين ليس بين لبنان وسوريا فقط، ولكن على مستوى إقليمي يمتد من ليبيا عبر الخط البحري الذي ترعاه وتدعمه تركيا لشمال لبنان فسوريا، والعكس.

من التجريم إلى “كسر الحصار”

فيما يخص تعاطى الدولة على جانبي الحدود مع التطورات السابقة، يكفي مشهد تدفق شاحنات التهريب من أمام وتحت نظر القوات النظامية السورية في نقاط تمركزها الحدودية، لاستنتاج أن دمشق انتقلت من نسبية التجريم فيما يخص انتقال البضائع والسلع والمنتجات المعتاد تهريبها/انتقالها على جانبي الحدود، إلى سماح كامل.  وتبلور هذا الموقف بوتيرة متصاعدة منذ بدء الحرب كموقف عام للدولة السورية خاصة بعد عقوبات “قيصر.” هو ما جعل عملية إدارة والتحكم في وتيرة التهريب على الحدود تنتقل من كونها مساحة فساد مزمنة يتم التعاطي معها من السلطات حسب متغيرات كثيرة أقلها العرض والطلب وارتباط سعر كثير من السلع والبضائع على جانبي الحدود بوتيرة التهريب، إلى ما يشبه توجه سياسي عام يروج لتفشي واتساع التهريب على أنه من وسائل “كسر الحصار؛” خاصة وأن الحدود مع لبنان هي الحدود الوحيدة التي تتحكم فيها الدولة السورية بالكامل عكس حدودها مع الأردن والعراق وتركيا، التي ما يزال المسلحون بمختلف فصائلهم يسيطرون على بعض من معابر ومسارات الحدود.

تشهد الآونة الأخيرة تزايد تلميح المسؤولين السوريين لاستمرار النمط السابق كأحد سُبل “كسر الحصار“، والتي ترتهن بمحددات داخلية وإقليمية تنعكس على المنطقة الحدودية بين البلدين. فبخلاف الأسلحة والمخدرات كملفات تقلق أطراف خارجية على رأسها إسرائيل والدول الخليجية، فإن تهريب السلع والوقود ومختلف المنتجات والبضائع بات في اتجاه سوريا بشكل شبه كامل؛ باعتبار أن لبنان هي الامتداد الجغرافي  الذي يصل سوريا بالعالم الخارجي. 

أما على الجانب اللبناني، فإن تعاطى السلطات الرسمية مع التهريب بعد اندلاع الحرب في سوريا، تراوح ما بين المعتاد من عقوبات تتراوح بين التغريم والإيقاف المؤقت، وبين الخضوع لمظاهر ما دون الدولة التي تتطابق مع الطائفية السياسية في لبنان؛ فطبيعة العاملين به من حيث توزيعهم الجغرافي وانتمائهم الطائفي/السياسي على جانبي الحدود، وارتباط ذلك بوتيرة متغيرات المظلات السياسية المتعددة في بيروت وشبكات الفساد والمصالح المرتبطة في جزء كبير منها بحركة التهريب على الحدود.  

يجعل هذا أيدي السلطات الرسمية مغلولة تجاه المهربين، ولكن مع استثناءات تتمثل في مكافحة نسبية لتهريب الوقود والمحروقات والغلال والسلع المدعمة، وخاصة مع تزايد وتيرة الانهيار الاقتصادي في لبنان، كذلك مكافحة تهريب البشر والاتجار بهم، كشرط أممي ودولي لإنفاذ حزم مساعدات للبلد المنهار. وهو ما يعني باختصار أنه عدا الاستثناءات السابقة، فإن كل ما يهرب من سلع وبضائع يعد” تهريب شرعي”، حتى وإن تم عبر المعابر الغير رسمية، التي باتت شبكات القائمين عليها على جانبي الحدود في وضع فوق سلطة القانون والدولة، حتى وإن كانوا جزء منها!

من التهميش إلى المشاركة

من الثوابت النادرة منذ اندلاع الحرب في سوريا هو بقاء سيطرة الجيش السوري على حدوده مع لبنان، وذلك كاستثناء وحيد لباقي حدود سوريا مع العراق والأردن وتركيا والعراق وفلسطين وإسرائيل. تتنوع هذه السيطرة على المعابر الحدودية بين المجموعات المسلحة أو قوات دول أجنبية أهمها الولايات المتحدة، وهو ما تعزز بشكل كبير من تدخل حزب الله في الحرب السورية 2012، والذي بدأ بمعارك بمعظم المناطق الحدودية مع الجماعات المسلحة بتنويعاتها وروافدها، وهو ما جعل هناك سيطرة مضاعفة على جانبي الحدود. 

 ازدادت أهمية هذه الحدود ليس فقط كمسار قديم لحركة السلاح والمقاتلين من وإلى سوريا والعكس، ولكن أيضاً لأهمية اقتصادية تمثلت في أن حدود سوريا مع لبنان هي الحدود الوحيدة التي يمكن ادخال البضائع والسلع إلخ من خلالها، سواء كان ذلك عبر المعابر الرسمية أو غير الرسمية، وهو ما تعزز وتضاعف منذ فرض عقوبات “قيصر”، ومن ثم فرض اولويات ليس من ضمنها تحجيم التهريب بل بالعكس توسيعه ليشمل كل شيء تقريباً، ووصول قيمة ما ينقل/يهرب لما يقارب 2.5 مليار دولار سنوياً.

مقابل هذا الرقم، فإن قيمة التجارة “المشروعة” بين البلدين، والتي شهدت انخفاض مطرد على مدار سنوات الحرب، وصل عام 2020 لنحو 100 مليون دولار، أي أقل من 5% من حصيلة حركة التهريب السنوية، وهو ما يشير بقوة إلى الطفرة التي لحقت بالاقتصاد البيني غير الرسمي على طرفي الحدود كاقتصاد قائم بذاته، له وتديره شبكات نافذة تتنوع ما بين الأمني والسياسي والاجتماعي، تفوق قوتها ونفوذها قوة قرارات الحكومات الرسمية في كل من البلدين. 

تظهر ملامح انعكاس السابق على مختلف المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، عبر رصد متغيرات طرأت على تفاعل السلطة في البلدين مع التهريب إبان سنوات الحرب كاستثناء، ما لبث إلى أن تحول لواقع جديد مفاده أن شبكات النفوذ والمصالح التي تدير التهريب بين البلدين تحركت من خانة التهميش والمطاردة والتبعية بمنطق الدولة السيادي، لما يمكن تسميته بالشركاء، الذين تزداد أهميتهم بمرور الوقت ليس فقط للمنظومة الحاكمة في البلدين ولكن على مستوى إقليمي يتعدى الحدود اللبنانية السورية. 

يجعل هذه شبكات التهريب فاعلة أكثر من حكومة بوزرائها في مسألة مثل ضبط أسعار السلع والمحاصيل إلخ في البلدين، وهو ما يعد قاسم مشترك مع اختلاف شكل ومنطلقات كل من منظومة الطائفية في لبنان وحكومات الحرب في سوريا،  خاصة خلال أزمات العاميين الماضيين، وهو التعاطي مع مسألة التهريب كضرورة حتمية لابد منها كونه شريان رئيسي لاقتصاد حرب وحصار، وليس ضرر لا غنى عنه أحيانا كما قبل 2011 من حيث تعلقه بمنطلقات أمنية وعسكرية أكثر.

تطور هذا في الآونة الأخيرة، لتأثير سياسي على مستوى داخلي وخارجي مرتبط بشكل كبير بالالتفاف على العقوبات الأميركية، والذي ينعكس على الداخل في مسألة مثل أزمة المحروقات والوقود في لبنان والتي تعد أحد حلقات مسلسل الانهيار هناك، وذلك بخلاف بعض السلع والبضائع التي بات غيابها لصالح حركة التهريب يُسعر من الاستقطاب الحاد في لبنان، وخاصة مع هشاشة الدولة وفشلها في تخفيف آثار الانهيار، والتسليم بأن كل جغرافية طائفية/سياسية على طول الحدود، باتت ليس فقط تعتمد على اقتصاد بيني يخفف من آثار العقوبات والانهيار؛ وهو ما يشكل شبكة أمان اقتصادي واجتماعي لما يسمى بـ”بيئة حزب الله”، ولكن أيضاً كتطور اجتماعي وسياسي يجعل من الهامش يأثر اقتصاديًّا وسياسيًّا في على تركيبة المركز، ناهيك عن تفاوت تأثرهم بتبعات الانهيار كسكان المدن اللبنانية الرئيسية على الساحل.

التهريب في أولويات القوى الإقليمية والدولية

مثلما تشكل حالة الحدود السورية اللبنانية نموذجًا لفهم طبيعة العلاقة بين الدولتين وسط سيل المتغيرات الداخلية في كل منهما خلال السنوات الصعبة الماضية، فإن تفاعل الخارج مع مسألة التهريب وأمن الحدود، وموقعها ضمن أولويات كل من القوى الدولية والإقليمية فيما يخص سوريا ولبنان، يلقي الضوء عن كيفية حدوث السابق.

فمثلاً نجد أن مسألة المعابر الحدودية السورية مع مختلف الدول شكلت مساحة للسجال بين القوى الإقليمية والدولية المشتبكة في الحرب بسوريا، وهو ما يرتبط ليس فقط بالحرب على “داعش” والمناطق العازلة شمالًا مع تركيا، أو التواجد الإيراني والمخاوف الإسرائيلية من ترسانة حزب الله، ولكن أيضاً بمستجدات فُرضت كأولوية وفق المحددات السابق ذكرها أعلاه. 

على سبيل المثال لا الحصر، فيما يتعلق بمستقبل خطوط الطاقة، نجد أن الاستثناء الأميركي لاستجرار الغاز المصري إلى لبنان عبر الأردن وسوريا، قد قبلت به واشنطن كخيار أفضل-وفق أولوياتها الإقليمية وتوقيتها المرتبط بالمفاوضات مع إيران وإعادة هيكلة علاقاتها بحلفائها التقليديين- من الالتفاف على العقوبات بحكم الأمر الواقع المتمثل في تهريب/ نقل الوقود والمحروقات من لبنان إلى سوريا، وتداعيات ذلك الداخلية والخارجية، والتي يراها الأميركيون ثغرات قد تستغلها الصين وروسيا في زيادة نفوذهم فيما يتعلق بخطوط الطاقة والموانئ. حدث هذا فعلًا مع عروض روسية وصينية بدأت كاستثناء طارئ وفرته ثغرة استفحال أزمة الطاقة في لبنان وانفجار مرفأ بيروت. وسرعان ما كان سيتحول لواقع جديد يتصادم مع أولويات واشنطن الإقليمية.

يتكرر هذا النمط على مستوى القوى الإقليمية المعنية بشكل مباشر وغير مباشر بمسألة حدود سوريا مع لبنان، وهو ما يأتي كمشترك بين معظم القضايا والملفات المتنوعة، وأخرها مسألة عودة سوريا للجامعة العربية والتقارب بينها وبين دول الخليج، والذي تشكل حركة تهريب المخدرات عبر الحدود السورية اللبنانية أخر عوائقه المستحدثة، وهو ما قد ينسحب مستقبلاً على سيناريوهات استعادة معادلة إقليمية لضبط الأوضاع في لبنان على غرار معادلة (س-س) اللبنانية الشهيرة بين السعودية وسوريا، والتي كان أولى وأهم ثمارها اتفاق الطائف1990 كاجتماع سياسي للبنان، ينهار بوتيرة متسارعة خلال السنوات الأخيرة، ومن ثم فإن سيناريوها إصلاحه/إعادة هيكلته/إلغاؤه، وتشابك القوى الإقليمية معه سيعطي أهمية أكثر لمجتمعات المناطق الحدودية، بانتقالهم من التهميش للشراكة، وهو نموذج انتشر في معظم الدول التي شهدت متغيرات كبرى خلال العقد الماضي.

يمتد السابق أيضًا لمسألة المساعدات والقروض الدولية والأممية الموجهة لإنقاذ لبنان، والتي ترتبط بشكل غير مباشر بالحدود والتهريب، من ناحية ضرورة ضبطهم كشرط من شروط إنفاذ هذه المساعدات والقروض، ولو بحد أدنى متمثل في مكافحة الاتجار بالبشر. وهو ما يتكرر بشكل مختلف نسبيا فيما يخص مشاريع إعادة الإعمار في سوريا، حيث اشتباك مسألة التهريب كتفصيله هامة فيما يخص المناطق العازلة ومسارات الطاقة وعودة اللاجئين.

عن "مركز الإنذار المبكر"


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية