خلاف داخل العدالة والتنمية المغربي بسبب المشاركة في الانتخابات

خلاف داخل العدالة والتنمية المغربي بسبب المشاركة في الانتخابات


02/09/2020

محمد ماموني العلوي

أثارت الدعوة إلى تقليص مشاركة حزب العدالة والتنمية المغربي في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة خلافات داخل صفوفه بين مؤيد ومعارض للمقترح. ففي الوقت الذي يدافع فيه عدد من قادة الحزب عن خيار تقليص المشاركة في الانتخابات المقبلة، بينهم وزيران وأعضاء في الأمانة العامة، اصطف آخرون في المعارضة، مبرّرين موقفهم بالاحتكام إلى أحقية حزبهم بخوض هذه الاستحقاقات دون قيود.

وخرج عبدالله بوانو، القيادي والبرلماني عن حزب العدالة والتنمية، منتقدا دعوات بتقليص ذاتي للمشاركة في الانتخابات المقبلة بدعوى تفادي المواجهة مع السلطة. وأشار بوانو إلى أن حزبه وطنيّ ويقدم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة والحزبية.

وقال إن “تلك الأصوات داخل العدالة والتنمية غير مقبولة وغير منطقية” وأنها تشوش على الحزب وعلى برنامجه، مشيرا إلى أن هذه الإيحاءات بالتقليص تعد خطرا على العملية السياسية وليس على الحزب فقط.

وكان القيادي والوزير في الحكومة مصطفى الرميد قد قدم هذا المقترح في اجتماع داخل قيادة حزبه لكنه قوبل بالرفض.

وإلى جانب الرميد ثمة قياديون لهم مكانتهم الاعتبارية والتنظيمية يؤمنون بأنه لا بد من التراجع واعتماد طريقة التقليص العددي في الترشح للانتخابات القادمة، والغرض من ذلك كما تقول تلك القيادات لـ”العرب” هو تمتين بناء الدولة باستبعاد منطق المغالبة والمصادمة.

ومع تنامي الجدل الدائر داخل الحزب بخصوص تقليص مشاركته من عدمها يطالب قياديون بإعادة سيناريو 2007 عندما قرر العدالة والتنمية تقليص مشاركته في الاستحقاقات البرلمانية، التي حقق خلالها نتائج جيّدة دون أن تؤهله لتولي الحكومة وتدبير الشأن العام.

ويرى مراقبون أنه لا مجال للمقارنة بين 2007 و2021 فيها نوع من التجني السياسي وضرب لكل المكتسبات. وشدد رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري في جامعة ابن طفيل لـ”العرب”، على أن “محاولة الربط بين التاريخين غير مجد في المقاربة السياسية الواقعية وهي مجرد محاولة من طرف الحزب للمساومة سياسيا على ملفات تتعلق باختلالات تدبيرية لقيادات داخل الحزب، وكذلك بعض الملفات الجنائية المطروحة أمام القضاء”.

وقالت البرلمانية والقيادية أمينة ماء العينين، إن “النقاش الحقيقي اليوم يجب أن ينصب على المضمون السياسي الذي سيؤطر الانتخابات المقبلة بعيدا عن لغة الأرقام والمقاعد”. وأضافت “يجب أن نعترف بأن حزبنا عاجز اليوم عن قيادة النقاش السياسي أو التأثير فيه بفعالية، ولذلك لم يعد الرهان كامنا في الفوز بالمرتبة الأولى، بقدر ما يكمن في تجديد الفكرة والأطروحة والتعبئة حولها”.

وتقول المصادر إن على الحزب تنزيل ما يدعو إليه من التدرج والوسطية وعدم التنازع مع أولي الأمر، على أرض الواقع ومحاولة تجنب الصدام مع منطق الدولة، بالعودة إلى قراءة الظروف الإقليمية والمحلية التي تملي تقليص الدوائر التي سيشارك فيها خلال الاستحقاقات المقبلة.

وبدوره يرفض حسن حمورو، القيادي بشبيبة العدالة والتنمية، مبدأ تقليص مشاركة حزبه في الانتخابات، مشيرا إلى أن استعمال عبارة الصدام مع الدولة هو “مجرد فزاعة لتخويف جزء من قيادة الحزب والتأثير عليها أثناء التداول في اتخاذ القرارات والمواقف، والواقع أن وثائق الحزب وأدبياته تؤكد أن أحد مبررات وجوده إسناد الدولة ومساعدتها”.

وأكدت مصادر من داخل الحزب لـ”العرب”، أن القيادة الحالية تعمل على تطويق الخلاف الدائر، ما يرجح أن الأمين العام سعدالدين العثماني ستكون له الكلمة الأخيرة رغم الضغوط الممارسة عليه، في ضبط اندفاع عدد من الصقور داخل الحزب التابعين لمجموعة الأمين العام السابق بنكيران، الذين يتمسكون بضرورة التواجد بكافة الدوائر الانتخابية.

وقدم العدالة والتنمية مذكرته حول الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2021، تتضمن تطوير نظام تدبير الانتخابات بالشكل الذي يعزز شروط النزاهة، وأكد الحزب على تعزيز ضمانات حياد الإدارة العمومية والجماعية في تدبير العملية الانتخابية.

وقال رشيد لزرق لـ”العرب” “فرض وجهة نظر حدّية بخصوص قوانين الانتخابات وتسويق ذلك بأنه ضغط على حزب العدالة والتنمية، يبقى تكتيكا سياسيا لخدمة الحزب انتخابيا بالظهور بمظهر المظلومية”.

وأضاف لزرق أن قيادات الحزب تعمل على تصريف خلافاتها على حساب الدستور، موضحا أن هذا التصور لا يخدم المرحلة السياسية المقبلة لأن البلاد بحاجة إلى التوافق السياسي.

وتشتكي قيادات حزبية منافسة من توظيف العدالة والتنمية للخطاب الديني وادعاء الطهرانية واستدعاء الحديث عن المظلومية ونظرية المؤامرة لأجل استدرار عطف الناخبين، إلى جانب توفره على قاعدة انتخابية ثابتة واستغلال العمل الخيري عبر الجمعيات التابعة للحزب.

ويعتقد مراقبون أن العدالة والتنمية لا يمتلك القدرة على الحشد كما كان سابقا خصوصا مع الخيارات التي توخاها في ولايتين، إلى جانب ارتباك الحكومة التي يقودها الحزب في التعامل مع تداعيات كورونا، مستدركين أن الحزب قد يستفيد من تدني نسبة المشاركة في الانتخابات وتنامي معدل العزوف أو الامتناع عن التصويت ومقاطعة الانتخابات.

عن "العرب" اللندنية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية